أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة التاسعة - صـ 134

جلسة 3 من فبراير سنة 1958

برياسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل, ومصطفى كامل, وإبراهيم عثمان يوسف, ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(38)
طعن رقم 1772 سنة 27 ق

إجراءات. شهادة. حكم "تسبيب كاف". محكمة الجنايات. عدم اتباع المتهم الإجراءات التي رسمتها المواد 185, 186, 187 أ ج. عدم استجابة المحكمة إلى طلب المتهم سماع شهود وعدم ردها على دفاعه المستند إلى هذا الأساس. لا عيب.
رسم القانون الإجراءات الجنائية في المواد 185 و186 و187 منه طريق إعلان الشهود الذين تطلب النيابة العمومية والمدعي بالحقوق المدنية والمتهم سماع شهادتهم أمام محكمة الجنايات, فإذا لم يتبع المتهم هذا الطريق , فلا على المحكمة إذ هي أعرضت عن طلبه سماع شاهد ولم تستجب إليه, ولا عليها كذلك إذا هي لم ترد على دفاعه المستند على هذا الأساس.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1- محمود محمد أحمد الدكروري (الطاعن) و2- السيد عبد الرحمن العتموني: بأنهما - المتهم الأول ـ ضرب عبد النعيم عبد الرحمن السيد عمداً بكوريك على رأسه فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد عظام الجمجمة لا ينتظر ملؤه مستقبلاً بنسيج عظمي ما يفقد هذا الوضع حمايته الطبيعية ويجعل المصاب عرضه للتأثير بالتغييرات الجوية والإصابات البسيطة التي قد تقطع على هذا الجزء من المخ والتي ما كانت لتؤثر فيه لو أنه كان محمياً بالعظم ويجعله عرضه لمضاعفات خطيرة ن كالتهاب السحايا والصرع والجنون وخراج المخ ويعرض حياته للخطر وتقلل من قوة احتماله العمل بنحو 12% - المتهم الثاني ـ أحدث عمداً بطاهر محمد مكي الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي لم يتقرر لها علاج. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما على محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمادتين 240/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات. فقررت بذلك, ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً ن عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من القانون المذكور للأول والمادتين 304/ 1 و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية للثاني. أولاًـ بمعاقبة المتهم الأول محمود محمد أحمد الدكروري بالحبس مع الشغل لمدة سنتين - وثانياً ـ ببراءة المتهم السيد عبد الرحمن العتموني مما أسند إليه. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الوجه الأول من وجهي الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد أخل بحق الطاعن في الدفاع, ذلك أن دفاعه كان يقوم على أنه لم يكن موجوداً بمحل الحادث وقت وقوعه وأنه كان وقتئذ عند قريب له بمصر الجديدة يدعي محمد عبد المجيد وقد طلب إلى المحكمة سماع هذا الشاهد فلم تجبه إلى طلبه ثم قضت بإدانته دون أن تبين سبباً لرفض طلبه دون أن تقطع برأي في دفاعه المستند إلى هذا الأساس.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن قانون الإجراءات الجنائية قد رسم في المواد 185 و186 و187 منه طريق إعلان الشهود الذين تطلب النيابة العمومية والمدعي بالحقوق المدنية والمتهم سماع شهادتهم أمام محكمة الجنايات فكان على الطاعن أن يتبع هذا الطريق, أما هو لم يفعل ذلك فلا على المحكمة إذا هي أعرضت عن طلبه ولم تستجب إليه ولا عليها كذلك إذا هي لم ترد على دفاعه المستند إلى هذا الأساس إذ المحكمة ليست ملزمة بتعقيب الطالب في دفاعه والرد على جزئياته إذ الرد عليه مستفاد من قضائها بإدانة لما تضمنه حكمها من أسباب.
وحيث إن مبنى الوجه الآخر أن الحكم أقام قضاءه على ما ثبت في عقيدة المحكمة متلخصاً مما شهد به المجني عليه وابن أخيه وما ثبت لديها من التقرير الطبي الشرعي مع أن أقوال الشاهدين سالفي الذكر أقوال متناقضة لا يصح الاستناد إليها في الإدانة كما أن التقرير الطبي الشرعي بعيد كل البعد عن تصوير حالة المجني عليه الحقيقة وفي هذا وذاك ما يشوب الحكم قصور في التسبيب يعيبه ويبطله.
وحيث أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن واقعة الدعوى التي استظهرتها المحكمة هي أن الطاعن ضرب المجني عليه على رأسه فأحدث به الإصابة التي تخلفت عنها العاهة المستديمة, وقد أورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة التي دان الطاعن بها أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها حيث قال "إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهم - الطاعن - إزاء ما شهد به المجني عليه الذي أكد أن المتهم هو بذاته الذي ضربه بالكوريك على رأسه..... وقد عززه في هذه الشهادة ن وأيده فيها الشاهد الآخر عبد الرحمن السيد عبد الرحمن الذي جزم بأنه رأى المتهم المذكور عندما ضرب المجني عليه بالكوريك على رأسه, وقد تدعم كل ذلك بالتقرير الطبي الابتدائي والتقرير الطبي الشرعي ومن ضبط الكوريك الذي استعمله المتهم في هذا الاعتداء بالجراج الذي كان يعمل به خفيراً والذي يقع على قرب من المقهى الذي كان به المجني عليه وقت داهمه واعتدى عليه وقد ثبت وجود دماء آدمية على هذا الكوريك ومن نفس فصيلة دماء المجني عليه ولهذا كله تكون التهمة ثابتة على المتهم ثبوتا قاطعاً". لما كان ذلك وكان التناقض في أقوال الشاهدين بفرض قيامه لا يعيب الحكم ولا ينال من سلامته ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهما بما لا تناقض فيه, ولما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يوجه مطعناً إلى التقارير الطبية حتى يجوز له أن يعيب على المحكمة أخذها بها كدليل اقتنعت بصحته - لما كان ما تقدم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.