أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 35 - صـ 2249

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ محمود حسن رمضان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / أحمد كمال سالم نائب رئيس المحكمة، محمد رأفت خفاجى، محمد فؤاد شرباش ودكتور محمد فتحى نجيب.

(426)
الطعن رقم 841 لسنة 49 القضائية

(1) إعلان "الإعلان فى  الموطن الأصلي".
إعلان الخصم فى موطنه الأصلي. صحيح ولو كان يقيم بالخارج.
(2) نقض "أسباب الطعن".
أسباب الطعن بالنقض. وجوب تعريفها واضحاً نافياً عنها الغموض والجهالة. عدم بيان سبب النعى بيانا دقيقا وعدم تحديده الرقابة الموضوعية والقانونية التى قصر الحكم فى اتخاذها. نعى مجهل غير مقبول.
(3) إيجار "إيجار الأماكن - بعض أنواع الإيجار".
ثبوت أن المقصود من الإجارة ليس المبنى فى ذاته، وإنما ما اشتمل عليه من أدوات وآلات وأن المبنى ليس إلا عنصرا ثانويا. عدم خضوع العقد لقوانين إيجار الأماكن.
(4) إيجار "انتهاء العقد" "تفسير العقد".
مبدأ سلطان الإرادة. مؤداه. الامتناع عن نقض العقد أو انتهائه أو تعديله على غير مقتضى شروطه. التزام الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه بعبارات العقد وعدم الخروج عن مدلولها. صحيح فى القانون.
1 - من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن إعلان - الخصم - يصح فى موطنه الأصلى فى مصر، ولو كان يقيم فى الخارج، وإذ كان الثابت من الاطلاع على صورة صحيفة افتتاح الدعوى أن الطاعن أعلن فى محل إقامته 16 شارع عين شمس الشرقية أمام مسجد الشيخ منصور، وقد سلم الإعلان لمأمور قسم المطرية لعدم وجود من يستلم الإعلان بمحل إقامته، وكان الثابت من الاطلاع على صورة صحيفة استئناف الطاعن أن محل إقامته هو نفس المحل الذى أعلن فيه بصحيفة افتتاح الدعوى، فإن الإعلان يكون قد تم صحيحاً طبقاً للقانون.
2 - المادة 253 من قانون المرافعات أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التى بنى عليها الطعن وإلا كان باطلا، وقد قصدت بهذا البيان - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفا وافيا نافيا عنها الغموض والجهالة، وبحيث يبين منها العيب الذى ينسبه إلى الحكم وموضعه منه وأثره فى قضائه، ومن ثم فإن كل سبب يراد التحدى به يجب أن يكون مبينا بيانا دقيقا. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يحدد العيب المنسوب إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره فى قضائه، ولم يحدد الرقابة الموضوعية والقانونية التى قصر الحكم فى اتخاذها نحو حكم أول درجة، ومن ثم يكون النعى مجهلا غير مقبول.
3 - لقاضى الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع فى الدعوى، وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وحسبه أن يبين الحقيقة التى اقتنع بها، وأن يقيم قضائه على أسباب سائغة تكفى لحمله، وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضائه على "أن عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1968 المبرم بين الطرفين قد أنصب على محل "طحن" عبارة عن عنبر طحين وحجرة ماكينة ومخزن والمرافق الصحية، وهو مقام على أرض تبلغ مساحتها ستة قراريط ويشتمل على طاحونة السن أربعة قدم وعلى تروس بفرشها ومنخل بكسوته الحريرية وميزان طبلية بسنجه وسير إدارة الماكينة وفنطاسين للغاز وجنزير بلكنورجيد حمولة 5 طن، وانتهى الحكم من ذلك إلى أن المبنى ليس إلا عنصراً ثانوياً بالنسبة لهذه الأدوات والآلات، وكان استخلاصه سائغاً وله أصله الثابت فى الأوراق، فإن العقد لا يخضع - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لقوانين إيجار الأماكن، ويكون الحكم قد أعمل صحيح القانون، ولا يغير من ذلك، أن يشترى الطاعن ماكينة للطحن من ماله الخاص، أو أن يقوم باستخراج الترخيص وإذن الإدارة من الجهات الإدارية المختصة، إذ نص العقد فى قيده الرابع على أن يسترد الطاعن ماكينته وملحقاتها عند نهاية مدة التعاقد، مما يفيد أن المقصود من التعاقد الأدوات والآلات الأخرى المبينة بالعقد، والتى كانت وحدها الأساس فى تقويم الأجرة، وليس هناك ما يمنع أن يصرح المؤجر لمستأجر المكان الخاضع لأحكام القانون المدنى من استعمال ما يراه لازماً لنشاطه من الآلات، وأن يحصل على التراخيص اللازمة لإدارة المحل.
4 - النص فى المادة 147/ 1، 150/ 1 من القانون المدني، يدلان على أن مبدأ سلطان الإرادة ما زال يسود الفكر القانونى، ولازم أن يمتنع على أحد العاقدين نقض العقد أو إنهائه أو تعديله على غير مقتضى شروطه، ما لم يتفق على ذلك مع الطرف الأخر، كما يمتنع ذلك على القاضى، لأنه لا يتولى إنشاء العقود عن عاقديها، وإنما يقتصر عمله على تفسير مضمونها، وهو ملزم عند وضوح عبارات العقد بعدم الخروج عنها باعتبارها تعبيرا صادقا عن إرادة المتعاقدين المشتركة وذلك رعاية لمبدأ سلطان الإرادة وتحقيقاً لاستقرار المعاملات، لما كان ذلك، وكان الثابت من حكم محكمة الدرجة الأولى أنها اطلعت على عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1968 وتبين منه أن الطاعن استأجر محل النزاع لمدة عشر سنوات من 1/ 10/ 1968 إلى 30/ 9/ 1977، ويتجدد لمده أخرى باتفاق الطرفين، وانتهى الحكم فى مدوناته إلى أن المتعاقدين قد عينا فى العقد مدة محدده ينتهى بانتهائها العقد دون أن يشترط لانتهاء العقد أى إجراء آخر وعلى أن لا يتجدد العقد إلا باتفاق الطرفين، ومن ثم فإن العقد يكون قد انتهى بانقضاء مدته المحددة فيه، أى فى نهاية سبتمبر سنة 1977، وذلك دون الحاجة إلى تنبيه بالإخلاء، على أن المدعى قد بادر إلى التنبيه على المدعى بالإخلاء... وقد أفصح عن تنبيهه فى عدم تجديد العقد تجديداً ضمنياً....، فإن الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه يكون قد التزم بعبارات العقد الواضحة ولم يخرج عن مدلولها، ولا يغير من ذلك أن يتم التنبيه بعد انتهاء مدة العقد ذلك أن النص فى المادة 598 من القانون المدنى على أن ينتهى الإيجار بانتهاء المدة المعينة فى العقد دون حاجة إلى تنبيه بالإخلاء، ومن ثم فإن التنبيه غير لازم قانوناً، وعلى فرض حصوله فليس له ميعاد محدد، ويجوز إعلانه بعد انقضاء مدة العقد قبل مضى الوقت الكافى الذى تستخلص منه التجديد، ومن ثم فإن الحكم يكون قد أعمل صحيح القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداوله.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1253 سنة 1978 مدنى كلى شمال القاهرة على الطاعن للحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1968، وإخلاء محل الطحين المبين بالصحيفة، وقال فى شرح دعواه أنه أجر للطاعن محل النزاع بموجب العقد سالف الذكر لمدة عشر سنوات تنتهى فى 30/ 9/ 1977 ولا تتجدد لمدد أخرى إلا باتفاق الطرفين، وقد انتهى العقد بانتهاء مدته، وأنذر الطاعن على يد محضر فى 3/ 10/ 1977 بعدم رغبته فى تجديد العقد ونبه عليه بالإخلاء، ولما لم يستحب لطلبه، أقام دعواه. وبتاريخ 29/ 6/ 1978 حكمت المحكمة بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1968، وإخلاء محل النزاع. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 5672 سنة 95 ق القاهرة، وبتاريخ 19/ 12/ 1979 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان إعلانه بصحيفة افتتاح الدعوى، والمسلم لجهة الإدارة، تأسيسا على أنه كان مقيماً بالمملكة العربية السعودية وقت إعلانه وإعادة إعلانه، الحاصلين فى 18/ 2/ 1978، 3/ 5/ 1978، مما كان يتعين معه تسليم صور هذه الاعلانات للنيابة العامة، عملاً بالمادة 13/ 9، 10 من قانون المرافعات، وقد طلب من المحكمة إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات دفاعه، وهو جوهرى يتغير به وجه الرأى فى الدعوى، إلا أن الحكم التفت عنه على سند من أنه لم يتقدم بالمستندات المؤيدة لهذا الدفاع، فى حين أن إقامته بالخارج من الوقائع المادية التى يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات القانونية، فيكون قد خالف القانون، وأخل بحق الدفاع.
وحيث إن النعى مردود، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن إعلان الخصم - يصح فى موطنه الأصلى فى مصر، ولو كان يقيم بالخارج، وإذ كان الثابت من الاطلاع على صورة صحيفة افتتاح الدعوى أن الطاعن أعلن فى محل إقامته 16 شارع عين شمس الشرقية أمام مسجد الشيخ منصور، وقد سلم الإعلان لمأمور قسم المطرية لعدم وجود من يتسلم الإعلان بمحل إقامته وكان الثابت من الإطلاع على صورة صحيفة استئناف الطاعن أن محل إقامته هو نفس المحل الذى أعلن فيه بصحيفة افتتاح الدعوى، فإن الإعلان يكون قد تم صحيحاً طبقاً للقانون، ويكون النعى على الحكم بهذا السبب فى غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب، وفى بيان ذلك يقول أن أسباب الحكم جاءت غير مفهومة بما يعجز محكمة النقض عن أعمال رقابتها الموضوعية والقانونية، فضلاً عن أن محكمة الاستئناف لم تعمل رقابتها الموضوعية والقانونية على حكم الدرجة الأولى، إعمالاً للأثر الناقل للاستئناف، مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن النعى غير مقبول، ذلك أن المادة 253 من قانون المرافعات أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التى بنى عليها الطعن وإلا كان باطلاً، وقد قصدت بهذا البيان - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن تحدد أسباب الطعن، وتعرف تعريفا واضحا كاشفا عن المقصود منها كشفا وافيا نافيا عنها الغموض والجهالة، وبحيث يبين منها العيب الذى ينسبه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره فى قضائه، ومن ثم فإن كل سبب يراد التحدى به يجب أن يكون مبيناً بياناً دقيقاً. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يحدد العيب المنسوب إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثاره فى قضائه، ولم يحدد الرقابة الموضوعية والقانونية التى قصر الحكم فى اتخاذها نحو حكم محكمة الدرجة الأولى، ومن ثم يكون النعى مجهلاً وغير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول أن عقد الإيجار سند الدعوى أبرم لاستغلال محل تجارى وأنه اشترى من ماله الخاص ماكينة الطحين، كما التزم باستخراج ترخيص المحل وإذن الإدارة من الجهات الإدارية المختصة، فيكون المبنى هو العنصر الأساسى المعول عليه عند التعاقد الأمر الذى يجعل عقد الإيجار خاضعاً لقوانين إيجار الأماكن الاستئنافية، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن العقد تسرى عليه أحكام القانون المدنى من حيث انتهاء مدته، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن النعى فى غير محله، ذلك أنه لما كان المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن لقاضى الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع فى الدعوى، وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وحسبه أن يبين الحقيقة التى اقتنع بها، وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفى لحمله وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على "أن عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1968 المبرم بين الطرفين أنه قد انصب على محل "طحين" عبارة عن عنبر طحين وحجرة ماكينة ومخزن والمرافق الصحية، وهو مقام على أرض تبلغ مساحتها ستة قراريط ويشتمل على طاحونة السن أربعة قدم وعلى تروس بفرشها ومنخل بكسوته الحريرية وميزان بسنجة وسير إدارة الماكينة وفنطاسين كبيرين للغاز وجنزير بلكتورجيه حمولة 5 طن"، وانتهى الحكم من ذلك إلى أن المبنى ليس إلا عنصراً ثانوياً بالنسبة لهذه الأدوات والآلات، وكان استخلاصه سائغاً وله أصله الثابت فى الأوراق، فإن العقد لا يخضع - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لقوانين إيجار الأماكن، ويكون الحكم قد أعمل صحيح القانون. ولا يغير من ذلك، أن يشترى الطاعن ماكينة للطحن من ماله الخاص، أو أن يقوم استخراج - الترخيص وإذن الإدارة من الجهات الإدارية المختصة، إذ نص العقد فى بنده الرابع على أن يسترد الطاعن ماكينته وملحقاتها عند نهاية مدة التعاقد، مما يفيد أن المقصود من التعاقد الأدوات والآلات الأخرى المبينة بالعقد، والتى كانت وحدها الأساس فى تقديم الأجرة، وليس هناك ما يمنع أن يصرح المؤجر للمستأجر المكان الخاضع لأحكام القانون المدنى من استعمال ما يراه لازماً لنشاطه من آلات، وأن يحصل على التراخيص اللازمة لإدارة المحل ومن ثم فإن النعى على الحكم بالخطأ فى تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تأويله، وفى بيان ذلك يقول أن عقد الإيجار موضوع الدعوى على فرض خضوعه لأحكام القانون المدني، فقد نص فيه على أنه يجوز تجديده لمدة أخرى باتفاق الطرفين، فكان يتعين على المطعون ضده أن ينبه عليه بالإخلاء فى المواعيد التى بينتها المادة 563 من القانون المدني، بأنه لا يرغب فى تجديد العقد، وإذ لم يجعل هذا التنبيه فى الميعاد القانونى، فإنه يكون عديم الأثر قانوناً، ويكون الإيجار قد أمتد لمدة أخرى وفقاً لشروطه. لما كان ذلك، وكان المطعون ضده قد نبه عليه بالإخلاء فى 3/ 10/ 1978، فى حين كان يتعين التنبيه فى الخمسة عشر يوماً الأولى من شهر سبتمبر سنة 1978 وفقاً لحكم المادة 563 سالفة الذكر، فإن التنبيه باطلاً ويمتد عقد الإيجار موضوع الدعوى لمدة عشر سنوات أخرى، وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه عقد الإيجار محدد المدة، وينتهى بانتهاء المدة المعينة فيه، دون حاجة إلى تنبيه، فإنه يكون قد أخطأ فى تفسير عبارات العقد وخالف القانون.
وحيث إن النعى غير سديد، ذلك أن النص فى المادة 147/ 1 من القانون المدنى على أن "العقد شريعة المتعاقدين. فلا يجوز نقضه، ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو لأسباب التى يقرها القانون". والنص فى المادة 150/ 1 من القانون المدنى على أنه "إذا كانت عبارة العقد واضحة، فلا يجوز الانحراف عنها من طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين"، يدلان على أن مبدأ سلطان الإرادة ما زال يسود الفكر القانوني، ولازم ذلك أنه يمتنع على أحد العاقدين نقض العقد أو إنهائه أو تعديله على غير مقتضى شروطه، ما لم يتفق على ذلك مع الطرف الآخر، كما يمتنع ذلك على القاضي، لأنه لا يتولى انشاء العقود عند عاقديها، وإنما يقتصر عمله على تفسير مضمونها، وهو ملزم عند وضوح عبارات العقد بعدم الخروج عنها باعتبارها تعبيراً صادقاً عن إرادة المتعاقدين المشتركة وذلك رعاية لمبدأ سلطان الإرادة وتحقيقاً لاستقرار المعاملات. لما كان ذلك. وكان الثابت من حكم محكمة الدرجة الأولى أنها اطلعت على عقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1968 وتبين منه أن الطاعن استأجر محل النزاع لمدة عشر سنوات من 1/ 10/ 1968 - إلى 30/ 9/ 1977، ويتجدد لمدة أخرى باتفاق الطرفين، وانتهى الحكم فى مدوناته إلى أن المتعاقدين قد عينا فى العقد مدة محددة ينتهى بانتهاء العقد دون أن يشترط لانتهاء العقد أى إجراء آخر وعلى أن لا يتجدد العقد إلا باتفاق الطرفين، ومن ثم فإن العقد يكون قد انتهى بانقضاء مدته المحددة فيه، أى فى نهاية سبتمبر 1977، وذلك دون الحاجة إلى تنبيه بالإخلاء على أن المدعى قد بادر إلى التنبيه على المدعى عليه بالإخلاء.... وقد أفصح عن تنبيه فى عدم تجديد العقد تجديداً ضمنياً..."، فإن الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه يكون قد التزمت بعبارات العقد الواضحة ولم يخرج عن مدلولها. ولا يغير من ذلك أن يتم التنبيه بعد انتهاء مدة العقد ذلك أن النص فى المادة 598 من القانون المدنى على أن "ينتهى الإيجار بانتهاء المدة المعينة فى العقد دون حاجة إلى تنبيه بالإخلاء"، ومن ثم فإن التنبيه غير لازم قانوناً، وعلى فرض حصوله فليس له ميعاد محدد، ويجوز إعلانه بعد انقضاء مدة العقد قبل مضى الوقت الكافى الذى تستخلص منه نية التجديد، ومن ثم فإن الحكم يكون قد أعمل صحيح القانون، ويكون النعى عليه بهذا السبب على غير أساس. لما ما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس. ويتعين رفضه.