أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة التاسعة - صـ 222

جلسة 3 من مارس سنة 1958

برياسة السيد مصطفي فاضل وكيل المحكمة, وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل, ومحمود محمد مجاهد, وأحمد زكي كامل, ومحمد عطية إسماعيل المستشارين.

(64)
طعن رقم 2023 سنة 27 ق

خبير. رأيه. تقليد أختام الحكومة. انتهاء المحكمة إلى عدم توافر ركن التقليد. مخالفة هذا التقدير لما رآه الخبير الفني. لا عيب.
متى كانت المحكمة قد انتهت في منطق سليم إلى عدم توافر ركن التقليد لأن العلامة التي وضعت على اللحوم لا يمكن أن ينخدع بها أحد سواء من يعرف القراءة والكتابة أو من لا يعرفهما, وهو من الواقع الذي استيقنته المحكمة بنفسها في الدعوى بما لها من سلطة تقديره, فإنه لا يقدح في سلامة هذا التقدير أن يكون الخبير الفني قد رأى غير ما رأته المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: أولاً - قلد علامة خاصة بإحدى المصالح الحكومية (ختم سلخانة دمنهور) يستعمل في ختم اللحوم الصغيرة. وثانياً - استعمل الختم المقلد سالف الذكر بأن ختم بها اللحوم المضبوطة مع علمه بتقليده. وثالثاً - ذبح لحوماً خارج السلخانة. ورابعاً - ذبح أنثى حيوان دون السن القانوني. وطلبت إحالة المتهم إلى غرفة الاتهام لإحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته في الجناية بالمواد 206/ 1 - 4 من قانون العقوبات, وفي الجنحة بالمواد 1 و37 من لائحة السلخانات والقانون رقم 6 لسنة 1912 و20/ 1 - 2 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 فقررت الغرفة بإحالة الأوراق إلى محكمة جنح بندر دمنهور الجزئية لمحاكمة المتهم طبقاً للوصف والقيد الموضحين بالدعوى في حدود عقوبة الجنحة طبقا للمادة 17 من قانون العقوبات والمادتين 158 و179 من قانون الإجراءات الجنائية. ومحكمة جنح بندر دمنهور الجزئية قصت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ. فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة دمنهور الابتدائية قضت في استئنافه حضورياً بقبوله شكلاً وفي الموضوع - أولاً - بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لما قضى به من إدانة المتهم عن التهمتين الأولى والثانية وبراءته منهما. وثانيا - بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للتهمتين الثالثة والرابعة إلى تغريم المتهم مبلغ عشرة جنيهات. فطعن رئيس نيابة دمنهور الكلية في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

... حيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون, ذلك بأن المطعون ضده أحيل لمحاكمته على المتهم الأربع الموجة إليه ومن بينهما تهمة تقليد ختم سلخانة دمنهور وتهمة استعمال هذا الختم المقلد بأن ختم به على اللحوم المضبوطة وهو يعلم بتقليده, وقد برأته المحكمة من هاتين التهمتين استناداً إلى ما قالته من وضوح الخلاف بين بصمة الأختام المقلد وبصمة الختم الصحيح, ولعدم وجود كتابة ولأن مظهر العلامة المقلدة على هذا النحو لا ينخدع به الشخص العادي, وتقول الطاعنة إن عدم وجود الكتابة إن صح أنه لا ينخدع من يعرف القراءة فإنه يكتفي في خدع غيره ممن لا يعرفها وهم السواد الأكثر من الجمهور فضلاً عن أن تقرير الخبير أثبت أن البصمة المقلدة تخدع الشخص العادي, ومن المقرر قانونا أن تقليد العلامات يكون معاقبا عليه وإن لم يبلغ حد الاتفاق بل يكفي في ذلك أن يكون على درجة تساعد على رواج الشيء الذي يحمل العلامة المقلدة.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على المطعون ضده لأنه - أولاً - قلد علامة خاصة بإحدى المصالح الحكومية (ختم سلخانة دمنهور) - ثانياً - استعمل الختم المقلد سالف الذكر بأن ختم به لحوماً مع علمه بتقليده - ثالثاً - ذبح لحوماً خارج السلخانة - رابعاً - ذبح أنثى حيوان دون السن القانونية. وطلبت عقابه بالمواد 206/ 1 - 4 و1 و37 من لائحة السلخانات القانون رقم 6 لسنة 1912 والمادة 20/ 1 - 2 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945, وقد أحالت غرفة الاتهام المتهم لمحكمة الجنح للفصل في التهم المنسوبة إليه على أساسا عقوبة الجنحة, وقضت محكمة أول درجة - عملاً بالمواد المذكورة والمادة 32 من قانون العقوبات حضورياً بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل عن جميع التهم فاستأنف وقضت محكمة ثاني درجة حضورياً ببراءة المتهم من التهمتين الأولى والثانية وتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للتهمتين الثالثة والرابعة وتغريمه عنهما عشرة جنيهات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه ببراءة المطعون ضده من التهمتين الأولى والثانية على ما قاله: "إنه يشترط لقيام هذه الجريمة (وهي جريمة التقليد) أن تتحدد العلامة بعناصرها الجوهرية المميزة لها من رموز أو كتابة أو أحرف. أما إن لم يتوفر فيها ذلك كأن اقتصر على وضع مربع أو دائرة مثلاً مشابهة لمربع أو دائرة الخاتم أو العلامة المراد تقليدها, فإن ذلك لا يمكن أن يسمى تقليداً أو تزويراً للعلامة أو الخاتم لفقدان العناصر الأساسية والجوهرية المميزة له من رموز أو حروف... والثابت من مطالعة تقرير مصلحة الطب الشرعي فيما كشف عنه الفحص تحت ثالثاً أنه بمضاهاة البصمتين الواردتين على قشرتي اللحم المضبوط المرسلتين للفحص على بصمات أختام سلخانة دمنهور الصحيحة وجد أن البصمتين موضوع البحث تختلف تماما عن بصمات أختام سلخانة دمنهور الصحيحة من حيث المنظر العام وخلو البصمتين المطعون فيهما من الألفاظ الواردة بالبصمات الصحيحة... وأنه على هدي ما تقدم يبين من أن العلامة موضوع التهمة تختلف من حيث المنظر العام فضلاً عن خلوها من الأحرف بما تعتبر معه فاقدة لعناصر المميزة للعلامة الأصلية, ولا ترى المحكمة لذلك - خلافاً لما ورد في نتيجة مصلحة الطب الشرعي - أن الشخص العادي وحتى الذي لا يعرف القراءة والكتابة لا يمكن أن يخدع بالعلامة موضوع الاتهام, لأن الثابت من نفس التقرير أنهال تختلف من حيث المنظر العام فضلاً عن خلوها من الكتابة الأمر الذي يمكن لكل ذي عينين وإن جهل القراءة أن يتبينه". لما كان ذلك وكانت المحكمة قد انتهت في منطق سليم إلى أن العلامة التي وضعت على اللحوم لا يمكن أن ينخدع بها أحد سواء من يعرف القراءة والكتابة أو من لا يعرفهما, وهو من الواقع الذي استيقنته المحكمة بنفسها في الدعوى الحالية بما لها من سلطة تقديره, وكان لا يقدح في سلامة هذا التقدير أن يكون الخبير الفني قد رأى غير ما رأته المحكمة, إذ ليس من شأن الرأي الذي يقول به الخبير أن يسلب المحكمة سلطتها في تقدير وقائع الدعوى ولا أن يقيدها في ذلك لأن تكييف الواقع هو قضاء تباشره المحكمة في دائرة سلطاتها المطلق في تحصيله, وما دامت قد أصدرت رأيها بعدم توافر ركن التقليد مستندة إلى الشواهد والاعتبارات السائغة التي أوردتها, فلا يصح مناقشتها فيما رأته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.