أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة التاسعة - صـ 39

جلسة 14 من يناير سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، والسيد أحمد عفيفي، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(8)
طعن رقم 1207 سنة 27 ق

(أ) اشتراك. الاشتراك بالاتفاق والمساعدة. متى يتحقق؟
(ب) اشتراك. قبض بدون وجه حق. حكم "تسبيب معيب". استناد الحكم في إدانة المتهم بالاشتراك في جناية القبض على المجني عليه وتعذيبه إلى وساطته في إعادة المجني عليه وقبض الفدية. قصور.
1- لا يتحقق الاشتراك في الجريمة إلا إذا كان الاتفاق والمساعدة قد تما قبل وقوع تلك الجريمة وأن يكون وقوعها ثمرة لهذا الاشتراك يستوي في ذلك أن تكون الجريمة وقتية أو مستمرة.
2- متى كان قوام الأدلة التي أوردها الحكم في حق المتهم بالاشتراك بالاتفاق والمساعدة في جناية القبض على المجني عليه وحجزه وتعذيبه هو الوساطة في إعادة المجني عليه وقبض الفدية، دون أن يبين الرابطة التي تصل المتهم بفاعلي الجريمة أو يدلل على قصد الاشتراك لديه. وكانت هذه الأقوال لاحقة للجريمة ويصح في العقل أن تكون منفصلة عنها، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين المذكورين بأنهم، المتهمون الثلاثة الأول: قبضوا مع آخرين مجهولين على فوزي جيد جرجس بدون وجه حق وحبسوه بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال التي تصرح بها القوانين واللوائح وعذبوه بالتعذيبات البدينة بأن أمسك به المتهم الأول بينما غم المتهم الثاني عينيه، وأوثقا يديه وضربه أحدهم بجسم صلب على رأسه فأحدث به الإصابات الموضحة بالتقرير الطبي ثم اقتادوه إلى الجبل حيث حجزوه به وتركوه معصوب العينين موثوق اليدين والقدمين لا يستطيع الحركة. والمتهم الثالث أيضاً: ضرب فارس جيد جرس فأحدث به الإصابات الموضحة بالمحضر والتي تحتاج لعلاج مدة لا تزيد على عشرين يوماً. والمتهم الرابع: اشترك مع المتهمين الثلاثة الأول بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة بأن حرضهم واتفق معهم على ارتكابها وساعدهم على استمرارها بأن اتفق معهم على أن يتولى هو مفاوضة والد المجني عليه على أن يعيده إليه إذا دفع مبلغاً من المال ومفاوضته في ذلك وبقى المجني عليه مقبوضاً عليه أثناء المفاوضة وأطلق سراحه بعد دفع المبلغ فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض والاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 280 و281 و40 و41/ 1 - 2 - 3 و242/ 1 من قانون العقوبات فقررت بذلك. وادعى فوزي جيد جرجس بحق مدني قدره قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهمين جميعاً متضامنين. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضورياً عملا بالمادتين 280 و282/ 2 من قانون العقوبات للثلاثة الأول وبهاتين المادتين مع المادتين 40 و41/ 1 - 3 من القانون المذكور للرابع مع تطبيق المادة 32/ 2 منه للثالث بمعاقبة المتهمين حسب حساب قاسم وخليل علي أحمد عبد العزيز محمد محمد شرف والسيد مهران عثمان بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعي بالحق المدني مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... من حيث أن الطاعنين الأول والثاني والثالث وإن قرروا بالطعن في الميعاد إلا أنهم لم يقدموا أسباباً لطعنهم فيتعين عدم قبول طعنهم شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الرابع "السيد مهران عثمان" قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مما ينعاه هذا الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذا دان الطاعن قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه استدل على توفر اشتراك الطاعن بطريق الاتفاق والمساعدة في جناية الخطف من مفاوضة والد المجني عليه على دفع مبلغ من المال نظير إطلاق سراح ابنه. مع أن ما أتاه الطاعن كان تالياً لوقوع الجريمة بينا يشترط قانوناً لتجريم أفعال الشريك أن تكون سابقة أو معاصرة لها. وأن المحكمة لم تستدل من المفاوضة التي قام بها الطاعن أنه قد اتفق مع الفاعلين على ارتكاب الجريمة - وأن رواية والد المجني عليه لا تدل على أكثر من أن الطاعن قبل أن يقوم بدور الوسيط عندما طلب منه ذلك بعد وقوع الجريمة بنحو أسبوعين وقد نجح في وساطته وهو ما لا يعد من أعمال الاشتراك لتعلقها بجريمة تمت قبل أن يكون له أي دور فيها وأن الحكم المطعون فيه جاء قاصراً في بيان الاتفاق وأوجه المساعدة التي قدمها الطاعن إلى الفاعلين الأصليين وهذا كله مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد دان الطاعن الرابع بالاشتراك بالاتفاق والمساعدة في جناية القبض على المجني عليه وحجزه وتعذيبه وكان كل ما قاله في التدليل على هذا الاشتراك هو "ومن حيث أنه مما يؤيد اشتراك المتهم الرابع (السيد مهران عثمان) مع باقي المتهمين في الجريمة التي قارفوها أنه فاوض جيد جرجس إبراهيم في إطلاق سراح ابنه المجني عليه فوزي وأنه تقاضى الجعل المقرر لإطلاق سراحه وأن سراحه أطلق في مساء اليوم الذي تسلم فيه المتهم المبلغ" لما كان ذلك - وكان الحكم لم يورد في حق الطاعن من أدلة غير ما ذكر وكان قوام هذه الأدلة الوساطة في إعادة المجني عليه وقبض الفدية - وكان الاشتراك في الجريمة لا يتحقق إلا إذا كان الاتفاق والمساعدة قد تما قبل وقوع تلك الجريمة وأن يكون وقوعها ثمرة لهذا الاشتراك يستوي في ذلك أن تكون الجريمة وقتية أو مستمرة. وكان ما قاله الحكم من طلب الطاعن الفدية لإعادة المجني عليه قبض هذه الفدية بالفعل وإطلاق سراح المجني عليه يوم تقاضيها لا يؤدي إلى قيام الاتفاق والمساعدة في مقارفة الجريمة وخاصة مع ما أثبته الحكم من أن والد المجني عليه هو الذي توجه إلى الطاعن لمعرفته أنه رئيس عصابة يمارس الخطف لا أن الطاعن هو الذي سعى إليه - إذ أن هذه الأفعال لاحقة للجريمة ويصبح في العقل أن تكون منفصلة عنها وهي إلى هذا لا تصلح بذاتها والصورة التي رسمها الحكم دليلاً على الاشتراك فيها - لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد خلا من بيان الرابطة التي تصل الطاعن بفاعلي الجريمة وهو حين اعتبره ضالعاً فيها لم يدلل على توفر قصد الاشتراك لديه ولم يثبت أنه كان وقت وقوعها على علم بها مريداً الاشتراك فيها - فإن الحكم يكون مشوباًُ بالقصور الموجب لنقضه بالنسبة لهذا الطاعن.