أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 17 صـ 1168

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضر السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمود عزيز الدين سالم، ومحمد أبو الفضل حفني.

(220)
الطعن رقم 931 لسنة 36 القضائية

(أ) قانون. "إصداره". عملة فضية.
للسلطة التنفيذية حق إصدار مراسيم لها قوة القانون في غيبة البرلمان بشرط أن لا تكون مخالفة للدستور وأن تعرض على البرلمان عند انعقاده. عدم عرضها أو رفض أي المجلسين إقرارها. أثره: زوال ما كان لها من قوة القانون. دستورية المرسوم بقانون 183 لسنة 1949 بشأن العملة الفضية.
(ب) عملة فضية. جريمة.
حظر الشارع حبس العملة الفضية عن التداول أو بيعها أو عرضها للبيع بسعر أعلى من قيمتها الاسمية، وكل إجراء ينزع منها صفة النقود، وكل فعل يخرجها عن الغرض الذي صكت من أجله ورصدت له وهو تداولها بين الناس باعتبارها نقدا.
1- جرى قضاء محكمة النقض على أن للسلطة التنفيذية حق إصدار مراسيم لها قوة القانون في غيبة البرلمان إذا حدث ما يوجب اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، وكل ما اشترطته المادة 41 من الدستور أن لا تكون تلك المراسيم مخالفة للدستور وأن تعرض على البرلمان, فإذا لم تعرض عليه أو عرضت ولم يقرها أي المجلسين زال ما كان لها من قوة القانون. ولما كان المرسوم بقانون رقم 183 لسنة 1949 بشأن العملة الفضية صدر من الجهة المختصة بإصداره بحسب المادة 41 من الدستور ثم عرض على البرلمان في أول اجتماع له ولم يصدر أحد مجلسي البرلمان قرارا بعدم الموافقة عليه بل صدر قانون بإقراره واعتباره صحيحا نافذا من وقت صدوره؛ فإن الدفع بعدم دستوريته لا يكون له من وجه ولا يعتد به ويتعين لذلك رفضه.
2- نصت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 183 لسنة 1949 بشأن العملة الفضية والذي حل محله من بعد القانون رقم 30 لسنة 1966 بنفس الصيغة مع تشديد في العقوبة على أنه: "يحظر حبس العملة الفضية المتداولة قانونا عن التداول أو صهرها أو بيعها أو عرضها بسعر أعلى من قيمتها الاسمية أو إجراء أي عمل فيها ينزع منها صفة النقد". وبهذا التنصيص يكون المشرع قد حظر طائفة مخصوصة من الأفعال منها حبس العملة الفضية عن التداول أو بيعها أو عرضها للبيع بسعر أعلى من قيمتها الاسمية، كما حظر بصفة عامة كل إجراء ينزع من العملة الفضية صفة النقد، ودل على تأثيم كل فعل - أيا كان كنهه - يخرج العملة الفضية عن الغرض الذي صكت من أجله ورصدت له، وهو تداولها بين الناس باعتبارها نقد، فتتحقق الجريمة متى قارف الجاني الفعل المؤثم عمد مع العلم بماهيته، وكونه مخالفا للقانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر: بأنهما في يوم 9 سبتمبر سنة 1965 بدائرة روض الفرج: قاما بحبس العملة الفضية المبينة وصفا وقيمة بالمحضر والمتداولة قانونا عن التداول وذلك على النحو المبين بالمحضر. وطلبت عقابهما بالمادتين 1 و2 من المرسوم بقانون رقم 183 لسنة 1949 ومحكمة روض الفرج الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 5 أكتوبر سنة 1965 عملا بمادتي الاتهام بحبس المتهمين ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة 500 قرش لكل منهما لإيقاف التنفيذ وغرامة 6082 ج و 900 م للمتهم الأول و200 ج للمتهم الثاني ومصادرة المضبوطات. فاستأنف المتهمان هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت في 12 ديسمبر سنة 1965 حضوريا للأول وغيابيا للثاني بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للمتهم الأول وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم وبالنسبة للمتهم الثاني بإلغاء الحكم المستأنف وببراءته مما أسند إليه. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن جريمة حبس العملة الفضية عن التداول المعاقب عليها بمقتضى المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 183 لسنة 1949 الذي دين الطاعن بمقتضاه تقتضي لتوافرها ثبوت قصد جنائي خاص هو قصد الحصول على ربح غير مشروع من وراء حبس العملة, وهو ما لم يتوافر لدى الطاعن الذي اتجه قصده إلى مجرد الادخار، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ دانه على الرغم من انتفاء القصد الجنائي لديه يكون معيبا بما يوجب نقضه.
وحيث إن الدفاع عن الطاعن دفع أمام هذه المحكمة بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 183 لسنة 1949 الذي دين بمقتضاها اعتبارا بأنه صدر في فترة حل البرلمان ولم يعرض عليه وفاقا لحكم المادة 41 من دستور سنة 1923 الذي كان ساريا وقتذاك.
وحيث إن المرسوم بقانون رقم 183 لسنة 1949 صدر في 29 من ديسمبر سنة 1949 في فترة حل البرلمان في المدة من 7 نوفمبر سنة 1949 إلى 15 من يناير سنة 1950 ويبين من الاطلاع على مضبطة مجلس النواب أن هذا المرسوم أرسل مع مراسيم أخرى بكتاب من رئيس الوزراء لعرضه على المجلس في جلسة 23 من يناير سنة 1950 ثم صدر القانون رقم 231 لسنة 1951 في 27 من ديسمبر سنة 1951 ونصت المادة الأولى منه على أن المراسيم بقوانين الواردة في الجدول (أ) الملحق بهذا القانون تعتبر صحيحة من وقت صدورها وجاء المرسوم بقانون رقم 183 لسنة 1949 ضمن هذا الجدول تحت رقم 18. لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض قد استقر على أن للسلطة التنفيذية حق إصدار مراسيم لها قوة القانون في غيبة البرلمان إذا حدث ما يوجب اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، وكل ما اشترطته المادة 41 من الدستور أن لا تكون تلك المراسيم مخالفة للدستور, وأن تعرض على البرلمان، فإذا لم تعرض عليه، أو عرضت ولم يقرها أي المجلسين، زال ما كان لها من قوة القانون. ولما كان المرسوم بقانون رقم 183 لسنة 1949 صدر من الجهة المختصة بإصداره بحسب المادة 41 من الدستور، ثم عرض على البرلمان في أول اجتماع له. ولم يصدر أحد مجلسي البرلمان قرارا بعدم الموافقة عليه، بل صدر قانون بإقراره واعتباره صحيحا نافذا من وقت صدوره, فإن الدفع بعدم دستوريته لا يكون له من وجه ولا يعتد به، ويتعين لذلك رفضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه بين واقعة الدعوى بما محصله أن الشرطي "ناصف مرسى مرسى" أبلغ النقيب "عبد الظاهر محمود حسين" معاون مباحث إدارة السكة الحديد بأن الطاعن - وهو صراف بشركة دخان الجيزة يساكنه بالدور الثالث من المنزل عينه يتردد عليه بعض الأشخاص ثم ينصرفون من عنده وقد يحملون أكياس ينبعث رنين العملة الفضية منها، ويخشى أن يكون أحد أفراد عصابة لتزييف هذا النوع من العملة، فقام الرائد جميل مصطفى عزيز بالتحري عن الأمر فتبين له أن بعض الصاغة يترددون على مسكن الطاعن ليشتروا العملة الفضية لصهرها وصنع سبائك منها، لأنها تحتوي على معدن الفضة ما يربو في ثمنه على قيمتها الاسمية، فاستصدر الرائد أمرا من النيابة العامة بالتفتيش الذي أسفر عن ضبط عدد من أكياس العملة الفضية بمنزله بلغت قيمتها 608 ج و290 م كما وجد الضابط شخصا آخر مع الطاعن يحمل حقيبة بها عملات فضية مبلغها عشرون جنيها - وقد أقر الطاعن بملكيته للعملة الفضية المضبوطة وقرر أنه استبدله من الشركة التي يعمل فيها، كما قرر الشخص الآخر أنه حضر لشراء المبلغ المضبوط معه - ودلل الحكم على هذه الواقعة بما ينتجها من وجوه الأدلة ومنها ما أسفر عنه التحري من أن المتهم يجمع العملة الفضية ويقوم ببيعها بسعر أعلى من سعرها الرسمي لاحتوائها على نسبة من الفضة ثمنها أعلى من هذا السعر، فضلا عما قرره الشخص الآخر. الذي كان متهما ثانيا في الدعوى مما يؤيد ذلك، وأضاف الحكم المطعون فيه أنه لا يوهن من التدليل على هذه الواقعة أن من قام بالتحري والضبط لم يقم بضبط عملية بيع عملات فضية لآخرين، لأن الشارع سوى في العقوبة بين حبس العملة الفضية عن التداول، وبين بيعها أو صهرها أو عرضها للبيع بسعر أعلى من قيمتها الاسمية أو إجراء أي عمل فيها ينزع منها صفة النقد فلا يشترط أن يثبت أن المتهم قد باع بالفعل عملة فضية لآخرين. ثم عرض لدفاع الطاعن المبين في وجه الطعن ورد على بقوله: "إن المادة الأولى من المرسوم بقانون 183 لسنة 1949 تعاقب على مجرد حبس العملة الفضية عن التداول لما في هذا الفعل في ذاته من أضرار اقتصادية، ولم يشترط القانون نية خاصة كغرض الربح، وهذا ظاهر من إطلاق المادة التي لم تشترط هذه النية ومن الغرض التشريعي السابق كذلك" وهذا الرأي الذي اعتنقه الحكم المطعون فيه يتفق وصحيح القانون ذلك بأن المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 183 لسنة 1949 بشأن العملة الفضية الصادر في 29 من ديسمبر سنة 1949 والذي حل محله من بعد القانون رقم 30 لسنة 1966 الصادر في 6 يوليه سنة 1966 بنفس الصيغة مع تشديد في العقوبة قد نصت على أنه "يحظر حبس العملة الفضية المتداولة قانونا عن التداول أو صهرها أو بيعها أو عرضها للبيع بسعر أعلى من قيمتها الاسمية أو إجراء أي عمل فيها ينزع منها صفة النقد". وبهذا التنصيص يكون المشرع قد حظر طائفة مخصوصة من الأفعال منها حبس العملة الفضية عن التداول أو بيعها أو عرضها للبيع بسعر أعلى من قيمتها الاسمية، كما حظر بصفة عامة كل إجراء ينزع من العملة الفضية صفة النقد ودل على تأثيم كل فعل - أيا كان كنهه - يخرج العملة الفضية عن الغرض الذي صكت من أجله ورصدت له، وهو تداولها بين الناس باعتبارها نقدا، فتتحقق الجريمة متى قارف الجاني الفعل المؤثم عن عمد مع العلم بماهيته، وكونه مخالفا للقانون وهو ما أثبته الحكم في حق الطاعن، ومن ثم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه.