أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 17 صـ 1236

جلسة 12 من ديسمبر سنة 1966

برياسة المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد محفوظ، وحسين سامح، ومحمود العمراوي.

(236)
الطعن رقم 1348 لسنة 36 القضائية

(أ) تقسيم. بناء.
مجال تطبيق القانون رقم 52 لسنة 1940 في شأن تقسيم الأراضي المعدة للبناء: المباني التي تقام على الأرض. لا شأن له بالطوابق التالية.
(ب) بناء. عقوبة.
انحصار المخالفة في إقامة البناء قبل الحصول على ترخيص من السلطة القائمة على أعمال التنظيم ودون أن يكون واقعا على جانب طريق عام أو خاص. وجوب إلزام المخالف بالغرامة وسداد ضعف الرسوم المستحقة عن الترخيص.
(ج) بناء. تقسيم. هدم.
عدم جواز إصدار قرارات أو أحكام بإزالة أو بهدم أو بتصحيح الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام القوانين 52 لسنة 1940 و656 لسنة 1954 و45 لسنة 1962 و55 لسنة 1964 وذلك من تاريخ نفاذها حتى العمل بالقانون 29 لسنة 1966.
(د) نقض. "الطعن للمرة الثانية". "الحكم في الطعن".
في حالة الطعن بالنقض للمرة الثانية تحكم محكمة النقض في الموضوع مع إتباع الإجراءات المقررة في المحاكمة عن الجريمة التي وقعت. كون العيب الذي شاب الحكم مقصور على الخطأ في تطبيق القانون. على المحكمة أن تحكم في الطعن وتصحح الخطأ دون حاجة لتحديد جلسة لنظر الموضوع. ما دام أن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه.
1- إن مجال تطبيق القانون رقم 52 لسنة 1940 في شأن تقسيم الأراضي المعدة للبناء مقصور بالنسبة إلى المباني - على المباني التي تقام على الأرض - ومن ثم فهو رهن بإقامة الطابق الأرضي المتصل بالأرض ولا شأن له بالطوابق التالية غير المتصلة بها.
2- متى كانت المخالفة قد انحصرت في إقامة البناء قبل الحصول على ترخيص من السلطة القائمة على أعمال التنظيم ودون أن يكون واقعا على جانب طريق عام أو خاص، مما ينطبق على المواد 1، 11، 16، 21 من القانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني والمادة الرابعة من قرار وزارة الإسكان والمرافق رقم 165 لسنة 1962، فإنه يتعين إلزام الطاعن - بالإضافة إلى الغرامة - سداد ضعف الرسوم المستحقة عن الترخيص عملا بما تقضي به المادة 16 من القانون المذكور.
3- مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 29 لسنة 1966 في شأن الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام قوانين تنظيم المباني وتقسيم الأراضي المعدة للبناء وتنظيم وتوجيه أعمال البناء والهدم أنه لا يجوز إصدار قرارات أو أحكام بإزالة أو بهدم أو بتصحيح الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام للقوانين رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء ورقم 656 لسنة 1954 في شأن تنظيم المباني ورقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني ورقم 55 لسنة 1964 بتنظيم وتوجيه أعمال البناء والقوانين المعدلة لها وذلك من تاريخ نفاذها حتى تاريخ العمل بالقانون المذكور.
4- تنص المادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على أنه: "إذا طعن مرة ثانية في الحكم الصادر من المحكمة المحالة إليها الدعوى تحكم محكمة النقض في الموضوع، وفي هذه الحالة تتبع الإجراءات المقررة في المحاكمة عن الجريمة التي وقعت". غير أنه لما كان العيب الذي شاب الحكم مقصورا على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون المشار إليه أن تحكم محكمة النقض في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون، دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع، ما دام أن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما يقتضي التعرض لموضوع الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: في يوم 15 ديسمبر سنة 1962 بدائرة بندر الزقازيق: (1) أقام بناء بدون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم. (2) أقام بناء على قطعة أرض غير مقسمة قبل تزويدها بمياه الشرب والإنارة وتصريف المياه والمواد القذرة. وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و3 و13 و16 من القانون رقم 45 لسنة 1962 والمواد 1 و2 و10 و12 و13 و14 و20 و22 من القانون رقم 52 لسنة 1940. ومحكمة بندر الزقازيق الجزئية قضت غيابيا بتاريخ 14 من أبريل سنة 1963 عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهم 500 قرش عن التهمتين. فعارض، وقضى في معارضته بتاريخ 26 من مايو سنة 1963 بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنفت النيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة الزقازيق الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا بتاريخ 5 من نوفمبر سنة 1963 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإجماع الآراء بإلزام المتهم ضعف رسوم الترخيص وتأييده فيما عدا ذلك. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض. وبتاريخ 11 من يناير سنة 1965 قضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة الزقازيق الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. والمحكمة المذكورة قضت غيابيا في 9 نوفمبر سنة 1965 عملا بالمواد 1 و2 و12 و13 و20 من المرسوم بقانون رقم 52 لسنة 1940 مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإجماع الآراء بتعديل الحكم المستأنف وتغريم المتهم خمسمائة قرش والإزالة. وقد أعلن الحكم للمحكوم عليه في 16 من ديسمبر سنة 1965 وأصبح نهائيا. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية... الخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه قضى بإدانة المطعون ضده بجريمة إقامة بناء على أرض لم يصدر في شأنها قرار بتقسيمها على الرغم من أن الثابت من محضر ضبط الواقعة ومما شهد به مهندس التنظيم بالجلسة أن المطعون ضده إنما قام ببناء دور أول علوي فوق الدور الأرضي مما لا يخضع لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء، وبذلك يكون الحكم قد أوقع عقوبة الإزالة المنصوص عليها في هذا القانون بغير مقتض - هذا فضلا عن أنه قد أغفل القضاء بعقوبتي سداد ضعف رسوم الترخيص وتصحيح الأعمال المخالفة عما وقع من المطعون ضده من إقامة البناء بدون ترخيص وعلى غير جانب طريق قائم مما يستوجب توقيع هاتين العقوبتين بالإضافة إلى عقوبة الغرامة المقضى بها طبقا لما تنص عليه المادة 16 من القانون 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إن مهندس تنظيم مجلس مدينة الزقازيق أثبت بمحضره المؤرخ 15 ديسمبر سنة 1962 أن المتهم أقام بناء طابق بمنزله دون ترخيص وعلى قطعة أرض اشتراها من آخر ضمن التقسيم لم يصدر قرار بالموافقة عليه ولم يقم بتنفيذ الأعمال المنصوص عليها بالمادتين 12 و13 من القانون رقم 52 لسنة 1940 ودفع المتهم بأنه كان يجهل حكم القانون. وشهد محرر المحضر بالجلسة أمام هذه المحكمة بأن الأرض لا تطل على طريق قائم وأن البناء مقام على قدر يزيد على ستين في المائة من مساحة الأرض التي اشتراها وأن هذه الأرض غير مزودة بالمرافق ولم يحصل المتهم على ترخيص بالبناء". وخلص الحكم إلى ثبوت الواقعة في حق المتهم (المطعون ضده) بقوله "وحيث إن الثابت بشهادة محرر المحضر أن المتهم قد أقام البناء دون ترخيص سابق من السلطة القائمة على أعمال التنظيم ولم يذكر المتهم أنه قد حصل على ذلك الترخيص, ومن ثم يكون الحكم المستأنف إذ دان المتهم عن هذه التهمة في محله. وحيث إنه وقد ثبت كذلك بشهادة محرر المحضر أن المتهم قد اشترى قطعة الأرض ضمن تقسيم أحدثه المالك السابق بقصد إجراء البناء عليها ولا تطل على طريق قائم ولم يقم بتنفيذ الأعمال والالتزامات التي حمله القانون إياها بصفته مشتريا بالمادتين 12 و13 من القانون رقم 52 لسنة 1940 فوق التزام المقسم بإجرائها، ومن ثم يكون قد ثبت ارتكابه الجنحة المنصوص عليها بالمواد 1 و2 و12 و13 و20 من المرسوم بقانون رقم 52 لسنة 1940 ويتعين معاقبته عنها بعقوبة الغرامة مع الإزالة. وحيث إن الجريمتين نشأتا عن فعل واحد هو فعل البناء فهما مرتبطتان وتقضي المحكمة بمعاقبة المتهم عنهما بعقوبة الجريمة الأشد وهى الغرامة للتهمة الأولى وكذلك العقوبات التكميلية الأخرى وفقا لنص المادة 32 عقوبات ولا ترى المحكمة محلا لإلزام المتهم بضعف رسوم الترخيص وقد انتهت إلى وجوب إزالة البناء". لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن مهندس التنظيم أثبت في محضره أن البناء الذي أقامه المتهم هو "الدور الأول العلوي فوق الأرضي" وردد ذلك أمام المحكمة وأضاف أنه سبق تحرير محضر عن واقعة بناء الدور الأرضي، مما مؤداه أن المخالفة موضوع المحاكمة خاصة بما أقيم من بناء فوق الدور الأرضي. لما كان ذلك، وكان مجال تطبيق القانون رقم 52 لسنة 1940 في شأن تقسيم الأراضي المعدة للبناء مقصورا بالنسبة إلى المباني - على المباني التي تقام على الأرض - ومن ثم فهو رهن بإقامة الطابق الأرضي المتصل بالأرض ولا شأن له بالطوابق التالية غير المتصلة بها كما هى الحال في الواقعة المطروحة. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ دان المطعون ضده بجريمة إقامة البناء على أرض غير مقسمة وقضى بعقوبة الإزالة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 المشار إليه، يكون قد خالف القانون. ولما كانت المخالفة قد انحصرت في إقامة البناء قبل الحصول على ترخيص من السلطة القائمة على أعمال التنظيم ودون أن يكون واقعا على جانب طريق عام أو خاص، مما ينطبق على المواد 1 و11 و16 و21 من القانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني والمادة الرابعة من قرار وزارة الإسكان والمرافق رقم 165 لسنة 1962، فإنه يتعين إلزام الطاعن - بالإضافة إلى الغرامة - سداد ضعف الرسوم المستحقة عن الترخيص عملا بما تقضي به المادة 16 من القانون المذكور. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 29 لسنة 1966 في شأن الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام قوانين تنظيم المباني وتقسيم الأراضي المعدة للبناء وتنظيم وتوجيه أعمال البناء والهدم المعمول به من تاريخ نشره في 7 يوليه سنة 1966 قد نص في الفقرة الأولى من المادة الأولى منه على أنه "لا يجوز إصدار قرارات أو أحكام بإزالة أو بهدم أو بتصحيح الأبنية والأعمال التي تمت بالمخالفة لأحكام القوانين رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء ورقم 656 لسنة 1954 في شأن تنظيم المباني ورقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني ورقم 55 لسنة 1964 بتنظيم وتوجيه أعمال البناء والقوانين المعدلة لها وذلك من تاريخ نفاذها حتى تاريخ العمل بهذا القانون" وكانت الواقعة الجنائية التي اقترفها المطعون ضده بالمخالفة لأحكام القانون رقم 45 لسنة 1962 قد تمت بتاريخ 15 ديسمبر سنة 1962 - أي خلال الفترة الواقعة بين نفاذ هذا القانون وتاريخ العمل بالقانون رقم 29 لسنة 1966 - فإنه لا يجوز الحكم بعقوبة تصحيح أو هدم الأعمال المخالفة المنصوص عليها في المادة 16 من القانون رقم 45 لسنة 1962. لما كان ما تقدم، وكان الطعن مقدما من الطاعنة (النيابة العامة) للمرة الثانية، وكانت المادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تنص على أنه "إذا طعن مرة ثانية في الحكم الصادر من المحكمة المحالة إليها الدعوى تحكم محكمة النقض في الموضوع وفي هذه الحالة تتبع الإجراءات المقررة في المحاكمة عن الجريمة التي وقعت". غير أنه لما كان العيب الذي شاب الحكم مقصورا على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون المشار إليه أن تحكم محكمة النقض في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون، دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع مادام أن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى.
وحيث إنه لما تقدم يتعين القضاء بنقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من عقوبة الإزالة وإلزام المطعون ضده ضعف الرسوم المستحقة عن الترخيص.