أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 35 - صـ 2258

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ أحمد كمال سالم، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد رأفت خفاجى، الحسينى الكنانى، محمد فؤاد شرباش، ودكتور محمد فتحى نجيب.

(427)
الطعن رقم 1004 لسنة 49 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن" "بيع الجدك" "الإخلاء لتغيير الاستعمال". حكم "عيوب التدليل".
1 - بيع الجدك. استثناء من الأصل المقرر بحظر التنازل عن الإيجار. شرطه. ثبوت الصفة التجارية للنشاط الذى كان يزاوله المتنازل وقت إتمام بيع المتجر أو المصنع. العبرة بحقيقة الواقع. مخالفة هذا النشاط للغرض من الاستعمال المتفق عليه بعقد الإيجار. لا أثر له. م 594/ 2 مدني.
2 - مخالفة غرض الاستعمال المتفق عليه بعقد الإيجار المنطوى على إساءة. لا يحول بين المؤجر وطلب الإخلاء إذا ما تحقق سببه.
3 - اعتداد الحكم المطعون فيه بالغرض من الاستعمال المتفق عليه فى عقد الإيجار دون الواقع الفعلى للنشاط وقت البيع. خطأ فى القانون.
1 - يدل نص المادة 594/ 2 من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع أباح للمستأجر التنازل عن الإيجار بالمخالفة للشرط المانع له من ذلك، إذا كان قد أنشأ فى العقار المؤجر متجراً أو مصنعاً بشرط أن تثبت الصفة التجارية للنشاط الذى كان يزاوله المتنازل وقت إتمام بيع المتجر أو المصنع، والعبرة فى ذلك هى بحقيقة الواقع وليس بما أثبت بعد البيع، أو بما أفصح عنه فى عقد الايجار غرضا للاستعمال، بمعنى أن العين إذا أجرت لإقامة متجر أو مصنع فيها وقعد المستأجر عن ذلك واستعملها فى غرض مخالف، فليس له أن - يبيعها جدكا متذرعا بما أثبت بعقد الإيجار غرضاً للاستعمال، كما أنه إذا أنشأ المستأجر متجراً أو مصنعاً بالعين خلافاً لغرض الاستعمال المتفق عليه، فإن ذلك لا يحول دون بيعها جدكاً متى توافرت الشروط المنصوص عليها فى المادة 594/ 2 من القانون المدني، وليس من بينها أن يتفق غرض الاستعمال الوارد بالعقد مع النشاط الذى يمارس فى العين وقت بيعها جدكاً.
2- ولا يحول ذلك بين المؤجر وبين طلب الإخلاء لتغيير الاستعمال المنطوى على الإساءة إذا ما تحقق سببه.
3 - وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، واعتد بما اتفق عليه الطرفان فى عقد الإيجار غرضاً للاستعمال دون الواقع الفعلى للنشاط وقت البيع، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وحجبه هذا الخطأ عن البحث فيما إذا كان تغيير وجه الاستعمال الذى طرأ على العين بعد تأجيرها يجيز للمطعون ضده الأول طلب إخلائها، ومدى توافر الشروط المنصوص عليها فى المادة 594/ 2 من القانون المدنى فشابه القصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - فى أن المطعون ضده الاول أقام الدعوى رقم 1609 لسنة 1977 مدنى كلى إسكندرية على الطاعنين وباقى المطعون ضدهم، طلب فيها الحكم بإخلاء العين المبينة بالصحيفة وتسليمها له خالية مما يشغلها، وقال بياناً لدعواه، أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ أول يونيه سنة 1982 استأجرت منه المطعون ضدها الخامسة تلك العين، وهى عبارة عن محلين، لاستخدامهما جراجاً خاصا لنفسها، إلا أنها كونت شركة تجارية مع آخرين لاستعمال العين استغلالاً تجارياً، وأجرت الشركة العين للمطعون ضده الثاني، ثم قامت المطعون ضدها الخامسة بتكوين شركة ثانية مع آخرين، وقامت الشركة الأخيرة ببيع العين بالجدك للمطعون ضدهما الثانى والثالث، اللذان قاما بدورهما بتأجير جزء من العين للمطعون ضده الرابع، ثم باعا العين بكاملها بالجدك للطاعنين، اللذان باعا جزءاً منها بالجدك للمطعون ضده الرابع، وأضاف المطعون ضده الأول فى دعواه، أن ما قامت به المستأجرة الأصلية - المطعون ضدها الخامسة - وقع مخالفاً لشروط عقد الإيجار مما حدى به إلى إقامة دعواه. بتاريخ 28/ 3/ 1978 حكمت محكمة إسكندرية الابتدائية بإخلاء العين محل النزاع من الطاعنين والمطعون ضدهم، عدا الأول، وتسليمها لهذا الأخير استأنف الطاعن الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 410 لسنة 34 ق، ثم تدخل الطاعن الثانى خصماً منضماً للمستأنف، وبتاريخ 18/ 3/ 1979 قضت محكمة استئناف الإسكندرية بقبول تدخل الطاعن الثاني، وبرفض الاستئناف. طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه، فى السبب الأول، الخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول، أن الحكم أقام قضاءه على أن الثابت من عقد إيجار العين محل النزاع، أنها أجرت للمطعون ضدها الخامسة لاستعمالها جراجاً خاصاً لها، بما يجعل هذه الاجارة محكومة بعقد الإيجار وقانون إيجار الأماكن الذى وقع التأجير فى ظله، وهو القانون رقم 52 لسنة 1969، وإذ تنازلت المطعون ضدها الخامسة عن هذا العقد للغير، وأعقب هذا التنازل تنازلات أخرى عن ذات العقد، ولم تقدم المطعون ضدها الخامسة ما يفيد صدور إذن كتابى صريح لها من المالك يجيز لها التنازل عن العقد، فإنها تكون قد خالفت حكم الفقرة (ب) من المادة 23 من القانون 52 لسنة 69، والتى تجيز الإخلاء لهذا السبب، وذلك دون حاجة للتعرض لحكم. المادة 594/ 2 من القانون المدني، التى يقتصر محال إعمالها على الحالات التى يكون القصد من التأجير فيها إنشاء متجر أو مصنع فى العين المؤجرة، وأضاف الطاعن أن هذا الذى أقام الحكم عليه قضاءه، خطأ فى تطبيق القانون، لأن العبرة فى توافر شروط بيع الجدك، هى حقيقة الواقع بالنسبة للعين محل العقد وقت البيع، دون ما نظر إلى الغرض الذى أجرت من أجله ابتداء، وإذ عول الحكم المطعون فيه على الغرض المسمى فى عقد الإيجار دون نظر لطبيعة العين وقت البيع، فقد حجبه هذا الفهم الخاطئ للقانون عن التحقق من شروط بيع الجدك.
وحيث إن هذا النعى صحيح، ذلك أن النص فى المادة 594/ 2 من القانون المدنى على أنه: "..... إذا كان الأمر خاصا بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر، واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر جاز المحكمة بالرغم من وجود هذا الشرط المانع أن تقضى بإبقاء الإيجار إذا قدم المشترى ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق" - يدل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع أباح للمستأجر التنازل عن الإيجار بالمخالفة للشرط المانع له من ذلك، إذا كان قد أنشأ فى العقار المؤجر متجراً أو مصنعاً، بشرط أن تثبت الصفة التجارية للنشاط الذى كان يزاوله المتنازل وقت إتمام بيع المتجر أو المصنع، والعبرة فى ذلك هى بحقيقة الواقع، وليس بما أثبت بعقد البيع، أو بما أفصح عنه فى عقد الإيجار غرضاً للاستعمال بمعنى أن العين إذا أجرت لإقامة متجر أو مصنع فيها وقعد المستأجر عن ذلك واستعملها فى غرض مخالف، فليس له أن يبيعها جدكاً متذرعاً بما أثبت بعقد الإيجار غرضاً للاستعمال. كما أنه إذا أنشأ المستأجر متجر أو مصنعاً بالعين خلافاً لغرض الاستعمال المتفق عليه، فإن ذلك لا يحول دون بيعها جدكاً متى توافرت الشروط المنصوص عليها فى المادة 594/ 2 من القانون المدني، وليس من بينها أن يتفق غرض الاستعمال الوارد بالعقد مع النشاط الذى يمارس فى العين وقت بيعها جدكا، ولا يحول ذلك بين المؤجر وبين طلب الإخلاء لتغيير الاستعمال المنطوى على الإساءة إذا ما تحقق سببه. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، واعتد بما اتفق عليه الطرفان فى عقد الايجار غرضا للاستعمال دون الواقع الفعلى للنشاط وقت البيع، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون، وحجبه هذا الخطأ عن البحث فيما إذا كان تغيير وجه الاستعمال الذى طرأ على العين بعد تأجيرها يجيز للمطعون ضده الأول طلب إخلائها، المنصوص عليها فى المادة 594/ 2 من القانون المدنى فشابه القصور، بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن.