أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة التاسعة - صـ 129

جلسة 3 من فبراير سنة 1958

برياسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل, ومصطفى كامل, وعثمان رمزي, ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(36)
طعن رقم 1769 سنة 27 ق

قتل وإصابة خطأ. ركن الخطأ. حكم "تسبيب كاف". انتهاء الحكم بأن الحادث وقع بناء على خطأ المجني عليه وحده. عدم تحدثه بعد ذلك عن جميع صور الخطأ المنسوبة إلى المتهم أو تعرضه لباقي صور الخطأ المشار إليها في م 238 ع. لا عيب.
متى كان الحكم قد قطع أن الحادث وقع بناء على خطأ المجني عليه وحده وانتهى إلى أن خطأ المتهم - بفرض حدوثه - لم يكن له شأن في وقوع الحادث لانتفاء رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين الضرر الذي لحق المجني عليه, فإن الحكم لا يكون قاصراً ولا مشوباً بالخطأ في القانون إن هو لم يتحدث عن جميع صور الخطأ المنسوبة إلى المتهم ولم يتعرض لباقي صور الخطأ المشار إليها في المادة 238 من قانون العقوبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة محمد محمد علي المزاتي بأنه: تسبب من غير قصد ولا تعمد في قتل مروان محمد أمين بأن كان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احتياطه بأن قاد سيارة بحالة مخالفة للوائح وبسرعة زائدة فصدم المجني عليه وأحدث به الإصابات المبينة بالكشف الطبي والتي أودت بحياته. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات. وادعى محمد أمين مجاهد والد المجني عليه بحق مدني قدره 51 جنيهاً على سبيل التعويض قبل المتهم وأحمد محمد ريا صاحب السيارة والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين. ومحكمة الجمرك الجزئية قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة 500 قرش لوقف التنفيذ وإلزامه بالتضامن معه المسئول عن الحقوق المدنية بأن يدفعوا للمدعي بالحق المدني 51 جنيهاً والمصاريف ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فعارض المتهم في هذا الحكم الغيابي وقضى في معارضته بتأييد الحكم المعارض فيه فيما قضى به من ناحية الدعوى العمومية وتعديله فيما يتعلق بالدعوى المدنية وإلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين أن يدفعا للمدعي بالحق المدني 500 جنيه خمسمائة جنيه والمصاريف المدنية المناسبة ومبلغ 200 قرش مائتي قرش أتعاب المحاماة. فاستأنف هذا الحكم كل من المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية. ومحكمة إسكندرية الابتدائية قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للمتهم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه بلا مصاريف جنائية ورفض الدعوى المدنية مع إلزام رافعها بالمصروفات من الدرجتين.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه القصور والخطأ في تطبيق القانون إذ نفى عن المتهم الخطأ الناتج عدم استعمال آلة التنبيه وقيادته لسيارة تالفة الفرامل وأغفل أركان التهمة الأخرى التي أسٍندتها إليه النيابة من قيادة السيارة بسرعة زائدة وذلك بالإضافة إلى أن صور الخطأ المنصوص عليها في المادة 238 عقوبات تستوعب الأفعال التي وقعت من المتهم بما صور عنه من رعونة وعدم احتياطه فقد كان وهو في مركز القيادة وفي وضع يسمح له برؤية المجني عليه قبل الحادث دون حائل والقول من المتهم نفسه بعد رؤيته إياه يحمل بذاته صورة من صور الخطأ كما أن تباع السيارة شهد برؤيته المجني عليه من مكانه فوق السيارة وهي على مسافة كانت تسمح للسائق بإيقافها لولا تلف الفرامل وعدم انتباهه وأنه لو صح على أي حال رفض الدعوى المدنية على أساس أن الحكم في الدعوى الجنائية يؤدي إلى انعدام الحق في المطالبة بالتعويض فإن الثابت مع ذلك أن المتهم كان يستعمل السيارة وهي بحالة لا تتفق وشرائط الأمن والسلامة والواجب توافرها فيعتبر مالكها مسئولاً إذا استعملها بنفسه أو سمح باستعمالها وهي بهذه الحالة مما كان يتعين معه إلزامهما بالتعويض واستطرد الطاعن يقول في الوجه الثاني أن الحكم أخطأ في الإسناد إذ نسب إلى جميع الشهود أنهم قرروا أن المجني عليه اصطدم بجانب السيارة الأيمن بينما الشاهد مجدي درويش مصطفى قرر بصريح العبارة أن الجزء الذي صدم المصاب هو العجلة الأمامية اليمنى.
وحيث أن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى تحصيلاً سائغاً انتهى منه إلى أن مسئولية وقوع الحادث تقع على عاتق المجني عليه وحده الذي أخطأ باندفاعه فجأة إلى الجهة التي كانت تسير فيها السيارة وكان خطأ المتهم - بفرض حدوثه - سواء أكان ذلك بعدم استعماله آلة التنبيه أم قيادته لسيارة تالفة الفرامل أم بسرعة زائدة - لم يكن له شأن في وقوع الحادث لانتفاء رابطة السببية بين هذا الخطأ وبين الضرر الذي لحق المجني عليه ومن ثم فإن الحكم لا يكون قاصراً أو مشوباً بالخطأ في القانون إن هو لم يتحدث من قيادة المتهم السيارة بسرعة زائدة ولم يتعرض لباقي صور الخطأ المشار إليها في المادة 238 عقوبات طالما أنه قطع بأن الحادث وقع بناء على خطأ المجني عليه وحده - لما كان ذلك, وكانت الدعوى المدنية ترفع إلى المحكمة الجنائية بطريق التبعية للدعوى العمومية متى كان الحق فيها ناشئاً عن ضرر حاصل في الجريمة المرفوعة عنها الدعوى الجنائية وكان الثابت عن الحكم قد انتهى إلى عدم مسئولية المتهم عن الجريمة لانعدام الخطأ من جانبه فإن المسئولية المدنية القائمة على الواقعة ذاتها تكون منتفية ويكون الحكم إذ قضى برفض الدعوى المدنية لم يخالف القانون في شيء - لما كان ما تقدم كان ما ينعاه الطاعن بعد ذلك على الحكم من خطأ الإسناد لا يؤثر في سلامته لأنه لم يجعل لما شهد به الشاهد مجدي درويش أي اعتبار في النتيجة التي انتهى إليها فإن الطعن برمته يكون غير سديد ويتعين رفضه موضوعاً.