أحكام النقض - المكتب الفنى - مدنى
الجزء الثانى - السنة 35 - صـ 2263

جلسة 27 من ديسمبر سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ يوسف أبو زيد، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ عزت حنورة، نائب رئيس المحكمة، محمد نبيل البناوى، أحمد نصر الجندى وريمون فهيم إسكندر.

(428)
الطعن رقم 1171 لسنة 51 القضائية

(1) إيجار "إيجار ملك الغير".
الإيجار الصادر من غير المالك أو من له حق التعامل فى منفعته. صحيح بين طرفيه. عدم نفاذه فى حق مالكه أو من له الحق فى الانتفاع به. بقاء المستأجر غاصباً للعين المؤجرة ما لم يجز الإجارة صاحب الحق فى التأجير.
(2) وكالة "تجاوز حدود الوكالة"، "الوكالة الظاهرة".
التصرفات التى يبرمها الوكيل خارج نطاق الوكالة. الأصل عدم نفاذه فى حق الموكل إلا بالاجازة. استثناء تصرفات الوكيل الظاهر مع الغير حسن النية. شرطه. قيام مظهر خارجى خاطئ منسوب إلى الموكل انخدع به الغير دون خطأ أو تقصير منه فى استطلاع الحقيقة.
1 - الإيجار الصادر من شخص لا يملك الشيء المؤجر وليس له الحق فى التعامل فى منفعته وإن وقع صحيحا بين طرفيه إلا أنه لا ينفذ فى حق مالكه أو من له الحق فى الانتفاع به إلا بإجازة هذا الأخير له، فإن لم يجزه ظل المستأجر بالنسبة له غاضبا للعين المؤجرة.
2 - الأصل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التصرفات التى يبرمها الوكيل خارج نطاق وكالته لا تنفذ فى حق الموكل ما لم يجزها هذا الأخير، وخروجاً على هذا الأصل يعتبر الوكيل الظاهر نائباً عن الموكل فينفذ فى حقه التصرف الذى يبرمه متى ثبت قيام مظهر خارجى خاطئ منسوب إلى الموكل وأن الغير الذى تعامل مع الوكيل الظاهر قد انخدع بمظهر الوكالة الخارجى دون أن يرتكب خطأ أو تقصيراً فى استطلاع الحقيقة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 6389 سنة 1978 مدنى كلى طنطا على المطعون ضدهم طالبين الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا لهما مبلغ 1875 جنيه، وقالا بياناً لها أنهما يملكان أطياناً زراعية مساحتها 12 س/ 11 ط/ 2 ف محددة بموجب عقد تخارج مؤرخ 5/ 8/ 1956 وأن المطعون ضده الأول - الذى كان حارساً قضائياً على أعيان تركة مورثهما - قام بتمكين باقى المطعون ضدهم من وضع يدهم على أطيانهما دون وجه حق مستغلاً فى ذلك التوكيل الصادر منهما إليه والخاص بالاتفاق مع زوجة مورثهما على أعيان التركة، وإذ كانا يقدران ريع هذه الأطيان خلال الفترة من 1/ 1/ 1974 حتى 31/ 12/ 1978 بالمبلغ المطالب به فقد أقاما الدعوى ليحكم لهما بطلباتهما، ندبت المحكمة خبيرا فى الدعوى وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 26/ 4/ 1980 برفض الدعوى، استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 386 س 30 ق طالبين إلغاءه والحكم لهما بطلباتهما، بتاريخ 5/ 3/ 1981 قضت المحكمة بتأييده، طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعنان بالأولين منها على الحكم المطعون فيه القصور ومخالفة القانون وفى بيان أولهما يقولان أن إيجار ملك الغير وإن كان صحيحاً بين عاقديه إلا أنه غير نافذ فى مواجهة المالك، وأنهما تمسكا بأن التوكيل الصادر منهما إلى المطعون ضده الأول لا يتيح له تأجير أطيانهما وأن عقود الإيجار الصادرة منه غير نافذة فى مواجهتهما باعتبارها المالكين للأطيان المؤجره، وإذ أعرض الحكم عن بحث هذا الدفاع وأقام قضاءه على انتفاء غصب المطعون ضدهم من الثانى للأخير للأطيان موضوع النزاع لمجرد استئجارهم لها من المطعون ضده الأول غير المالك لها ورغم أن هذه العقود غير نافذة فى مواجهتهما يكون فضلاً عن قصوره قد خالف القانون، وفى بيان السبب الثانى يقول أن الوكالة الظاهرة لا تقوم إلا إذا أثبت الغير أنه كان حسن النية فى تعامله مع مدعى الوكالة وأن المظهر الخارجى للموكل من شأنه أن يجعل الغير معذوراً فى اعتقاده بوجود الوكاله دون خطأ أو تقصير منه، وهو ما لم يقم المطعون ضدهم بإثباته، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه - بالرغم من ذلك - على أن المطعون ضده الأول كان وكيلا عنهما وكالة ظاهرة فى عقود الإيجار التى أبرمها دون أن يعنى باستظهار توافر شروط هذه الوكالة يكون معيباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أنه لما كان الإيجار الصادر من شخص لا يملك الشيء المؤجر وليس له الحق فى التعامل فى منفعته وإن وقع صحيحاً بين طرفيه إلا أنه لا ينفذ فى حق مالكه أو من له الحق فى الانتفاع به إلا بإجازة هذا الأخير له فإن لم يجزه ظل المستأجر بالنسبة له غاصباً للعين المؤجرة، وكان الأصل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن التصرفات التى يبرمها الوكيل خارج نطاق وكالته لا تنفذ فى حق الموكل ما لم يجزها هذا الأخير، وخروجاً على هذا الأصل يعتبر الوكيل الظاهر نائباً عن الموكل فينفذ فى حقه التصرف الذى يبرمه متى ثبت قيام مظهر خارجى خاطئ منسوب إلى الموكل وأن الغير الذى تعامل مع الوكيل الظاهر قد انخدع بمظهر الوكالة الخارجى دون أن يرتكب خطأ أو تقصيراً فى استطلاع الحقيقة، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر المطعون ضده الأول وكيلاً عن الطاعنين وكالة ظاهرة فى تأجير أطيانهما بمجرد قوله "فيكفى أن يكون هناك وكالة ظاهرة لتبيح التأجير المنتج لآثاره القانونية والذى ينفى وجود الغصب" ورتب على ذلك نفاذ عقود الإيجار فى حق الطاعنين وانتفاء غصب المستأجرين للأطيان المؤجرة بها دون أن يثبت من توافر شروط الوكالة الظاهرة يكون معيباً بالقصور، وإذ حجب الحكم بذلك نفسه عن بحث أثر عدم اتساع وكالة المطعون ضده الأول لتأجير الأطيان الطاعنين ثم اطلق القول بأن مجرد قيام تلك العقود ينتفى به غصب المستأجرين للأطيان المؤجرة بها يكون فضلاً عن قصوره قد خالف القانون.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق وفى بيانه يقولان أن الحكم الابتدائى - الذى أحال إلى أسباب الحكم المطعون فيه - أقام قضاءه برفض الدعوى على أن المطعون ضده السابع يستأجر الأطيان التى يضع
اليد عليها معولاً فى ذلك على ما أورده الخبير فى تقريره، حال أن هذا التقرير قد انتهى إلى أن المطعون ضده السابع يضع يده على مساحة 19 س بدون سند قانونى وهو ما يعيبه بمخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أن البين من مدونات الحكم الابتدائى - الذى أحال إلى أسبابه الحكم المطعون فيه - أنه بعد أن أثبت النتيجة التى خلص إليها الخبير فى تقريره وأخذ بها أورد قوله "البين من تقرير الخبير المقدم فى الدعوى والذى اطمأنت إليه المحكمة أن المدعى عليهم - المطعون ضدهم عدا الأول - يضعون اليد على الأطيان موضوع النزاع بموجب عقود إيجار صادرة من مورث المدعيين ومن المدعى عليه الأول - المطعون ضده الأول - بصفته وكيلاً عن المدعيين ومفوضاً عنهما بموجب خطاب تفويض صادر للمدعى عليهم من المدعى الأول - الطاعن الأول - وكذلك بصفته مالكاً على الشيوع مع المدعيين فى بعض المساحات"، لما كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبير أنه قد خلص إلى أن المطعون ضده السابع يضع اليد على مساحة 19 س من أطيان الطاعنين دون سند قانوني، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بالنسبة للمطعون ضده السابع على ما نسبه إلى تقرير الخبير من قول بأن ذلك المطعون ضده يستأجر الأطيان التى يضع يده عليها يكون قد خالف الثابت بالأوراق.
وحيث إن الطاعنين ينعيان فى السبب الرابع على الحكم المطعون فيه الفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك يقولان أن الخبير قد خلص إلى أن المطعون ضده السادس يستأجر من مورثهما الأطيان التى يضع اليد عليها واستدل على قيام العلاقة الإيجارية من مجرد ثبوت وضع يده على هذه الاطيان عند تسليمها للحارس القضائي، وإذ كانت هذه الواقعه لا تؤدى حتماً إلى ثبوت قيام العلاقة الإيجارية، فإن الحكم المطعون فيه إذ عوّل على هذا التقرير وحده فى إثباتها ورتب على ذلك قضاءه برفض الدعوى يكون معيباً بالفساد فى الاستدلال.
وحيث إن هذا النعى فى محله، ذلك أنه لما كان الثابت من تقرير الخبير أنه قد خلص إلى أن المطعون ضده السادس يستأجر من مورث الطاعنين مساحة 14 س/ 1 ط من أطيانهما واستدل على قيام هذه العلاقة الإيجارية من ثبوت وضع يده على هذه الاطيان عند تسليمها إلى المطعون ضده الأول مع باقى أعيان التركة التى عين حارساً قضائياً عليها، وكان مجرد وضع يد المطعون ضده السادس على هذه الأطيان لا يفيد حتماً استئجاره لها ولا يؤدى إلى النتيجة التى رتبها عليها تقرير الخبير، فإن الحكم الابتدائى - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - إذ أقام قضاءه برفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضده السادس على سند من استئجاره لأطيان الطاعنين التى يضع يده عليها معولاً فى ذلك على نتيجة تقرير الخبير وحدها يكون معيباً بالفساد فى الاستدلال.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم دون حاجة إلى بحث باقى اسباب الطعن.