أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة التاسعة - صـ 157

جلسة 10 من فبراير سنة 1958

برياسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل, ومصطفى كامل, وعثمان رمزي, والسيد أحمد عفيفي المستشارين.

(45)
طعن رقم 1820 سنة 27 ق

(أ) استئناف. دعوى مدنية. متى يجوز للمتهم استئناف الدعوى المدنية بغير تقيد بنصاب معين.؟ م 4. 3 أ ج.
(ب) دعوى مدنية. تقدير قيمتها. تعويض. تقدير قيمتها دائماً بمقدار مبلغ التعويض المطلوب ولو وصف بأنه مؤقت.
1- يشترط لصحة استئناف المتهم الحكم الصادر عليه في الدعوى المدنية بغير تقيد بنصاب معين أن يكون استئنافه للحكم الجنائي جائزاً, ومن ثم فإن قضاء المحكمة الاستئنافية بعدم جواز استئناف المتهم المرفوع عن الحكم الصادر بتغريمه خمسمائة قرش وبإلزامه بدفع قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت يكون صحيحاً لا مخالفة فيه للقانون.
2- إن دعوى التعويض عن الفعل الضار تقدر قيمتها دائماً بمقدار مبلغ التعويض المطلوب ولو وصف فيها هذا الطلب بأنه مؤقت.


الوقائع

أقام المدعيان بالحقوق المدنية دعوى الجنحة المباشرة على الطاعنين أمام محكمة عابدين الجزئية بعريضة بتهمتين إياهما بأنهما: المتهمة الأول ضربت المدعي بالحق المدني الثاني (السيد حسين أمين) ضرباً لم يترك أثراً ببدنه كما أتلفت المتهمة الثانية ملابس المدعية بالحق المدني الأولى (الست وجيدة أحمد أبو العلا) بقصد الإساءة. وطلبا معاقبتهما بالمادتين 242 و361 من قانون العقوبات كما طلبا إلزامهما متضامنين بأن يدفعا لهما قرشاً صاغاً واحداً تعويضاً مؤقتاً مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبغير كفالة, وفي أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة المشار إليها, دفع الحاضر مع المتهمين بعدم قبول الدعوى لعدم سبقها ببلاغ إلى مأمور الضبط القضائي المختص, وبعد أن أتمت نظرها قضت حضورياً عملاً بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمة الأولي والمادة 361 من نفس القانون بالنسبة إلى المتهمة الثانية - أولاً ـ برفض الدفع المبدي من المتهمتين بعدم قبول الدعوى, وبقولها. وثانياً ـ بتغريم كل من المتهمتين خمسمائة قرش بلا مصاريف وإلزامهما بأن تدفعا للمدعيين بالحقوق المدنية قرشاً صاغاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت لمصاريف المدنية ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفض ماعدا ذلك من الطلبات. فاستأنف المحكوم عليهما هذا الحكم. وفي أثناء نظر الاستئناف أمام محكمة مصر الابتدائية دافع الحاضر مع المدعيين بالحقوق المدنية بعدم جواز استئناف المتهمين تطبيقاً للمادة 402 من قانون الإجراءات الجنائية, وبعد أن أتمت المحكمة نظره قضت حضورياً بقبول الدفع بعدم جواز الاستئناف وبعدم جوازه لرفعه عن حكم غير قابل له. فطعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون, والخطأ في تطبيقه وتأويله, وقالت الطاعنتان في بيان ذلك إن الحكم الابتدائي المستأنف إذ صدر عليهما بالغرامة والتعويض المؤقت وكانت المطالبة بتعويض مؤقت تجعل الدعوى المدنية غير مقدرة القيمة, فيكون تقديرها على أساسا المادة 44 من قانون المرافعات التي تعتبر قيمتها زائدة عن 250 جنيهاً ولا محل لتطبيق المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية إذ لا يمكن القول إن الحكم الصادر في دعوى الجنحة المباشرة قاصرا على إحدى الدعويين المدنية أو الجنائية - نظراً لما بينهما من الارتباط ـ فإن الحكم الاستئنافي المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون, إذ قضى بعدم جواز الاستئناف.
وحيث إنه لما كانت المادة 402 من قانون الإجراءات الجنائية قد بينت الأحوال التي يجوز فيها استئناف الأحكام الصادرة في الجنح والمخالفات كما خص القانون المذكور المادة 403 منه لبيان الأحوال التي يجوز فيها استئناف الأحكام الصادرة في الدعوى المدنية المرتبطة بهذا النوع من الجرائم سواء من المدعي بالحقوق المدنية أو من المسئول عنها أو من المتهم فيما يختص بالدعوى المدنية وحدها مما يؤكد أن الأحوال التي يجوز فيها للمتهم استئناف الأحكام الصادر في الدعوى الجنائية هي غير الأحوال التي يجوز له فيما استئناف الأحكام الصادرة في الدعوى المدنية وحدها لاختلاف النصاب في كل من الدعويين وأن مناط استئنافه للحكم الذي يصدر عليه بغير الغرامة والمصاريف لا بالتعويض في الدعوى المدنية. لما كان ذلك وكانت المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية صريحة في أن استئناف الأحكام الصادر من المحكمة الجزئية في الجنح والمخالفات لا يكون جائزاً إلا إذا كانت التعويضات المطلوبة تزيد على النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي, وكانت دعوى التعويض عن الفعل الضار تقدر قيمتها دائماً بمقدار مبلغ التعويض المطلوب ولو وصف فيها الطلب بأنه مؤقت, فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز الاستئناف المرفوع من الطاعنتين عن الحكم الصادر بتغريم كل منهما خمسمائة قرش وبإلزامهما بدفع قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت يكون صحيحاً لا مخالفة فيه للقانون. ولا يؤثر في صحته أن تكون المادة 403 من قانون الإجراءات قاصرة على الدعوى المدنية وحدها وأن يكون استئناف المتهم الحكم الصادر عليه في الدعوى الجنائية مجوزاً استئنافه الحكم الصادر عليه في الدعوى المدنية أيضاً بغير تقيد بنصاب معين لأنه يشترط لصحة ذلك أولاً أن يكون استئناف المتهم للحكم الجنائي جائزاً, ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعنتين تعنيان بعد ذلك على الحكم قصوره في الرد على ما أثارتاه بشأن بطلان الحكم الابتدائي لاستناده إلى أقوال شاهد لم يسمع في الدعوى كما أخطأ الحكم المطعون فيه إذ اعتبر ما حصل من تذييل محضر الجلسة الابتدائية بتوقيع قاض غير الذي وقع على الحكم المستأنف مجرد خطأ مادي صححه توقيع القاضي على محضر الجلسة مع أن الفقرة الأخيرة من المادة 420 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بعدم جواز غير ما ذكره بمحضر الجلسة إلا بطريق الطعن بالتزوير. هذا فضلاً عن أن المادة 276 من القانون المذكور توجب توقيع رئيس المحكمة على كل صحيفة من صفحات محضر الجلسة, وأن الطاعنتين تمسكا أمام المحكمة الاستئنافية بأنه لم يوقع إلا على الصحيفة الأخيرة من محضر الجلسة الابتدائية من قاض غير المذكور اسمه في الصحيفة الأولى من المحضر فلم يعن الحكم المطعون فيه بالرد على هذا الدفاع مما يجعله مشوباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان الشارع إذ نص في الفقرة الأخيرة من المادة 402 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "فيما عدا الأحوال السابقة لا يجوز رفع الاستئناف من المتهم أو من النيابة العمومية إلا بسبب خطأ في تطبيق نصوص القانون أو في تأويلها" لم يقصد أن يكون الاستئناف مقصوراً على الحالة الأولى من المادة 420 من ذلك القانون وإنما قصد الخطأ في تطبيق القانون بمعناه الواسع بحيث يشمل الحالات الثلاث المشار إليها في تلك المادة, وكانت الطاعنتان قد استندتا في هذا الوجه إلى خطأ الحكم الابتدائي في تطبيق بعض أحكام قانون الإجراءات بقولهما إن الحكم صدر من قاض غير الذي سمع المرافعة وكان الأصل, اعتبار الإجراءات قد روعيت أثناء الدعوى, والعبرة في مخالفة الإجراءات أو عدم مخالفتها هي بحقيقة الواقع وكان مجرد الإشارة خطأ إلى شيء منها لا يبرر في حد ذاته القول بوقوع المخالفة بالفعل. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد تناول ما أثاره الدفاع عن الطاعنتين بما مؤداه أنه ثبت من الاطلاع على محضر جلسة 14 من مايو سنة 1956 أن الجلسة فتحت بالهيئة السابقة وكانت مشكلة من القاضي أبو العزم إلا أن المحضر قد وقع من القاضي برغش وهو الذي وقع الحكم وأن عدم إثبات جلوس قاض بدل آخر بسبب من الأسباب في محضر الجلسة لا يعتبر من أوجه البطلان ما دام الحكم في ذاته صحيحاً ولا يؤثر في سلامته أن يشوب محاضر الجلسة خطأ مادي صححه توقيع القاضي بمحضر الجلسة وكمل الحكم هذا التصحيح إذ استند إلى أقوال الشهود الثابتة بالمحضر وكلاهما موقع عليه بإمضائه, وكان هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه سديداً في القانون كما أن مجرد عدم التوقيع من القاضي على كل صفحة من صفحات محضر الجلسة - وهو ما لم تثره الطاعنتان أمام المحكمة الاستئنافية - لا يترتب عليه بطلان الإجراءات ما دام أن الطاعنتين لا تدعيان أن شيئاً مما دون في المحضر جاء مخالفاً للواقع. لما كان ما تقدم وكان بفرض أن الدفاع عن الطاعنتين أثار في مذكرته دفعا ببطلان الحكم الابتدائي لاستناده إلى أقوال شاهد دون سماعه فإنه لا ضير على الحكم المطعون فيه إذ التفت عن هذا الدفاع ما دامت محكمة أول درجة حققت شفوية المرافعة بسماع شهود الإثبات فضلاً عن أن الحكم الابتدائي لم يستند في الإدانة إلى أقوال الشاهد المذكور وإنما عرض لها على لسان شاهد آخر, وكان بقية ما أورده الطاعنتان في هذا الوجه موجهاً إلى الحكم الابتدائي وهو ما لا يقبل أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, فإن الطعن برمته يكون غير سديد ويتعين رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنتين بغرامة قدرها عشرة جنيهات.