أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 17 صـ 1190

جلسة 5 من ديسمبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ حسين السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، وجمال المرصفاوي، ومحمد محفوظ، ومحمود كامل عطيفة.

(225)
الطعن رقم 1318 لسنة 36 القضائية

(أ) مواد مخدرة. عقوبة. ظروف مشددة.
الظرف المشدد في مجال تطبيق الفقرة الأخيرة من المادة 34 من القانون 182 لسنة 1960. توافره: باتصال الموظف أو المستخدم العمومي بأعمال مكافحة المواد المخدرة أو الرقابة على تداولها أو حيازتها على أية صورة.
(ب) إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القاضي غير مقيد بالأخذ بدليل معين في تكوين عقيدته إلا إذا قيده القانون به.
(ج) إثبات. "اعتراف". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات.
(د) مواد مخدرة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إحراز المخدر بقصد الاتجار. واقعة مادية. استقلال قاضي الموضوع بالفصل فيها. طالما أنه يقيمها على ما ينتجها.
1- الظرف المشدد في مجال تطبيق الفقرة الأخيرة من المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات يتوافر باتصال الموظف أو المستخدم العمومي بأعمال مكافحة المواد المخدرة أو الرقابة على تداولها أو حيازتها على أية صورة من الصور.
2- لا يصح مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدته بدليل معين إلا إذا قيده القانون به بنص خاص.
3- الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها، مادامت تقيمه على أسباب سائغة تخلص منها إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف المتهم وإلى صدوره عنه اختيارا.
4- إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها، طالما أنه يقيمها على ما ينتجها. وما دامت المحكمة قد اقتنعت للأسباب التي بينتها في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن الإحراز كان بقصد الاتجار، فإن ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الأدلة والقرائن التي كونت منها المحكمة عقيدتها وهو ما لا يصح إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 17/ 3/ 1965 بدائرة قسم الشرق محافظة بور سعيد: أحرز بقصد الاتجار جواهر مخدرة "حشيشا" في غير الأحوال المصرح بها قانونا حالة كونه من الموظفين العموميين المنوط بهم مكافحة المواد المخدرة والرقابة على تداولها وحيازتها. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للمواد 1 و2 و7/ 1 و34/1-2 و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند 12 من الجدول رقم 1 المرفق، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات بور سعيد قضت حضوريا في 21/ 10/ 1965 عملا بمواد الاتهام مع استبعاد المادتين 7/ 1 و36 من القانون السالف الذكر بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المادة المخدرة المضبوطة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهر مخدر "حشيش" بقصد الاتجار حالة كونه من الموظفين العموميين المنوط بهم مكافحة المواد المخدرة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال ذلك بأنه اعتمد في تحديد صفة الطاعن واعتباره من الموظفين المنوط بهم مكافحة المواد المخدرة على أقوال الشهود من رجال الضبط وإلى كتاب قائد قسم السواحل في حين كان يتعين استظهار هذه الصفة لديه بالرجوع إلى اللوائح التي تنظم عمل رجال السواحل أو بالاستفسار من الإدارة العامة بالإسكندرية حتى يتبين ما إذا كانت طبيعة عمل الطاعن كقائد لإحدى سيارات العاملين بالسواحل لها شأن في مكافحة المخدرات أولا، كما استخلص الحكم من شهادة قائد السواحل خلاف ما دلت عليه من أن الطاعن لم يكن له هذه الصفة وقت ضبط الواقعة، هذا فضلا عن أن إحراز الطاعن للمخدر لم يكن بقصد الاتجار أو التعاطي فلم يكن اعترافه بالتحقيقات بالاتجار إلا وليد إكراه وقع عليه كما أن جسامة كمية المخدر المضبوط لا تكفي وحدها لتوافر هذا القصد.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر بقصد الاتجار حالة كون الطاعن من الموظفين العموميين المنوط بهم مكافحة المواد المخدرة التي دانه بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر صفة الطاعن وكونه من الموظفين العموميين المنوط بهم مكافحة المواد المخدرة في قوله: "وحيث إن صفة المتهم وكونه من الموظفين المنوط بهم مكافحة المواد المخدرة فقائمة من طبيعة عمله كجندي من قوة سواحل القنطرة غرب ومما قرره قائد سواحل بور سعيد بالجلسة من أن مهمة قوة السواحل ضباطها وجنودها هو مكافحة التهريب بأنواعه من مخدرات وغيرها وأن المتهم حتى وقت ضبطه كان من قوة قسم القنطرة غرب وأنه عمل معه من قبل في مكافحة التهريب وما قرره قائد مخابرات سواحل بور سعيد من أن عمل المتهم هو الحراسة ومكافحة التهريب، ولا يقدح في هذه الصفة ما ذهب إليه الدفاع من أن المتهم وإن كان من قوة السواحل إلا أنه يعمل قائد سيارة في قسم السواحل مما يخرجه من زمرة الموظفين المنوط بهم مكافحة التهريب. وهذا الدفاع مردود بأن عمل المتهم في قيادة سيارات القسم التابع له لا يرفع عنه هذه الصفة فإن أساس عمله هو الحراسة ومكافحة تهريب المواد المخدرة" وما أورده الحكم فيما تقدم سائغ وكاف في استظهار صفة الطاعن واعتباره من المنوط بهم مكافحة المخدرات، ذلك بأن الظرف المشدد في مجال تطبيق الفقرة الأخير من المادة رقم 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات يتوافر باتصال الموظف أو المستخدم العمومي بأعمال مكافحة المواد المخدرة أو الرقابة على تداولها أو حيازتها على أية صورة من الصور. وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره أو استخلاصه من أقوال الشاهد. لما كان ذلك، وكان لا يصح مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدته بدليل معين إلا إذا قيده القانون به بنص خاص، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أخذه بأقوال شهود الإثبات في إثبات صفة الطاعن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لقصد الاتجار فأثبته في حق الطاعن بقوله: "وحيث إن قصد الاتجار ثابت في حق المتهم من جسامة القدر المضبوط معه من المخدرات ومن اعترافه صراحة بالتحقيقات بأنه اشتراها بقصد بيعها في بور سعيد فضلا عما دلت عليه التحريات التي أجراها رئيس مكتب المخدرات من أن المتهم يتجر في الجواهر المخدرة ويقوم بتهريبها من القنطرة لهذا الغرض مما يقطع في الدلالة على أن إحرازه لها كان بقصد الاتجار". ثم رد الحكم على ما أثاره الدفاع عن الطاعن من أن اعترافه كان وليد إكراه وقع عليه بقوله: "ولا عبرة بما ذهب إليه الدفاع من أن هذا الاعتراف كان وليد إكراه وتهديد من رجال المباحث لانتفاء الدليل على صحة ذلك وتستشف المحكمة منه في ثقة ويقين أنه صدر من المتهم عن إرادة حرة لا شائبة فيها وأنه قصد به الإقرار بجريمته طائعا مختارا". لما كان ذلك، وكان إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها. وما دامت المحكمة قد اقتنعت للأسباب التي بينتها في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي أن الإحراز كان بقصد الاتجار، فإن ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الأدلة والقرائن التي كونت منها المحكمة عقيدتها وهو ما لا يصح إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة، وكانت المحكمة قد خلصت في استدلال سائغ إلى سلامة الدليل المستمد من اعتراف الطاعن وإلى صدوره عنه اختيارا فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.