أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 35 - صـ 2169

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ محمود حسن رمضان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد كمال سالم نائب رئيس المحكمة، محمد رأفت خفاجى، الحسينى الكنانى ومحمد فؤاد شرباس.

(411)
الطعن رقم 808 لسنة 49 القضائية

(1 - 6) إيجار الأماكن "الجدك" بيع "بيع الجدك" "الضرورة الملجئة". محكمة الموضوع. إثبات.
1 - بيع المصنع أو المتجر. استثناء من الأصل المقرر يحظر التنازل عن الايجار.
2 - المتجر فى معنى المادة 594 مدني. مقوماته. المقومات المعنوية هى العنصر الرئيسى. تحديد عناصره. من سلطة محكمة الموضوع.
3 - خلو المادة 594/ 2 مدنى من ضابط يستهدى به فى تحديد الضرورة الملجئة لبيع المتجر أو المصنع. لمحكمة الموضوع سلطة تقديرها. ما دام استخلاصها سائغاًًًًً.
4 - الضرورة الملجئة لبيع المتجر أو المصنع. ماهيتها. عدم رقيها إلى حد القوة القاهرة.
5 - الضمان الكافى الذى أوجبت المادة 594/ 2 مدنى أن يقدمه مشترى الجدك. خضوعه لتقدير قاضى الموضوع.
6 - الضرر المحقق الذى يلحق بالمؤجر من جراء التنازل عن الإيجار. عبء إثابته. على عاتق المؤجر.
(7) دعوى "تقديم المستندات والمذكرات". حكم "ما لا يعد قصوراًًًًً".
حجز الدعوى للحكم. أثره. انقطاع صلة الخصوم بها إلا بالقدر الذى تصرح به المحكمة. إبداء دفاع أو سماع أى منهم فى غيبة الأخر. أثره. بطلان الحكم.
(8) استئناف. تجزئة. حكم "الطعن فى الحكم".
استئناف الحكم من بعض المحكوم عليهم فى نزاع غير قابل للتجزئة. عدم تقيد المحكمة بالحكم الابتدائى الذى لم يستأنفه باقى المحكوم عليهم.
1 - يدل نص المادة 594/ 2 من القانون المدنى - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة على أن القانون اباح للمستأجر أن يتنازل عن الإيجار لغيره، بالرغم من وجود الشرط المانع، إذا كان العقار المؤجر قد أنشئ به مصنع أو متجر، متى توافرت الشروط المبينة فيه.
المتجر فى معنى تلك المادة يشمل جميع عناصره من ثابت ومنقول ومقومات مادية ومعنوية، ولئن كانت هذه المقومات المعنوية هى عماد فكرته، وأهم عناصره إلا أنه لا يلزم توافرها جميعاًًًًً لتكوينه. وتحديد هذه العناصر من سلطة محكمة الموضوع.
3 - المشرع لم يضع فى تلك المادة ضابطاًًًًً يستهدى به فى تحديد الضرورة الملجئة لبيع المتجر أو المصنع، والتى يترتب على توافرها الإبقاء على الإجارة لصالح المشتري، رغم هذا الشرط المانع، بل ترك أمر تقديرها لمحكمة الموضوع تستخلصها من ظروف البيع والدوافع التى حفزت إليه، بشرط أن يكون استخلاصها سائغاًًًًً.
4 - الضرورة هى تلك التى تضع حداًًًًً لنوع النشاط الذى كان يزاوله المستأجر فى العين المؤجرة، ولا يشترط فيها أن ترقى إلى حد القوة القاهرة التى لا سبيل إلى دفعها أو تلافى نتائجها، دون اعتداد بما إذا كانت الظروف التى أدت إلى هذه الحالة خارجة عن إرادة المستأجر أو بسبب منه طالما توافرت الاسباب الاضطرارية.
5 - لقاضى الموضوع تقدير ضرورة الضمان الذى يقدمه المشترى وكفايته.
6 - المؤجر هو المكلف قانونا بإثبات أن ضررا محققا قد لحق به من جراء التنازل عن الإيجار.
7 - المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن مفاد المادة 168 من قانون المرافعات أنه متى انعقدت الخصومة أمام المحكمة بإعلان الخصوم على الوجه المنصوص عليه فى قانون المرافعات واستوفى كل خصم دفاعه، وحجزت المحكمة الدعوى للحكم انقطعت صلة الخصوم بها. ولم يبق لهم اتصالا بها إلا بالقدر الذى تصرح به المحكمة، وتصبح القضية فى هذه المرحلة - مرحلة المداولة وإصدار الحكم بين يدى المحكمة لبحثها والمداولة فيها، ويمتنع على الخصوم إبداء أى دفاع، كما يحرم الاستماع إلى أحد منهم فى غيبة الآخر، وإلا كان الحكم باطلاًًًًً.
8 - المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه إذا انفرد بعض المحكوم عليهم باستئناف الحكم إذا كان موضوع النزاع غير قابل للتجزئة، فإن المستأنفين يستفيدون من استئنافهم. ويجب على محكمة الاستئناف أن تفصل فيه غير مقيدة بالحكم الابتدائى الذى لم يستأنفه باقى المحكوم عليهم، وإذ كان الثابت أن المستأنفة "المطعون ضدها الأولى" قد استأنفت حكم محكمة الدرجة الأولى القاضى بالاخلاء والتسليم. وأدخلت باقى المحكوم عليهم فيه، وكان موضوع النزاع غير قابل للتجزئة فإن الحكم المطعون فيه إذ فصل فى الاستئناف غير مقيد بالحكم الابتدائى فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 398 سنة 1977 مدنى كلى الإسكندرية بطلب الحكم بإخلاء "الجراج" المبين بصحيفة الدعوى وعقد الإيجار المؤرخ 24/ 3/ 1975 وتسليمه خالياًًًًً، وقال بياناًًًًً لدعواه أن المطعون ضدهما الثانى والثالث استأجرا منه هذا الجراج بمقتضى العقد سالف الذكر، وإذ تنازلا عنه........ بغير إذن كتابى صريح منه بالمخالفة لشروط عقد الإيجار وأحكام قانون إيجار الأماكن فقد أقام الدعوى. دفع الأخير بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة، فاختصم الطاعن المطعون ضدها الاولى باعتبارها مشترية "الجراج" أجابت المطعون ضدها الأولى بشرائها الجراج جدكاًًًًً من المطعون ضدهما الثانى والثالث بموجب عقد مؤرخ 27/ 1/ 1977 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهم أن عين النزاع تتوافر لها جميع مقومات المحل التجارى المادية والمعنوية من أدوات واسم تجارى وشهرة وعملاء، وأن المطعون ضدها الأولى اشترتها بهذه الصفة، وأن المطعون ضدهما الثانى والثالث كانا مضطرين إلى هذا البيع، وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت بتاريخ 25/ 4/ 1978 بالإخلاء والتسليم استأنفت المطعون ضدها الأولى ووالدها....... هذا الحكم بالاستئناف رقم 469 لسنة 34 ق إسكندرية، وبتاريخ 27/ 1/ 1979 قضت محكمة الاستئناف أولاًًًًً: بعدم جواز الاستئناف المرفوع من........ ثانياًًًًً: بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضدها الأولى. طعن الطاعن فى "الشق الثاني" من هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن. وإذ عرض على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب. ينعى الطاعن بالسببين الأول والثانى منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه، وفى بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على أن البيع الحاصل من المطعون ضدهما الثانى والثالث للمطعون ضدها الأولى فى 27/ 1/ 1977 قد توافرت فيه شروط بيع الجدك فى حين أن هذه الشروط غير متوافرة لأن الجراج لا يعد متجراًًًًً فى حكم المادة 594/ 2 من القانون المدني، كما أن الضرورة الملجئة للبيع غير متوافرة بالنسبة للمطعون ضدهما الثانى والثالث، هذا وقد ذهب الحكم إلى أن أوراق الدعوى لم تسفر عن عدم توافر شرطى الضرر والتأمينات، وأن الأصل المفترض من توافر التأمينات، وانتفاء الضرر، إلى أن يثبت العكس، فى حين أن الصحيح فى القانون هو أن يثبت المتمسك بيع الجدك تقديمه التأمينات الكافية، مما يعيب الحكم بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أن النص فى المادة 594/ 2 من القانون المدنى على أنه "ومع ذلك إذا كان الأمر خاصاًًًًً بايجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر جاز للمحكوم بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضى بإبقاء الإيجار إذا قدم المشترى ضماناًًًًً كافياًًًًً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق" يدل وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة على أن القانون أباح للمستأجر أن يتنازل عن الإيجار لغيره، بالرغم من وجود الشرط المانع، وإذا كان العقار المؤجر قد أنشئ به مصنع أو متجر، متى توافرت الشروط المبينة فيه، وكان المتجر فى معنى تلك المادة يشمل جميع عناصره من ثابت ومنقول ومقومات مادية ومعنوية ولئن كانت هذه المقومات المعنوية هى عماد فكرته، وأهم عناصره إلا أنه لا يلزم توافرها جميعاًًًًً لتكوينه، وتحديد هذه العناصر سلطة محكمة الموضوع، وكان المشرع لم يضع فى تلك المادة ضابطاًًًًً يستهدى به فى تحديد الضرورة الملجئة لبيع المتجر أو المصنع والتى يترتب على توافرها الإبقاء على الإجارة لصالح المشتري، رغم هذا الشرط المانع، بل ترك أمر تقديرها لمحكمة الموضوع، تستخلصها من ظروف البيع والدوافع التى حفزت إليه، يشترط أن يكون استخلاصها سائغاًًًًً، وكانت الضرورة هى تلك التى تضع حداًًًًً لنوع النشاط الذى كان يزاوله المستأجر فى العين المؤجرة، ولا يشترط فيها أن ترقى إلى حد القوة القاهرة التى لا سبيل إلى رفعها أو تلافى نتائجها، دون اعتداد بما إذا كانت الظروف التى أدت إلى هذه الحالة خارجة عن إرادة المستأجر أو بسبب منه طالما توافرت الأسباب الاضطرارية، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى على ما قدره من أن ".... يتجلى من العقد المؤرخ 24/ 3/ 1975 ومن مضمون عقد البيع الصادر للمستأنف عليهما الثانى والثالث فى 19/ 2/ 1974 ومن مثيله الصادر منهما للمستأنفة - المطعون ضدها الأولى - فى 27/ 1/ 1977 ومن البطاقة الضريبية رقم 34 (مستندات 1، 2، 3، 8 من الحافظة 16 محكمة أول درجة) أن البيع المعنى يتصل بمحل تجاري.....، وبالنسبة لشرطى الضرر والتأمينات فإن أوراق الدعوى لم تسفر عما يناقضهما، كما أن المدعى "الطاعن" ذاته لم يجيبا وبنفى شرط الضرر وهو محل الخصومة يجيزه الحكم المستأنف والثابت فى هذه الخصومة من كتاب شركة النيل العامة للنقل المباشر المؤرخ 10/ 8/ 1977 ومن كتاب هيئة قناة السويس المؤرخ 10/ 8/ 1977 (المستندين 4، 5 من الحافظة المشار إليها آنفاًًًًً) أن المستأنف عليه الثانى "المطعون ضده الثاني" وهو أول البائعين قد عين فى تلك الشركة فى 23/ 10/ 1975 وأن المستأنف عليه الثالث "المطعون ضده الثالث" ثالث البائعين قد ألحق بالعمل ببور سعيد فى 25/ 5/ 1975 أى أن كلاهما بعد شرائه لمحل النزاع، وقبل بيعهما إياه للمستأنفة قد التحقا بوظائف عامة تحرم عليهما قانوناًًًًً الاشتغال بالتجارة،.... وهو ما يكفى قانوناًًًًً لحمل الضروره الملجئة للبيع...، وهو استخلاص سائغ فى حدود سلطة المحكمة الموضوعية على اعتبار أن بيع الجراج محل النزاع قد ورد على محل تجارى توافرت له مقوماته المادية والمعنوية وعلى توافر الضرورة الملجئة لهذا البيع بالتحاق البائعين بوظائف عامة تحرم عليهما القيام بمثل هذا النشاط ويؤدى هذا الاستخلاص إلى النتيجة التى انتهى إليها ويكفى لحمل قضاء الحكم. لما كان ما تقدم وكان لقاضى الموضوع تقدير ضرورة الضمان الذى يقدمه المشترى وكفايته وكان المؤجر هو المكلف قانونا بإثبات أن ضرراًًًًً محققاًًًًً قد لحق به من جراء التنازل عن الإيجار، فإن النعى على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه، يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعى بالسبب الثالث القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الطاعن تقدم بمذكره فى فترة حجز الاستئناف للحكم سلمت إلى خصمه ضمنها رده على أسباب الاستئناف، ولعدم توافر الضرورة الملجئة للبيع - إلا أن الحكم استبعدها لورودها بعد الميعاد وأورد بأن طرفى الدعوى لم يقدما ثمة مذكرات مما يعيب الحكم بالقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن مفاد المادة 168 من قانون المرافعات أنه متى انعقدت الخصومة أمام المحكمة بإعلان الخصوم على الوجه المنصوص عليه فى قانون المرافعات واستوفى كل خصم دفاعه، وحجزت المحكمة الدعوى للحكم انقطعت صلة الخصوم بها، ولم يبق لهم اتصالاًًًًً بها إلا بالقدر الذى تصرح به المحكمة، وتصبح القضية فى هذه المرحلة، مرحلة المداولة وإصدار الحكم - بين يدى المحكمة لبحثها والمداولة فيها، ويمتنع على الخصوم إبداء أى دفاع كما يحرم الاستماع إلى أحد منهم فى غيبة الآخر، وإلا كان الحكم باطلاًًًًً، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن محكمة الاستئناف قد استبعدت مذكرة الطاعن المقدمة فى فترة حجز الاستئناف للحكم أوردها بعد الميعاد الذى حددته لتقديم مذكرات، فإن الاستبعاد يكون قد تم إعمالاًًًًً لحكم المادة 168 سالفة الذكر، ويكون النعى على الحكم بهذا السبب فى غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيقه القانون، وفى بيان ذلك يقول أن حكم محكمة الدرجة الأولى قد صار بإخلاء المطعون ضدهم، ولم يطعن على هذا الحكم بالاستئناف إلا المطعون ضدها الأولى وصار نهائيا بالنسبة للمطعون ضدهما الثانى والثالث، ولما كانت المطعون ضدها الأولى تستمد حقها من الأخيرين كمتنازل إليها فإن فسخ الإجارة الأصلية لمخالفته شروطها يستتبع بطلان التنازل الحاصل للمطعون ضدها.
وحيث إن النعى غير سديد، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه إذا انفرد بعض المحكوم عليهم باستئناف الحكم إذا كان موضوع النزاع غير قابل للتجزئة فإن المستأنفين يستفيدون من استئنافهم، ويجب على محكمة الاستئناف أن تفصل فيه غير مقيدة بالحكم الابتدائى الذى لم يستأنفه باقى المحكوم عليهم، وإذ كان الثابت أن المستأنفة "المطعون ضدها الأولى" قد استأنفت حكم محكمة الدرجة الأولى القاضى بالإخلاء والتسليم، وأدخلت باقى المحكوم عليهم فيه، وكان موضوع النزاع غير قابل للتجزئة فإن الحكم المطعون فيه إذ فصل فى الاستئناف غير مقيد بالحكم الابتدائى فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعى عليه بالخطأ فى تطبيق القانون على غير أساس.