أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 29 - صـ 2011

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1978

برئاسة السيد المستشار الدكتور مصطفى كيره - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور أحمد رفعت خفاجى، الدكتور بشرى رزق، رأفت عبد الرحيم ومحمد حسب الله.

(391)
الطعن رقم 72 لسنة 46 القضائية
والطعن رقم 310 لسنة 48 القضائية

(1) حكم "الطعن فيه" عمل. نقض.
القضاء بأحقية العامل لأول مربوط الفئة المالية مع ندب خبير لتحديد الفروق المالية المستحقة له. قضاء غير منه للخصومة كلها، عدم جواز الطعن فيه استقلالا. م 212 مرافعات.
(2) عمل "تسكين العمال".
تسوية حالات العاملين بشركات القطاع العام. اللائحة 3546 لسنة 1962. كيفيتها. قيد العامل على وظيفة أعلى لم يستوف شروط شغلها. اعتباره ندباً للقيام بأعبائها. لا حق له فى الحصول على بداية مربوطها.
1- النص فى المادة 212 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز الطعن فى الأحكام التى تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهى بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهى للخصومة كلها، وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري"، يدل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - على أن المشرع قد وضع قاعدة عامة تقضى بعدم جواز الطعن على استقلال فى الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامى المنهى لها وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى، وكذلك الأحكام التى تصدر فى شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري، ورائد المشرع فى ذلك هو الرغبة فى منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم وما يترتب على ذلك أحيانا من تعويق الفصل فى موضوع الدعوى وما يترتب عليه حتماً من زيادة نفقات التقاضي، ولما كان الحكم المطعون فيه - الصادر فى 26/ 11/ 1975 - قد اقتصر على الحكم بأحقية المطعون ضدهم لأول مربوط الفئة الخامسة وبإعادة المأمورية للخبير لبيان الفروق المالية المستحقة لكل منهم، وهو حكم لا تنتهى به الخصومة كلها، كما أنه ليس حكما قابلا للتنفيذ الجبري، لما كان ذلك فإن الطعن فى ذلك الحكم المطعون فيه يكون غير جائز.
2- فرضت المادتان 63، 64 من لائحة العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 على هذه الشركات أن تقوم بوصف وظائفها، وتحديد واجباتها ومسئولياتها، والاشتراطات الواجب توافرها فيمن يشغلها، وتقييمها وتصنيفها فى جدول يعتمده مجلس إدارة المؤسسة، وأن تعادل وظائفها بالوظائف الواردة بهذا الجدول بقرار يصدره مجلس إدارة المؤسسة يصدق عليه من مجلس الوزراء، وتسوى حالات العاملين بها طبقاً لهذا التعادل. وكان مؤدى ذلك أن هذه التسوية لا تقوم أساساً على الحالة الشخصية للعامل، وإنما تقتضى الربط بين العامل والوظيفة التى يشغلها قبل التقييم أى فى 30 يونيه سنة 1964 وبين الوظيفة المعادلة لها بعدم التقييم - وذلك بمطابقة الاشتراطات التى يجب توافرها لشغل الوظيفة على من يشغلها فعلاً، حتى إذا ما توافرت فيه هذه الاشتراطات أصبح صالحاً لشغلها بغض النظر عما إذا كان حاصلاً على مؤهل وتوافرت له مدة خبرة يجيزان له شغل وظيفة ذات فئة أعلى، وأن قيد العامل على وظيفة أعلى لم يستوف شروط شغلها - على النحو السالف بيانه - يعتبر بمثابة ندب له للقيام بأعباء هذه الوظيفة دون أن يكون له الحق فى الحصول على بداية. مربوطها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 222 لسنة 1971 كلى جنوب القاهرة على الشركة الطاعنة طالبين الحكم بأحقيتهم فى أول مربوط الفئة الخامسة اعتباراً من أول يوليه سنة 1964 مع الفروق المستحقة لكل منهم اعتباراً من أول يوليه سنة 1965 والفوائد؛ وقالوا بياناً لها أنهم يعملون لدى الشركة الطاعنة التى قامت بتسوية حالتهم على وظائف من الفئة الخامسة ابتداء من 1/ 7/ 1964 ولم تصرف لهم أول مربوطها ومقداره 35 جنيهاً وإنما صرفت للأول والثانى والثالث منهم مرتباً شهرياً مقداره 27 جنيهاً و271 مليما، وللرابع والخامس 28 جنيهاً و20 مليماً ، والسادس مبلغ 32 جنيهاً و448 مليماً. وبجلسة 27 من فبراير سنة 1973 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بمنطوق هذا الحكم. وبعد أن قدم الخبير تقريره - قضت المحكمة بتاريخ 21 من ديسمبر سنة 1974 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافهم تحت رقم 357 لسنة 92 ق. وفى 26 من نوفمبر سنة 1975 حكمت المحكمة بأحقية كل من المطعون ضدهم لأول مربوط الفئة الخامسة وقبل الفصل فى موضوع الفروق المالية بإعادة الأوراق إلى الخبير السابق ندبه لبيان الفروق المستحقة لكل منهم. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم 72 لسنة 46 ق. دفع المطعون ضدهم بعدم جواز الطعن استناداً إلى أن الحكم المطعون فيه غير منه للخصومة كلها ولا يجوز الطعن فيه على استقلال عملاً بالمادة 212 من قانون المرافعات، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بقبول هذا الدفع. وبجلسة 28 من ديسمبر سنة 1977 حكمت محكمة استئناف القاهرة فى باقى الطلبات بإلزام الطاعنة بأن تؤدى للمطعون ضده الأول 327 جنيهاً و458 مليماً وللمطعون ضده الثانى مبلغ 304 جنيهاً و94 مليماً، وللمطعون ضده الثالث مبلغ 352 جنيهاً و242 مليماً وللمطعون ضده الرابع مبلغ 325 جنيهاً و581 مليماً وللمطعون ضده الخامس مبلغ 320 جنيهاً و596 مليماً وللمطعون ضده السادس مبلغ 161 جنيهاً و337 مليماً قيمة الفروق المستحقة لكل منهم فى الفترة من 15/ 4/ 1966 حتى 15/ 4/ 1971 على أن تخصم منها عند المنبع الضرائب المستحقة عليها. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها تحت رقم 310 لسنة 48 ق - وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيهما نقض الحكم المطعون فيه. وعرض الطعنان فى غرفة مشورة، وقررت المحكمة ضم الطعن رقم 72 لسنة 46 ق إلى الطعن رقم 310 لسنة 48 ق ليصدر فيها حكم واحد، وتحدد لنظرهما جلسة وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع بعدم جواز هذا الطعن فى محله، ذلك أن النص فى المادة 212 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز الطعن فى الأحكام التى تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهى بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهى للخصومة كلها وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري" يدل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - على أن المشرع قد وضع قاعدة عامة تقضى بعدم جواز الطعن على استقلال فى الأحكام الصادرة أثناء سير الخصومة قبل الحكم الختامى المنهى لها وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى وكذلك الأحكام التى تصدر فى شق من الموضوع متى كانت قابلة للتنفيذ الجبري، ورائد المشرع فى ذلك هو الرغبة فى منع تقطيع اوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم وما يترتب على ذلك أحياناً من تعويق الفصل فى موضوع الدعوى، وما يترتب عليه حتماً من زيادة نفقات التقاضي، ولما كان الحكم المطعون فيه - الصادر فى 26/ 11/ 1975 - قد اقتصر على الحكم بأحقية المطعون ضدهم لأول مربوط الفئة الخامسة وبإعادة المأمورية للخبير لبيان الفروق المالية المستحقة لكل منهم، وهو حكم لا تنتهى به الخصومة كلها، كما أنه ليس حكماً قابلاً للتنفيذ الجبري، لما كان ذلك فإن الطعن فى ذلك الحكم المطعون فيه يكون غير جائز.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وتفسيره وتأويله. وفى بيان ذلك تقول أنها بتاريخ 6/ 11/ 1965 - أصدرت قراراً بالتطبيق لأحكام المادتين 63، 64 من القرار الجمهورى رقم 3546 لسنة 62 باعتبار أن كل من سكن بصفة شخصية قيداً بوظيفة لعدم استيفائه كامل مدة الخبرة المحددة لهذه الوظيفة فى أول يوليه سنة 1964 يعتبر منتدباً لتلك الوظيفة والتى سكن عليها مؤقتاً ولا يستحق أول مربوطها إلا عند استيفائه كامل تلك المدة، وإذ كان الثابت من تقرير الخبير عدم استيفاء المطعون ضدهم لكامل مدة الخبرة المحددة للفئة التى سكنوا عليها قيداً أو بصفة شخصية، فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى لهم بأحقيتهم لأول مربوط الفئة المالية الخامسة وبالفروق المالية المستحقة ترتيباً على ذلك يكون قد أخطأ تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أنه لما كانت المادتان 63، 64 من لائحة العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962، قد فرضت على هذه الشركات أن تقوم بوصف وظائفها، وتحديد واجباتها ومسؤوليتها، والاشتراطات الواجب توافرها فيمن يشغلها، وتقييمها وتصنيفها فى جدول يعتمده مجلس إدارة المؤسسة، وأن تعادل وظائفها بالوظائف الواردة بهذا الجدول بقرار يصدره مجلس إدارة المؤسسة يصدق عليه من مجلس الوزراء، وتسوى حالات العاملين بها طبقاً لهذا التعادل. وكان مؤدى ذلك أن هذه التسوية لا تقوم أساساً على الحالة الشخصية للعامل، وإنما تقتضى الربط بين العامل والوظيفة التى يشغلها قبل التقييم أى فى 30 يونيه سنة 1964 وبين الوظيفة المعادلة لها بعد التقييم - وذلك بمطابقة الاشتراطات التى يجب توافرها لشغل الوظيفة على من يشغلها فعلاً، حتى إذا ما توافرت فيه هذه الاشتراطات أصبح صالحاً لشغلها بغض النظر عما إذا كان حاصلا على مؤهل وتوافرت له مدة خبرة يجيزان له شغل وظيفة ذات فئة أعلى، وأن قيد العامل على وظيفة أعلى لم يستوف شروط شغلها - على النحو السالف بيانه - يعتبر بمثابة ندب له للقيام بأعباء هذه الوظيفة دون أن يكون له الحق فى الحصول على بداية مربوطها. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم الصادر بجلسة 26 من نوفمبر سنة 1975 أن الشركة الطاعنة بعد أن سلكت المراحل التى رسمتها المادتان 63، 64 من قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962، قامت بتسكين المطعون ضدهم - والذين كانوا يشغلون وظائف من الفئة الخامسة قبل التسكين فى 30/ 6/ 1964 - على هذه الفئة، والتى لا يجادل المطعون ضدهم فى أنهم لم يستوفوا مدة الخبرة الكاملة اللازمة لها، فإنه لا يعدو أن يكون ندباً للقيام بمهام هذه الوظائف ومن ثم فلا يستحقون بداية مربوط هذه الفئة وما يترتب على ذلك من فروق مالية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وتفسيره، مما يتعين معه نقضه بغير حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.