أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 17 - صـ 997

جلسة 18 من أكتوبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة: وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، وجمال المرصفاوي، ومحمد محمد محفوظ، ومحمود كامل عطيفه.

(186)
الطعن رقم 1375 لسنة 36 القضائية

(أ, ب) دعوى مدنية. "أركانها". شيك بدون رصيد. تعويض.
(أ) إقامة الدعوى المدنية على أساس المطالبة بتعويض الضرر الفعلي الناتج عن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد، دون المطالبة بقيمة الدين المثبت بالشيك. توافر أركان الدعوى من خطأ وضرر ورابطة سببية وقبولها.
(ب) إثبات الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله. كفايته في بيان وجه الضرر المستوجب  للتعويض.
(ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعوى مدنية.
لا يعيب الحكم إغفاله الرد على دفع ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب.
(د) شيك بدون رصيد. جريمة.
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. تحققها بإعطاء الساحب شيكا لا يقابله رصيد أو إعطائه شيك له مقابل ثم أمره بعدم السحب أو سحبه من الرصيد مبلغا بحيث يصبح الباقي غير كاف لسداد قيمة الشيك.
اتفاق الطرفين بعد وقوع الجريمة على استبدال الدين الثابت بالشيك وتقسيطه لا يمحو الجريمة.
1- متى كان يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعي بالحقوق المدنية لم يؤسس دعواه المدنية على المطالبة بقيمة الدين المثبت بالشيك موضوع الدعوى، وإنما أسسها على المطالبة بتعويض الضرر الفعلي الناتج من عدم قابلية الشيك للصرف، وقد انتهى الحكم إلى القضاء بهذا التعويض باعتباره ناشئا عن الجريمة التي دان الطاعن بها. فإن ما يثيره الطاعن في طعنه من منازعة حول انتفاء الضرر الذي قضى به الحكم استنادا إلى اتفاق لاحق باستبدال الدين الذي أعد الشيك للوفاء به وتقسيطه على آجال مختلفة بموجب سندات إذنية لا يكون له محل طالما أن هذه المنازعة لا تدل بذاتها على انتفاء الضرر المترتب على عدم الوفاء بالشيك في ميعاد استحقاقه، ويكون بذلك قد توافر للدعوى المدنية كافة أركانها القانونية من خطأ وضرر ورابطة السببية.
2- من المقرر أنه يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله.
3- لا يعيب الحكم إغفاله الرد على الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية، متى كان ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب.
4- من المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق متى أعطى الساحب شيكا لا يقابله رصيد أو أعطى شيكا له مقابل ثم أمر بعدم السحب أو سحب من الرصيد مبلغا بحيث يصبح الباقي غير كاف لسداد قيمة الشيك. واتفاق الطرفين بعد وقوع الجريمة على استبدال الدين الثابت بالشيك وتقسيطه لا يمحو الجريمة.


الوقائع

أقام المدعي بالحق المدني هذه الدعوى بالطريق المباشر أمام محكمة محرم بك الجزئية ضد الطاعن متهما إياه بأنه في يوم 25 يناير سنة 1963 بدائرة قسم محرم بك: أصدر شيكا بدون رصيد. وطلب عقابه بالمادتين 336 و337 من قانون العقوبات مع إلزامه أن يدفع له مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف وأتعاب المحاماة. والمحكمة المذكورة قضت غيابيا بتاريخ 15 ديسمبر سنة 1963 بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات وإلزامه أن يؤدي إلى المدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت.
فعارض المتهم في هذا الحكم وقضى في معارضته بتاريخ 4 أكتوبر سنة 1964 بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها وبتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة إسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا بتاريخ 20 مايو سنة 1965 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارض، وقضى في معارضته بتاريخ 12 مايو سنة 1966 بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب وألزمه بالتعويض قد شابه قصور في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الطاعن تمسك أمام المحكمة الاستئنافية بعدم قبول الدعوى المدنية لانتفاء ركن الضرر فيها الأمر الذي يترتب عليه عدم قبول الدعوى الجنائية المحركة بالطريق المباشر بالدعوى المدنية غير المقبولة، وذلك على أساس أن هذا الضرر - المتمثل في تأخير سداد قيمة الشيك - قد انقضى بقبول المدعي بالحقوق المدنية استبدال الدين بسندات إذنية بموجب عقد اتفاق أبرم بينه وبين الطاعن، إلا أن المحكمة لم تعرض إلى هذا الدفع ولا لعقد الاتفاق المقدم في الدعوى، ولم تبين وجه الضرر الذي لحق بالمدعي بالحقوق المدنية، ثم إن هذا الأخير استبقى الشيك تحت يده كوسيلة تهديدية لحمل الطاعن على الوفاء بالدين على الرغم من الاتفاق المبرم بينهما على استبداله مما تنتفي معه مسئولية الطاعن عن إصدار هذا الشيك بعد أن أصبحت حيازة المدعي بالحقوق المدنية له غير مشروعة وأضحى الشيك معدوما لاستبداله بسندات أخرى مما يترتب عليه لزوما أن تكون الجريمة التي دين بها الطاعن بدورها معدومة الأثر وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على الأوراق أن المدعي بالحقوق المدنية لم يؤسس دعواه المدنية على المطالبة بقيمة الدين المثبت بالشيك موضوع الدعوى، وإنما أسسها على المطالبة بتعويض الضرر الناتج من عدم قابلية الشيك للصرف، وقد انتهى الحكم إلى القضاء بهذا التعويض باعتباره ناشئا عن الجريمة التي دان الطاعن بها. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في طعنه من منازعة حول انتفاء الضرر الذي قضى به الحكمة إستنادا إلى إتفاق لاحق باستبدال الدين الذي أعد الشيك للوفاء به وتقسيطه على آجال مختلفة بموجب سندات إذنية لا يكون له محل، طالما أن هذه المنازعة بهذه الصورة لا تدل بذاتها على انتفاء الضرر المترتب على عدم الوفاء بالشيك في ميعاد استحقاقه. وإذ ما كان الأمر كذلك، وكان الثابت من الحكم أن الدعوى قد أقيمت على أساس المطالبة بتعويض الضرر الفعلي الناتج عن الجريمة دون المطالبة بقيمة الدين المثبت بالشيك، فإنه يكون بذلك قد توافر للدعوى المدنية كافة أركانها القانونية من خطأ وضرر ورابطة سببية، ومن ثم تكون الدعوى المدنية مقبولة. ولما كان من المقرر أنه يكفي في بيان وجه الضرر المستوجب للتعويض أن يثبت الحكم إدانة المحكوم عليه عن الفعل الذي حكم بالتعويض من أجله، وكان لا يعيب الحكم المطعون فيه إغفاله الرد على الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية طالما أنه ظاهر البطلان وبعيد عن محجة الصواب ولا يستأهل من الحكم ردا عليه. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض إلى ما أثاره الطاعن في طعنه من أن استبقاء المدعي بالحقوق المدنية للشيك كان على وجه غير مشروع ورد عليه في قوله: "إنه لا يقدح في قيام الجريمة ونسبتها له (أي الطاعن) أن اتفاقا قد تم بينه وبين المدعي بالحقوق المدنية استبدل بمقتضاه قيمة الشيك، ففضلا عن أن الأخير رغم هذا الاتفاق قد احتفظ لنفسه بالحق في إتخاذ كافة الإجراءات القانونية عن الشيكات المذكورة فإنه مازال محتفظا بالشيك ولم يسترده منه المتهم الأمر الذي تكون معه التهمة ثابتة" وكان من المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق متى أعطى الساحب شيكا لا يقابله رصيد أو أعطى شيكا له مقابل ثم أمر بعدم السحب أو سحب من الرصيد مبلغا بحيث يصبح المبلغ الباقي غير كاف لسداد قيمة الشيك، وكانت الواقعة الثابتة بالحكم المطعون فيه هى أن الطاعن أعطى المدعي بالحقوق المدنية شيكا لا يقابله رصيد للوفاء قابل للسحب في تاريخ الإصدار، وكان إتفاق الطرفين بعد وقوع الجريمة على استبدال الدين الثابت بالشيك وتقسيطه لا يمحو الجريمة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.