أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 35 - صـ 1751

جلسة 25 من أكتوبر سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ محمود حسن رمضان، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد رأفت خفاجي، الحسينى الكنانى، محمد فؤاد شرباس، ودكتور محمد فتحى نجيب.

(333)
الطعن رقم 1044 لسنة 49 القضائية

(1، 2) حكم "تسبيب الحكم". محكمة الموضوع. نقض "جدل موضوعي".
1 - إغفال الحكم ذكر نصوص المستندات التى اعتمد عليها ووجه الاستدلال بها، لا عيب ما دام أنها مقدمة إلى المحكمة ومبينة فى مذكرات الخصوم.
2 - محكمة الموضوع. عدم التزامها بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات. حسبها أن تقيم قضاءها على ما يصلح لحمله. المنازعة فى ذلك جدل موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(3) محكمة الموضوع. إثبات "العدول عن إجراءات الإثبات".
محكمة الموضوع حقها فى العدول عما أمرت به من إجراءات الإثبات. شرطه. بيان أسبابه ما لم تكن هى التى أمرت باتخاذ الإجراء من تلقاء نفسها. علة ذلك.
(4، 5، 6، 7، 8) محكمة الموضوع. إيجار "إيجار الأماكن". إثبات "إجراءات الإثبات". حكم "تسبيب الحكم". نقض "السبب غير المنتج". "سلطة محكمة النقض".
4 - تحصيل فهم الواقع فى الدعوى. من سلطة قاضى الموضوع.
5 - تقدير القصد من الإقامة فى العين. من سلطة محكمة الموضوع. استخلاص الحكم سائغاًًًًً أن إقامة الطاعنة بعين النزاع مؤقتة. لا عيب.
6 - محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة طلب التحقيق متى رأت من ظروف الدعوى وأدلتها ما يكفى لتكوين عقيدتها.
7 - إقامة الحكم قضاءه على دعامة كافة لحمله. النعى على ما عداها. غير منتج.
8 - انتهاء الحكم إلى نتيجة صحيحة. اشتماله على تقريرات قانونية خاطئة لا يبطله. لمحكمة النقض أن تصحح ذلك.
(9، 10) إيجار "إيجار الأماكن" "امتداد الإيجار" "انتهاء الإيجار".
9 - الامتداد القانونى لعقد الإيجار. عدم توقفه على توافق إرادة المتعاقدين صراحة أو ضمناًًًًً. لا محل لاعمال المادتين 563، 599 مدنى فى هذا الصدد. علة ذلك. التنبيه بالإخلاء لا اثر له.
10 - التراخى فى رفع الدعوى الإخلاء. لا يعد تنازلاًًًًً ضمنياًًًًً عن الحق فى طلبه.
1 - المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه لا يعيب الحكم إغفال ذكر نصوص المستندات التى اعتمد عليها ومن باب أولى لا يعيبه اغفال ذكر وجه الاستدلال بها. ما دامت مقدمة إلى المحكمة ومبينة فى مذكرات الخصوم بما يكفى معه مجرد الإشارة إليها.
2 - محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات وحسبها أن تقيم قضاءها على ما يصلح من الأدلة لحمله.
3- لئن كان مفاد نص المادة التاسعة من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء النقض - أن لمحكمة الموضوع أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب هذا العدول بالحكم متى رأت أنها أصبحت غير منتجة فى الدعوى وأن ما استجد فيها بعد حكم الاثبات يكفى لتكوين عقيدتها، إلا أنه إذا كانت المحكمة هى التى أمرت باتخاذ الإجراءات من تلقاء نفسها فإنها تملك العدول عنها دون ذكر أسباب هذا العدول إذ لا يتصور أن يمس العدول فى هذه الحالة أى حق للخصوم، ما لا يلزم ذكر أى تبرير له.
4 - تحصيل فهم الواقع فى الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من شأن قاضى الموضوع وحده، ولا رقيب عليه فى تحصيل ما يقدم إليه من أدلة ما دام من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها.
لما كان من المقرر أن تقدير القصد من الإقامة فى العين المؤجرة من سلطة محكمة الموضوع وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أن إقامة الطاعنة بعين النزاع مؤقتة بما قررته فى مذكرتها المقدمة لمحكمة أول درجة من أنها انتقلت إليها من مسكن الزوجية لرعاية والدها حتى توفى إلى رحمة الله، ونفى الحكم عن هذه الإقامة صفة الدوام والاستقرار واعتبرها فى الوقت نفسه إقامة مؤقتة مهما استطالت مدتها مرهونة بالغرض الذى أفردت له وكان هذا الاستخلاص سائغاًًًًً وله أصله الثابت بمذكرة الطاعنة المقدمة لجلسة 29/ 12/ 1977 أمام محكمة أول درجة، فإن النعى على الحكم المطعون فيه بالفساد فى الاستدلال فى غير محله.
6 - لا تثريب على محكمة الاستئناف إن هى رفضت طلب الطاعنة إحالة الدعوى إلى التحقيق، إذ أن محكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب التحقيق متى رأت فى ظروف الدعوى والأدلة المطروحة عليها ما يكفى لتكوين عقيدتها متى كانت أسباب الحكم مؤدية إلى ما انتهى إليه ولها أصلها الثابت بالأوراق.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن الإقامة المؤقتة لا تجيز استمرار عقد الإيجار لابنة المستأجر بعد وفاته وفقا لأحكام المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 وهى دعامة صحيحة كافية لحمل قضائه، ومن ثم فإن تعييبه فى دعامته المتعلقة باحتجاز الطاعنة لأكثر من مسكن، وفيما قرره بأن المستأجر ينوب عن المساكنين له فيعتبرون مستأجرين أصليين للعين المؤجرة يكون - أياًًًًً كان وجه الرأى فيه - غير منتج.
8 - لا يبطل الحكم. ما اشتمل عليه من تقريرات قانونية خاطئة لا تؤثر فى النتيجة الصحيحة التى انتهى إليها، إذ لهذه المحكمة أن تصحح هذه الأسباب دون أن تنقضه.
9 - جرى قضاء هذه المحكمة على أن الامتداد القانونى يتحقق بمجرد انتهاء مدة العقد الأصلية، ولو كان العقد ينص على أنه يمتد لمدة أخرى معينة إذا لم يخطر أحد الطرفين الطرف الآخر بعدم رغبته فى الامتداد، ولا يعتبر بقاء المستأجر فى العين المؤجرة بعد انتهاء مدة العقد الاتفاقية تجديداًًًًً ضمنياًًًًً للعقد، وإنما يعتبر العقد بعد انتهاء تلك المدة ممتداًًًًً بقوة القانون لمدة غير محدودة ولا يتوقف هذا الامتداد على توافق إرادة المتعاقدين صراحة أو ضمناًًًًً و لا محل فى هذا الصدد لإعمال المادتين 563، 599 من القانون المدنى إذ فقد التنبيه بالإخلاء فائدته المباشرة فى تمكين المؤجر من إخلاء المستأجر من العين المؤجرة نتيجة حتمية للامتداد القانوني.
10 - أن ما أثارته الطاعنة عن تراخى المطعون ضدها الأولى فى رفع دعوى الإخلاء مدة تزيد على أربع سنوات مما يفيد نزولها الضمنى عن حقها فى طلب الإخلاء، مردود بما أورده الحكم من أن المؤجرة لا تقيم فى عقار النزاع وأنه ليس ثمة دليل على أنها علمت بوفاه المستأجر بعد وقوعها، وأن تأخرها لا يهدر حقها فى طلب الإخلاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضدها الأولى اقامت الدعوى رقم 6667 سنة 1976 مدنى كلى جنوب القاهرة على الطاعنة والمطعون ضده الثالث للحكم بطردهما من الشقة المبينة بالصحيفة أو إخلائها مع التسليم، وقالت فى شرح دعواها أن المرحوم.... والد الطاعنة كان يستأجر شقة النزاع بموجب عقد مؤرخ 19/ 5/ 1959، ومنذ أكثر من خمسة عشر عاماًًًًً تزوجت ابنته الطاعنة بالمطعون ضده الثالث فأقام والدها بمفرده فى الشقة إلى أن توفى بتاريخ 1/ 3/ 1972، مما يترتب عليه انتهاء عقد إيجارها إلا أن الطاعنة والمطعون ضده الثالث اغتصباها بغير سند، بالإضافة إلى أنهما يحتجزان مسكناًًًًً آخر بمدينة القاهرة مما اضطرها إلى إقامة دعواها. تدخل المطعون ضده الثانى خصماًًًًً منضماًًًًً للمطعون ضدها الأولى لشرائه عقار النزاع، بتاريخ 29/ 12/ 1977 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدها الأولى والخصم المتدخل - المطعون ضده الثانى - أن الطاعنة والمطعون ضده الثالث لم يقيما بالشقة موضوع النزع من الفترة من ديسمبر سنة 1970 وحتى تاريخ وفاة والد الطاعنة - المستأجر الأصلى فى 1/ 3/ 1972، وبتاريخ 11/ 5/ 1978 طلب الحاضر عن المطعون ضدها الأولى والخصم المتدخل العدول عن الحكم الصادر بالإحالة على التحقيق لعدم جدواه فى النزاع، فقررت المحكمة العدول عنه، وأحالت الدعوى للمرافعة وبتاريخ 26/ 10/ 1978 حكمت المحكمة بطرد الطاعنة والمطعون ضده الثالث من الشقة مع التسليم. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 5814 سنة 95 ق القاهرة وبتاريخ 28/ 3/ 1979 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عرض على هذه المحكمة فى غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب، تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور فى عرض مستنداتها، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائى اكتفى بسرد مستنداتها المقدمة منها لإثبات إقامتها بعين النزاع دون بيان لمضمونها، وأوجه الاستدلال بها، ثم قضى بعد ذلك برفض دفاعها، وقد أحال إليه الحكم المطعون فيه فى هذا الصدد فى حين أن المادة 178 من قانون المرافعات توجب أن يشتمل الحكم على عرض مجمل لوقائع الدعوى ثم طلبات الخصوم وخلاصة موجزة لدفعوهم ودفاعهم الجوهرى وإلا كان باطلاًًًًً وذكر المستندات التى قدمها كل من الخصوم تأييداًًًًً لدفاعه ووجه استدلاله بها على صحة هذا الدفاع ضرورة حتمية وإلا كان الحكم باطلاًًًًً.
وحيث إن النعى فى غير محله، ذلك أنه لما كان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه لا يعيب الحكم إغفال ذكر نصوص المستندات التى اعتمد عليها ومن باب أولى لا يعيبه إغفال ذكر وجه الاستدلال بها ما دامت مقدمة إلى المحكمة ومبينة فى مذكرات الخصوم بما يكفى معه مجرد الإشارة إليها، وكان البين من مدونات حكم محكمة الدرجة الأولى أنه أورد مضمون مستندات الطاعنة والمطعون ضده الثالث وأقام قضاءه على قوله "..... وحيث إن الثابت من مستندات الدعوى أن المدعى عليها الأولى "الطاعنة" تزوجت بالمدعى عليه الثانى "المطعون ضده الثالث" منذ فترة طويلة وأقامت معه فترة طويلة فى شقة مستقلة تجاوز الشقة موضوع النزاع وأن الثابت من المستندات أنها تتردد على كلتا الشقتين (مستندات 1، 2 من حافظة مستندات "المدعية" المطعون ضدها الأولى المقدمة بجلسة 3/ 2/ 1977، 1، 2، 3 من حافظة مستنداتها المقدمة بجلسة 1/ 10/ 1977، ومستند 2 من حافظة مستندات المدعى عليهما الطاعنة والمطعون ضده الثالث وأنه نظراًًًًً لمرض والدها عادت وأقامت معه لترعاه فى شيخوخته حتى وافاه الأجل فى أول مارس سنة 1973، وظلت تتردد على كل من الشقة موضوع النزاع والشقة الكائنة بشارع المرعشلى بالزمالك. وحيث إن إقامتها مع والدها كما سبق القول كانت على سبيل الاستضافة ومن ثم تنتهى بوفاة مورثها فتنتهى علاقتها الإيجارية وكان الحكم المطعون فيه قد أحال إلى حكم محكمة الدرجة الأولى وأقام قضاءه على قوله وحيث إن المستأنفة قررت أنها لم تنتقل إلى عين النزاع إلا فى سنة 1970 وشرحت الدافع لها إلى هذا الانتقال بأمرين فقد ذهبت هى وزوجها فى المذكرة المقدمة منهما إلى محكمة الدرجة الأولى (المودعة تحت رقم 15 ملف المفردات تقول أنها انتقلت هى وزوجها وابنتاها للإقامة مع والديها فى شقة النزاع لترعى والدتها المريضة حتى توفيت فى 21/ 12/ 1970 ثم بقيت لرعاية والدها المسن حتى وافاه الأجل فى 1/ 3/ 1972 واستمرت بعد ذلك مقيمة إقامة مستمرة حتى الآن وما من شك فى أن مغادرة المستأنفة لشقتها الأصلية والإقامة فى شقة النزاع لرعاية والديها المريضين ينفى عن هذه الإقامة صفة الدوام والاستقرار ويجعلها فى الوقت نفسه إقامة موقوتة عابرة مهما استطالت مدتها مرهونة بالغرض الذى أفردت له فلا تفيد المستأنفة فى هذه الحالة أيضاًًًًً من نص المادة 21 من القانون رقم 52 سنة 1969، وهو استخلاص سائغ له أصله فى الأوراق ويكفى لحمل قضائه، لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات، وحسبها أن تقيم قضاءها على ما يصلح من الأدلة لحمله، فإن النعى بهذا السبب لا يعد وأن يكون جدلاًًًًً موضوعياًًًًً لا محل لإثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه، وفى بيان ذلك تقول إن محكمة أول درجة أحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفى واقعة إقامة الطاعنة بعين النزاع، إلا أنها عدلت عن هذا الحكم دون بيان أسباب العدول بالمخالفة لحكم المادة 9 من قانون الإثبات، مما يعيب حكمها فى الموضوع بالبطلان وبالتالى بطلان الحكم المطعون فيه.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أنه ولئن كان مفاد نص المادة التاسعة من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة الموضوع أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب هذا العدول بالحكم متى رأت أنها أصبحت غير منتجة فى الدعوى وأن ما استجد فيها بعد حكم الإثبات يكفى لتكوين عقيدتها، إلا أنه إذا كانت المحكمة هى التى أمرت باتخاذ الإجراءات من تلقاء نفسها فإنها تملك العدول عنها دون ذكر أسباب هذا العدول، إذ لا يتصور أن يمس العدول فى هذه الحالة أى حق للخصوم، مما لا يلزم ذكر أى تبرير له. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم الابتدائى والحكم المطعون فيه أن محكمة أول درجة هى التى أمرت بإحالة الدعوى إلى التحقيق، ثم عدلت عن هذا الإجراء فإنه لا تثريب عليها أن لم تبين أسباب هذا العدول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالأسباب الثالث والرابع والخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، والقصور فى التسبيب، والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك تقول إن الحكم اعتبرها مستأجرة أصلية لعين النزاع على سند من أن والدها كان ينوب عنها نيابة قانونية مفترضة عند استئجاره لهذه العين، وأنها فقدت تلك الصفة بزواجها، وإقامتها بمسكن زوجها المطعون ضده الثالث، والذى ناب عنها أيضاًًًًً فى استئجار مسكن الزوجية، وأن ذلك يحول دون استمرار عقد إيجار شقة النزاع بالنسبة لها ولا تكون قد احتجزت أكثر من مسكن على خلاف القانون، هذا إلى أن الحكم قد اعتبر أن عودتها للإقامة مع والدها بشقة النزاع مؤقتة على سبيل الاستضافة تنتهى بموت مورثها واستدل على ذلك بالمستندات التى تفيد ترددها على عين النزاع ومسكن الزوجية، وبما قررته بأن الدافع هو رعاية والدها، فى حين أن الثابت أن والدها لم يستأجر عين النزاع إلا بعد زواجها، فلا محل لأعمال نظرية النيابة القانونية المفترضة والقول بالتالى يفقدان صفتها كمستأجرة بالزواج، هذا إلى أن زوجها المطعون ضده الثالث يستأجر مسكن الزوجية باسمه، فلا محل لإعمال نظرية النيابة سالفة الذكر، ومن ثم فإنها لا تعتبر محتجزة لأكثر من مسكن فإقامتها بمسكن الزوجة لاستقلال شخصيتها وذمتها الماليه عن زوجها. كما أن المستندات التى عول عليها الحكم لا تنفى إقامتها المستقرة بعين النزاع، وإن قول الحكم بأن إقامتها كانت مؤقتة استناداًًًًً إلى أنها كانت ترعى والدها هو استدلال فاسد وغير سائغ، إذ الثابت بمذكراتها المقدمة لمحكمة أول درجة أنها قصدت المستقرة الدائمة، وقد طلبت من محكمة الاستئناف إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات دفاعها الجوهرى الذى يتغير به وجه الرأى فى الدعوى، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض إجابتها لطلبها على سند من أن دفاعها غير منتج، فيكون قد أخل بحق الدفاع وعابه القصور فى التسبيب.
وحيث إن النعى غير سديد، ذلك أنه لما كان تحصيل فهم الواقع فى الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من شأن قاضى الموضوع وحده، ولا رقيب عليه فى تحصيل ما يقدم إليه من أدلة ما دام من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها، وكان المقرر أيضاًًًًً أن تقدير القصد من الإقامة فى العين المؤجرة من سلطة محكمة الموضوع وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أن إقامة الطاعنة بعين النزاع مؤقتة بما قررته فى مذكرتها المقدمة لمحكمة أول درجة من أنها انتقلت إليها من مسكن الزوجية لرعاية والدها حتى توفى إلى رحمة الله، ونفى الحكم عن هذه الإقامة صفة الدوام والاستقرار واعتبرها فى الوقت نفسه إقامة مؤقتة مهما استطالت مدتها مرهونة بالغرض الذى أفردت له وكان هذا الاستخلاص سائغاًًًًً وله أصله الثابت بمذكرة الطاعنة المقدمة لجلسة 29/ 12/ 1977 أمام محكمة أول درجة، فإن النعى على الحكم المطعون فيه بالفساد فى الاستدلال يكون فى غير محله، ولا تثريب على محكمة الاستئناف إن هى رفضت طلب الطاعنة إحالة الدعوى إلى التحقيق، إذ أن محكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير ملزمة بإجابة طلب التحقيق متى رأت فى ظروف الدعوى والأدلة المطروحة عليها ما يكفى لتكوين عقيدتها متى كانت أسباب الحكم مؤدية إلى ما انتهى إليه ولها أصلها الثابت بالأوراق. ومن ثم يكون النعى على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب على غير أساس. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن الإقامة المؤقتة لا تجيز استمرار عقد الإيجار لابنه المستأجر بعد وفاته وفقاًًًًً لأحكام المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 وهى دعامة صحيحة كافية لحمل قضائه. ومن ثم فإن تعيينه فى دعامته المتعلقة باحتجاز الطاعنة لأكثر من مسكن، أو فيما قرره بأن المستأجر ينوب عن المساكنين له فيعتبرون مستأجرين أصليين للعين المؤجرة يكون - أياًًًًً ما كان وجه الرأى فيه - غير منتج. ولا يبطل الحكم بعد ذلك ما اشتمل عليه من تقريرات قانونية خاطئة لا تؤثر فى النتيجة الصحيحة التى انتهى إليها، إذ لهذه المحكمة أن تصحح هذه الأسباب دون أن تنقضه، ومن ثم يكون النعى برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بحصول تجديد ضمنى لعقد إيجار شقة النزع إذ انعقدت الإجارة لمدة سنة اعتباراًًًًً من 19/ 5/ 1959 وقد اتفق على امتداد العقد من سنة إلى أخرى ما لم ينبه أحد الطرفين على الأخر برغبته فى عدم تجديده، ولم يحصل تنبيه من المطعون ضدها الأولى بإنهاء العقد حتى وفاة المستأجر فى 1/ 3/ 1972 فيكون لورثة المستأجر حق الاستمرار فى الانتفاع بالعين المؤجرة طوال المدة الباقية منه، وإذ استمروا فى الانتفاع بها بعد ذلك دون اعتراض من المؤجر فإن عقد الإيجار يكون قد تجدد ضمناًًًًً، بما يحق لها الاستفادة بالامتداد القانونى لهذا العقد، وقد التفت الحكم الابتدائى عن هذا الدفاع الجوهرى الذى يتغير به وجه الرأى فى الدعوى هذا وقد تمسكت بأن المؤجرة تراخت مدة طويلة فى رفع الدعوى مما يفيد التنازل الضمنى عن حقها فى طلب الإخلاء، ورفض الحكم المطعون فيه دفاعها على سند من أنها لا تعلم بوفاة المستأجر وأن التراخى لا يهدر حقها فى طلب الإخلاء خاصة وقد أصدرت المطعون ضدها إيصالات سداد الأجرة باسم المستأجر وأن ذلك لا يفيد الاتفاق على تحديد العقد وهى أسباب غير كافية للرد على دفاعها مما يعيب الحكم أيضاًًًًً بالقصور.
وحيث إن النعى فى شقة الأول غير منتج، ذلك أن عقد إيجار شقة النزاع حرر فى 19/ 5/ 1959 فى ظل أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 وقد نصت المادة الثانية منه على أنه لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان المؤجر ولو عند انتهاء المدة المتفق عليها إلا لأحد الأسباب التى حددتها هذه المادة، وقد سلب هذا النص الأمر المتعلق بالنظام العام حق المؤجر فى إخراج المستأجر بعد انتهاء مدة العقد سواء أكانت المدة هى مدته الأصلية أو الممتدة وفقاًًًًً لأحكام القانون، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن الامتداد القانونى يتحقق بمجرد انتهاء مدة العقد الأصلية ولو كان العقد ينص على أن يمتد لمدة معينة إذا لم يخطر أحد الطرفين الطرف الآخر بعدم رغبته فى الامتداد، ولا يعتبر بقاء المستأجر فى العين المؤجرة بعد انتهاء مدة العقد الاتفاقية تجديداًًًًً ضمنياًًًًً للعقد، وإنما يعتبر العقد بعد انتهاء تلك المدة ممتداًًًًً بقوة القانون لمدة غير محدودة، ولا يتوقف هذا الامتداد على توافق إرادة المتعاقدين صراحة أو ضمناًًًًً، ولا محل فى هذا الصدد لإعمال المادتين 563، 599 من القانون المدنى إذ فقد التنبيه بالإخلاء فائدته المباشرة فى تمكين المؤجرة من إخلاء المستأجر من العين المؤجرة نتيجة حتمية للامتداد القانوني. لما كان ذلك فإن عقد إيجار شقة النزاع يلحقه الامتداد القانونى بعد مضى مدته الأصلية، أى بعد مضى سنة من تحريره حال حياة المستأجر، ومن ثم فإن اغفال الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع غير الجوهرى لا يعيبه بالقصور. لما كان ذلك وكان ما أثارته الطاعنة عن تراخى المطعون ضدها الأولى فى رفع دعوى الإخلاء مدة تزيد على أربع سنوات مما يفيد نزولها الضمنى عن حقها فى طلب الإخلاء، فمردود بما أورده الحكم من أن المؤجرة لا تقيم فى عقار النزاع وأنه ليس ثمة دليل على أنها علمت بوفاة المستأجر بعد وقوعها، وأن تأخرها لا يهدر حقها فى طلب الإخلاء، سيما وأنها أصدرت إيصالات سداد الأجرة باسم المستأجر الأصلى، وهى قرائن سائغة تؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها الحكم ومن ثم يكون النعى عليه بالقصور فى غير محله.
ولما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه.