أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة التاسعة - صـ 63

جلسة 20 من يناير سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، والسيد أحمد عفيفي، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(15)
طعن رقم 1720 سنة 27 ق

(أ) نقض "أسباب جديدة" اعتراض المتهم على الإجراءات التي تمت أمام محكمة أول درجة. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ب) شيك. حمل الشيك تاريخاً واحداً. عدم قبول ادعاء المتهم أن الشيك حرر في تاريخ سابق على التاريخ الذي يحمله.
1- إذا كان ما يشكو منه المتهم بصدد عدم إعلانه بجلسة المعارضة هو اعتراضه على الإجراءات التي تمت أمام محكمة أول درجة وقد حضر أمام محكمة ثاني درجة ومعه محام فمكنته من إبداء دفاعه وصرحت له بتقديم مذكرات لكنه لم يثر أمامها شيئاً مما اعترض به في أوجه الطعن، فلا يقبل منه التحدث عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
2- استقر قضاء هذه المحكمة على أن الشيك متى كان يحمل تاريخاً واحداً، فإن مفاد ذلك أنه صدر في هذا التاريخ ولا يقبل من المتهم الادعاء بأن الشيك حرر في تاريخ سابق على التاريخ الذي يحمله، ومن ثم فإذا كان الحكم الصادر بإشهار إفلاس المتهم قد صدر قبل التاريخ الذي يحمله الشيك وجب أن ينظر إلى هذا الشيك على أنه أعطى بعد إشهار الإفلاس وفي وقت لم يكن له فيه رصيد قائم وقابل للسحب. [(1)]


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أعطى بسوء نية شفيق ملك ساويرس الشيك المبين والمرافق بالأوراق لا يقابله رصيد قائم قابل للسحب. وطلبت عقابه بالمادتين 306 و337 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الموسكي الجزئية قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاث شهور بالشغل وكفالة 500 قرش لإيقاف التنفيذ. فعارض وقضى في معارضته بتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف ومحكمة مصر الابتدائية قضت في استئنافه غيابياً بتأييد الحكم المستأنف فعارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن المحامي الوكيل عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعن يقيم طعنه على أن الحكم المطعون فيه معيب بالبطلان كما أنه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن محكمة أول درجة قضت بتأييد الحكم المعارض فيه دون أن يعلن الطاعن لجلسات المعارضة لشخصه أو لمحل إقامته مما يبطل هذا الحكم ويستتبع بطلان الحكم المطعون فيه الذي بنى عليه وكان يتعين على محكمة ثاني درجة أن تنتبه إلى هذا البطلان باعتباره من النظام العام ولو لم يبده الطاعن أمامها لمرضه. هذا إلى أن الثابت من الأوراق أن الشيك حرر في تاريخ سابق على ميعاد الاستحقاق المدون به فهو أداة ائتمان في حين أن الشيك في حكم المادة 337 من قانون العقوبات يجب أن يكون أداة وفاء. كذلك استدل الحكم على سوء نية الطاعن بأنه كان يعلم بعدم وجود مقابل وفاء لقيمة الشيك مع أن الشيك في التاريخ الذي حرر فيه كان يقابله رصيد قائم وقابل للسحب ولم يحل دون الوفاء بقيمته غير الحكم بإشهار إفلاس الطاعن. وقد قدم هذا الحكم لمحكمة ثاني درجة وتمسك به غير أن المحكمة لم تعن بالرد عليه.
وحيث أن ما يشكو منه الطاعن بصدد عدم إعلانه هو اعتراض على الإجراءات التي تمت أمام محكمة أول درجة وهو قد حضر أمام محكمة ثاني درجة ومعه محام فمكنته من إبداء دفاعه وصرحت له بتقديم مذكرات لكنه لم يثر أمامها شيئاً مما اعترض به في أوجه الطعن، فلا يقبل منه التحدث عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد تناول دفاع الطاعن ورد عليه بما أورده من أن الشيك موضوع الدعوى قد استوفى الشكل الذي يتطلبه القانون وأنه لا يؤثر في ذلك أن يكون تاريخه فد أثبت على غير الواقع ما دام أنه يستحق الوفاء بقيمته بمجرد الاطلاع عليه، وأن سوء النية يتوفر بمجرد علم مصدر الشيك بعدم وجود مقابل وفاء له في تاريخ إصداره، وأنه لا عبرة بعد ذلك بما تمسك به المتهم من عدم استطاعته إيداع قيمة الشيك بسبب الحكم بإشهار إفلاسه إذ كان عليه أن يكون هذا المقابل موجوداً بالفعل وقت تحريره، ولما كان ما قرره الحكم المطعون فيه قيما سبق وأسس عليه قضاءه بالإدانة صحيحاً في القانون، وكان الشارع حين فرض في المادة 337 من قانون العقوبات جزاء لكل من يعطي بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب إنما أراد حماية حامل الشيك من عيب مستتر لا يستطيع أن يقف عليه وهو تخلف مقابل الوفاء ما دام أن الشيك قد استوفى شروطه الشكلية التي تجعل منه أداة وفاء طبقاً للقانون. لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الشيك متى كان يحمل تاريخاً واحداً فإن مفاد ذلك أنه صدر في هذا التاريخ ويكون لحامله الحق في استيفاء قيمته فيه، ومن ثم فإن ما تمسك به الطاعن من أن الحكم بإشهار إفلاسه بعد تحرير الشيك وقبل حلول تاريخ الوفاء بقيمته هو الذي جعله يعجز عن أداء هذا المقابل - ما دفع به من ذلك - لا يرفع عنه المسئولية الجنائية ما دام لا يقبل منه الادعاء بأن الشيك يحرر في تاريخ سابق على التاريخ الذي يحمله، ذلك أنه متى كان التاريخ المدون بالشبك هو المعتبر قانوناً تاريخ إصداره، وكان الحكم بإشهار الإفلاس قد صدر قبل هذا التاريخ، وجب أن ينظر إلى هذا الشيك على أنه أعطي بعد إشهار الإفلاس وفي وقت لم يكن له فيه رصيد قائم وقابل للسحب وقد أقر الطاعن بأنه كان فيه عاجزاً من توفير مقابل الوفاء بقيمته مما تتحقق به الجريمة. لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


[(1)] قررت المحكمة هذا المبدأ أيضاً بذات الجلسة في الطعن رقم 1719 سنة 27 ق.