أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 17 - صـ 925

جلسة 4 من أكتوبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي, نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد محمد محفوظ، ومحمود العمراوي، ومحمود كامل عطيفة.

(170)
الطعن رقم 1193 لسنة 36 القضائية

قتل عمد. "قتل مرتبط بجنحة". عقوبة. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
شرط استحقاق العقوبة المنصوص عليها في المادة 234/ 3 عقوبات: وقوع القتل لأحد المقاصد المبينة بها ومن بينها التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل. على محكمة الموضوع في حالة ارتباط القتل بجنحة سرقة أن تبين غرض المتهم من القتل وأن تقيم الدليل على توافر رابطة السببية بين القتل والسرقة.
تستوجب المادة 234/ 3 من قانون العقوبات لاستحقاق العقوبة المنصوص عليها فيها أن يقع القتل لأحد المقاصد المبينة بها ومن بينها التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل. ومن ثم يتعين على محكمة الموضوع في حالة ارتباط القتل بجنحة سرقة أن تبين غرض المتهم من القتل وأن تقيم الدليل على توافر رابطة السببية بين القتل والسرقة. ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه من أن جريمة القتل ارتكبت بقصد السرقة مشوبا بالخطأ في الإسناد ومخالفا للثابت في الأوراق، إذ استند إلى أقوال لم يقلها الشاهد وإلى اعتراف لم يصدر من الطاعن، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه والإحالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 4 يونيه سنة 1965 بدائرة قسم شبرا الخيمة محافظة القليوبية: قتل فريال عبد الله سنه عمدا بأن ضغط على عنقها قاصدا قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أدت إلى وفاتها باسفسكيا الخنق، وكان ذلك بقصد سرقة الحلي المبينة وصفا وقيمة بالمحضر للمجني عليها سالفة الذكر وتم له بذلك سرقتها في منزله المسكون الأمر المنطبق على المادة 317/ 1 من قانون العقوبات. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للمادة 234/ 3 من قانون العقوبات. فقرر ذلك، ومحكمة جنايات بنها بعد أن أحالت أوراق المتهم إلى مفتي الجمهورية المتحدة قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض في... ثم قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن قدم الأسباب التي بنى عليها الطعن موقعا عليها من الأستاذ محمد رشاد سالم المحامي وهو غير مقبول أمام محكمة النقض على ما يبين من إفادة نقابة المحامين المرفقة بالأوراق والمؤرخة 10 من سبتمبر سنة 1966. ولما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنص على أنه إذا كان الطعن مرفوعا من غير النيابة فيجب أن يوقع أسبابه محام مقبول أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلا.
وحيث إن النيابة العامة عرضت القضية على هذه المحكمة طبقا لما هو مقرر بالمادة 46 من القانون سالف الذكر وقدمت مذكرة برأيها في الحكم، في الميعاد المبين بالمادة 34 وطلبت نقض الحكم والإحالة وبنت ذلك على أن الحكم المطعون فيه استند في إدانة الطاعن إلى أقوال الضابط حسني العشري بأنه ثبت له من تحرياته أن القتل ارتكب بقصد السرقة وعلى أن الطاعن اعترف في تحقيقات النيابة بذلك في حين أن ما ذكره الحكم من ذلك يخالف الثابت في الأوراق عن واقعة الدعوى وينطوي على خطأ فيما أسنده إلى هذا الشاهد وإلى الطاعن من أقوال.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما يجمل في أن الطاعن ذهب إلى منزل المجني عليها وسلمها طعاما لطهيه وإذ شاهدها تتحلى بأساور وقرط من ذهب اعتزم سلبها تلك الحلي ولما عادت إلى منزله حاملة له طعامه أمسكها من يدها لينتزع حليها إلا أنها قاومته وحاولت الاستغاثة فكتم أنفاسها وطوق عنقها بيده اليسرى وضغط على رقبتها بكل قوته قاصدا من ذلك إزهاق روحها حتى يسهل عليه سرقة حليها ولما أصبحت في حالة احتضار أسقطها على أرض الحجرة فأصيبت بجرح حيوي في رأسها وفاضت روحها فأسرع إلى تجريدها من أساورها. وانتهت المحكمة إلى إدانة الطاعن بجريمة القتل العمد بقصد السرقة وطبقت في حقه الفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات. واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال الرائد حسني العشري في تحقيقات النيابة واعتراف الطاعن فيها بارتكاب الحادث على هذه الصورة وأورد أقوال الشاهد في أنه قرر "أنه ثبت له من تحرياته أن المجني عليها ذهبت إلى منزل الطاعن ومعها طعام له فسولت له نفسه أن يسرق مصوغاتها فخنقها واختلس حليها وأنه واجه الطاعن بتحرياته فاعترف له تفصيلا بارتكاب الحادث وإخفاء الحلي بأرض فضاء بنقطة المرج محل عمله" ثم استطرد الحكم فقال "أن المتهم اعترف بتحقيقات النيابة بقتل المجني عليها تسهيلا لارتكاب سرقة حليها".
وحيث إنه من الاطلاع على المفردات المضمومة إلى ملف الطعن أنه بتاريخ 5 يونيه سنة 1965 حرر الرائد حسني العشري رئيس مباحث القليوبية محضرا أثبت فيه أنه تلقى إشارة من بندر شبرا بوقوع الحادث وأنه ثبت له من تحرياته أن الطاعن سولت له نفسه الاعتداء على عفاف المجني عليها فراودها عن نفسها فلما أبت وحاولت الاستغاثة قام بخنقها وأثناء مقاومتها سقطت على الأرض فأصيبت بجرح في رأسها ثم قام بنزع أساورها وقرطها وأخفاها بالحجرة حتى يتحين فرصة للتخلص منها. وإذ سئل هذا الشاهد في تحقيقات النيابة - عما أثبته في هذا المحضر قال أنه عندما واجه المتهم بهذه التحريات اعترف له بارتكاب الحادث. كما تبين من تلك التحقيقات أن الطاعن بعد أن أنكر ارتكابه الحادث قرر في المحضر المؤرخ 7 يونيه سنة 1965 أنه بعد أن حضرت المجني عليها إلى حجرته طلب منها أن تعطيه زوجا من الأساور الذهبية التي تتحلى بها لحاجته إليها وأنه إذ بدأ يكلمها في ذلك ممسكا بيدها ليتحايل عليها حاولت أن تصرخ فوضع يده على فمها خوفا من أن يسمع أحد صراخها ثم وضع يده الثانية على رقبتها ثم لاحظ أنها تحتضر بين يديه ورآها تسقط على بلاط الحجرة وأصيبت بجرح في رأسها. وإذ استوضحت النيابة الطبيب الشرعي فيما ذكره الطاعن عن تصويره للحادث على هذا النحو أثبت الطبيب الشرعي في تقريره المؤرخ 13 يوليه سنة 1965 "أنه لا يوجد فنيا ما ينفي إصابة رأس المجني عليها عند سقوطها على الأرض قبل وفاتها وبالتالي حدوث وفاتها بالتصوير الوارد بمذكرة النيابة". لما كان ذلك، وكانت المادة 234/ 3 من قانون العقوبات تستوجب لاستحقاق العقوبة المنصوص عليها فيها أن يقع القتل لأحد المقاصد المبينة بها ومن بينها التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل. وكان يتعين على محكمة الموضوع في حالة ارتباط القتل بجنحة سرقة أن تبين غرض المتهم من القتل وأن تقيم الدليل على توافر رابطة السببية بين القتل والسرقة. لما كان ما تقدم، وكان ما أورده الحكم من أن جريمة القتل ارتكبت بقصد السرقة مشوبا بالخطأ في الإسناد ومخالفا للثابت في الأوراق إذ استند إلى أقوال لم يقلها الشاهد وإلى اعتراف لم يصدر من الطاعن. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون معيبا بما يستوجب نقضه والإحالة.