أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة التاسعة - صـ 118

جلسة 3 من فبراير سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل, ومصطفى كامل, وعثمان رمزي, وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(33)
طعن رقم 1757 سنة 27 ق

ا- إثبات. شهادة.استناد الحكم إلى أقوال لبعض الشهود منقولة عن شهود آخرين. جوازه.
ب- إجراءات. محضر الجلسة. حكم. اعتبار الحكم مكملاً لمحضر الجلسة في إثبات إجراءات المحاكمة.
1- إن إسناد الحكم إلى أقوال لبعض الشهود منقولة عن شهود آخرين أمر لا يحرمه القانون إذ مرد ذلك إلى ما تطمئن إليه محكمة الموضوع في تكوين عقيدتها من أدلة في الدعوى.
2- استقر قضاء هذه المحكمة على أن الحكم يكمل محضر الجلسة في إثبات إجراءات المحاكمة وما يتم أمام المحكمة من إجراءات لم تذكر في محضر الجلسة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: سرقا قطعة القماش المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لمحمود إبراهيم محمد حالة كونهما عاملين بمحل تجارته. وطلبت عقابهما بالمادة 317/ 5 - 7 من قانون العقوبات, ومحكمة المنشية الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس كل من المتهمين شهرين مع الشغل والنفاذ. فاستأنف المتهمان هذا الحكم ومحكمة إسكندرية الابتدائية قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم بلا مصاريف. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث أن الطاعن الثاني لم تقدم أسباباً لطعنه فهو غير مقبول شكلاً.
وحيث إن مبنى طعن الطاعن الأول هو أن الحكم المطعون فيه قد أخل بحق الدفاع وشابه قصور في البيان وبطلان في إجراءات المحاكمة ذلك أن محكمة أول درجة سمعت أقوال شاهدين اثنين من شهود الإثبات كانت شهادتهما منقولة من الغير وعن وقائع ليست جوهرية فطلب الدفاع من الطاعن سماع باقي شهود الإثبات إلا أن طلبه هذا لم يثبت في محضر جلسة المحاكمة ولم تستجب المحكمة له فلما ترافع أمام محكمة ثاني درجة تمسك بسماع من لم تسمع محكمة أول درجة أقوالهم من الشهود فلم يثبت طلبه بمحضر الجلسة كذلك ولم تستجب المحكمة إليه, كما أن الحكم لم يتناول في أسابه رداً على دفاع جوهري للطاعن مبناه أنه كان حسن النية إذ لم يكن يعرف أن القماش مسروق وأخيراً يقول الطاعن إن الحكم أخطأ في الإسناد إذ أقر محكمة أول درجة على قولها إن كلا من المتهمين كان يلقي التهمة على الآخر مع أن الثابت بالأوراق أن المطعون عليه الثاني كان منكراً لتهمة وأنه لمن يتوجه إلى محل محمد السيد نعمان وأخيه ثم أخطأ الحكم في الإسناد مرة أخرى إذ قال إن النيابة طلبت التأييد بينما الثابت بمحضر الجلسة أنها لم تطلب شيئاً.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه "إن واقعة الدعوى التي حصلها هي أن الطاعنين وهما عاملين بمحل تجارة محمود إبراهيم محمد باعا إلى محمد السيد نعمان وأخيه قطعة قماش سرقاها من المحل وقد علم المجني عليه بذلك مصادفة إذ كان بمحله في صباح يوم 11 من سبتمبر سنة 1956 فحضر محمد السيد نعمان ومع قطعة القماش طالباً إعادتها واسترداد ما دفع من ثمنها إلى الطاعنين وقال أنها لم تشتر من المحل بل أحضرها له الطاعنان بمحله وعرضا عليه شرائها, ولما كان غير راغب فيها فقد عرضاها على أخيه فاشتراها منهما بسعر المتر الواحد 250 قرشاً بعد أن أوهماه بأن أصل ثمن المتر 312 قرشاً فقبل أخوه الشراء ودفع لهما من الثمن مبلغ مائتي قرش - ولما كان الطاعن عاملاً بالمحل المجني عليه فقد اتهمه بسرقة قطعة القماش سالفة الذكر" ثم أقام الحكم الدليل على صحة هذه الواقعة وثبوتها في حق الطاعنين حيث قال "وحيث إن التهمة ثابتة قبل المتهمين - الطاعنين - من شهادة المجني عليه ومحمد السيد نعمان ومحمد عمر سعيد إذ قرر المجني عليه والعامل محمد عمر سعيد أن قطعة القماش مسروقة من المحل وأن محمد السيد نعمان حضر للمحل لإرجاعها فانكشف السر وعلما منه أن المتهمين سرقاها وباعاها لأخيه وقرر محمد السيد نعمان أنهما حضرا لمحله وعرضا عليه معا شراء قطعة القماش وفاعتذر وعرضاها على أخيه فاشتراها واشترك الاثنان في عملية العرض والبيع وفي قبض الثمن بعد تحديده وأفهماه أنها من محل المجني عليه وقد اشتراها المتهم الأول من المحل على أنها لأخيه وتتمكن بذلك من شرائها بسعر منخفض هو مبلغ 250 قرشاً للمتر بدلا من 312 قرشاً وقرر هذان الشاهدان أيضاً أن المتهمين توجها له في اليوم الثاني بعد أن انكشفت الحقيقة وحتى يفلتا من الاتهام لكنه لما شعر بجرمها بادر بإبلاغ المجني عليه". ولما كان يبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر له جميع العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وساق على ثبوتها في حقه أدلة لها أصلها الثابت في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وكانت محكمة الموضوع ليست ملزمة بالرد على دفاع الطاعن في جزئياته ما دام الرد عليه مستفاداً من قضائها بالإدانة للأدلة التي تضمنها الحكم, ولما كان استناد الحكم إلى أقوال لبعض الشهود منقولة من شهود آخرين أمر لا يجرمه القانون إذ مرد ذلك إلى ما تطمئن إليه محكمة الموضوع في تكوين عقيدتها من أدلة في الدعوى - لما كان ذلك, و كان خلو محضر جلسة المحاكمة من إثبات دفاع الطاعن لا يعيب إجراءات المحاكمة, وكان على الطاعن أو المدافع عنه أن يطلب إثبات دفاعه وطلباته فإذا هو لم يفعل كما هو الواقع في خصوصية هذه الدعوى فليس له أن يعيب إجراءات محاكمته, ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون على غير أساس.
وحيث أن ما ذهب إليه الطاعن من أن الحكم أخطأ في الإسناد إذ نسب إلى الطاعنين أن كلا منهما كان يلقي التهمة على الآخر كما أخطأ إذ أسند إلى النيابة أنها طلبت تأييد الحكم المقضي به من محكمة أول درجة مع أن شيئاً من ذلك لم يثبت بمحضر الجلسة, هذا الذي ذهب إليه الطاعن مردود لأنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن محمد عمر سعيد أحد شهود الإثبات الذين استندت المحكمة إلى أقوالهم شهد بأن كلا من المتهمين كان ينفي التهمة عن نفسه ويردها إلى زميله وما قرره الحكم في هذا الصدد مصدره في الواقع ما شهد به هذا الشاهد الذي اطمأنت المحكمة إلي أقواله باعتبارها دليلاً يقوم إلى جانب باقي أدلة الثبوت, كذلك يبين من الحكم المطعون فيه أنه ثابت به أن النيابة طلبت الحكم بتأييد حكم محكمة أول درجة, وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن الحكم يكمل محضر الجلسة في إثبات إجراءات المحاكمة وما يتم أمام المحكمة من إجراءات لم تذكر في محضر الجلسة. لما كان ذلك, فإن النعي على الحكم بالخطأ في الإسناد يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.