أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة التاسعة - صـ 68

جلسة 20 من يناير سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، وعثمان رمزي، والسيد أحمد عفيفي المستشارين.

(17)
طعن رقم 1723 سنة 27 ق

(أ) سرقة. شروع. صورة واقعة يتوافر فيها الشروع في السرقة.
(ب) سرقة. إجراءات. تسليم المسروقات للمجني عليه بعد معاينتها وقبل الحكم في الدعوى. لا عيب.
(ج) تحقيق. معاينة. استناد الحكم إلى المعاينة التي أجريت في التحقيق في غيبة المتهم.
1- متى كان المتهم قد توصل إلى اختلاس بعض الأقطان من عنبر الفرفرة بالشركة ووضعها في أكياس بفناء المحلج وكتب عليها اسم أحد التجار وأثبت في دفتر البوابة ورودها باسم هذا التاجر إثباتاً لملكيته وكانت تلك هي الوسيلة التي يستطيع بها التاجر أن يستلم الأقطان بعد حلجها، فإن ما وقع من المتهم لا يعدو في الحقيقة أن يكون شروعاً في سرقة وليس سرقة تامة.
2- إن تسليم القطن المسروق للشركة المجني عليها بعد معاينته وإثبات حالته لا يؤثر في سلامة الإجراءات التي تمت في الدعوى.
3- لا يعيب الحكم أن يطمئن إلى المعاينة التي أجريت في التحقيق الابتدائي في غيبة المتهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1- عبد اللطيف محمود عبد اللطيف (الطاعن) و2- محمود عوض عبد الرحيم و3- عطية السيد علي و4- عبد المنعم أحمد النادي - بأنهم سرقوا الأقطان المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر لشركة الزقازيق للأقطان من والزيوت من مبنى الشركة المعد للسكني حالة كونهم عاملين بالأجرة لدى الشركة (المجني عليها) إضراراً بها. وطلبت عقابهم بالمادة 317/ 1 - 4 - 5 - 7 من قانون العقوبات مع تطبيق أقصى العقوبة. وادعى الكردي عبد العزيز رضوان بحق مدني قبل المتهمين متضامنين بقرش صاغ واحد تعويضاً. ومحكمة جنح بندر الزقازيق الجزئية قضت حضورياً عملاً بالمادة 317 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول (الطاعن) أولاً - بحبسه ثلاثة شهور مع الشغل والنفاذ وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني قرشاً صاغاً على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات ومبلغ 200 قرش أتعاباً للمحاماة. وثانياً - ببراءة باقي المتهمين ورفض الدعوى المدنية قبلهم. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة الزقازيق الابتدائية قضت حضورياً بتعديل الحكم بالنسبة للعقوبة والاكتفاء بحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك وألزمت المتهم بالمصروفات المدنية الاستئنافية.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن هو القصور ومخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يبين أركان جريمة السرقة التي دان الطاعن بها وأخصها نقل القطن من حيازة الشركة إلى حيازة الطاعن ولم يورد دليلاً على أن القطن المضبوط هو الذي أثبت الطاعن وروده بدفتره ولم يدلل على توفر القصد الجنائي لديه، كما أن الحكم أخطأ في رده على ما دفع به الطاعن من انعدام جسم الجريمة بعدم المحافظة عليه وتحريزه وعدم معاينته بمعرفة متى إذ قال أن الطاعن لم يبين مراده من وراء تلك المعاينة التي أجراها الضابط وأجراها كذلك فراز الشركة مع أن الضابط ليس خبيراً في مثل هذه الشئون كما أن الفراز ليس بالمحايد فهو من عمال الشركة المجني عليها وخاضع لسلطانها فضلاً عن أن المعاينة التي قال عنها الحكم قد تمت في غيبة المتهمين. ولم تعن المحكمة كذلك بسؤال المتهم عن التهمة الموجهة إليه فخالفت نص المادة 271 من قانون الإجراءات الجنائية وأخيراً فقد طلب المدعي بالحق المدني بموافقة الدفاع من محكمة ثاني درجة ضم قضية جنحة مماثلة كانت منظورة بجلسة واحدة مع هذه الدعوى للارتباط ووحدة الشهود والأدلة وقضى فيها من محكمة أول درجة بالبراءة. فلم تجب المحكمة هذا الطلب ولم ترد عليه وبنت حكمها على الاستنتاج وليس على اليقين.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وعرض لأدلة الثبوت فيها قال: "وحيث إن محكمة أول درجة أدانت المتهم (الطاعن) لثبوت التهمة عليه من إثباته لورود القطن بدفتر البوابة في حين أجمع كل من سئل في التحقيق أنه لم ينظر ورود الأقطان المضبوطة إلى المحلج ليلة الحادث ومن ثبوت عدم صحة قوله من أن محمود عوض الشوان قد حضر واقعة ورود هذه الأقطان إلى الشركة ومحاولة المتهم الأول (الطاعن) توجيه المتهم الثاني ليقرر أنه حضر واقعة ورود الأقطان إلى الشركة ليلة الحادث. وحيث إن هذه المحكمة ترى أن التهمة ثابتة قبل المتهم للأسباب التي قالت بها محكمة أول درجة وتضيف إليها أن من أدلة الثبوت التهمة أيضاً ما قرره التاجر إبراهيم مسعد من عدم توريده للأقطان المضبوطة مما يقطع أنها مأخوذة من الأقطان الموجودة بعنبر الفرفرة يؤيد ذلك ما ثبت لفراز المحلج من مضاهاته تلك الأقطان بالأقطان الموجودة بعنبر الفرفرة ووجدها مطابقة لها - أما ما أثاره المتهم في دفاعه أمام هذه المحكمة بما ذكره فراز المحلج من أن الأقطان تفرز أحياناً خارج المحلج وترد إليه مفرفرة فالرد على ذلك ما ذكره هذا الفراز نفسه من أن الفرفرة خارج المحلج لا تحكون بدرجة النظافة والإحكام التي عليها القطن المضبوط. وأما ما أثاره المتهم من أن جسم الجريمة ليس موجوداً أو أنه كان على الشركة الاحتفاظ بالقطن لغرضه على خبير فني فمردود عليه بأن ضابط البوليس الذي قام بتحقيق الواقعة قد عاين هذا القطن وأثبت حالته بمحضر ضبط الواقعة كما قام بمعاينته فراز الشركة الشاهد في الدعوى، وقد أسفرت هاتان المعاينتان من أن القطن موضوع جريمة السرقة قد اختفى من أقطان الشركة نفسها". - لما كان ذلك، وكان مؤدي ما أثبته الحكم أن الطاعن قد توصل إلى اختلاس بعض الأقطان من عنبر الفرفرة بالشركة ووضعها في أكياس بفناء المحلج وكتب عليها اسم أحد التجار وأثبت في دفتر البوابة ورودها باسم هذا التاجر إثباتاً لملكيته لها خلافاً للحقيقة، وقد أوضح الحكم في بيانه لواقعة الدعوى أن تلك هي الوسيلة التي يستطيع بها التاجر أن يستلم الأقطان بعد حلجها مما يدل في مجموعه على أن قصد الطاعن قد اتجه إلى السرقة بهذه الوسيلة وأنه أتى من الأفعال المادية ما يؤدي حالاً ومباشرة إلى ارتكاب الجريمة. ولما كان الركن المادي بجريمة السرقة يتحقق بنقل مال الغير من حيازة صاحبه بغير رضائه إلى حيازة السارق، وكان القطن المضبوط قد نقل - كما قال الحكم - من عنبر الفرفرة إلى فناء المحلج تمهيداً لحلجه ثم إخراجه من المحلج إلا أنه مع ذلك ظل في حيازة المجني عليه ببقائه بالمحلج إلى أن اكتشف الأمر، فيكون ما وقع من الطاعن لا يعدو في الحقيقة أن يكون شروعاً في سرقة وليس سرقة تامة كما ذكر الحكم،ولما كانت العقوبة المقضي بها تدخل في نطاق العقوبة المقررة للشروع في السرقة، وكان لا يشترط لصحة الحكم أن يتحدث صراحة واستدلالاً عن القصد الجنائي ما دامت الواقعة كما أوردها تفيد بذاتها توافر هذا القصد. لما كان ما تقدم، وكان ما أثاره الطاعن في طعنه من أن الحكم لم يورد دليلاً مقنعا على أن القطن المضبوط هو عين الذي أثبته الطاعن في دفتر البوابة إنما هو من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا يقبل أمام محكمة النقض، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى المعاينة التي أجراها الضابط وفراز الشركة ولم تر محلاً لندب خبير لإعادتها وكان ما ذكره الطاعن في مرافعته في هذا الشأن لم يتعد مجرد النقد لما تم ولم يكن طلباً باتخاذ إجراء معين، ولما كان عدم مراعاة إجراءات تحريز المضبوطات لا يترتب عليه بطلان، وكان لا يعيب الحكم أن يطمئن إلى معاينة أجريت في غيبة المتهم وكان تسليم القطن المضبوط للشركة المجني عليها بعد معاينته إثبات حالته لا يؤثر في سلامة الإجراءات التي تمت في الدعوى - لما كان كل ذلك، وكان عدم سؤال المتهم عن التهمة لا يبطل المحاكمة ما دام في مقدروه أن يتكلم عندما يكون ذلك في صالحه. ولما كان طلب ضم قضية الجنحة المشار إليها في الطعن قد تقدم به المدعي بالحق المدني لا الطاعن فلا يحق لهذا الأخير أن ينعي على المحكمة أنها لم تجب مثل هذا الطلب، ولم ترد عليه، فضلاً عن أن تشابه ظروف الدعويين وأداتهما ليس مما يلزم المحكمة بإجابة الطلب ما دامت القضية المطلوب ضمها لا تتعلق مباشرة بموضوع الدعوى المنظورة، ومن ثم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.