أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة التاسعة - صـ 209

جلسة 3 من مارس سنة 1958

برياسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: مصطفى كامل, فهيم يسى الجندي، والسيد أحمد عفيفي, ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(60)
طعن رقم 1255 سنة 27 ق

تجمهر. مسئولية جنائية. متى يسأل الأشخاص الذين يتألف منهم التجمهر عن الجريمة التي ترتكب.
مسئولية الجريمة التي تقع بقصد تنفيذ الغرض المقصود من التجمهر لا يتحملها جنائياً إلا الأشخاص الذين يتألف منهم التجمهر وقت ارتكابها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: اشتركوا في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب جريمة ومنع وتعطيل تنفيذ القوانين واللوائح والتأثير على السلطات العامة في أعمالها وكان ذلك باستعمال القوة وحالة كونهم يحملون أسلحة من شأنها إحداث الموت إذا استعملت ومع علمهم بأغراض التجمهر وذلك بأن تجمعوا مع غيرهم من أفراد الفريق الذي يناصر من بدلتهم حاملين أسلحة نارية بقصد الاعتداء على أفرد الفريق الآخر من البلدة الذي على عداء معهم وكان أن وقعت الجريمة الآتية في سبيل تنفيذ الغرض المقصود من التجمهر وهي: أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر استعملوا القوة والعنف في حق مستخدمين عموميين لاجتناب أداء عمل من الأعمال المكلفين بها وذلك بأن أطلقوا عدة أعيرة نارية صوب رجال البوليس (حسن علي قواطين وبدوي السيد إسماعيل وعبد الفتاح محمد حسن) المكلفين بحفظ النظام بالبلد بقصد إبعادهم عندما وقفوا في طريقهم ليمنعوهم من الاتجاه إلى حيث يوجد أفراد الفريق الآخر الذي يرغبون الاعتداء عليه الأمر المكون للجناية المعاقب عليها بالمواد 103 و104 و109 من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 69 لسنة 1953 وطلبت معاقبة المتهمين بالمواد 1 و2 و3 من الأمر العسكري رقم 5 الصادر في 27 من يناير سنة 1952 والمواد 103 و104 و109 من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 69 لسنة 1953. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنين وبغرامة مقدارها ألف جنيه. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

... حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه وإن أورد ما يدل على اشتراكاهم في التجمهر منذ بدايته, فإنه لم يقم الدليل على استمرارهم فيه إلى أن وقعت الجريمة التي ارتكبت بقصد تنفيذ الغرض المقصود منه وهو ما يجب توافره لقيام مسئوليتهم عنها طبقاً للقانون.
وحيث أن الحكم المطعون فه حصل واقعة الدعوى في أن الطاعنين كانوا بين المتجمهرين أنه عندما توجه إليهم رئيس القوة ومعه زميلاه "طلب إليهم التفرق والعدول عما بيتوا النية عليه فما كان من خليفة شعبان "الطاعن السادس" إلا أن طلب إلى المتجمهرين ضرب العساكر الذين يعترضون طريقهم ليجهز عليهم ويثني بالانتقام من خصومهم فأخذهم البعض على الخف وانتشروا بعيداً عن القوة ورئيسهما وانبطحوا أرضاً وضربوا النار على القوة وعلى رئيسهما فانبطح رئيس القوة وطلب إلى بدوي السيد أن يحذو حذوه وأوفد العسكري عبد الفتاح لإخطار المركز واستدعاء قوة واستمر المتجمهرون جميعهم في الصرب عليهما" ثم قال في تدليله على ثبوت الواقعة ف يحق الطاعنين "أنها ثبتت في حقهم من أقوال رجال البوليس الثلاث الذين وجدوا نحو عشرين من المتجمهرين يحملون أسلحة نارية وعندما اقتربت منهم القوة طلب رئيسهما إليهم الانصراف والتفرق فأظهر بعضهم الانصياع للأمر وعارض البعض الآخر مصراً على أبعاد القوة وإكراهها على إفساح الطريق لهم للاعتداء على خصومهم والانتقام منهم ثم ابتعد المتجمهرون عن القوة وانبطحوا أرضاً وأصلوها وابلا من رصاصهم فانبطح الأومباشي حسن أرضاً وأوفد العسكري عبد الفتاح للاتصال بالمركز وإبلاغه الحادث بقصد الاستعانة بقوة منه ظل المتهمون وصحبهم يطلقون الرصاص على القوة حتى شاهدوا نائب مأمور المركز والقوة التي تصحبه فتفرقوا في المزارع".. ثم قال أن التهمة تأيدت في حق أحمد شعيب (الطاعن الرابع) بضبطه قريباً من مكان الحادث وفي حق حسين رستم (الطاعن السابع) وإبراهيم شعيب خليفة (الطاعن الخامس) من استعراف أفراد قوة الأمن عليهما في عملية العرض التي أجريت. ولما كان ذلك وكان مفاد ما أورده الحكم أن رجال القوة المنوطين يحفظ الأمن في البلدة وهم شهود الحادث رأوا الطاعنين عند بدء التجمهر فلما أصدر رئيس هذه القوة أمره إلى المتجمهرين بالتفرق صدع بالأمر فريق وعصاه فريق آخر ابتعد أفرداه عن مكان وجود القوة وأخذوا يطلقون النار، وكان الحكم لم يستظهر في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعنين وخاصة الستة الآخرين منهم كانوا من بين من عصوا أمر رئيس القوة بل ذكر عبارة عامة أن بعض المتجمهرين ارتد إلى الخلف وانتشروا بعيداً عن موقف الشهود وأطلقوا النار دون أن يصرح بأن الطاعنين كانوا من بين هؤلاء وأنهم ظلوا مشتركي في التجمهر إلى أن وقعت الواقعة, فلما عرض لأقوال الشهود التي تضمنت أن فريقاً أطاع الأمر الصادر بالتفرقة لم يوضح - كما كان يجب أن يفعل دليله على اشتراك الطاعنين في اطلاق النار ولم يبين ماذا كان ما نسبه إليهم من ذلك هو وليد رؤية الشهود وتحققهم من أنهم لم يكونوا من بين من انصاعوا لأمر رئيس القوة أو أن اتهامهم بنى على مجرد رؤيتهم بين المتجمهرين في بداية التجمهر وقبل أن تبدأ مرحلة إطلاق النار, التي أثبت الحكم أنها أطلقت من بعيد - ما لا يكفي لقيام الجريمة. لما كان ما تقدم وكانت مسئولية الجريمة التي تقع بقصد تنفيذ الغرض المقصود من التجمهر لا يتحملها جنائياً إلا الأشخاص الذين يتألف منهم التجمهر وقت ارتكابها وكان الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين فقد أورد مؤدي أقوال شهود الواقعة على صورة يشوبها الغموض الذي لا يبين منه وجه الحق, وقصر في التدليل على قيام الجريمة مما يعيبه. ولا يغير من ذلك ما ذكره من ضبط أحد الطاعنين قريباً من مكان الحادث ومن الاستعراف على اثنين آخرين منهم عند العرض, لأن هذا فضلاً عن أنه لا يؤثر في موقف باقي الطاعنين من الحكم, فإنه لم يقومه ولم يرفع ما به من غموض. لما كان ذلك كله فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.