أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة التاسعة - صـ 162

جلسة 10 من فبراير سنة 1958

برياسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل, ومصطفى كامل, ومحمد عطية إسماعيل, ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(46)
طعن رقم 1821 سنة 27 ق

(أ) دعوى مدنية. رفعها على المتهم القاصر. غير جائز. م 253 أ. ج.
(ب) إجراءات. محضر الجلسة. قصور محضر الجلسة عن ذكر سن الشهود ومحال إقامتهم. لا عيب.
1- أوجب الشارع بالنص الصريح في المادة 253 من قانون الإجراءات الجنائية لرفع الدعوى المدنية على المتهم بتعويض الضرر أن يكون بالغاً, فإذا كان ما زال قاصراً فإنها توجه على من يمثله قانوناً، ومن ثم فإذا كان المتهم عندما رفعت عليه الدعوى المدنية حين قضى فيها قبله كان قاصراً، فإن الحكم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه في خصوص الدعوى المدنية.
2- إن قصور محضر الجلسة عن ذكر سن الشهود أو محال إقامتهم لا يعيبه لأن هذا القصور لا يجهلهم عند المتهم وهم بعينهم الذين عرفهم بأسمائهم ومحال إقامتهم وأعمارهم الثابتة بمحضر التحقيق الابتدائي.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: منذ ثمانية شهور سابقة على 11 يوليو سنة 1956 بدائرة باب الشعرية - هتك عرض..... بغير قوة و تهديد وهي لم تبلغ بعد الثامنة عشرة من عمرها بأن أولج قضيبه في فرجها وأزال بكرتها وجامعها.
وطلبت توقيعه أقصى العقوبة المنصوص عنها في المادة 269 من قانون العقوبات وادعى إبراهيم محمد العطار مدني قبل المتهم بقرش صاغ واحد تعويضاً مؤقتاً. ومحكمة جنح باب الشعرية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام مع تطبيق المادتين 55 و56 من قانون العقوبات بجبس المتهم شهراً مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من صيرورة هذا الحكم نهائياً - وبإلزامه بأن يدفع على سبيل التعويض للمدعي بالحق المدني قرشاً صاغاً واحداً تعويضاً والمصاريف المدنية ومائتي قرشاً أتعاب محاماة.
فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة مصر الابتدائية قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف وألزمته بالمصاريف المدنية وأعفته من المصروفات الجنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق للنقض... إلخ.


المحكمة

... حيث إن الطاعن ينعي في الوجه الأول من طعنه على حكم المطعون فيه خطأه في تطبيق القانون. ذلك بأن المدعي بالحقوق المدنية وجه دعواه ضد الطاعن مع أنه قاصر إذ قدر الطبيب الشرعي سنه بعشرين سنة وما كان يجوز قبول الدعوى المدنية عملاً بحكم المادة 253 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الدعوى المدنية قد رفعت على المتهم وبوشرت إجراءاتها في مواجهته وصدر الحكم بالتعويض عليه. ولما كانت الفقرة الأولى من المادة 253 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "ترفع الدعوى المدنية بتعويض الضرر على المتهم بالجريمة إذا كان بالغاً, وعلى من يمثله أن كان فاقد الأهلية, فإن لم يكن له من يمثله, وجب على المحكمة أن تعين له من يمثله طبقاً للمادة السابقة" ولما كانت الأسباب التي بنى عليها حكم محكمة أول درجة بالتعويض وأخذ بها الحكم المطعون فيه قد أشارت إلى ما ورد بتقرير الطبي الشرعي من أن سن المتهم عند الكشف عليه يبلغ عشرين سنة, لما كان ذلك وكان يبين من شهادة الميلاد المقدمة من الطاعن لهذه المحكمة أنه ولد بتاريخ 13 من يوليو سنة 1936, وينبني على ذلك أن المتهم عندما رفعت عليه الدعوى المدنية وحين قضى فيها قبله كان قاصراً ولما كان الشارع قد أوجب بالنص الصريح الذي سلف ذكره لرفع الدعوى المدنية على المتهم بتعويض الضرر أن يكون بالغاً, فإذا كان ما زال قاصراً فإنها توجه على من يمثله قانوناً, لما كان ذلك فإن محكمة الموضوع إذ قضت بقبولها وتأييد الحكم بالتعويض الصادر فيها تكون قد خالفت القانون وأخطأت في تطبيقه وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويتعين لذلك نقضه في خصوص الدعوى المدنية والقضاء بعدم قبولها وإلزام المطعون ضده بمصروفاتها.
وحيث إن محصل الوجهين الثاني والثالث من الطعن أن الحكم المطعون فيه جاء مشوباً ببطلان إجراءات المحاكمة وبالقصور, ذلك بأن الثابت بمحضر الجلسة أن المدعي بالحقوق المدنية طلب سماع شهادة والدة المتهم مع أن الطاعن هو الذي تقدم بهذا الطلب, كما أن محضر الجلسة قد خلا من بيان سن الشاهدة المذكورة ومحل إقامتها لم يذكر ممن صدرت الأسئلة التي وجهت إليها وفضلاً عن ذلك فقد طلب الدفاع تحليل دماء الطفل المولود لمعرفة إن كان ينتسب للطاعن أم لا وهو دفع جوهري يتعلق به الفصل في ثبوت التهمة أو نفيها ذلك إلى أن المجني عليها قررت في التحقيق وأمام محكمة أول درجة أن والدة المتهم أزالت ما علق بها من دماء نزفت نتيجة ارتكاب الجريمة في حين أن التقرير الطبي أثبت أن غشاء البكارة سليم وهو تناقض كان على المحكمة أن ترفعه, وأخيراً فقد ادعت المجني عليها أن الطاعن استعمل معها القوة ولو صدق ما قالته لتمزق غشاء البكارة وقد أثار الدفاع ذلك أمام المحكمة الاستئنافية فأغفلت الرد عليه مع أهميته.
وحيث إن ما ورد بمحضر الجلسة من أن المدعي بالحقوق المدنية طلب سماع شهادة والدة المتهم هو من قبيل الخطأ المادي الذي لا يقدح في سلامة الحكم, كما أنه لا يعيبه قصور بمحضر الجلسة عن ذكر سن الشهود أو محال إقامتهم, لأن خلو المحضر من هذه البيانات لا يصح وجهاً للطعن لأن هذا القصور لا يجهلهم عند المتهم وهم يعينهم الذين عرفهم بأسمائهم ومحال إقامتهم وأعمارهم الثابتة بمحضر التحقيق الابتدائي, لما كان ذلك وكان ما يشكو منه الطاعن من أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه تحليل دماء المولود غير متعلق بموضوع الدعوى ولا هو لازم للفصل فيها, وقد أثبت الحكم واقعة هتك العرض المسندة إلى الطاعن بأدلة سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه. ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد استئنافياً لأسبابه قد خلص للاعتبارات المعقولة التي أوردها إلى أن الحادث قد وقع برضاء المجني عليها وعلى غير كره منها وكانت واقعة إزالة الدماء قد ساقتها المحكمة عندما سرد ما حصلته من أقوال المجني عليها ولم تتخذ منها في ذاتها دليلاً على الإدانة, لما كان ما تقدم فإن ما يثيره الطاعن في الوجهين الثاني والثالث من طعنه لا يكون له محل, ويتعين لذلك رفضها موضوعاً.