أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة التاسعة - صـ 108

جلسة 3 من فبراير سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل, ومصطفى كامل, وعثمان رمزي, والسيد احمد عفيفي المستشارين.

(30)
طعن رقم 1754 سنة 27 ق

إثبات. شهادة. حكم "تسبيب معيب". استناد الحكم على أقوال شاهد في قضية أخرى دون سماع شهادته في الدعوى أو ضم القضية المذكورة. بطلانه.
متى كانت المحكمة قد بنت حكمها على شهادة شاهد في قضية أخرى ولم تسمع شهادته في تلك الدعوى ولا أثر لأقواله من أوراقها ولم تأمر بضم قضية الجنحة المذكورة حتى يطلع عليها الخصوم, فإن الدليل الذي استمدته على هذه الصورة من شهادة الشاهد المذكور يكون باطلاً, والاستناد إليه يجعل حكمها معيباً بما يبطله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة (المطعون ضدها) بأنها: باعت إلى المستشفى الأميري بأبي حمص لبناً مغشوشاً بإضافة 20% ماء إليه. وطلبت عقابها بالمواد 2 و7 و8 و9 و10 من القانون رقم 48 لسنة 1941 وبالمواد 1 و2 و11 12/ 1 من القانون رقم 132 لسنة 1950 وقرار وزارة الصحة رقم 102 لسنة 1952 الصادر في 5 من يوليه سنة 1952. ومحكمة أبو حمص الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهمة بمبلغ 5 جنيه والمصادرة بلا مصاريف جنائية. فاستأنفت النيابة هذا الحكم. ومحكمة دمنهور الابتدائية قضت حضورياً بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهمة بلا مصاريف. فقررت النيابة العامة الطعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... حيث أن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه ببراءة المتهمة على أنه ثبت للمحكمة من مناقشة الدكتور المراغي الذي أجرى عملية التحليل في القضية رقم 3872 سنة 1948 جنح محرم بك أنه يصل إلى معرفة نسبة إضافة الماء إلى اللبن بعملية حسابية أساسها نقص المواد الصلبة عن الحد المقرر, مع أن هذه النسبة تتغير بعوامل لا دخل للإنسان فيها, وهذا الذي أسس عليه الحكم قضاءه بالبراءة ليس له أصل في الأوراق لأن الكيمائي المذكور لم يسأل في الدعوى الحالية ولم يثبت انه هو الذي تولى التحليل, فيها كما لم يثبت أن العملية الحسابية التي أشار إليها الحكم هي بذاتها التي اتبعت في تحليل اللبن موضوع هذه القضية لمعرفة نسبة الغش فيه, وإذن فالدليل الذي اعتمدت عليه المحكمة في براءة المتهمة لم يكن مطروحاً على بساط البحث في الجلسة, وليس له أصل في أوراق الدعوى, مما يجعل حكمها معيباً واجباً نقضه.
وحيث إنه يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أن الدعوى رفعت على المتهمة المطعون ضدها أنها في يوم 26/ 8/ 1956 باعت إلى المستشفى الأميري بأبي حمص لبناً مغشوشاً بإضافة 20% ماء إليه. وطلبت النيابة العامة عقابها على مقتضى المواد 2 و7 و8 و9 و10 من القانون رقم 48 لسنة 1941 والمواد 1 و2 و11 و12 فقرة أولى من القانون رقم 132 لسنة 1950 وقرار وزارة الصحة الصادر في 5/ 7/ 1952, فقضت المحكمة بحكمها المطعون فيه ببراءة المتهمة وقالت في بيان ذلك "إنه ثابت من مناقشة الدكتور المراغي المحلل في القضية رقم 1872 لسنة 1948 جنح محرم بك أنه يصل إلي معرفة نسبة إضافة المياه عن طريق عملية حسابية بسيطة أساسها نقص المواد الصلبة عن الحد المقرر, وترى المحكمة أن العملية الحسابية سالفة الذكر عود بنا إلى اتخاذ النسب المتغيرة بعوامل لا دخل للإنسان فيها أساساً في تعرف مما أضيف من مياه المقول بغشه... علاوة على ما هو ثابت أيضاً من أن المواد الصلبة غير الدهنية قد تزيد أو تنقص لعوامل عدة لا دخل للإنسان فيها...." واستطردت المحكمة تقول أنها "ترى من التحليل أن المواد الصلبة في الدهنية 7% ولما كانت مقدرة في قرارا وزارة الصحة في مادته الأولى بألا يقل عن 8.75% فيكون النقص 1.75% ولما كانت المياه نسبتها من عناصر اللبن القدر الباقي بعد استبعاد قيمة المواد الصلبة والدسم فتكون العملية الحسابية لمعرفة الزائد من نسبة الماء هي:

8.75 تنقص 1.75 }
}
1.75 × 100
ـــــــ 
= 20%
100 تنقص س 8.75

وهي نفس النسبة الواردة في التحليل, أي لأن النقص في المواد الصلبة غير الدهنية يقابلها الزيادة في المياه 20% وهذه هي العملية الحسابية التي قال بها المحلل كما سلف البيان وبمعنى آخر أنه لا يعلم هذه النتيجة التي وصل إليها إلا من طريق التحليل الأمر الذي يستحيل على المتهمة معرفته إلا إن كانت هي نفسها قد قارفت الجريمة وتوافرت مقدمات العلم... وحيث إنه لم يثبتن أن هذا اللبن مغشوش حتى يمكن اعتبار المتهمة حائزة بحسن نية ويمكن إعمال نص المادة 7 من القانون رقم 48 لسنة 1941 في حقها".
وحيث إنه لما كان من المقرر أنه يجب إلا تبني المحكمة حكمها إلا على العناصر والأدلة المستمدة من أوراق الدعوى المطروحة أمامها, فإن اعتمدت على دليل أو على واقعة استقتها من أوراق قضية أخرى لم تكن مضمومة للدعوى التي تنظرها للفصل فيها, ولا مطروحة على بساط البحث بالجلسة تحت نظر الخصوم ولو كانت تلك القضية الأخرى بين الخصوم أنفسهم, فإن حكمها يكون باطلاً. ولما كان يبين من محاضر الجلسات من درجتي التقاضي أن الدكتور المراغي الذي استندت المحكمة في قضائها ببراءة المتهمة في الدعوى الحالية إلى شهادته التي أدلى بها في قضية الجنحة رقم 3872 سنة 1948 محرم بك لم تسمع شهادته في تلك الدعوى ولا أثر لأقواله في أوراقها ولم تأمر المحكمة بضم قضية الجنحة المذكورة حتى يطلع عليها الخصوم, فإن الدليل الذي استمدته على هذه الصورة من شهادة الشاهد المذكور يكون باطلاً, والاستناد إليه يجعل حكمها معيباً بما يبطله ويوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه.