أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 14 - صـ 603

جلسة 14 من أكتوبر سنة 1963

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: توفيق الخشن، وأديب نصر، ومختار مصطفى رضوان، وأحمد موافي.

(112)
الطعن رقم 15 لسنة 33 القضائية

(أ، ب، جـ) خطأ. قتل خطأ. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "خبرة". محكمة الموضوع.
اطمئنان المحكمة إلى توافر الخطأ في حق المتهم، وتعدادها صور هذا الخطأ. ثبوت أن كل صورة منها تكفى لترتيب مسئوليته ولو لم يقع منه خطأ آخر. لا جدوى للمتهم من المجادلة في باقي صور الخطأ التى اسندها الحكم إليه.
للمحكمة بوصفها الخبير الأعلى أن تجزم بصحة ما رجحه الخبير الفني في تقريره. متى كانت وقائع الدعوى وأدلتها قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.
يصح في القانون أن يكون الخطأ الذي أدى إلى وقوع الحادث مشتركاً بين المتهم وآخر. لا ينفى خطأ أحدهما مسئولية الآخر. مثال.
(د) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "ما لا يوفره". خطأ. هدم.
مجال البحث في عدم استيفاء قرار الهدم للشروط التي نص عليها القانون 605 لسنة 1954: يكون عند تطبيق هذا القانون وإعمال أحكامه مجرداً عن النتيجة التي وقعت والتي دين الطاعن بها تأسيساً على توافر الخطأ في حقه بصرف النظر عن قرار الهدم. النعي على الحكم التفاته عن الدفع بعدم قانونية هذا القرار وعدم إجابة الطلب المبدى بضم ملف التنظيم تحقيقاً لهذا الدفع. لا محل له.
(هـ) محاكمة. "إجراءاتها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة استئنافية. تحقيق. شهود.
الأصل أن المحكمة الاستئنافية تقضى على مقتضى الأوراق. عدم التزامها بإجراء تحقيق إلا ما ترى لزوماً لإجرائه. مثال.
(و) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "ما لا يوفره". خطأ.
أخذ الحكم المطعون فيه بحكم محكمة أول درجة الذي أثبت في حق الطاعن قيامه بنزع النوافذ والأبواب دون اتخاذ أية احتياطات لمنع سقوط المنزل. ثبوت أن الطاعن أبدى دفاعه أمام محكمة ثاني درجة بشأن ما أسنده الحكم إليه. نعى الطاعن على الحكم بالإخلال بحق الدفاع بدعوى أن المحكمة الاستئنافية لم تنبهه إلى صورة الخطأ التي أضافتها. غير مقبول.
1 - من المقرر أن متى أطمأنت المحكمة إلى توافر الخطأ في حق المتهم وعددت صور هذا الخطأ، وكانت كل صورة منها تكفى لترتيب مسئوليته ولو لم يقع منه خطأ آخر فإنه لا جدوى للمتهم من المجادلة في باقي صور الخطأ التي أسندها الحكم إليه.
2 - للمحكمة بوصفها الخبير الأعلى أن تجزم بصحة ما رجحه الخبير الفني في تقريره، متى كانت وقائع الدعوى وأدلتها قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.
3 - يصح في القانون أن يكون الخطأ الذي أدى إلى وقوع الحادث مشتركاً بين المتهم وآخر، فلا ينفى خطأ أحدهما مسئولية الآخر. ومن ثم فإن عدم إذعان سكان المنزل لطلب الإخلاء الموجه إليهم لا ينفى عن الطاعن الخطأ الموجب لمسئوليته عن الحادث.
4 - لا جدوى مما يثيره الطاعن في شأن النعي على قرار الهدم عدم استيفائه للشروط التي نص عليها القانون رقم 605 لسنة 1954، ذلك أن مجال البحث في هذا الخصوص إنما يكون عند تطبيق ذلك القانون وإعمال أحكامه مجرداً عن النتيجة التي وقعت والتي دين الطاعن بها تأسيساً على توافر الخطأ في حقه بصرف النظر عن قرار الهدم. ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن في خصوص التفات الحكم عن الدفع بعدم قانونية هذا القرار وعدم إجابة المحكمة للطلب المبدى بضم ملف التنظيم تحقيقاً لهذا الدفع.
5 - من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إنما تقضى على مقتضى الأوراق، وهى لا تلتزم بأن تجرى تحقيقاً إلا ما ترى لزوماً لإجرائه. ومن ثم فلا جناح عليها إن هي التفتت عن الطب المبدى بسماع أقوال الشهود سيما وقد عنيت بتبرير ذلك في حكمها تبريراً سائغاً وسليماً.
6 - لما كان حكم محكمة أول درجة الذي أخذ به الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أنه قام بنزع النوافذ والأبواب دون اتخاذ أية احتياطات لمنع سقوط المنزل. وكان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن الطاعن أبدى دفاعه فعلاً بشأن ما أسنده الحكم إليه. فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من الإخلال بحقه في الدفاع بدعوى أن المحكمة الاستئنافية لم تنبهه إلى صورة الخطأ التي أضافتها لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 29 نوفمبر سنة 1958 بدائرة قسم بولاق: "تسبب بغير قصد ولا تعمد في قتل محمد على خليل وإصابة حسنين سليمان وسالم المصري النجار بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه ورعونته وذلك بأن ترك منزله المبين بالمحضر وهو آيل للسقوط دون أن ينفذ القرار الصادر بهدمه من الجهة المختصة فسقط المنزل على المجني عليهم وأحدث إصابات كل منهم والتي أودت بحياة الأول". وطلبت عقابه بالمادتين 238 و244 من قانون العقوبات. وقد ادعت سعاد عبد الكريم عن نفسها وبصفتها وصية على ولديها عبد الكريم وصلاح ولدى المرحوم محمد على خليل مدنياً قبل المتهم بمبلغ 5000 ج على سبيل التعويض والمصروفات. ومحكمة بولاق الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 10 ديسمبر سنة 1960 عملاً بمادتي الاتهام مع تطبيق المادتين 55 و56 من قانون العقوبات: أولاً - في الدعوى الجنائية بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من صيرورة هذا الحكم نهائياً: ثانياً - في الدعوى المدنية بإلزام المتهم بأن يدفع للمدعية بالحق المدني عن نفسها وبصفتها وصية على ولديها عبد الكريم وصلاح مبلغ ألفى جنيه (2000 ج) كتعويض مدني وألزمت المتهم مصروفات الدعوى المدنية ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم في 14 ديسمبر سنة 1960 كما استأنفته أيضاً المدعية بالحق المدني في 18 ديسمبر سنة 1960. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 30 نوفمبر سنة 1961 بقبول الاستئنافين شكلاً وفى الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام كل من المستأنفين بمصاريف استئنافه المدنية والمقاصة في أتعاب المحاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم الأخير بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب وخطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال كما أخطأ في تطبيق القانون وانطوى على إخلال بحق الدفاع. ذلك أنه دان الطاعن بجريمة القتل والإصابة الخطأ استناداً إلى أنه لم يقم بالإجراءات اللازمة لهدم منزله أو إصلاحه. وأضاف صورة أخرى إلى صور الخطأ التي ارتكبها الطاعن وهى أنه عهد بعملية نزع النوافذ والأبواب إلى عمال غير فنيين دون أن يعنى ببيان وجه الربط بين ذلك وسقوط البرج الذي تسبب عنه الحادث. هذا إلى أن ما أثبته من عدم خبرة هؤلاء العمال لا سند له من الأوراق. وعلاوة على ما تقدم فقد نسب الحكم إلى الطاعن إهماله في عدم اتخاذ الاحتياطات المطلوبة عند نزع النوافذ والأبواب بعدم وضع الستائر الواقية مع أن هذه الستائر لا توضع إلا عند إجراء عملية الهدم. يضاف إلى ذلك أن الحكم التفت عن الدفع الذي أبداه الطاعن بعدم قانونية قرار الهدم بمقولة إنه لا محل للتعويل عليه بعد تعديل وصف التهمة مع أنه وقد تبنى أسباب الحكم الابتدائي الذي عول على هذا القرار وعلى عدم تنفيذه - كان يتعين عليه أن يعرض لهذا الدفع كما كان يتعين على محكمة ثاني درجة أن تضم الأوراق المؤدية لتحقيقه. وإذ كان قرار الهدم قد صدر بناء على الأمر العالي الصادر في 26 من أغسطس سنة 1889 والقانون رقم 118 سنة 1948 وكلاهما قد ألغى بالقانون رقم 605 لسنة 1954 الذي نظم مراحل إصدار قرار الهدم فإن استناد الحكم على هذا القرار الذي أصبح منعدماً يكون باطلاً لمخالفته للقانون. وفضلاً عما تقدم فقد دان الحكم - الطاعن تأسيساً على ما أورده من تراخيه في هدم منزله بالرغم من تمام إخلائه في 16 من أكتوبر سنة 1957 مع أن الثابت بالأوراق يخالف ذلك فقد علل أمين حسن السيد بواب المنزل تراخى الطاعن في الهدم بأن بعض سكان المنزل نازعوا في إخلائه ولم يبارحوه حتى يوم وقوع الحادث كما أن من أخلى سكنه عاد إليه بعد الإخلاء. هذا إلى أن الحكم ساءل الطاعن عن عدم قيامه بهدم منزله رغم قدمه وأيلولته للسقوط مع أنه لا وجه للترابط بينهما كما دانه على تراخيه في الهدم في حين أنه لم يكن قد صدر له ترخيص بالهدم الكلى ذلك أنه لا عبرة بالترخيص بالهدم الجزئي لتعذره. وما قاله الحكم من إمكان ذلك يفتقر إلى الدليل. واستند الحكم في قضائه على نتيجة التقرير الفني عن سبب الانهيار التي رجح فيها وقوع الحادث بسبب نزع النوافذ والأبواب الأمر الذي يتعارض مع تحديد الخطأ في حق الطاعن بعدم تنفيذه قرار الهدم. يضاف إلى ذلك أن ما انتهى إليه الحكم سبباً مباشراً للحادث من أن الطاعن عهد إلى عمال غير فنيين بخلع النوافذ والأبواب يقطع كل صلة بين التراخي في الهدم وسقوط البرج. وفضلاً عما تقدم كله فقد تمسك الطاعن بطلب ضم ملف التنظيم وسماع شهود الإثبات لبيان الصلة بين قدم المنزل وسقوطه وبين نزع النوافذ والأبواب وسقوط البرج وبين طريقة العمال في ممارسة عملهم وهذا السقوط. بيد أنها التفتت عن إجابة هذا الطب مع أنها كانت قد قررت ضم الملف ثم عدلت عن هذا القرار دون مبرر مقبول. وإلى جانب ما تقدم جميعه فإن المحكمة الاستئنافية بعد أن عدلت وصف التهمة وحصرت خطأ الطاعن في عدم قيامه بالإجراءات اللازمة لهدم منزله أو إصلاحه قد أسندت إليه صورتين أخريين للخطأ دون أن تنبه إليهما حتى تدور مرافعته عليهما مما أخل بحقه في الدفاع وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن واقعة الدعوى أخذاً مما أورده الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه تخلص في أن الطاعن أخطر من مصلحة التنظيم بقرار هدم الدورين الثاني والثالث من منزله الآيل للسقوط. فتراخى في تنفيذ هذا القرار مدة تزيد على السنة مكتفياً بإخطار السكان بالإخلاء وقبل الحادث بيومين كلف أمين حسن السيد وهو بواب منزل آخر له - بإحضار عمال لنزع النوافذ والأبواب من واجهة المنزل فقاموا بنزعها في اليوم السابق على وقوع الحادث وفى اليوم التالي لنزعها انهارت الواجهة - وسقطت أنقاضها على عاملين بمصلحة التليفونات فحدثت بهما إصابات أدت إلى وفاة أحدهما كما أصيب ثالث من جراء الحادث وبسؤال الطاعن أقر بأن منزله بالغ القدم و آيل للسقوط وأنه قد رخص له من مصلحة التنظيم في 3 من ديسمبر سنة 1957 بهدم الدورين الثاني والثالث بيد أنه تقدم في 26 من نوفمبر سنة 1958 بطلب الترخيص له بهدم الدور الأرضي لتعذر هدم الدورين العلويين دونه بسبب القدم ولإعادة تأسيس المنزل وأضاف بأنه علم بأن أحد السكان الذين اخلوا المنزل بعد صدور قرار الهدم عاد إلى مسكنه فأبلغ الشرطة ضده وكلف البواب بالعمل على نزع النوافذ والأبواب ونفى أن نزعها تسبب في سقوط واجهة المنزل لأن ذلك كان منتظراً بسب القدم. وثبت من تقرير مفتش التنظيم أن سبب الانهيار يرجع إلى نزع النوافذ والأبواب الذي ترتب عليه سقوط حوائط البرج لضعفها وكذا أسقفه ما بين الدورين الأول والثاني فوق الأرضي.
وحيث إنه يبين مما أورده حكم محكمة أول درجة أنه انتهى إلى تحديد الخطأ في حق الطاعن في صورتين: الأولى - أنه تراخى في تنفيذ قرار مصلحة التنظيم بهدم الدورين الثاني والثالث من منزله رغم إخلائهما من السكان ومع علمه بقدمه بغير اعتداد بما ادعاه الطاعن من عدم إمكان هدم الدورين الثاني والثالث وحدهما دون الأرضي لأنه فضلاً عن إمكان ذلك فهو لم يتقدم بطلب الترخيص له بهدم الدور الأرضي إلا بعد مضى أكثر من سنة من صدور قرار الهدم. ومن ثم فإن تراخيه في الهدم لم يكن لهذا السبب. والثانية - أنه كلف عمالاً بنزع النوافذ والأبواب دون أن يتخذ أية احتياطات لمنع سقوط المنزل رغم علمه بقدمه. ويبين من الحكم المطعون فيه أن محكمة ثاني درجة عدلت وصف التهمة في مواجهة الطاعن بأن استبعدت صورة الخطأ المنسوبة إليه وهى عدم تنفيذه قرار الهدم وأسندت إليه صورة أخرى هي عدم قيامه بالإجراءات اللازمة لهدم منزله أو إصلاحه. وقالت إن علمه بأن منزله آيل للسقوط ثابت من إخطار البلدية له بالهدم وتقدمه بطلب لاحق بالترخيص له بهدم الدور الأرضي وأضافت إلى ذلك "أنه عهد لأناس غير فنيين بنزع النوافذ والأبواب مما أدى إلى سقوط البرج ولم يقم بعمل الستائر اللازمة لوقاية الجمهور فيكون أيضاً بذلك مخطئاً." ومفاد ما تقدم أن صور الخطأ التي خلص الحكم إلى توافرها في حق الطاعن تنحصر في أنه كلف عمالاً بنزع النوافذ والأبواب من منزله دون أن يتخذ أية احتياطات لمنع سقوطه بالرغم من علمه بقدمه وأنه لم يقم بهدم منزله أو إصلاحه بالرغم من علمه بوجوب ذلك وأنه بما فعل من نزع النوافذ والأبواب استعان بأناس غير فنيين ولم يقم بعمل الستائر اللازمة لوقاية الجمهور. لما كان ذلك، وكانت الصورة الأولى من صور الخطأ التي أوردها الحكم وتتمثل في قيام الطاعن بنزع النوافذ والأبواب دون اتخاذ أية احتياطات لمنع سقوط المنزل مع علمه بقدمه تكفى وحدها لحمل الحكم فيما انتهى إليه من إدانته عن الحادث. وكان الحكم قد استند في إثبات هذه الصورة من الخطأ في حق الطاعن إلى ما انتهى إليه تقرير الخبير الفني من أن سبب الانهيار يرجع إلى قيام الطاعن بنزع النوافذ والأبواب مما ترتب عليه انهيار حوائط البرج لضعفها وعدم تماسكها وكذا أسقفه ما بين الدورين الأول والثاني فوق الأرضي فإنه لا مصلحة للطاعن فيما ينعاه على الحكم بشأن باقي صور الخطأ الأخرى. ذلك لأنه من المقرر أنه متى اطمأنت المحكمة إلى توافر الخطأ في حق المتهم وعددت صور هذا الخطأ وكانت كل صورة منها تكفى لترتيب مسئوليته ولو لم يقع منه خطأ آخر فإنه لا جدوى للمتهم من المجادلة في باقي صور الخطأ التي أسندها الحكم إليه. وما يقوله الطاعن من أن ما انتهى إليه الخبير في تقريره لم يبت في الأمر بصفة قاطعة بل جاء على سبيل الترجيح - فإنه بفرض صحة هذا القول فإنه لا يعيب الحكم ولا يؤثر في سلامته ذلك أنه أورد نتيجة التقرير بما يفيد القطع وللمحكمة بوصفها الخبير الأعلى أن تجزم بصحة ما رجحه الخبير الفني في تقريره متى كانت وقائع الدعوى وأدلتها قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها. وأما ما يعيبه الطاعن على الحكم من أن استناده إلى نتيجة هذا التقرير يتعارض مع ما أورده من تراخى الطاعن في تنفيذ قرار الهدم فهو غير سديد ذلك لأن الحكم المطعون فيه بتعديله وصف التهمة قد استبعد خطأ الطاعن المتمثل في عدم تنفيذ قرار الهدم. وأبقى خطأه المتمثل في أنه مع علمه بقدم منزله وأيلولته للسقوط لم يبادر إلى هدمه بل ظل لا يحرك ساكناً نحو ذلك مدة تزيد على سنة حتى وقع الحادث. وهذا الخطأ بالإضافة إلى خطئه المتمثل في قيامه بنزع النوافذ والأبواب دون احتياط مما يستقيم به قضاء الحكم بمساءلته عن نتيجة فعله. ولما كان عدم إذعان سكان المنزل لطلب الإخلاء الموجه إليهم لا ينفى عن الطاعن الخطأ الموجب لمسئوليته عن الحادث إذ يصح في القانون أن يكون الخطأ الذي أدى إلى وقوع الحادث مشتركاً بين المتهم وآخر فلا ينفى خطأ أحدهما مسئولية الآخر. وكان لا جدوى مما يثيره الطاعن في شأن النعي على قرار الهدم عدم استيفائه للشروط التي نص عليها القانون رقم 605 لسنة 1954 ذلك أن مجال البحث في هذا الخصوص إنما يكون عند تطبيق ذلك القانون وإعمال أحكامه مجرداً عن النتيجة التي وقعت والتي دين الطاعن بها تأسيساً على توافر الخطأ في حقه بصرف النظر عن قرار الهدم. ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن في خصوص التفات الحكم عن الدفع بعدم قانونية هذا القرار وعدم إجابة المحكمة للطلب المبدى بضم ملف التنظيم تحقيقاً لهذا الدفع. وأما ما يثيره الطاعن في خصوص عدم إجابة طلبه سماع الشهود فهو في غير محله أيضاً. ذلك لأنه من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إنما تقضى على مقتضى الأوراق وهى لا تلتزم بأن تجرى تحقيقاً إلا ما ترى لزوماً لإجرائه ومن ثم فلا جناح عليها إن هي التفتت عن الطلب المبدى بسماع أقوال الشهود سيما وقد عنيت بتبرير ذلك في حكمها تبريراً سائغاً وسليماً. لما كان ما تقدم، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من الإخلال بحقه في الدفاع بدعوى أن المحكمة الاستئنافية لم تنبهه إلى صورتي الخطأ اللتين أضافتهما غير سديد. ذلك أن حكم محكمة أول درجة الذي أخذ به الحكم المطعون فيه أثبت في حقه أنه قام بنزع النوافذ والأبواب دون اتخاذ أية احتياطات. يضاف إلى ذلك أنه يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن الطاعن أبدى دفاعه فعلاً بشأن ما أسنده الحكم إليه من نزع النوافذ والأبواب دون اتخاذ أية احتياطات لمنع سقوط المنزل. ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الصدد لا يكون مقبولاً.
وحيث إنه لما تقدم كله يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.