أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 17 صـ 1149

جلسة 28 من نوفمبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، وجمال المرصفاوي، وحسين سامح، ومحمود العمراوي.

(216)
الطعن رقم 1207 لسنة 36 القضائية

(أ) اختصاص. دعوى جنائية. "نظرها". نقض. "حالات الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون". دعوى مدنية.
اختصاص المحكمة الجنائية بالفصل في جميع المسائل المدنية الفرعية التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية المطروحة أمامها. مثال في جريمة تبديد.
(ب) دعوى مدنية. "انقضاؤها".
الدعوى المدنية الناشئة عن جريمة لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية. المادة 172/2 مدني.
1- تختص المحكمة الجنائية بموجب المادة 221 من قانون الإجراءات الجنائية بالفصل في جميع المسائل المدنية الفرعية التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها. ولما كان البت في صورية الحوالة يتوقف عليه - في خصوص الدعوى المطروحة - الفصل في جريمة التبديد، فإن الاختصاص في شأنها ينعقد للمحكمة الجنائية. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه بالنسبة إلى الدعوى المدنية المرفوعة عنها الطعن.
2- نصت الفقرة الأولى من المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه. "تنقضي الدعوى المدنية بمضي المدة المقررة في القانون المدني" وتضمنت الفقرة الثانية من المادة 172 من القانون المدني حكم سقوط الدعوى المدنية الناشئة عن جريمة، فنصت على أن دعوى التعويض لا تسقط في تلك الحالة إلا بسقوط الدعوى الجنائية. ولما كان ما انتهى إليه الحكم من انقضاء الدعوى الجنائية على غير سند سليم من الأوراق، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يستوجب نقضه بالنسبة إلى الدعوى المدنية المرفوع عنها الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 24 مارس سنة 1957 بدائرة مركز بلبيس: (أولا) اشترك بطريقي التحريض والاتفاق مع مجهول في تزوير توقيع المرحوم سيد حامد الحكيم على المحررين المبينين بالمحضر ويفيد أولهما استلامه 700 جنيه والثاني 500 جنيه من المتهم وكان ذلك بأن حرضه واتفق معه على أن يضع توقيعا ينسبه زورا إلى "سيد حامد حكيم" على هذين المحررين - وبأن يجعل هذه الواقعة المزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض والاتفاق (ثانيا) بدد مبلغ 1200 ج ألف ومائتي جنيه إضرارا بسيد حامد الحكيم وبورثته من بعده وكان قد تسلمها من أحمد البطريق بصفته وكيلا عن المجني عليهم في تحصيلها فاختلسها لنفسه إضرارا بهم. وطلبت معاقبته بالمواد 40 و41 و211 و213 و215 و341 من قانون العقوبات. وادعت سكينة سيد حامد الحكيم بحق مدني قبل المتهم طالبة إلزامه بمبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة بلبيس الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 23 من فبراير سنة 1965 عملا بمواد الاتهام والمادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل مدة سنة بلا مصروفات جنائية وقدرت مبلغ خمسين جنيها كفالة لوقف التنفيذ وألزمته أن يدفع إلى المدعية بالحق المدني واحد وخمسين جنيها تعويضا مؤقتا. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة الزقازيق الابتدائية دفع الحاضر مع المتهم بانقضاء الدعويين الجنائية والمدنية بالتقادم. وبعد أن أنهت المحكمة المذكورة نظرها قضت حضوريا بتاريخ 20 من يونيه سنة 1965 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة لجريمة التزوير بمضي المدة وبانقضائها - وببراءة المتهم مما أسند إليه عن التهمتين بلا مصاريف جنائية وبانقضاء الدعوى المدنية وألزمت رافعتها مصاريفها. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه المدعية بالحقوق المدنية على الحكم المطعون فيه بالخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه عول في تحديد تاريخ وقوع جريمة تزوير المحرر العرفي على أقوال الطاعنة وزوجها التي استخلص منها وقوع الجريمة بتاريخ 9 من يناير سنة 1952 ورتب على ذلك الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية فيها بمضي المدة على اعتبار أنه لم يبلغ عنها إلا في 24 من مارس سنة 1957، في حين أن أقوال زوج الطاعنة لا تؤدي إلى ذلك التحديد وما أسنده الحكم إلى الطاعنة من أقوال في هذا الخصوص يخالف الثابت في الأوراق. هذا إلى أن الحكم اكتفى فيما انتهى إليه من تبرئة المطعون ضده من تهمة التبديد بما شهد به المحال إليه في المحرر موضوع التزوير في استيفاؤه حقه، دون أن يعرض لما اشتمل عليه حكم محكمة أول درجة من صورية عقد الحوالة، كما تخلى عن اختصاصه بالفصل في صوريتها بدعوى انعقاد الاختصاص بذلك للمحكمة المدنية.
وحيث إنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه بانقضاء دعوى تزوير المحررين العرفيين على ما شهدت به الطاعنة - المدعية بالحقوق المدنية - وزوجها من أن التزوير قد ارتكب في يناير سنة 1952 ولم يبلغ عنه إلا بتاريخ 24 مارس سنة 1957، ويبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لأوجه الطعن أن المدعية بالحق المدني شهدت بتحقيقات النيابة بما مؤداه أن الإقرار المزور المنسوب صدوره إلى مورثها المتضمن قبضه مبلغ سبعمائة جنيه والمدون على هامش الحكم الصادر لصالحه، أعطى أصلا تاريخ 9 يناير سنة 1952 ثم عدل إلى 9 ديسمبر سنة 1952 حتى يتسق تاريخه وإجراءات التنفيذ بالحكم التي كان محددا لها يوم 31 يناير سنة 1952. وشهد زوجها بمضمون ذلك سواء بتحقيقات النيابة أو بجلسة المحاكمة إذ قرر أنه عندما اطلع على هذا الإقرار في يوم 19 نوفمبر سنة 1954 وجده يحمل التاريخ سالف الذكر. ومؤدى هذه الشهادة منهما أن أقوالهما انصبت أساسا على أن الإقرار موضوع تهمة التزوير حين اطلعا عليه كان يحمل تاريخ 9 يناير سنة 1952 ولم يقولا بأن تزويره قد حدث في هذا التاريخ. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن "التزوير في المحررين المطعون عليهما قد تم في سنة 1952 على ما جاء بأقوال المدعية بالحق المدني وزوجها"، فإنه يكون قد تدخل في أقوال الشاهدين وأخذها على وجه يخالف صريح عبارتها واستخلص منها ما يخالف مؤداها وحملها غير ما تحتمل. وكانت واقعة تحديد تاريخ ونوع الجريمة - في صورة الدعوى المطروحة - جوهرية لما رتبه عليها الحكم في قضائه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد بنى قضائه على ما يخالف الثابت في الأوراق مما يعيبه ويستوجب نقضه. هذا إلى أنه يبين من الحكم أنه حين أسس قضاءه ببراءة المطعون ضده من تهمة التبديد على "ما قرره المحال إليه محمد سليمان درويش أمام محكمة أول درجة من استلامه مبلغ 700 ج موضوع جريمة التبديد من المتهم واستلم الباقي وقدره 300 ج من المدين الأصلي أحمد على البطريق الأمر الذي يرى معه المحكمة أن المتهم لم يختلس المبلغ موضوع الاتهام" عرض لدفاع الطاعنة المدعية بالحقوق المدنية في هذا الخصوص في شأن صورية الحوالة ورد عليه بقوله: "بأنه أمر يخرج عن نطاق التهمتين المسندتين إلى المتهم ودعوى التعويض المطروحة أمام هذه المحكمة ويناط تحقيقه للمحكمة المدنية المختصة والمدعية بالحق المدني وشأنها في إقامة دعوى مدنية مستقلة في هذا الخصوص". وما انتهى إليه الحكم فيما تقدم ينطوي على مخالفة للقانون، ذلك بأن المحكمة الجنائية تختص بموجب المادة 221 من قانون الإجراءات الجنائية بالفصل في جميع المسائل المدنية الفرعية التي يتوقف عليها الحكم في الدعوى الجنائية المرفوعة أمامها - ومتى كان ذلك، وكان البت في صورية الحوالة يتوقف عليه - في خصوص الدعوى المطروحة - الفصل في جريمة التبديد، فإن الاختصاص في شأنها ينعقد للمحكمة الجنائية. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه بالنسبة إلى الدعوى المدنية المرفوع عنها الطعن. ولما كان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من سقوط الدعوى المدنية لانقضاء ثلاث سنوات من يوم علم المدعية بالحق المدني بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه غير سديد في القانون، ذلك بأن الفقرة الأولى من المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية نصت على أنه "تنقضي الدعوى المدنية بمضي المدة المقررة في القانون المدني". وتضمنت الفقرة الثانية من المادة 172 من القانون المدني حكم سقوط الدعوى المدنية الناشئة عن جريمة فنصت على أن دعوى التعويض لا تسقط في تلك الحالة إلا بسقوط الدعوى الجنائية. وإذ ما كان ما انتهى إليه الحكم من انقضاء الدعوى الجنائية على غير سند سليم من الأوراق كما تقدم القول، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يستوجب نقضه بالنسبة إلى الدعوى المدنية والإحالة مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة.