أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة التاسعة - صـ 183

جلسة 18 من فبراير سنة 1958

برياسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل, ومصطفى كامل, وعثمان رمزي, ومحمد حلمي خاطر المستشارين.

(52)
طعن رقم 1601 سنة 27 ق

قمار. محلات عمومية. الألعاب الواردة في م 19 من ق 38 سنة 1941 هي على سبيل التمثيل. جواز تحقق الربح في المقامرة على طعام أو شراب.
إن المراد بألعاب القمار في معنى المادة 19 من القانون رقم 38 لسنة 1941 هو الألعاب التي سمتها تلك المادة وأوردتها على سبيل التمثيل للنهي عن مزاولتها في المحال العامة كذلك الألعاب المشابهة لها وهي التي يكون الربح فيها موكولاً للحظ أكثر منه للمهارة, وكما يتحقق الربح في صورة المقامرة على مبلغ من النقود قد يتحقق أيضاً في المقامرة على طعام أو شراب أو على أي شيء آخر يقوم بمال.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: ترك بعض الأشخاص يلعبون القمار في محله العمومي (مقهى) مع علمه بذلك. وطلبت عقابه بالمواد 1 و19 و35 من القانون رقم 38 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 18 لسنة 1955. ومحكمة نجع حمادي الجزئية قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه. فاستأنفت النيابة هذا الحكم. ومحكمة قنا الابتدائية قضت غيابياً بتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن النيابة العامة تبني طعنها على خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون وقصوره في البيان ذلك أنه اعتبر ألعاب القمار على نوعين الأول يشمل الألعاب التي نص القانون على تحريمها مهما كانت البواعث عليها والنوع الثاني القصد من ممارستها هو المقامرة, وهي اعتبار خاطئ يتعرض مع أحكام القضاء إذ الصحيح أن ألعاب النوع الثاني معاقب عليها إذا كان الكسب فيها راجعاً إلى حظ اللاعبين أكثر مما هو راجع إلى مهارتهم, كذلك أخطأ الحكم حين اعتبر أن لعب رواد المقهى على "الطلبات" لا تعد مقامرة تأسيساً على أن اللعب لم يرد على كسب, مع أن "الطلبات" في واقع الأمر تقوم مقام النقود والتي تدفع ثمنها لها فلا فرق بينهما هذا إلى أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لبيان وصف وطبيعة اللعبة, التي كان يمارسها اللاعبون في المقهى وهل هي تعتمد على الحظ في الكسب أو على المهارة واقتصر على القول بأن اللعب كان على "الطلبات" ولم يكن بقصد كسب النقود. يضاف إلى ذلك أن ألعاب الورق تعتمد بصفة عامة على الحظ فهي من ألعاب القمار.
وحيث أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه قال في بيان واقعة الدعوى أنها "تخلص فيما أثبته السيد ضابط المباحث في محضره المؤرخ 4/ 9/ 1956 من أنه أثناء مروره بدائرة البندر شاهد أربعة أشخاص يجلسون في مقهى المتهم (الطاعن) يلعبون لعبة "شلح"... وكان يجالسهم شخص خامس ولم يكن يعلب معهم وكان بحجر اللاعب الأول مبلغ ثمانية قروش وفي حجر الثاني ثمانية قروش ونصف وبسؤال المتهم وهو صاحب المقهى قال أنه كان يقف بالخارج وأن اللاعبين كانوا يلعبون على الطلبات ولم يقارقوا الميسر" وبعد أن ناقش الحكم أقوال اللاعبين وأورد نص المادة 19 من القانون رقم 38 لسنة 1941 بشأن المحال العمومية انتهى إلى براءة الطاعن قولاً منه "إن المستفاد من هذا النص أن المشرع قصد إلى تحريم لعب القمار في المحلات العامة وأورد على سبيل الحصر ألعاباً معينة اعتبرها من ألعاب القمار وبمجرد لعبها محرمة في ذاته مهما كان البواعث عليه وما لم يرد به نص لا يعتبر لعبة قماراً إلا إذا كان اللعب بقصد المقامرة. وحيث إن اللعبة موضوعه الاتهام هي لعبة "شلح" وهي لم يرد بها النص. ومن ثم يتعين النظر فيما إذا كان اللاعبون قد مارسوها بقصد المقامرة أم لا. ومن حيث أن جميع اللاعبين والشاهد محمود عثمان قناوي قرروا أن اللعب كان على الطلبات ولم تكن بالنقود بقصد المقامرة وحيث إن اللاعبين حسين السيد وحميد حسن علم عللا سبب وجود النقود في حجريهما بأنها كانت الباقي بعد شرائها دخاناً ولا تستبعد المحكمة صحة هذا الدفاع طالما لم يثبت من ظروف الواقعة أي دليل أو قرينة على لعب القمار كوجود ورقة لرصد حساب اللعب أو ما إلى ذلك" ولما كان هذا الذي قاله الحكم واستند إليه في القضاء ببراءة الطاعن - هو تقرير خاطئ في القانون إذ المراد بألعاب القمار في معنى المادة 19 من القانون السالف الذكر هو الألعاب التي سميتها تلك المادة وأوردتها على سبيل التمثيل للنهي عن مزاولتها في المحال العامة, كذلك الألعاب المشابهة لها وهي التي يكون الربح فيها موكولاً للحظ أكثر منه للمهارة, ولما كان الربح كما يتحقق الربح في صورة المقامرة على مبلغ من النقود. قد يتحقق أيضاً في المقامرة على طعام أو شراب ثمنه مستحق الأداء لصاحب المقهى أو على أي شيء آخر يقوم بمال وكان هذا الخطأ من الحكم قد حجب المحكمة من بحث كيفية القيام بلعبة "شلح" التي كان يزاولها اللاعبون في مقهى الطاعن والوقوف على طبيعتها هل هي من الألعاب التي يرجع الكسب فيها إلى مصادفة الحظ أكثر مما يرجح إلى المهارة لما كان ذلك, فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه.