أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 24 - صـ 1305

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن أبو الفتوح الشربينى، وإبراهيم أحمد الديوانى، وحسن على المغربى.

(266)
الطعن رقم 1154 لسنة 43 القضائية

(1 و2) أسباب الإباحة. "الدفاع الشرعى". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(1) التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعى. متى تلتزم المحكمة بالرد عليه: إذا كان جديا وصريحا، أو تكون الواقعة كما أثبتها الحكم ترشح لقيام هذه الحالة. مثال لدفاع غير جدى حول قيامها.
(2) تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام تلك الحالة أو انتفاؤها. موضوعي.
(3 و4) إثبات. "شهود". "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(3) إيراد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين القولى والفنى غير لازم. ما دام ما اورده فى مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع.
(4) التفات المحكمة عن الرد على ما أثاره الطاعن من احتمال إصابة المجنى عليه من شخص آخر. دفاع موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً من المحكمة.
1 - من المقرر أن التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعى يجب - حتى تلتزم المحكمة بالرد عليه - أن يكون جديا وصريحا أو أن تكون الواقعة كما أثبتها الحكم ترشح لقيام هذه الحالة، وكان ما ورد على لسان الطاعن "أنا مضروب أربع سكاكين" لا يفيد التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعى ولا يفيد دفعاً جدياً حتى تلتزم المحكمة بالرد عليه فلا يحق للطاعن أن يطالب المحكمة بأن تتحدث فى حكمها بإدانته عن انتفاء هذه الحالة لديه ما دامت لم تر من جانبها بعد تحقيق الدعوى قيام هذه الحالة.
2 - إن تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى، للمحكمة الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التى رتبت عليها. ولما كان الثابت من الحكم أن الطاعن تشاجر مع المجنى عليه يوم الحادث وبعد فض المشاجرة، ولما أراد المجنى عليه الانصراف طعنه الطاعن بسكين فى ذراعه الأيمن فأحدث به الإصابة التى نشأت عنها العاهة، فهذا الذى قاله الحكم ينفى حالة الدفاع الشرعى كما هى معرفة به فى القانون.
3 - ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين القولى والفنى ما دام ما أورده فى مدوناته تضمن الرد على ذلك الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من ادلة الثبوت التى أوردها الحكم.
4 - إن ما ينعاه الطاعن من التفات المحكمة عن الرد على ما أثاره من احتمال إصابة المجنى عليه من شخص آخر مردود بأن هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى، ومن ثم فهو لا يستوجب رداً صريحاً من المحكمة اكتفاء بقضائها بالإدانة للأسباب السائغة التى استندت إليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 28 نوفمبر سنة 1966 بناحية قسم شبرا الخيمة محافظة القليوبية: ضرب ...... بآلة حادة (سكين) فى كتفه من الخلف فأحدث به الإصابة الواردة بالتقرير الطبى والتى تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى بتر ذراعه الأيمن. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات. فقرر ذلك فى 23 يونيه سنة 1970، ومحكمة جنايات بنها قضت حضوريا بتاريخ 23 أبريل سنة 1973 عملاً بمادة الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب الذى نشأت عنه عاهة مستديمة قد شابه قصور فى التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن أقوال الطاعن فى التحقيقات وبالجلسة ترشح لقيام حالة الدفاع الشرعى عن النفس بيد أن الحكم لم يعرض لهذه الاقوال ولم يقل كلمته فيها كما أنه عول فى قضائه على ما قرره المجنى عليه من أن الطاعن ضربه بسكين فى ذراعه فى حين أن التقرير الطبى الابتدائى أثبت أن إصابته رضية وأنها بالكتف لا بالذراع، ولم يعن الحكم برفع هذا التناقض بين الدليلين القولى والفني، هذا إلى أنه أغفل مناقشة دفاع الطاعن المبنى على احتمال حدوث إصابة المجنى عليه من شخص آخر، وهذا كله مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عن الطاعن لم يدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي، وأن كل ما ذكره الطاعن لدى سؤاله عن التهمة المسندة إليه قوله: "أنا مضروب أربع سكاكين" دون أن يشير هو أو المدافع عنه إلى توافر تلك الحالة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التمسك بقيام الدفاع الشرعى يجب - حتى تلتزم المحكمة بالرد عليه - أن يكون جدياً وصريحاً أو أن تكون الواقعة كما أثبتها الحكم ترشح لقيام هذه الحالة، وكان ما ورد على لسان الطاعن فيما سلف بيانه لا يفيد التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي، ولا يفيد دفعاً جدياً حتى تلتزم المحكمة بالرد عليه فلا يحق للطاعن أن يطالب المحكمة بأن تتحدث فى حكمها بإدانته عن انتفاء هذه الحالة لديه ما دامت هى لم تر من جانبها بعد تحقيق الدعوى قيام هذه الحالة. لما كان ذلك، وكان تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعى أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤديه إلى النتيجة التى رتبت عليها. وكان الثابت من الحكم أن الطاعن تشاجر مع المجنى عليه يوم الحادث وبعد فض المشاجرة، ولما أراد المجنى عليه الانصراف طعنه الطاعن بسكين فى ذراعه الأيمن فأحدث به الإصابة التى نشأت عنها العاهة، فهذا الذى قاله الحكم ينفى حالة الدفاع الشرعى كما هى معرفة به فى القانون - لما كان ذلك، وكان الحكم قد ساق على ثبوت الواقعة على هذه الصورة فى حق الطاعن أدلة من بينها أقوال المجنى عليه فى التحقيقات ومما ثبت من التقارير الطبية، وأورد فى تحصيله لأقوال المجنى عليه فى التحقيقات بأن الطاعن اعتدى عليه بسكين فى كتفه الأيمن فأحدث به الإصابة التى ترتب عنها بتر الذراع الأيمن، ونقل عن أوراق علاج المجنى عليه بمستشفى شبرا الخيمة أنه كان مصاباً بجرح طعنى بالكتف الأيمن مع شلل بالساعد الأيمن واليد اليمنى وأن الجرح تلوث وقطع الساعد المذكور، كما نقل عن تقرير الطبيب الشرعى أن جرح البتر بالطرف العلوى الايمن اسفل العضد قد التأم - ولما كان الطاعن لا يجادل فى صحة ما حصله الحكم من الادلة التى أقام عليها قضاءه وكانت أقوال المجنى عليه كما أوردها الحكم لا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله عن التقارير الطبية - مما تنتفى معه دعوى قيام التناقض بين الأدلة التى أخذ بها الحكم، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين القولى والفنى ما دام ما اورده فى مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع. إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن من التفات المحكمة عن الرد على ما أثاره من احتمال إصابة المجنى عليه من شخص آخر مردودا بأن هذا الدفاع يتعلق بموضوع الدعوى ومن ثم فهو لا يستوجب ردا صريحا من المحكمة اكتفاء بقضائها بالإدانة للأسباب السائغة التى استندت إليها. ولما كانت المحكمة قد بينت الواقعة واقامت قضاءها على أدلة منتجة اقتنع بها وجدانها فلا تجوز مصادرتها فى اعتقادها ولا المجادلة فى تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.