أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 17 - صـ 968

جلسة 17 من أكتوبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي؛ ومحمود عزيز الدين سالم، ونصر الدين عزام.

(179)
الطعن رقم 1374 لسنة 36 القضائية

إتلاف. جريمة. قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
جريمة الإتلاف. طبيعتها: جريمة عمدية. القصد الجنائي فيها. تحقيقه: بتعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهى عنه، واتجاه إرادته إلى إحداث الإتلاف، وعلمه بأنه يحدثه بغير حق.
ضرورة تحدث الحكم عنه استقلالا أو أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه وإلا كان قاصرا.
جريمة الإتلاف المؤثمة قانونا بنص المادة 361 من قانون العقوبات إنما هى جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها متى تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهى عنه بالصورة التي حددها القانون واتجاه إرادته إلى إحداث الإتلاف أو التخريب وعلمه بأنه يحدثه بغير حق، وهو ما يقتضي أن يتحدث الحكم عنه استقلالا أو أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه، وإلا كان مشوبا بالقصور في التسبيب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم في يوم 22 مارس سنة 1965 بدائرة مركز أجا: (أولا) المتهم الأول: أتلف عمدا الأشياء المبينة بالمحضر المملوكة لفايده على السمري: (ثانيا) المتهمين الثلاثة: قاموا بهدم البناء المشار إليه بالمحضر دون الحصول على ترخيص من السلطة القائمة على أعمال الهدم والبناء. وطلبت عقابهم بالمواد 361 من قانون العقوبات و1 و2 و4 من القانون رقم 178 لسنة 1961 و1 و11 و13 و16 و18 من القانون 45 لسنة 1962. وادعت المجني عليها مدنيا طالبة القضاء لها بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم الأول. ومحكمة جنح أجا الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 30 نوفمبر سنة 1965 عملا بمواد الاتهام: (أولا) بحبس المتهم الأول شهرا مع الشغل وكفالة 3 ج لوقف تنفيذ العقوبة عن التهمة الأولى وبتغريمه 5 ج خمسة جنيهات وضعف الرسوم المستحقة عن الترخيص وإلزامه بغرامة تعادل ثلاثة أمثال قيمة الحجرتين المنوه عنها بالقرار المؤرخ 19 يونيه سنة 1965 عن التهمة الثانية بلا مصاريف جنائية. (ثانيا) ببراءة المتهمتين الثانية والثالثة من التهمة المسندة إليهما. (ثالثا) في الدعوى المدنية بإلزام المتهم الأول أن يدفع للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ 1 قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وألزمته مصاريف الادعاء بالحقوق المدنية ومبلغ 100 مائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 9 مارس سنة 1966 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم بمصاريف الدعوى المدنية الاستئنافية بلا مصاريف جنائية. فطعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إتلاف منقولات قد شابه قصور في التسبيب ذلك بأن الحكم لم يستظهر ركن القصد الجنائي على الرغم من منازعة الطاعن في قيامه وتركيز دفاعه على عدم توافر ركن العمد في حقه وقد التفتت المحكمة عن هذا الدفاع فلم ترد عليه ولم تناقشه بما يثبته أو ينفيه وهو ما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إن النيابة العامة رفعت الدعوى على الطاعن وآخرين لأن الطاعن (أولا) أتلف عمدا الأشياء المبينة بالمحضر والمملوكة لفايدة علي السمري. (ثانيا) لأنه والمتهمتين الثانية والثالثة قاموا بهدم بناء دون الحصول على ترخيص وطلبت معاقبتهم بالمادة 361 من قانون العقوبات وبالمواد 1 و2 و4 من القانون رقم 178 لسنة1961 في شأن تنظيم هدم المباني وبالمواد 1 و11 و13 و16 و18 من القانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني. ومحكمة أول درجة قضت بحبس الطاعن شهرا مع الشغل عن التهمة الأولى وتغريمه 5 ج وضعف رسوم الترخيص وغرامة تعادل ثلاثة أمثال قيمة الحجرتين عن التهمة الثانية وإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت وببراءة المتهمتين الثانية والثالثة. فاستأنف الطاعن هذا الحكم ومحكمة ثاني درجة حكمت بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المتهم المصاريف المدنية الاستئنافية. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن دفع بعدم توافر القصد الجنائي في جريمة الإتلاف واستند في ذلك إلى أن هدم حجرتي المدعية بالحقوق المدنية والذي نشأ عنه إتلاف الأخشاب والمنقولات الخاصة بها إنما كان نتيجة لهدم مبانيه التي تعلو هاتين الحجرتين بعد أن صرح له بهدمهما. لما كان ذلك، وكانت جريمة الإتلاف المؤثمة قانونا بنص المادة 361 من قانون العقوبات إنما هى جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها متى تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهى عنه بالصورة التي حددها القانون واتجاه إرادته إلى إحداث الإتلاف أو التخريب وعلمه بأنه يحدثه بغير حق، وهو ما يقتضي أن يتحدث الحكم عنه استقلالا أو أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. لما كان ذلك، وكان يبين من مراجعة الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - أنه لم يستظهر توافر القصد الجنائي في جريمة الإتلاف، وكانت مدوناته لا تفيد في ذاتها أن الطاعن تعمد إتلاف المنقولات موضوع الاتهام كما خلت أسبابه من الرد على دفاع الطاعن القانوني في هذا الشأن، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور في التسبيب قصورا يعيبه ويستوجب نقضه والإحالة وذلك بغير حاجة إلى بحث الوجه الآخر للطعن وإلزام المطعون ضدها المصروفات المدنية ومقابل أتعاب المحاماة.