أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 1208

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوى رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن أبو الفتوح الشربينى، وعبد الحميد محمد الشربينى، وحسن على المغربى.

(245)
الطعن رقم 1009 لسنة 43 القضائية

1 - جمارك. تصالح. دعوى جنائية. "انقضاؤها". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". تبغ. دخان.
تقدير إبرام التصالح مع مصلحة الجمارك. من المسائل الواقعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع.
2 - تبغ. دخان. تهريب جمركي. جمارك. حكم. "ما لا يعيبه". عقوبة. "العقوبة المبررة". نقض. "المصلحه فى الطعن".
تعييب الحكم إدانة الطاعن بجريمة تهريب التبغ عملاً بالمواد الثلاث الأولى من القانون 92 لسنة 1964، لا يجدي. ما دامت العقوبة المقررة لها هى بذاتها المقررة لجريمة غش التبغ طبقاً لأحكام القانون 74 لسنة 1933 والقرار الوزارى 91 لسنة 1933 المنطبقة على الواقعة نفسها.
3 - إجراءات المحاكمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطعن بالتزوير من وسائل الدفاع التى تخضع لتقدير محكمة الموضوع. مثال.
1 - إن تقدير التصالح من المسائل الواقعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب متى كانت المقومات التى أسست عليها قولها فيه تؤدى إلى النتيجة التى خلصت إليها. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد نفى فى تدليل سائغ - له سنده من الأوراق - إبرام صلح بين الطاعن ومصلحة الجمارك فإن منعى الطاعن فى هذا الصدد لا يكون له محل.
2 - أفصحت المادة الأولى من القانون رقم 92 لسنة 1964 فى شأن تهريب التبغ عن المقصود بالتبغ فى تطبيقه احكامه، ونصت المادة الثانية منه على أنه: "يعتبر تهريباً (أولاً) استنبات التبغ أو زراعته محلياً. (ثانياً) إدخال التبغ السودانى أو التبغ الليبى المعروف الطرابلسى أو بذور التبغ بكافة أنواعه إلى البلاد. (ثالثاً) غش التبغ أو استيراده مغشوشاً، ويعتبر من الغش إعداد التبغ من أعقاب السجاير أو السيجار أو ما يتخلف من استعمال التمباك (رابعاً) تداول التبغ المنصوص عليه فى الفقرات السابقة أو حيازته أو نقله أو خلطه على غير ما يسمح به القانون وكذلك تداول البذور أو حيازتها أو نقلها". ولما كانت الواقعة التى اثبتها الحكم المطعون فيه فى حق الطاعن تكون الجريمة المنصوص عليها فى هاتين المادتين والمعاقب عليها وفق المادة الثالثة من القانون نفسه، والتى طبقها جميعاً الحكم المطعون فيه على الواقعة التى دان الطاعن من أجلها والتى تعتبر تهريب تبغ وفق أحكام هذه المواد، فضلاً عن كونها تشكل جريمة خلط دخان بمواد غريبة أو دسها فيه بأية نسبة طبقاً لأحكام القانون رقم 74 لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة الدخان والقرار الوزارى رقم 91 لسنة 1933 فلا جدوى للطاعن من خطأ محكمة الموضوع فى هذا الوصف الأخير ما دامت العقوبة المقررة للجريمة الأخيرة هى بذاتها المقررة لجريمة غش الدخان وفقاً لأحكام هذا القانون ذاته.
3 - من المقرر أن الطعن بالتزوير من وسائل الدفاع التى تخضع لتقدير محكمة الموضوع فيجوز لها ألا تحقق بنفسها الطعن بالتزوير وألا تحيله إلى النيابة العامة لتحقيقه وألا تقف الفصل فى الدعوى الأصلية إذا قدرت أن الطعن غير جدى وأن الدلائل عليه واهية ولما كانت محكمة الموضوع هى صاحبة الحق فى تقدير كل دليل يطرح عليها تفصل فيه على الوجه الذى ترتاح إليه على ضوء ما تسمعه من اقوال الخصوم والشهود وما تشاهده بنفسها، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن فى شأن الطعن بالتزوير على الفاتورة التى قدمها المتهم الآخر وأطرحه استنادا إلى ما قرره هذا الأخير من أنه اشترى عبوات الدخان - موضوع الدعوى - من مصنع الطاعن بالإضافة إلى أن تلك الفاتورة وهذه العبوات تحمل اسم مصنع الطاعن، وكان ما قاله الحكم فيما تقدم سائغاً ومن شأنه أن يؤدى إلى مارتب عليه من اطراح طلب الطعن بالتزوير فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون فى غير محله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما فى يوم 15 يناير سنة 1967 ببندر دمياط محافظة دمياط. (المتهم الأول) بصفته صاحب مصنع، صنع خفية أدخنة معسلة مغشوشة. (المتهم الثاني) حاز وروج أدخنة معسلة مغشوشة. وطلبت معاقبتهما بالمواد 1 و2 و3 من القانون رقم 92 لسنة 1964، ومحكمة بندر دمياط الجزئية قضت فى الدعوى حضورياً بتاريخ 30 من أكتوبر سنة 1969 عملاً بمواد الاتهام بتغريم كل من المتهمين عشرة جنيهات والمصادرة فاستأنف المتهمان والنيابة العامة، ومحكمة دمياط الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت فى الدعوى بتاريخ 25 أبريل سنة 1972 بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم الثانى لوفاته. ثم قضت حضورياً بتاريخ 27 يونيه سنة 1972 بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع وبإجماع الآراء بتعديل الحكم المستأنف إلى تغريم المتهم مائة جنيه وإلزامه أن يدفع لمصلحة الجمارك تعويضاً مدنياً قدره مائة وسبعة وستون جنيهاً والمصادرة. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذا دان الطاعن بجريمة صنع دخان معسل مغشوش وقضى بتغريمه وبإلزامه بأن يؤدى تعويضا لمصلحة الجمارك والمصادرة، قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال وإخلال بحق الدفاع وخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأنه على الرغم من تصالح الطاعن مع مصلحة الجمارك، فإن المحكمة لم تقض بانقضاء الدعوى الجنائية اعمالا لحكم المادة الرابعة من القانون رقم 92 سنة 1964 فى شأن تهريب التبغ، كما أن الحكم لم يوضح كيف انتهى إلى إدانته بجريمة صنع الدخان المغشوش مع أن المقصود بالدخان المغشوش هو جميع المواد المعدة للبيع أو الاستهلاك بوصف أنها دخان وليست منه، وأخيراً فإن الطاعن طلب إلى المحكمة الاستئنافية التصريح له بالطعن بالتزوير فى الفاتورة المنسوبة صدورها منه والمقدمة من المتهم الآخر عن البضاعة المضبوطة إلا أن المحكمة لم تستجب له.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بارتكابها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها عرض لما أثاره الطاعن من تصالحه مع مصلحة الجمارك ونفى إبرامه مستنداً إلى إنكار الطاعن تقديمه طلباً به وما ثبت من رفض المصلحة مبدأ التصالح. لما كان ذلك، وكان تقدير التصالح من المسائل الواقعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب متى كانت المقومات التى أسست عليها قولها فيه تؤدى إلى النتيجة التى خلصت إليها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد نفى فى تدليل سائغ - له سنده من الاوراق - إبرام صلح بين الطاعن ومصلحة الجمارك، فإن منعى الطاعن فى هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أنه أثناء قيام رجلى الجمارك بتفتيش محل تجارة المتهم الثانى – المتوفى - لضبط مخالفات تتعلق بالإنتاج أو الجمارك ضبطا لديه كمية من عبوات الدخان المعسل مبيعة من مصنع الطاعن وتحمل اسمه وتبين من فحص عينة منها أنها غير مطابقة للقرار الوزارى رقم 91 لسنة 1933 لاحتوائها على مواد نباتية غريبة عن الدخان فضلاً عن كمية كبيرة جداً من الدخان الطرابلسى، وانتهى الحكم إلى إدانة الطاعن وفقاً لأحكام المواد 1 و2 و3 من القانون رقم 92 سنة 1964 فى شأن تهريب التبغ - مواد الاتهام - والمادة 32/1 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكانت المادة الأولى من ذلك القانون قد أفصحت عن المقصود بالتبغ فى تطبيقه أحكامه، ونصت المادة الثانية منه على أنه: "يعتبر تهريباً (أولاً) استنبات التبغ أو زراعته محلياً. (ثانياً) إدخال التبغ السودانى أو التبغ الليبى المعروف الطرابلسى أو بذور التبغ بكافة أنواعها إلى البلاد. (ثالثاً) غش التبغ أو استيراده مغشوشاً، ويعتبر من الغش إعداد التبغ من أعقاب السجاير أو السيجار أو ما يتخلف عن استعمال التمباك (رابعاً) تداول التبغ المنصوص عليه فى الفقرات السابقة أو حيازته أو نقله أو خلطه على غير ما يسمح به القانون وكذلك تداول البذور أو حيازتها أو نقلها". وكانت الواقعة التى أثبتها الحكم المطعون فيه فى حق الطاعن تكون الجريمة المنصوص عليها فى هاتين المادتين والمعاقب عليها وفق المادة الثالثة من القانون نفسه، والتى طبقها جميعاً الحكم المطعون فيه على الواقعة التى دان الطاعن من اجلها والتى تعتبر تهريب تبغ وفق أحكام هذه المواد، فضلاً عن كونها تشكل جريمة خلط دخان بمواد غريبة أو دسها فيه بأية نسبة طبقاً لأحكام القانون رقم 74 لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة الدخان والقرار الوزارى رقم 91 لسنة 1933، لما كان ذلك، فلا جدوى للطاعن من خطأ محكمة الموضوع فى هذا الوصف الأخير، ما دامت العقوبة المقررة للجريمة الأخيرة هى بذاتها المقررة لجريمة غش الدخان وفقا لأحكام هذا القانون ذاته، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن فى شأن الطعن بالتزوير على الفاتورة التى قدمها المتهم الآخر وأطرحه استنادا إلى ما قرره هذا الأخير من أنه قد اشترى عبوات الدخان - موضوع الدعوى - من مصنع الطاعن بالاضافة إلى أن تلك الفاتورة وهذه العبوات تحمل اسم مصنع الطاعن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطعن بالتزوير من وسائل الدفاع التى تخضع لتقدير محكمة الموضوع فيجوز لها ألا تحقق بنفسها الطعن بالتزوير وألا تحيله إلى النيابة العامة لتحقيقه وألا تقف الفصل فى الدعوى الأصلية إذا قدرت أن الطعن غير جدى وأن الدلائل عليه واهية، وكانت محكمة الموضوع هى صاحبة الحق فى تقدير كل دليل يطرح عليها تفصل فيه على الوجه الذى ترتاح إليه على ضوء ما تسمعه من اقوال الخصوم والشهود وما تشاهده بنفسها، وإذ كان ما قاله الحكم فيما تقدم سائغاً ومن شأنه أن يؤدى إلى مارتب عليه من اطراح طلب الطعن بالتزوير فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون فى غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة مع الزام الطاعن المصاريف.