أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 17 - صـ 1069

جلسة أول نوفمبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، وجمال المرصفاوي، وحسين سامح، ومحمود عطيفه.

(200)
الطعن رقم 1727 لسنة 36 القضائية

(أ) وصف التهمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". قتل عمد. شروع في قتل.
رفع الدعوى الجنائية بجناية قتل عمد مقترنة بجناية شروع في قتل. تضمنه حتما رفعها بالجناية المقترنة. عدم ثبوت الجناية الأصلية. للمحكمة التصدي للجناية المقترنة والقضاء في موضوعها دون لفت نظر الدفاع.
(ب) قتل عمد. شروع في قتل. عقوبة. "تقديرها".
عقوبة القتل العمد من غير سبق إصرار أو ترصد هى الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة. عقوبة الشروع في ارتكاب تلك الجريمة هى الأشغال الشاقة المؤقتة والتي لا تنقص عن ثلاث سنوات ولا تجاوز خمس عشرة سنة.
(ج, د) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(ج) حكم الإدانة. بيانات تسببيه؟
(د) لمحكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها وإطراح ما يخالفها من صور أخرى. ما دام استخلاصها سائغا.
(هـ) عقوبة. "تقديرها".
تقدير العقوبة في الحدود المقررة في القانون. من سلطة محكمة الموضوع. عدم التزامها ببيان الأسباب التي دعتها إلى توقيع العقوبة بالقدر الذي ارتأته.
1- الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل هى مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقا صحيحا دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك، ما دام أن الواقعة المادية التي اتخذتها المحكمة أساسا للتغيير الذي أدخلته على الوصف القانوني المعطى لها من النيابة هى بذاتها الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة دون أن تضيف إليها شيئا. ولما كان رفع الدعوى الجنائية بجناية القتل العمد المقترن بجناية أخرى يتضمن حتما رفعها بالجناية المقترنة فإذا لم تثبت الجناية الأصلية كان للمحكمة أن تتصدى للجناية المقترنة التي تسترد استقلالها في هذه الحالة وتقضي في موضوعها. فإذا كان الطاعن قد أحيل إلى محكمة الجنايات لمحاكمته وآخر عن جناية قتل عمد مع سبق الإصرار وقد تلت تلك الجناية جناية أخرى هى شروعه في قتل آخر عمد، وكانت المحكمة قد انتهت إلى عدم ثبوت التهمة الأولى، فإن تصديها لجناية الشروع في القتل المسندة إلى الطاعن لا يعتبر تعديلا للتهمة ما دامت المحكمة لم تجر تغييرا في الواقعة المادية التي كانت أساسا للاتهام الأمر الذي لا يستلزم منها لفت نظر الدفاع.
2- تقضي المادة 234/ 1 من قانون العقوبات بأن عقوبة القتل العمد من غير سبق إصرار أو ترصد هى الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة. كما تقضي المادة 46 منه بأن يعاقب على الشروع في الجنايات بالأشغال الشاقة المؤقتة إذا كانت عقوبة الجناية الأشغال الشاقة المؤبدة، والمحكمة غير مقيدة في تحديد مدة عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة إلا بما نص عليه في المادة 14 من قانون العقوبات من عدم جواز النزول بها عن ثلاث سنوات أو مجاوزة خمس عشرة سنة. ومن ثم فإن العقوبة المقضي بها على الطاعن - وهى الأشغال الشاقة مدة عشر سنوات - تكون في نطاق العقوبة المقررة قانونا لجرائم الشروع في القتل وإحراز السلاح والذخيرة التي دين بها.
3- إن القانون إذ أوجب في كل حكم بالإدانة أن تشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، لم يرسم شكلا خاصا أو طريقة معينة يصوغ فيها الحكم هذا البيان. وإذن فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في بيان الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون.
4- الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
5- تقدير العقوبة في الحدود المقررة في القانون مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع وهى غير ملزمة ببيان الأسباب التي دعتها إلى توقيع العقوبة بالقدر الذي رأته.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 17 مارس سنة 1963 بدائرة مركز أولاد طوق شرق محافظة سوهاج (أولا) قتلا مدني محمد حسين عمدا ومع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتله وأعد كل منهما سلاحا ناريا "مسدسا". واستدرجاه إلى خارج البلدة وأطلق عليه الأول عيارا ناريا قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد تلت هذه الجناية جناية أخرى هى أنهما في الزمان والمكان سالفي الذكر شرعا قي قتل محروس محمود مطاوع بأن أطلق عليه المتهم الثاني عيارين ناريين من مسدس قاصدا من ذلك إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج وكانت هذه الجناية جريمة محتملة لجناية القتل التي تقدمتها.
(ثانيا) أحرز كل منهما بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا "مسدسا". (ثالثا) أحرز كل منهما ذخيرة مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر ودون أن يكون مرخصا له في حيازة أو إحراز السلاح. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 43 و45 و46 و230 و231 و234/ 1 - 2 عقوبات و1/ 1 و6 و26/ 2-4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954، والقانون رقم 75 لسنة 1958 والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق. فقرر بذلك. وادعت بحق مدني وحيدة محمد محمد عبد العال زوجة المجني عليه مدني محمد حسين وطلبت القضاء لها قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائة جنية على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف وأتعاب المحاماة ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضوريا في 6 يناير سنة 1966 عملا بالمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و26/ 2 - 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 المرافق مع تطبيق المادتين 30 و32 من قانون العقوبات وذلك بالنسبة إلى المتهم الثاني عن التهمة الثانية المسندة إليه والمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للمتهم الأول عن التهمتين الأولى والثانية (أولا) بمعاقبة المتهم الثاني (الطاعن) بالأشغال الشاقة مدة عشر سنوات وذلك عن تهمة الشروع في قتل محروس محمود مطاوع وإحراز السلاح والذخيرة وبراءته من تهمة قتل محمد حسين. (ثانيا) ببراءة المتهم الأول على ثابت إسماعيل مما أسند إليه. (ثالثا) رفض الدعوى المدنية وإلزام رافعتها المصروفات (رابعا) مصادرة السلاح المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الشروع في القتل العمد، قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وتناقض وتخاذل في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون - ذلك بأنه قدم للمحاكمة بوصف أنه وآخر ارتكبا جناية قتل عمد مع سبق الإصرار تلتها جناية شروع عمد وبعد أن انتهت المحكمة إلى عدم توافر ظرف سبق الإصرار في جناية القتل وقضت ببراءة الطاعن والمتهم الآخر منها - دانته بجناية الشروع في القتل وبذلك تكون قد أجرت تعديلا في وصف التهمة المسندة إليه - دون أن تنبهه إليه، كما تحدث الحكم عن جريمة الشروع في القتل وهى الأخف قبل جريمة القتل وهى الأشد، وعن المتهم الثاني (الطاعن) قبل المتهم الأول الذي أسندت إليه معه تهمة القتل، وذهب إلى أن الطاعن أطلق عيارين ناريين على المجني عليه في حين أن الشهود قرروا أنه أطلق عيارا واحدا، ودانته بجريمة الشروع مستندا إلى أقوال الشاهد التي لم تأخذ بها المحكمة في تهمة القتل. كما أوقع على الطاعن عقوبة تتجاوز الحد الأقصى المقرر لجريمة الشروع في القتل التي دانه بها، ذلك أن عقوبة جناية القتل العمد طبقا للمادة 234/ 1 من قانون العقوبات هى الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة. ولما كانت المادة 46 من قانون العقوبات تنص على أنه لا يحكم في الشروع بمدة تزيد عن نصف الحد الأقصى المقرر قانونا إذا كانت عقوبة الجناية هى الأشغال الشاقة المؤقتة وكانت المادة 14/ 2 من قانون العقوبات تنص على أنه لا يجوز أن تزيد مدة الأشغال الشاقة المؤقتة عن خمس عشرة سنة. فإنه كان يتعين معاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنين ونصف. وإذ وقع الحكم المطعون فيه في هذا الخطأ كله فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه والإحالة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فيما يجمل في أنه لنزاع بين الطاعن وأخيه وبين محمد محمد حسين على زراعة أرض لم يتمكنا من حسمه أطلق أحدهما النار عليه فأصابه وإذ استغاث مدني حسين بابن عمه محروس مطاوع فأغاثه وهم بالإمساك بالطاعن، أطلق عليه الأخير عيارين من مسدسه قاصدا قتله فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي. ودان الحكم الطاعن بوصف أنه شرع في قتل محروس محمود مطاوع عمدا وإحراز سلاح مششخن وذخيرته مستندا إلى أقوال المجني عليه والشهود والتقرير الطبي الشرعي.
وحيث إن الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هى مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقا صحيحا دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية التي اتخذتها المحكمة أساسا للتغيير الذي أدخلته على الوصف القانوني المعطى لها من النيابة هى بذاتها الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة دون أن تضيف إليها شيئا، وكان رفع الدعوى الجنائية بجناية القتل العمد المقترن بجناية أخرى يتضمن حتما رفعها بالجناية المقترنة فإذا لم تثبت الجناية الأصلية كان للمحكمة أن تتصدى للجناية المقترنة التي تسترد استقلالها في هذه الحالة وتقضي في موضوعها. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد أحيل إلى محكمة الجنايات لمحاكمته وآخر عن جناية قتل مدني حسن عمدا مع سبق الإصرار وقد تلت تلك الجناية جناية أخرى هى شروعه في قتل محروس محمد مطاوع عمدا وكانت المحكمة قد انتهت إلى عدم ثبوت التهمة الأولى فإن تصديها لجناية الشروع في القتل المسندة إلى الطاعن لا يعتبر تعديلا للتهمة ما دامت المحكمة لم تجر تغييرا في الواقعة المادية التي كانت أساسا للاتهام الأمر الذي لا يستلزم منها لفت نظر الدفاع. لما كان ما تقدم، وكان القانون إذ أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها لم يرسم شكلا خاصا أو طريقة معينة يصوغ فيها الحكم هذا البيان، وأنه متى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في بيان الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كان ذلك محققا لحكم القانون. ولما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة عناصر جرائم الشروع في القتل العمد وإحراز السلاح والذخيرة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. ولما كان تقدير العقوبة في الحدود المقررة في القانون مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع وهى غير ملزمة ببيان الأسباب التي دعتها إلى توقيع العقوبة بالقدر الذي رأته وكانت المادة 234/ 1 من قانون العقوبات تقضي بأن عقوبة القتل العمد من غير سبق إصرار أو ترصد هى الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة كما تقضي المادة 46 منه بأن يعاقب على الشروع في الجنايات بالأشغال الشاقة المؤقتة إذا كانت عقوبة الجناية الأشغال الشاقة المؤبدة، وكانت المحكمة غير مقيدة في تحديد مدة عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة إلا بما نص عليه في المادة 14 من قانون العقوبات من عدم جواز النزول بها عن ثلاث سنوات أو مجاوزة خمس عشرة سنة فإن العقوبة المقضي بها على الطاعن تكون في نطاق العقوبة المقررة قانونا للجرائم التي دين بها.
وحيث إنه لما تقدم، يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.