أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة التاسعة - صـ 91

جلسة 27 من يناير سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل ,ومصطفى كامل, وعثمان رمزي, والسيد أحمد عفيفي المستشارين.

(24)
طعن رقم 1730 سنة 27 ق

دفاع. طلب المعاينة. حكم "تسبيب معيب". طلب المتهم من المحكمة إجراء معاينة لتتحقق عن حالة الضوء بنفسها. عدم ردها على هذا الطلب. قصور.
متى كان الدفاع قد قصد من طلب المعاينة أن تتحقق المحكمة من حالة الضوء بنفسها لتتبين مدى صحة ما أدلى به الشهود في شأن إمكان رؤية المتهم عند إلقائه المخدر وهو من الطلبات الجوهرية لتعلقه بتحقيق الدعوى لإظهار الحقيقة منها, وكان ما قالته المحكمة لا يصلح رداً على هذا الطلب فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز جواهر مخدرة "حشيشاً" في غير الأحوال المرخص بها قانوناً ـ وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1، 2/ 33ج, 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول "أ" الملحق به. فقررت بذلك، ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

...وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه مشوب بالقصور والإخلال بحق الدفاع كذلك أن محامي الطاعن طلب معاينة مكان الحادث للتثبت من حالة الضوء في وقت الحادث ومن صدق ما قرره الشهود من أن الرؤية كانت ممكنة فلم تجب المحكمة هذا الطلب واكتفت بأن تناولته في معرض الاستدلال على ثبوت التهمة من أن بعض الشهود قد شهدوا بان الضوء كان ينبعث من الطريق الذي وقع فيه الحادث ومن الشارع العمومي واستطردت المحكمة إلى القول بأن المتاجر في وقت ضبط المتهم كانت مفتوحة والنور يشع منها, وما كان للمحكمة أن ترجح البينة التي استمدتها من أقوال الشهود قبل أن تجري المعاينة التي طلبها الدفاع لاحتمال أن تسفر عن صحة ما ذهب إليه من عدم إمكان الرؤية ولا سيما وقد ثبت أن حارة الخواص ليس فيها إضاءة تسمح مشاهدة المتهم عندما ألقى بالكيس كما قرر بعض الشهود.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر الجلسة أن الدفاع عن الطاعن قد أبدى في مرافعته أن الضابط "حسني إبراهيم العشري" ذكر أمام المحكمة أن حارة الخواص التي تم فيها ضبط المتهم - ليس بها مصابيح للبلدية مما يفيد أنها كانت مظلمة يتعذر فيها الرؤية التي ادعاها من شهد بها وعقب الدفاع على ذلك بطلب إجراء معاينة لمكان الحادث لتتأكد المحكمة من صدق ما ذهب إليه الدفاع عن حالة الضوء وقدم رسماً للحارة المذكورة ثم ختم مرافعته مصراً على طلبه قائلاً أن موقف المتهم من العربة بداخل الحارة لا ينفذ إليه الضوء من الشارع العمومي, ولما كان الواضح مما أبداه الدفاع أنه إنما قصد من طلب المعاينة أن تتحقق المحكمة من حالة الضوء بنفسها لتتبين مدى صحة ما أدلى به الشهود في شأن إمكان رؤية المتهم عند إلقائه بالكيس وهو بداخل الحارة, لما كان ذلك وكان كل ما قاله الحكم في سبيل تفنيد وجهة النظر التي عرضها الدفاع "أن الثابت من أقوال الضابط أن النور كان ينبعث إلى شارع الخواص من شارع الحسينية وأن المتهم (الطاعن) كان يجلس بجوار عربة الفاكهة على مسافة ثلاثة أمتار فقط من ناحية ملتقي الشارعين, وفي مثل هذا الوقت تكون جميع المتاجر مفتوحة والنور يشع منها كما يشع من أنوار الشارع نفسه, وقد شهد عبد الرحمن زايد صاحب عربة الفاكهة وهو أحد الشاهدين الذين استشهد بهما المتهم أن الدكان المقابل لعربته كان مضيئاً مما يجعل أقوال الشاهد في هذا الصدد تطابق الواقع" ولما كان حاصل ما قالته المحكمة من ذلك أنها سلمت بادئ الرأي بصحة ما شهد به بعض الشهود عن حالة الضوء بحيث تسهل الرؤية بل إنها افترضت من عندها وجود محلات مفتوحة في مثل وقت الحادث ترسل أضوائها على المكان الذي ضبط به المتهم مما مكن الشهود من رؤيته حين ألقى بكيس المخدر من يده, وهو ما كان الدفاع ينازع فيه طالباً للتثبت من صحته إجراء المعاينة، ولما كان هذا الطلب هو من الطلبات الجوهرية لتعلقه بتحقيق الدعوى لإظهار الحقيقة منها، وكان ما قالته المحكمة مما سلف ذكره لا يصلح رداً على هذا الطلب، فإن الحكم يكون معيباً بالقصور بما يستوجب نقضه، وذلك دون حاجة لبحث ما جاء بسائر أوجه الطعن.