أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 17 صـ 1220

جلسة 6 من ديسمبر سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ حسين السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، وجمال المرصفاوي، ومحمد محفوظ، وحسين سامح.

(232)
الطعن رقم 1169 لسنة 36 القضائية

(أ) قضاه. تحقيق. "إجراءاته". دعوى جنائية. "رفعها".
الحظر المنصوص عليه في المادة 106 من القانون 43 لسنة 1965 في شأن السلطة القضائية إنما يكون بالنسبة للقضاة من بعد تعيينهم. عدم سريانه على إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى التي اتخذت ضد أحدهم قبل ذلك.
(ب) نقض. "المصلحة في الطعن". إيجار أماكن. امتناع عن تخفيض أجره.
النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون لإعمال أحكام القانون 168 لسنة 1961 دون القانون 55 لسنة 1958. لا جدوى منه. ما دامت نسبة التخفيض وأجرة الأساس متحدتين في كليهما. وما دام الحكم قد استظهر أنه لم يسبق خفض الأجرة طبقا للقانون.
(ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة الإشارة إلى أقوال شهود النفي. ما دامت لم تستند إليها في قضائها. قضاؤها بالإدانة يفيد عدم اطمئنانها إلى أقوالهم وإطراحها.
1- تقضي المادة 106 من القانون رقم 43 لسنة 1965 في شأن السلطة القضائية بأنه في غير حالات التلبس بالجريمة لا يجوز اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق مع القاضي أو رفع الدعوى الجنائية عليه في جناية أو جنحة إلا بإذن اللجنة المنصوص عليها في المادة 104 وبناء على طلب النائب العام. ومفاد ذلك أن الحظر المنصوص عليه في تلك المادة إنما يكون بالنسبة إلى القضاة من بعد تعيينهم، فإذا اتخذ إجراء من إجراءات التحقيق أو رفعت الدعوى الجنائية على أحدهم قبل ذلك، فإن الإجراء أو رفع الدعوى يكون صحيحا ويظل على هذه الصحة حتى يبلغ نهايته.
2- لا جدوى من النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون بإعماله أحكام القانون رقم 168 لسنة 1961 دون القانون رقم 55 لسنة 1958 مادامت نسبة التخفيض وأجرة الأساس متحدتين في كليهما، ومادام الحكم قد استظهر أن المطعون ضده لم يسبق له أن خفض الأجرة طبقا للقانون.
3- لا تلتزم المحكمة بالإشارة إلى أقوال شهود النفي ما دامت لم تستند إليها في قضائها، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالته في أنها لم تطمئن إلى أقوالهم فأطرحتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 4/ 3/ 1962 بدائرة قسم ثان المنصورة: لم يقم بتخفيض الأجور الحالية للأماكن المنشأة وذلك بنسبة 20 % منها - وطلبت معاقبته بأحكام القانون رقم 168 لسنة 1961. وادعى حسني عبد الحليم قنديل مدنيا قبل المتهم بمبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت - ومحكمة المنصورة الجزئية قضت حضوريا في 23 مايو سنة 1964 عملا بمواد الاتهام والمادتين 55/ 1 و56/ 1 من قانون العقوبات بتغريم المتهم 5 ج وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنين تبدأ من صيرورة الحكم نهائيا وألزمته أن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ 5 ج والمصروفات المناسبة ومائة قرش أتعاب محاماة. فاستأنف كل من المتهم والمدعي بالحق المدني هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - (بعد أن تنازل المدعي بالحق المدني عن دعواه المدنية قبل المتهم) قضت حضوريا في 11 مايو 1965 بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع (أولا) بالنسبة للدعوى المدنية بإثبات ترك المدعي بالحق المدني لدعواه وألزمته مصروفاتها. (ثانيا) بالنسبة للدعوى الجنائية برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف على أن يكون الإيقاف شاملا لكافة الآثار الجنائية المترتبة على الحكم. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إنه تبين أثناء نظر الطعن أن المطعون ضده عين قاضيا بتاريخ 26 من يناير سنة 1966 بعد صدور الحكم المطعون فيه وقبل نظر الطعن. لما كان ذلك، وكانت المادة 106 من القانون رقم 43 لسنة 1965 في شأن السلطة القضائية المعمول به من تاريخ نشره في 22 يوليه سنة 1965 تقضي بأنه في غير حالات التلبس بالجريمة لا يجوز اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق مع القاضي أو رفع الدعوى الجنائية عليه في جناية أو جنحة إلا بإذن اللجنة المنصوص عليها في المادة 104 وبناء على طلب النائب العام، وكان مفاد ذلك أن الحظر المنصوص عليه في تلك المادة إنما يكون بالنسبة إلى القضاة من بعد تعيينهم فإذا ما اتخذ إجراء من إجراءات التحقيق أو رفعت الدعوى الجنائية على أحدهم قبل ذلك فإن الإجراء أو رفع الدعوى يكون صحيحا ويظل على هذه الصحة حتى يبلغ نهايته. ولما كان الثابت من الأوراق أن إجراء التحقيق ورفع الدعوى الجنائية على المطعون ضده عن الجنحة المسندة إليه كانا سابقين على تعيينه قاضيا ويتعين السير في نظر الطعن بغير ما حاجة إلى استئذان اللجنة المنصوص عليها في القانون.
وحيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجنحة عدم تخفيض إيجار المسكن الذي أجره إلى المجني عليه بنسبة 20% قد شابه القصور وتناقض في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المطعون ضده أقام دفاعه على أنه سبق وخفض أجرة العين موضوع التهمة طبقا للقانون وأشهد على ذلك المستأجر السابق الذي استمعت المحكمة إليه، بيد أنها لم تعرض لأقواله ولم تتناول دفاع الطاعن بالرد، كما أن الحكم المطعون فيه خلص إلى أن العين لم تكن قد أعدت للسكنى حتى 22 من مايو سنة 1958، في حين أنه حصل أقوال علي السيد بدوي عضو لجنة ربط الضريبة في أن تلك العين يجوز أن تكون قد شغلت بعد مرور اللجنة في أول عام 1958 وأنها كانت مسكونة فعلا في 15 أكتوبر سنة 1958 دون أن يعني الحكم برفع هذا التناقض، هذا إلى أن الحكم أعمل في حق المطعون ضده أحكام القانون رقم 168 لسنة 1961 في شأن خفض إيجار الأماكن، وإذ ما كانت العين المؤجرة قد بدئ في إنشائها قبل صدور القانون رقم 55 لسنة 1958, فإنه يكون وحده القانون واجب التطبيق.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أنه في أول فبراير سنة 1959 أجر المطعون ضده المجني عليه شقة بالطابق الثاني من ملكة لقاء أجرة شهرية قدرها عشرة جنيهات فلما صدر القانون رقم 168 لسنة 1961 بتخفيض إيجار المساكن بنسبة 20% بالنسبة للأماكن التي أنشأت لحين العمل بالقانون رقم 55 لسنة 1958 وكانت الشقة التي استأجرها المجني عليه قد انتهى البناء فيها وأعدت للسكنى فعلا بعد العمل بالقانون رقم 55 لسنة 1958 فقد رفض المطعون ضده قبول الأجرة مخفضة طبقا للقانون وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه عل هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال الشهود وما أثبتته لجنة ربط الضريبة من أن العين لم تكن مؤجرة أو أعدت للسكنى فعلا حين عاينتها في 22 مايو سنة 1958 قبل العمل بالقانون رقم 55 لسنة 1958 - اعتبارا من 12 من يونيه سنة 1958. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل شهادة علي السيد بدوي عضو اللجنة في قوله: "وحيث إنه بسؤال علي السيد بدوي بالجلسة ذكر أنه مر على الملك في يناير سنة 1958 وكان المفروض المرور قبل ذلك فوجدت اللجنة المنزل تحت الإتمام ونفى كونه مسكونا إذ لو كان مسكونا لما ذكرت اللجنة بأن الدور الثاني تحت الإتمام وأضاف بأنه من الجائز أن يكون قد سكن بعد يناير سنة 1958 لأن الجرد التالي لذلك وهو لسنة 1958 ابتداء من 5/ 10/ 1958 وكان المبنى مشغولا فعلا وأضاف بأن الملاك يلجأون إلى التحايل لعدم إتمام المباني إلا بعد مرور اللجان, وأن البناء كان مكونا في الربط التالي لسنة 1957 - 1958" ثم عرض الحكم لدفاع المطعون ضده ورد عليه بقوله: "إنه لم يقدم أي دليل على أنه أخضع الشقة لتخفيض القانون 55 لسنة 1958 وأنه أتمها وأعدها فعلا للسكن في خلال قانون 55 لسنة 1958 وبمضمون ذلك شهد محمد وائل ولا ترى المحكمة تعارضا في أقوال علي السيد بدوي مع كل ما تقدم فقد ذكر أنه بمرور اللجنة في سنة 1958 وجد المنزل تحت الإتمام وأنه لم يكن مسكونا وأنه من الجائز أن يكون قد سكن بعد ذلك لأنه في جرد 15/ 10/ 1958 كان المبنى مسكونا ومن المعروف أن مرور اللجنة في 15/ 10/ 1958 - وهو بعد إعمال قانون 55 لسنة 1958 - هو تقدير للعام التالي، وعلى ذلك تكون مباني الشقة موضوع النزاع إنما انتهى البناء فيها وأعدت للسكن فعلا بعد العمل بالقانون 55 لسنة 1958 وبالتالي فهى تخضع لأحكام القانون 168 لسنة 1961...". لما كان ذلك، وكان يبين مما سلف بيانه أنه ليس ثمة تناقض بين ما أورده الحكم في تحصيله شهادة "علي السيد بدوي" وبين ما أشار إليه الحكم منها وهو في معرض الرد على دفاع المطعون ضده، ذلك بأنه ليس ثمة فيما أورده الحكم ما ينبئ بأن الشاهد قد عاين العين المؤجرة في 15 أكتوبر سنة 1958 ووجدها مسكونة وإنما تكشف مدوناته عن أن هذا التاريخ هو بداية مرور اللجنة توطئة لتقرير الضريبة عن العام التالي. لما كان ذلك، وكان ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه التفاته عن أقوال شاهد النفي الذي ظاهر دفاع المطعون ضده، مردودا بأن المحكمة غير ملزمة بالإشارة إلى أقوال شهود النفي مادامت لم تستند إليها في قضائها وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالته في أنها لم تطمئن إلى أقوالهم فأطرحتها. لما كان ذلك، وكان لا جدوى من النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون بإعماله أحكام القانون رقم 168 لسنة 1961 دون القانون رقم 55 لسنة 1958 مادامت نسبة التخفيض وأجرة الأساس متحدتين في كليهما، ومادام الحكم قد استظهر أن المطعون ضده لم يسبق له أن خفض الأجرة طبقا للقانون. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان المطعون ضده بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض موضوعا.