أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة التاسعة - صـ 73

جلسة 20 من يناير سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، وعثمان رمزي، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(18)
طعن رقم 1725 سنة 27 ق

إثبات. خبير. دفاع. رفض المحكمة طلب المتهم مناقشة الخبير أسباب تبرره. لا إخلال بحق الدفاع.
متى كانت المحكمة قد بينت في حكمها السبب الذي رفضت من أجله طلب استدعاء الطب الشرعي لمناقشته، وهو سبب من شأنه أن يبرر ما رأته - وهي على بينة من دفاع المتهم من عدم لزومه للفصل في الدعوى ورجحت في حدود سلطتها التقديرية رواية من اطمأنت إلى أقوالهم من الشهود على دفاع المتهم، فإنها لا تكون قد أخلت بحقه في الدفاع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل عمداً محمد إبراهيم علي جبر بأن طعنه بآلة قاتلة (حادة) في رقبته قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت من غرفة الاتهام إحالة المتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات، فقررت الغرفة بذلك. وادعت حسنة حسن صيام بحق مدني قبل المتهم بقرش صاغ واحد تعويضاً مؤقتاً. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236 فقرة أولى من قانون العقوبات بمعاقبة متولي أبو المعاطي بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنين وبإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدني (حسنة حسن صيام) مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية مبلغ ثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة، وذلك على اعتبار أن المتهم المذكور ضرب المجني عليه (محمد إبراهيم علي جبر) عمداً فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية ولم يكن يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... حيث إن حاصل وجه الطعن هو قصور الحكم في أسبابه مع الإخلال بحق الدفاع إذ كان دفاع الطاعن أثناء التحقيق والمحاكمة أنه أثناء تماسكه مع المجني عليه حضر عبده إبراهيم جبر شقيق المجني عليه ومعه شرشرة وهم بضربه بها فأصابته فعلاً في يديه ولكنها تجاوزتنه إلى المجني عليه وثبت من التقرير الطبي الشرعي أن إصابة المتهم والمجني عليه يجوز حدوث كليهما من شرشرة وقد يتفق تاريخ إصابة المتهم وتاريخ الحادث أيضاً وأن تصوير الحادث كما يدعيه الطاعن جائز الحدوث، وطلب الدفاع عن الطاعن من المحكمة استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته في كيفية حصول الحادث ولكن المحكمة رفضت إجابة هذا الطلب قولاً منها أنه وقد ورد بالتقرير الطبي أن تصوير الحادث كما يدعيه المتهم جائزاً الحدوث، فإن الفيصل في الترجيح بين الفرضين مرده إلى التحقيق الذي هو من صميم عمل المحكمة مع أن هذا التعليل من جانب المحكمة غير سائغ ما دام الأمر مقترناً بدليل مادي مرجح لهذا الدفاع وهو إصابة المتهم نفسه من الشرشرة والتي أراد شقيق المجني عليه أنه يضربه هو بها فأصابته وأصابت أخاه في نفس الوقت وهو ما قصر الحكم عن الرد عليه فاخل بدفاع الطاعن، كما لم يبين الحكم في مؤدي التقرير الطبي الوارد في حيثياته سبب أو كيفية حدوث إصابة المجني عليه التي أدت إلى وفاته.
وحيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة إذ التفتت عن طلب المتهم استدعاء الطبيب الشرعي الذي أجرى تشريح الجثة لمناقشته بعد أن أبدى في تقريره جواز حدوث الواقعة على الصورة التي يدعيها المتهم قالت في تبرير رفضها "ومعنى هذا أن الجرح قد يحدثه المتهم أو أخو المجني عليه ولا يمكن للطبيب الشرعي أن يؤيد أحد الفرضين إذ أن الترجيح لا يتأتى إلى بنتيجة التحقيق هو من صميم عمل المحكمة، ومن ثم فلا ترى محلاً لاستدعائه للمناقشة في أمر لا يؤدي إلى أية نتيجة، وقد أجمع الشهود على رؤيتهم للمتهم وبيده الشرشرة أثناء هربه". لما كان ذلك وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. وكانت المحكمة قد بينت في حكمها السبب الذي رفضت من أجله طلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته وهو سبب من شأنه أن يبرر ما رأته - وهي على بينة من دفاع المتهم من عدم لزومه للفصل في الدعوى ورجحت هي في حدود سلطتها التقديرية رواية من اطمأنت إلى أقوالهم من الشهود على دفاع المتهم وكان التقرير الطبي الشرعي كما أورده الحكم، وقد أثبت أن إصابة المجني عليه التي أودت بحياته عن إصابة طعنية مما مفاده أنها حدثت من آلة حادة وكان الطاعن مسلماً بأنها حدثت من شرشرة. لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.