أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 14 - صـ 725

جلسة 28 من أكتوبر سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: حسين صفوت السركي، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد حمزاوي.

(131)
الطعن رقم 1056 لسنة 33 القضائية

(أ، ب، ج) مواد مخدرة. "قصد جنائي". حكم. "تسبيبه. "تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. إثبات. "اعتراف".
( أ ) الاتجار في المواد المخدرة: واقعة مادية. استقلال محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها. طالما أنها تقيمها على ما ينتجها. مثال.
(ب) لا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر. يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف كافياً للدلالة على قيامه. لمحكمة الموضوع استخلاصه على أي نحو تراه. متى كان ما حصلته لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
(ج) الاعتراف في المواد الجنائية: خضوعه لتقدير محكمة الموضوع. لها أن تأخذ به بالكامل. كما أن لها أن تجزئه وتأخذ منه بما تطمئن إليه، دون أن تتقيد بالأخذ بباقية.
1 - من المقرر أن الاتجار في المواد المخدرة إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنها تقيمها على ما ينتجها. ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه سائغاً ومردوداً إلى أصله في الأوراق، ويتوافر به قصد الاتجار في الجواهر المخدرة كما هو معرف به في القانون، فإنه لا يقبل من الطاعن مجادلة الحكم فيما خلص إليه في هذا الصدد.
2 - لا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر، بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفى للدلالة على قيامه، ولا حرج على محكمة الموضوع في استخلاصه على أي نحو تراه، متى كان ما حصلته لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
3 - من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية يخضع لتقدير محكمة الموضوع شأنه في هذا شأن أدلة الإثبات الأخرى التي تطرح أمامها، فلها أن تأخذ به بالكامل، كما أن لها أن تجزئة فتأخذ منه بما تطمئن إليه دون أن تتقيد بالأخذ بباقيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 5/ 9/ 1962 بدائرة مركز أبو قرقاص محافظة المنيا المتهم الأول: "أحرز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين أفيوناً وحشيشاً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً - المتهم الثاني: أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "أفيوناً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 1 و2 و7 و34/ 1 - 2 و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 206 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1 بالنسبة للأول والبند 1 من الجدول رقم 1 بالنسبة للثاني. فصدر قرارها بذلك في 16/ 1/ 1963. سمعت محكمة جنايات الفيوم هذه الدعوى ثم قضت فيها حضورياً في 15/ 5/ 1963 عملاً بالمواد 1 و2 و34/ 1 و40 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1 المرافق وذلك بالنسبة للطاعنين بمعاقبة كل منهما بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريم كل مهما ثلاثة آلاف جنيه وأمرت بمصادرة المخدرات والأدوات المضبوطة. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة إحراز المخدر بقصد الاتجار شابه فساد في الاستدلال وقصور وتناقض في التسبيب، ذلك بأنه استظهر قصد الاتجار في حقهما من شهادة الضابطين ومن اعتراف الطاعن الأول على نفسه في حين أن تلك الشهادة ظنية لم تقم على المشاهدة بل كان مصدرها التحريات ولم يؤيدها دليل آخر كما أن اعتراف الطاعن الأول على نفسه لا يمتد إلى الطاعن الثاني بل إنه لا يلزم الطاعن الأول ذاته ما دامت المحكمة قد تشككت فيه حين ذهبت إلى القول بأنه قصد به تحميل هذا الطاعن وحده المسئولية دون والده الطاعن الثاني، وفى أخذها به بعد هذا التشكك ما يصم استدلالها بالتناقض في حق الطاعنين معاً. هذا فضلاً عن أن الحكم لم يدلل على علم الطاعنين بكنه المواد المخدرة المضبوطة، مما يعيبه بما يبطله ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز الجواهر المخدرة التي دين الطاعنان بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير التحليل وهى أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر قصد الاتجار في حق الطاعنين في قوله: "وحيث إن المحكمة ترى أن قصد كل من المتهمين (الطاعنين) من إحراز ما ضبط معه هو الاتجار وذلك ثابت من شهادة النقيب محمد فتحي منصور والملازم نبيل زكريا ومن اعتراف المتهم الأول على نفسه". – وما أورده الحكم مما تقدم سائغ ومردود - إلى أصله في الأوراق ويتوافر به قصد الاتجار في الجواهر المخدرة كما هو معرف به في القانون، ولا يقبل من الطاعن مجادلة الحكم فيما خلص إليه في هذا الصدد لما هو مقرر من أن الاتجار في المواد المخدرة إنما هو واقعة مادية تستقل محكمة الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنها تقيمها على ما ينتجها. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعنان على الحكم من قصور في استظهار ركن القصد الجنائي في الجريمة التي دينا بها مردوداً بأنه لا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفى للدلالة على قيامه، ولا حرج على محكمة الموضوع في استخلاصه على أي نحو تراه متى كان ما حصلته لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي وهو ما لم يخطئ الحكم قي تقديره. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنان من قالة التناقض تأسيساً على أن الحكم آخذ الطاعن الأول باعترافه على الرغم من تشككه فيه لاتجاهه إلى تخليص والده الطاعن الثاني من الاتهام، ما يثيرانه من ذلك مردود - بأنه يبين من الاطلاع على ما أورده الحكم في هذا الصدد أنه عرض لاعتراف الطاعن الأول فقال: "واعترف المتهم الأول (الطاعن الأول) شفاهة أمام النيابة بحيازته لما ضبط معه وأنكر صلته باللفافتين المضبوطتين مع والده وحين سؤاله اعترف بحيازته لجميع المخدرات المضبوطة بقصد الاتجار وقرر أن شيئاً منها لم يضبط مع والده وقرر أن لفافتي الأفيون المقال بضبطهما مع والده إنما ضبطتا بجيب جلبابه الأيمن كما ضبطت لفافات الحشيش الست بنفس الجيب أما قطعة الأفيون الكبيرة والميزان فقد ضبطها رجال البوليس في مكان مهجور على بعد حوالي عشرين قصبة من المنزل وكان قد دفنها في الأرض منذ أيام سابقة منتظراً الفرصة ليبعها وقرر أنه لا يعرف كيف توصل رجال البوليس إلى معرفة ذلك المكان والحفر به والعثور عليها وأن شيئاً منها لم يكن ظاهرا فوق الأرض ..... وظل على اعترافه هذا أمام المحكمة". ثم عرض الحكم إلى موقف الطاعن الثاني والأدلة قبله وانتهى إلى القول "بأن اعتراف المتهم الأول بإحرازه اللفافتين المنسوبتين لوالده إنما أراد به تخليص هذا الوالد يؤيد هذا أنه حين سؤاله شفاهاً أمام النيابة أنكر صلته بهاتين اللفافتين". وانتهى الحكم إلى مساءلة الطاعنين كليهما كل عما ضبط معه. وما أورده الحكم مما تقدم سائغ ولا تناقض فيه لما هو مقرر من أن الاعتراف في المواد الجنائية يخضع لتقدير محكمة الموضوع شأنه في هذا شأن أدلة الإثبات الأخرى التي تطرح أمامها فلها أن تأخذ به بالكامل كما أن لها أن تجزئه فتأخذ منه بما تطمئن إليه دون أن تتقيد بالأخذ بباقية. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.