أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 35 - صـ 2083

جلسة 12 من ديسمبر سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ يحيى العمورى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العزيز فوده، ماهر قلادة واصف، مصطفى زعزوع وحسين على حسين.

(394)
الطعن رقم 584 لسنة 54 القضائية

(1 - 5) إيجار "إيجار الأماكن" "بيع الجدك". إثبات. محكمة الموضوع "تقدير الأدلة". نقض "دفاع جديد".
(1) بيع المتجر م 594/ 2 مدني. شرطه. أن يكون الشراء بقصد ممارسة ذات النشاط الذى كان يزاوله البائع.
(2) التنازل الصريح أو الضمنى عن الحق. عبء إثباته. وقوعه على عاتق مدعيه.
(3) التنازل الضمنى عن الحق. تقدير أدلته. من سلطة محكمة الموضوع حسبها اقامة قضائها على ما يكفى لحمله. عدم التزامها بتتبع حجج الخصوم ومستنداتهم والرد عليها استقلالاًًًًًًًًًً. علة ذلك.
(4) سكوت المؤجر رغم علمه بالتنازل. لا يغنى عن الإذن بالتنازل. عدم اعتباره نزولاًًًًً عن حقه فى طلب الإخلاء.
(5) دفاع جديد لم يسبق إبداءه أمام محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الحكمة من الاستثناء المقرر بالمادة 594/ 2 من القانون المدنى هى رغبة المشرع فى الإبقاء على الرواج المالى والتجارى فى البلاد لتسهيل بيع المتجر عندما يضطر صاحبه إلى بيعه وتمكين مشتريه من الاستمرار فى استغلاله ومفاد استلزام توافر العنصر المعنوى الخاص بالاتصال بالعملاء، وجوب أن يكون الشراء بقصد ممارسة ذات النشاط الذى كان يزاوله بائع المتجر.
2 - عبء إثبات التنازل صريحاًًًًً كان أو ضمنياًًًًً يقع على عاتق مدعيه.
3 - تقدير الأدلة على قيام أحد طرفى العقد بالتنازل ضمناًًًًً عن حق من الحقوق التى يرتبها له العقد هو من مطلق سلطان محكمة الموضوع، وحسب تلك المحكمة أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفى لحمله دون أن تكون ملزمة بتتبع حجج الخصوم ومستنداتهم والرد عليها استقلالا، ما دام قيام الحقيقة التى اقتنعت بها و أوردت دليلها فيه الرد الضمنى المسقط لتلك الحجج والمستندات.
4 - علم المؤجر بواقعة التنازل وسكوته لا يغنى عن الإذن الخاص ولا يعد نزولاًًًًً عن حقه فى طلب الإخلاء.
5 - لا يقبل من الطاعن... النعى على الحكم المطعون فيه إغفاله دلالة علم المطعون ضده بالتنازل المستمد من سكناه بذات العقار الذى به محل النزاع، إذ لم يسبق له إبداء هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، فلا يسوغ له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر.... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 2820 لسنة 1983 مدنى جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن الأول بطلب الحكم بإخلائه من الدكان المؤجر والتسليم تأسيساً على أن المرحوم عبد الحميد مبروك استأجر الدكان المذكور من المالك السابق للعقار بغرض استخدامه فى تجارة الدقيق والخبز، وقد توفى المستأجر دون ورثة، ونظراًًًًً لوجود المطعون ضده خارج البلاد، فقد فوجئ بوجود الطاعن فى المحل وقد حوله إلى تجارة الخردوات وذلك دون إذن منه بالتنازل عن الإيجار. قضت محكمة الدرجة الأولى برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 4265 لسنة 100 ق القاهرة وبتاريخ 7/ 1/ 1984 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء الطاعن. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتفسيره والخطأ فى فهم الواقع والقصور والفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك يقول أنه اشترى محل النزاع من ورثة المستأجر الأصلى بعقد بيع جدك مؤرخ 24/ 8/ 1972 وظل يشغله إلى أن قام المطعون ضده بعد أحد عشر عاماًًًًً برفع الدعوى بطلب إخلائه وقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى عدم توافر شروط بيع الجدك لعدم مزاولة الطاعن ذات النشاط الذى كان يزاوله البائع، رغم أن المادة 594/ 2 من القانون المدنى لم تستلزم هذا الشرط، كما أن الحكم أقام قضاءه بالإخلاء على سند من القول بأن أوراق الدعوى قد خلت مما يدل على رضاء المطعون ضده الضمنى بالتنازل، وأن الثابت من إنذار العرض المؤرخ 8/ 1/ 1983 أن ابن المطعون ضده قد امتنع عن استلامه لغيابه وأن الطاعن لم ينازع فيما قرره المطعون ضده فى صحيفة دعواه من غيابه فى الخارج بسبب العمل مما يدل على عدم قيام الرضاء الضمنى، وبذلك وقع الحكم المطعون فيه فى خطأ فنى إذ أن إنذار العرض الذى أشار إليه، مؤرخ 8/ 1/ 1973 وليس 8/ 1/ 1983 ولو لم يقع الحكم فى هذا الخطأ لتغير وجه الرأى فى الدعوى، وإذ كان سينتهى إلى أن سكوت المطعون ضده هذه المدة الطويلة مع علمه بمباشرة الطاعن لتجارة الخردوات، خاصة وأنه يسكن بذات العقار الكائن به المحل يعد نزولاًًًًً ضمنياًًًًً عن حقه فى طلب الإخلاء، فضلاًًًًً عن أنه ما كان للمحكمة أن تقيم قضاءها على مجرد قول مرسل للمطعون ضده من غيابه فى الخارج بسبب العمل والذى لم يثبته بأى دليل، فى الوقت الذى التفتت فيه عن المستندات المقدمة من الطاعن ومنه محضر الإيداع المعلن إلى المطعون ضده شخصياًًًًً فى 9/ 1/ 1973، وجميعها تقطع بعلم المطعون ضده ببيع الجدك منذ هذا التاريخ الأمر الذى يكون معه الحكم المطعون فيه قد جاء مشوباًًًًً بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتفسيره وفى فهم الواقع والقصور والفساد فى الاستدلال بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد ذلك أنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الحكمة من الاستثناء المقرر بالمادة 594/ 2 من القانون المدنى هى رغبة المشرع فى الإبقاء على الرواج المالى والتجارى فى البلاد لتسهيل بيع المتجر عندما يضطر صاحبه إلى بيعه، وتمكين مشتريه من الاستمرار فى استغلاله، ومفاد استلزام توافر العنصر المعنوى الخاص بالاتصال بالعملاء، وجوب أن يكون الشراء بقصد ممارسة ذات النشاط الذى كان يزاوله بائع المتجر، كما أنه من المقرر أن عبء إثبات التنازل صريحاًًًًً كان أو ضمنياًًًًً يقع على عاتق مدعيه، وأن تقدير الأدلة على قيام أحد طرفى العقد بالتنازل ضمناًًًًً عن حق من الحقوق التى يرتبها له العقد هو من مطلق سلطان محكمة الموضوع، وحسب تلك المحكمة أن تقيم قضاءها على أسباب سائغه تكفى لحمله دون أن تكون ملزمة بتتبع حجج الخصوم ومستنداتهم والرد عليها استقلالاًًًًً، ما دام قيام الحقيقة التى اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمنى المسقط لتلك الحجج والمستندات، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد غير النشاط الذى كان يزاوله البائع له من تجارة الدقيق والخبز إلى تجارة الخردوات، وقد خلص الحكم من ذلك إلى عدم توافر شروط بيع المتجر فى معنى المادة 594/ 2 من القانون المدني، واعتبر الواقعة مجرد تنازل عن الإيجار بغير إذن كتابى صريح من المالك بالمخالفة لأحكام المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981، وانتهى فى حدود سلطته الموضوعية فى تقدير الدليل إلى انتفاء قيام التنازل الضمنى لخلو الأوراق من دليل عليه، وكانت المستندات التى يشير إليها الطاعن ومن بينها إنذار الغرض المؤرخ 8/ 1/ 1973 ومحضر الايداع المؤرخ 9/ 10/ 1973 لا تفيد فى ذاتها أن نية المؤجر قد اتجهت إلى العدول عن الشرط المانع من التنازل عن الإيجار، ذلك أن المقرر أن علم المؤجر بواقعة التنازل وسكوته لا يغنى عن الإذن الخاص ولا يعد نزولا عن حقه فى طلب الإخلاء. لما كان ما تقدم فإن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه بأسباب سائغة ولها أصلها الثابت بالأوراق، من عدم توافر شروط بيع المتجر وعدم قيام الرضاء الضمنى بالتنازل يكون قد جاء متفقاًًًًً وصحيح القانون. أما ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم المطعون فيه فى تاريخ إنذار العرض المؤرخ 8/ 1/ 1973 بجعله 8/ 1/ 1983، فإن البين من الأوراق أنه مجرد خطأ مادى لم يكن له أثر فى سلامة قضاء الحكم وفى النتيجة التى انتهى إليها كما لا يقبل من الطاعن كذلك النعى على الحكم المطعون فيه إغفاله دلالة علم المطعون ضده بالتنازل المستمد من سكناه بذات العقار الذى به محل النزاع، إذ لم يسبق له إبداء هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، فلا يسوغ له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض، ولما تقم فإن النعى بأسباب الطعن يكون على غير أساس بما يتعين معه رفضه.