أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 1201

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوى رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن أبو الفتوح الشربينى، وإبراهيم أحمد الديوانى، وحسن على المغربى.

(244)
الطعن رقم 1008 لسنة 43 القضائية

(1) حكم. "تحريره". "إصداره".
العبرة فى الحكم بنسخته الأصلية التى يحررها الكاتب ويوقع عليها القاضى وتحفظ فى ملف الدعوى وتكون المرجع فى أخذ الصورة التنفيذية وفى الطعن فيه. ورقة الحكم قبل التوقيع - أصلاً أو مسودة - لا تعدو مشروعاً.
(2) دعوى جنائية. "القيود التى ترد على تحريكها". جمارك. تهريب جمركي. تبغ. دخان. نقض. "اسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قانون. "تفسيره".
الأصل أن حق النيابة العامة فى رفع الدعوى الجنائية ومباشرتها مطلق. حالات الطلب من القيود التى ترد على حقها استثناء.
صدور طلب بإقامة الدعوى الجنائية طبقاً للقانون 92 لسنة 1964. أثره استرداد النيابة حريتها كاملة. مباشرتها الإجراءات من بعد ذلك قبل شخص معين ورفع الدعوى عليه. لا صلة لها بالطلب. وجوب تمام هذه الإجراءات طبقاً لقواعد الاختصاص التى نظمها القانون بغض النظر عن الاختصاص المكانى لعضو النيابة الذى وجه إليه الطلب.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". إجراءات المحاكمة. طعن. "الطعن بالتزوير". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطعن بالتزوير فى ورقة من أوراق الدعوى. من وسائل الدفاع التى تخضع لتقدير محكمة الموضوع دون التزام منها بإجابته.
تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى. من حق محكمة الموضوع. هى الخبير الأعلى فيما تستطيع الفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها.
1 - من المقرر أن العبرة فى الحكم هى بنسخته الأصلية التى يحررها الكاتب ويوقع عليها القاضى وتحفظ فى ملف الدعوى وتكون المرجع فى أخذ الصورة التنفيذية وفى الطعن عليه من ذوى الشأن، وأن ورقة الحكم قبل التوقيع - سواء كانت أصلاً أو مسودة - لا تكون إلا مشروعاً للمحكمة كامل الحرية فى تغييره وفى إجراء ما تراه فى شأن الوقائع والأسباب مما لا تحدد به حقوق الخصوم عند إرادة الطعن. ولما كان يبين من مراجعة النسخة الأصلية للحكم الغيابى الابتدائى المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه صدر باسم الأمة وحمل تاريخ إصداره كما استوفى كافة شرائط الصحة التى يتطلبها القانون، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد يكون غير ذى وجه.
2 - إن الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها فى هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء من نص الشارع، وأحوال الطلب هى من تلك القيود التى ترد على حقها استثناء من الأصل المقرر مما يتعين الأخذ فى تفسيره بالتضييق، وأن أثر الطلب متى صدر رفع القيد عن النيابة رجوعاً إلى حكم الأصل فى الإطلاق. لما كان ذلك، وكانت المادة 4 من القانون رقم 92 لسنة 1964 تنص على أنه: "لا يجوز رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أية إجراءات فى الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون إلا بطلب مكتوب من وزير الخزانة أو من ينيبه". والبين منها أن كل ما اشترطه الشارع بالنسبة لجريمة تهريب التبغ موضوع الاتهام هو أن يسبق اتخاذ الاجراءات فيها أو رفع الدعوى العمومية عنها طلب ثابت بالكتابة من وزير الخزانة أو من ينيبه، أما مباشرة الإجراءات بعد ذلك قبل شخص معين وإسناد التهمة إليه ورفع الدعوى عليه فهى إجراءات تالية ولا اتصال لها بالطلب الصادر عن الجريمة. ويترتب تفريعاً على ما تقدم أنه متى قدم الطلب ممن يملكه قانوناً إلى النيابة العامة - بصرف النظر عن الاختصاص المكانى لمن وجه إليه الطلب - استردت النيابة حقها كاملاً فى اتخاذ ما تراه من إجراءات وفقاً للقواعد العامة فى الاختصاص التى ينظمها القانون ولا يلزم بحال من الأحوال أن يقوم بذلك عضو النيابة الذى وجه إليه الطلب وإنما يكفى بل ويتحتم أن يباشر تلك الإجراءات عضو النيابة المختص. والقول بغير ذلك، فيه تخصيص بغير مخصص وإلزام بما لا يلزم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى مدوناته أن النيابة العامة لم تباشر حقها فى رفع الدعوى الجنائية على الطاعن إلا بعد صدور طلب من مدير جمرك القاهرة الذى يملك إصداره بناء على القرار الوزارى رقم 13 لسنة 1965، وكان الطاعن لا ينازع فيما أورده الحكم من ذلك فإن ما يثيره من قالة الخطأ فى تطبيق القانون لا يكون له محل.
3 - من المقرر أن الطعن بالتزوير فى ورقة من أوراق الدعوى المقدمه فيها هو من وسائل الدفاع التى تخضع لتقدير محكمة الموضوع التى لا تلتزم بإجابته لأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة فى تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وهى الخبير الأعلى فى كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها ما دامت المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التى لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء الرأى فيها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن الطعن بالتزوير فى الفاتورة التى قدمها المتهم الآخر وأطرحه استناداً إلى ما قرره الأخير من أنه اشترى من الطاعن بمقتضاها عبوات الدخان مثار الاتهام، فضلاً عن أن هذه الفاتورة وتلك العبوات تحمل اسمه، وهو الأمر الذى لا يدحضه الطاعن، وكانت المحكمة لم تر - للأسباب السائغة التى ساقتها وبما لها من حرية تقدير الطعن بالتزوير وأدلته - ما يوجب عليها إحالة الطعن إلى النيابة العامة أو تحقيقه بنفسها فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون طلباً للتأجيل لاتخاذ إجراء لا تلتزم المحكمة فى الأصل بالاستجابة إليه ما دامت قد استخلصت من وقائع الدعوى عدم الحاجة إليه ولا يصح أن يلعب عليها التفاتها عنه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما فى يوم 25 أبريل سنة 1972 بدائرة بندر دمياط محافظة دمياط. الأول: (أولاً) حاز دخاناً مغشوشاً على النحو المبين بالأوراق. (ثانياً) عرض للبيع الدخان الليبى المشار إليه بالأوراق على خلاف القانون (ثالثاً) هرب التبغ المشار إليه بالأوراق بأن حازه وتداوله مغشوشاً مع علمه بذلك. الثاني: (أولاً) أنتج دخاناً مغشوشاً على النحو المبين بالأوراق. (ثانياً) تداول الدخان المشار إليه بالأوراق على خلاف القانون (ثالثاً) هرب التبغ المشار إليه بالأوراق بأن استورده وتداوله مغشوشاً مع علمه بذلك. وطلبت عقابهما بالمواد 1 و2 و3 و6/ 1 من القانون رقم 74 لسنة 1933 المعدل بالقانون رقم 79 لسنة 1944 و86 لسنة 1948 والقانون 92 لسنة 1964، وادعت مصلحة الجمارك مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ تسعمائة واربعة وثلاثين جنيهاً وأربعمائة وثمانين مليماً على سبيل التعويض، ومحكمة بندر دمياط الجزئية قضت فى الدعوى بتاريخ 10 نوفمبر سنة 1969 غيابيا عملا بمواد الاتهام بتغريم كل من المتهمين مائة جنيه وألزمتهما بأن يدفعا متضامنين لمصلحة الجمارك مبلغ تسعمائة وأربعة وثلاثين جنيها وأربعمائة وثمانين مليماً ومصادره العينات. فعارض الثاني، وقضى فى معارضته بتاريخ 9 فبراير سنة 1971 بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابى المعارض فيه. فاستأنف، ومحكمة دمياط الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت فى الدعوى بتاريخ 27 يونيه سنة 1972 حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعن بجريمة تهريب التبغ وغيرها قد شابه بطلان وخطأ فى تطبيق القانون وتأويله كما انطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم الغيابى الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المستأنف والمكمل بالحكم المطعون فيه لم يستوف شرائط صحته من حيث وجوب صدوره فى ظل دستور 25 مارس سنة 1964 باسم الأمة واستكماله بيانات الديباجة وتاريخ الإصدار إذ لم تحو الاوراق سوى مسودة لأسبابه كتبت بشكل غير منتظم ولم تأخذ شكل تحرير الأحكام. ثم إن الطلب الصادر من مدير جمارك القاهرة بتحريك الدعوى العمومية وفقا للمادة الرابعة من القانون رقم 92 لسنة 1964 - فى شأن تهريب التبغ - وجه إلى وكيل نيابة الأزبكية فى حين أن من تولى رفع الدعوى العمومية هو وكيل نيابة دمياط، ومن ثم تكون الدعوى قد حركت بغير الطريق القانوني. وأخيراً فإن المحكمة رفضت تمكين الطاعن من الطعن بالتزوير على الفاتورة المنسوب صدورها إليه والتى ادعى المتهم الآخر إنه اشترى منه بمقتضاها التبغ موضوع الاتهام، وردت على هذا الطلب الجوهرى بما لا يصلح رداً.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن العبرة فى الحكم هى بنسخته الأصلية التى يحررها الكاتب ويوقع عليها القاضى وتحفظ فى ملف الدعوى وتكون المرجع فى أخذ الصورة التنفيذية وفى الطعن عليه من ذوى الشأن، وأن ورقة الحكم قبل التوقيع - سواء كانت أصلاً أو مسودة - لا تكون إلا مشروعاً للمحكمة كامل الحرية فى تغييره وفى إجراء ما تراه فى شأن الوقائع والأسباب مما لا تحدد به حقوق الخصوم عند إرادة الطعن، وكان يبين من مراجعة النسخة الأصلية للحكم الغيابى الابتدائى المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه صدر باسم الأمة وحمل تاريخ إصداره كما استوفى كافة شرائط الصحة التى يتطلبها القانون، من ثم فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد يكون غير ذى وجه. لما كان ذلك، وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون، وأن اختصاصها فى هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء من نص الشارع، وأحوال الطلب هى من تلك القيود التى ترد على حقها استثناء من الأصل المقرر، مما يتعين الأخذ فى تفسيره بالتضييق، وأن أثر الطلب متى صدر رفع القيد عن النيابة رجوعاً إلى حكم الأصل فى الإطلاق. لما كان ذلك وكانت المادة 4 من القانون رقم 92 لسنة 1964 سالف الذكر تنص على أنه: "لا يجوز رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أية إجراءات فى الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون إلا بطلب مكتوب من وزير الخزانة أو من ينيبه". والبين منها أن كل ما اشترطه الشارع بالنسبة لجريمة تهريب التبغ موضوع الاتهام هو أن يسبق اتخاذ الإجراءات فيها أو رفع الدعوى العمومية عنها طلب ثابت بالكتابة من وزير الخزانة أو من ينيبه، أما مباشرة الإجراءات بعد ذلك قبل شخص معين وإسناد التهمة إليه ورفع الدعوى عليه فهى اجراءات تالية ولا اتصال لها بالطلب الصادر عن الجريمة. ويترتب تفريعاً على ما تقدم أنه متى قدم الطلب ممن يملكه قانوناً إلى النيابة العامة - بصرف النظر عن الاختصاص المكانى لمن وجه إليه الطلب - استردت النيابة حقها كاملاً فى اتخاذ ما تراه من إجراءات وفقاً للقواعد العامة فى الاختصاص التى ينظمها القانون ولا يلزم بحال من الأحوال أن يقوم بذلك عضو النيابة الذى وجه إليه الطلب وإنما يكفى بل ويتحتم أن يباشر تلك الإجراءات عضو النيابة المختص. والقول بغير ذلك، فيه تخصيص بغير مخصص وإلزام بما لا يلزم، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى مدوناته أن النيابة العامة لم تباشر حقها فى رفع الدعوى الجنائية على الطاعن إلا بعد صدور طلب من مدير جمرك القاهرة الذى يملك إصداره بناء على القرار الوزارى رقم 13 لسنة 1965 وكان الطاعن لا ينازع فيما أورده الحكم من ذلك فإن ما يثيره من قالة الخطأ فى تطبيق القانون لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن الطعن بالتزوير فى الفاتورة التى قدمها المتهم الآخر وأطرحه استناداً إلى ما قرره الأخير من أنه اشترى من الطاعن بمقتضاها عبوات الدخان مثار الاتهام، فضلاً عن أن هذه الفاتورة وتلك العبوات تحمل اسمه، وهو الأمر الذى لا يدحضه الطاعن. ولما كان من المقرر أن الطعن بالتزوير فى ورقة من أوراق الدعوى المقدمة فيها هو من وسائل الدفاع التى تخضع لتقدير محكمة الموضوع التى لا تلتزم بإجابته لأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة فى تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وهى الخبير الأعلى فى كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها ما دامت المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التى لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء الرأى فيها، وكانت المحكمة لم تر - للأسباب السائغة التى ساقتها وبما لها من حرية تقدير الطعن بالتزوير وأدلته - ما يوجب عليها إحاله الطعن إلى النيابة العامة أو تحققه بنفسها فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون طلباً للتأجيل لاتخاذ إجراء لا تلتزم المحكمة فى الأصل بالاستجابة إليه ما دامت قد استخلصت من وقائع الدعوى عدم الحاجة إليه ولا يصح أن يعاب عليها التفاتها عنه، ومن ثم يكون النعى على الحكم فى هذه الخصوصية غير قويم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.