أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 35 - صـ 2128

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ عبد الحميد المنفلوطى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد زغلول عبد الحميد، منصور وجيه، محمد فؤاد بدر، فهمى الخياط.

(404)
الطعن رقم 614 لسنة 49 القضائية

(1) بيع "مقايضة". بيع "ضمان عدم التعرض".
المقايضة. خضوعها لأحكام البيع بقدر ما تسمح طبيعتها م 485 مدني. مؤدى ذلك الالتزام بضمان عدم التعرض. التزام أبدى يتولد من عقد البيع ولو لم يشهر م 439 مدني.
(2) قسمة. تسجيل.
تسجيل القسمة بين المتقاسمين غير لازم فى العلاقة بينهما - عدم الاحتجاج بها على الغير إلا بالتسجيل.
(3) نقض "السبب المجهل".
خلو سبب النعى من بيان العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره فى قضائه. غير مقبول. علة ذلك م 253 مرافعات.
(4) نقض "السبب الموضوعي".
إثارة دفاع قانونى يخالطه واقع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع غير مقبول.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الأدلة".
التحقق من توافر النيابة عن الخصم وعدم توافرها من سلطة محكمة الموضوع دون رقابة محكمة النقض عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
1 - تنص المادة 485 من التقنين المدنى - على أنه "تسرى على المقايضة أحكام البيع بالقدر الذى تسمح به طبيعة المقايضة، ويعتبر كل من المتقايضين بائعاًًًًً للشيء الذى قايض به. ومشترياًًًًً للشيء الذى قايض عليه" ومن المقرر أن التزام البائع بضمان عدم التعرض للمشترى فى الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه وفقاًًًًً للمادة 439 من التقنين المذكور التزام أبدى يتولد من عقد البيع ولو لم يشهر فيمتنع على البائع التعرض للمشترى لأن من وجب عليه الضمان يحرم عليه التعرض، وعليه فلا يجوز للمتبادل على عقار منازعة المتبادل معه أو ورثته استناداًًًًًًًًًً إلى أن عقد البدل لم يسجل لأن عليه التزاما شخصيا بتمكينه من الانتفاع بهذا العقار، وحيازته حيازة هادئة فينشأ عن عقد البدل بمجرد انعقاده.
2 - جرى قضاء هذه المحكمة أن تسجيل القسمة غير لازم فى العلاقة بين المتقاسمين على ما ينص عليه قانون الشهر العقاري، وذلك على خلاف الغير الذى لا يحتج عليه بها إلا بالتسجيل وأن الطاعن فى هذا الصدد يعد غير من تلقى حقاًًًًً عينياًًًًً على العقار على أساس أنه ما زال مملوكاًًًًً على الشيوع وقام بتسجيله قبل تسجيل سند القسمة ولا يعتبر المستأجر لقدر من عقار شائع غير لأنه صاحب حق شخصي.
3 - أوجبت المادة 253 من قانون المرافعات أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التى بنى عليها الطعن وإلا كان باطلاًًًًً، وإنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفاًًًًً واضحاًًًًً كاشفاًًًًً عن المقصود منها كشفاًًًًً وافياًًًًً نافياًًًًً عنها الغموض والجهالة وبحيث يبين منها العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره فى قضائه ومن ثم فإن كل سبب يراد التحدى به يجب أن يكون مبيناًًًًً بياناًًًًً دقيقاًًًًً وأن يقدم معه لمحكمة النقض بالمستندات الدالة عليه وإلا كان النعى به غير مقبول.
4 - الثابت أن مدونات الحكمين الابتدائى والاستئنافى خلت مما يفيد سبق تمسك الطاعن بدفاعه الوارد بسبب النعي، كما لم يقدم رفق طعنه دليل إثارته لهذا الدفاع القانونى الذى يخالطه واقع أمام محكمة الموضوع فلا يجوز له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - لما كان التحقق من توافر صفة النيابة عن الخصم أو عدم توافرها مسألة موضوعية، وكان الحكم قد نفى هذه الصفة عن المطعون ضده الثانى - بأسباب سائغة وتؤدى عقلاًًًًً إلى المعنى الذى خلص إليه فإن النعى على ذلك لا يعدو أن يكون جدلاًًًًً موضوعياًًًًً تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل فى أن المطعون ضدها الأولى اختصمت الطاعن والمطعون ضدهما الثانى والثالث لدى محكمة طوخ الجزئية فى الدعوى رقم 259 لسنة 974 طالبة الحكم بعدم نفاذ عقد الايجار المبرم تنفيذاًًًًً لقرار لجنة الفصل فى المنازعات الزراعية الصادر بتاريخ 17/ 3/ 1973 فيما يبين الطاعن والمطعون ضده الثاني، وقالت بياناًًًًً لذلك أن والدتها المرحومه .... كانت قد أبرمت مع الطاعن عقد بدل عن مساحة 8 س 4 قيراط مبينة الحدود والمعالم بالصحيفة، وتنفذ العقد من تاريخ إبرامه، وبعد وفاتها قسمت تركتها فاختصت المطعون ضدها الأولى بتلك المساحة المتبادل عليها واستمر والدها المطعون ضده الثانى - يزرعها لحسابها، وإذ فوجئت بقرار من الجمعية الزراعية بناحية منشاة العمار فى 17/ 3/ 1973 بإنشاء علاقة إيجارية عن تلك المساحة بين الطاعن بصفته مستأجراًًًًً والمطعون ضده الثانى بصفته مؤجراًًًًً فى حين أن الأخير لا يملك العين المؤجرة فقد أقامت الدعوى بطلباتها السابقة، ثم عدلت المطعون ضدها طلباتها بإضافة طلب طرد الطاعن والمطعون ضده الثانى من المساحة سالفة البيان والتسليم، وبتاريخ 16/ 4/ 1975 ندبت المحكمة خبيراًًًًً لأداء المهمة المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن أودع الخبير تقريره قضت فى 26/ 10/ 1977 بعدم اختصاصها قيمياًًًًً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة بنها الابتدائية، وقيدت الدعوى لدى تلك المحكمة برقم 2394 لسنة 1977. وبتاريخ 10/ 1/ 1978 حكمت المحكمة بعدم نفاذ عقد الإيجار الصادر من الجمعية الزراعية بناحية منشاة العمار والمسجل برقم 7 بتاريخ 1/ 3/ 1973 فى حق المطعون ضدها الأولى وبطرد الطاعن والمطعون ضده الثانى من الأطيان موضوع العقد وتسليمها إلى المطعون ضدها الأولى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا - مأمورية بنها بالاستئناف المقيد برقم 73 لسنة 11 ق، وبتاريخ 6/ 2/ 1979 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول أن المطعون ضده الثانى يملك أرض النزاع بعقد مسجل، أما عقدا البدل والقسمة اللذان تركن إليهما المطعون ضدها الأولى فى قولها بملكيتها عين النزاع فإنهما لم يسجلا ولا يترتب عليهما لذلك هذا الأثر، وإذ أقام الحكم قضاءه على اعتبارها مالكة للعين بموجبهما فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن المادة 485 من التقنين المدنى نصت على أنه "تسرى على المقايضة أحكام البيع بالقدر الذى تسمح به طبيعة المقايضة، ويعتبر كل من المتقايضين بائعاًًًًً للشيء الذى قايض به ومشترياًًًًً للشيء الذى قايض عليه". ومن المقرر أن التزام البائع بضمان عدم التعرض للمشترى فى الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه وفقاًًًًً للمادة 439 من التقنين المذكور التزام أبدى يتولد من عقد البيع ولو لم يشهر فيمتنع على البائع التعرض للمشترى لأن من وجب عليه الضمان يحرم عليه التعرض، وعليه فلا يجوز للمتبادل على عقار منازعه المتبادل معه أو ورثته استناداًًًًً إلى أن عقد البدل لم يسجل لأن عليه التزاماًًًًً شخصياًًًًً بتمكينه من الانتفاع بهذا العقار وحيازته حيازة هادئة ينشأ عن عقد البدل بمجرد انعقاده، كما وأن قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن تسجيل القسمة غير لازم فى العلاقة بين المتقاسمين على ما ينص عليه قانون الشهر العقارى وذلك على خلاف الغير الذى لا يحتج عليه بها إلا بالتسجيل، وأنه فى هذا الصدد يعد غيراًًًًً من تلقى حقاًًًًً عينياًًًًً على العقار على أساس أنه ما زال مملوكاًًًًً على الشيوع وقام بتسجيله قبل تسجيل سند القسمة، ولا يعتبر المستأجر لقدر من عقار شائع من ثم غيرا لأنه صاحب حق شخصي، لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه أن أرض النزاع آلت إلى والده المطعون ضدها الأولى بموجب عقد بدل عرفى محرر بينها وبين الطاعن، فلما توفيت تقاسم ورثتها ومنهم المطعون ضدها المذكورة تركتها وتحرر بينهم عقد مؤرخ 26/ 6/ 1967 اختصت هى فيه بالأرض المذكورة، فإنه لا يحق للطاعن منازعتها فى انتفاعها بها بمقولة أن عقد البدل لم يسجل لأنه كان طرفاًًًًً فيه وعليه التزام للمتبادلة معه وورثتها من بعدها بعدم التعرض فى العين ناشئ عن عقد البدل، كما لا يجوز له الاحتجاج قبلها بأن عقد القسمة الذى اختصت فيه بقدر النزاع لم يسجل لأنه لا يستند فى منازعته لها إلى حق عينى بل إلى حق شخصى هو عقد الإيجار الذى يدعيه، ولما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون فيما انتهى إليه من رفض دفاع الطاعن المؤسس على أن عقدى البدل والقسمة لم يسجلا قد صادف صحيح القانون، ويكون هذا السبب للطعن غير قائم على أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثانى للطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول أن المطعون ضدها الأولى ابنة المطعون ضده الثانى ومن شأن تلك العلاقة أن تمكنها من اصطناع ما شاء من المستندات وعلى ذلك فلا يجوز أن يحتج على الطاعن بما أنشأ بينهما من المحررات العرفية ولو اتسمت بطابع الجدية طالما لم يتم تسجيلها.
وحيث عن هذا النعى غير مقبول، ذلك أن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التى بنى عليها الطعن وإلا كان باطلاًًًًً إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفاًًًًً واضحاًًًًً كاشفاًًًًً عن المقصود منها كشفاًًًًً وافياًًًًً نافياًًًًً عنها الغموض والجهالة وبحيث يبين فيها العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضوعه منه وأثره فى قضائه، ومن ثم فإن كل سبب يراد التحدى به يجب أن يكون مبيناًًًًً بياناًًًًً دقيقاًًًًً، وإن تقدم معه لمحكمة النقض المستندات الدالة عليه وإلا كان النعى غير مقبول، لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يبين فى سبب النعى المستندات التى يرميها بالصورية وما كان لها من أثر فى قضاء الحكم المطعون فيه فإن النعى بهذا السبب يكون قاصر البيان مجهلا.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول أنه مع افتراض أن عقد بدل منتجا لآثاره قد تم بين المطعون ضدهما الأولى والثانى عن أرض النزاع فإن الاثنين أقرا بأن هذه الأرض لم تنتقل حيازتها من الأخير ومكث يحوزها على نحو يظهره بمظهر المالك لها، فإذا تعامل والآخرون من حسنى النية معه على هذا الأساس فلا يجوز أن يضاروا بما يناقض ذلك من مستندات عرفية غير مسجلة.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول، ذلك أن مدونات الحكمين الابتدائى والاستئنافى خلت مما يفيد سبق تمسك الطاعن بدفاعه الوارد بسبب النعى كما لم يقدم الطاعن رفق طعنه دليل إثارته لهذا الدفاع القانونى الذى يخالطه واقع أمام محكمة الموضوع فلا يجوز له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع للطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول أن المطعون ضده الثانى هو الولى الطبيعى على المطعون ضدها الأولى ولذلك ينفذ عقد الإيجار الذى أبرمه على الأرض فى حقها بفرض ملكيتها لها.... ولو وصفه خطأ بأنه كان وصياًًًًً عليها.
وحيث إن هذا النعى مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد ورد على دفاع الطاعن أن المطعون ضده الثانى أبرم عقد الإيجار بصفته وصياًًًًً على المطعون ضدها الأولى بقوله ".... هذا الادعاء مردود بأمرين أحدهما أن الوالد ولى طبيعى وليس وصياًًًًً وتنقضى هذه الولاية ببلوغ الابن أو البنت سن الرشد ولم يقدم المستأنف - الطاعن - ما يدل على أن المستأنف عليها الأولى - المطعون ضدها الأولى - لم تبلغ هذه السن، أو تاريخ بلوغها حتى يبين ما إذا كان والدها حين أجر له أرض التداعى كانت ولايته قائمة أم أن هذه الولاية كانت قد زالت وبالتالى فإنه لا يكون فى الأوراق ثمة تاريخ على أن التأجير كان حاصلا ممن يملكه، وأخرها أنه لو صح أنه عند التأجير كان المستأنف عليه الثانى - المطعون ضده الثانى - ولياًًًًً على المستأنف عليها الاولى - المطعون ضدها الأولى - فإن هذه الصفة لم تذكر فى العقد.... ولما كان ذلك، وكان التحقق من توافر صفة النيابة عن الخصم أو عدم توافرها مسألة موضوعية، وكان الحكم قد نفى هذه الصفة عن المطعون ضده الثانى بأسباب سائغة وتؤدى عقلا إلى المعنى الذى خلص إليه فإن النعى على ذلك لا يعدو أن يكون جدلاًًًًً موضوعياًًًًً تنحسر عنه رقابة محكمة النقض، ويكون النعى بهذا السبب على غير اساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.