أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة التاسعة - صـ 226

جلسة 4 من مارس سنة 1958

برياسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: مصطفى كامل, وعثمان رمزي, والسيد أحمد عفيفي, وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.

(65)
طعن رقم 1523 سنة 27 ق

مجرمون أحداث. شرط إعادة النظر في الحكم الصادر على الحدث وفقا لنص المادة 362/ 2 أ ج.
متى كانت المحكمة حين قضت بعدم جواز إعادة النظر في حكمها السابق والصادر بحبس المتهمة قد أسست قضاءها على القول بأن الفقرة الثانية من المادة 362 من قانون الإجراءات الجنائية التي طلبت النيابة تطبيقها اشترطت لجواز إعادة النظر "أن يكون المتهم قد حكم عليه بعقوبة من العقوبات الخاصة بالأحداث والمقصود من ذلك العقوبات التقويمية المقررة للأحداث والتي لا يقضي بها على سواهم". فإنها تكون قد أولت عبارة "العقوبات الخاصة بالمتهمين الأحداث" الواردة بالفقرة الثانية من المادة 362 من قانون الإجراءات تأويلاً صحيحاً متفقاً مع مقصود الشارع ومع المحكمة التي توخاها من استحداث هذا النص.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدها بأنها: أحرزت مادة مخدرة (حشيشاً وأفيوناً) في غير الأحوال المصرح بها قانونا.
وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالة المتهمة على محكمة الجنايات لمحاكمتها بالمواد 1 و2 و33 ج و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 فقررت بذلك, ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً - عملاً بالمواد 1 و2 و33 ج و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبندين 1 و12 من الجدول رقم (أ) الملحق به والمادة 66/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمة إحسان محمد بالحبس مع الشغل لمدة سنة وتغريمها ثلاث آلاف جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة. ثم قدمت النيابة العانة المذكرة إلى محكمة الجنايات طلبت فيها إعادة محاكمة المتهمة من جديد على ضوء ما تبين من مستخرج ميلادها الرسمي أن سنها 19 سنة, وذلك وفقاً لنص المادة 362/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية والمحكمة المذكورة بعد أن نظرت الطلب قضت فيه حضورياً بعدم جواز إعادة النظر في الدعوى. فطعن الأستاذ رئيس نيابة الزقازيق في هذا الحكم بطريق النقض...... الخ.


المحكمة

... وحيث إن النيابة العامة تبني طعنها على الخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله, وفي بيان ذلك تقول إن عبارة (العقوبات الخاصة بالمتهمين الأحداث) الواردة بالفقرة الثانية من المادة 362 من قانون الإجراءات الجنائية هي عبارة عامة تشمل جميع العقوبات الجائز توقيعها على المتهمين الأحداث, ولا تقتصر على العقوبات التقويمية وإلا لنص القانون صراحة على هذا القصر والتخصيص أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه لو كان مراد الشارع التعميم والاطلاق لما أورد تلك العبارة في صدر الفقرة الثانية من المادة المذكورة, فلا يتفق مع نصوص القانون, مما كان يتعين معه على محكمة الجنايات إعادة النظر في الحكم المقضي به على المتهمة المطعون ضدها, وهو بالحبس والغرامة لإحراز مخدر, أما وقد قضت بعدم جواز إعادة النظر فيه فإنها تكون أخطأت.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة الجنايات حين قضت بعدم جواز إعادة النظر في حكمها السابق أسست قضاءها على القول بأن الفقرة الثانية من المادة 362 من قانون الإجراءات الجنائية التي طلبت النيابة تطبيقها اشترطت لجواز إعادة النظر "أن يكون المتهم قد حكم عليه بعقوبة من العقوبات الخاصة بالأحداث والمقصود من ذلك العقوبات التقويمية المقررة للمجرمين الأحداث والتي لا يقضي بها على سواهم, ذلك أن العقوبات التي توقع على المجرمين الأحداث نوعان, عقوبات عادية كالحبس, وعقوبات تقويمية كالتسليم للوالدين أو الإرسال للإصلاحية والعقوبات الأخيرة هي العقوبات الخاصة بالأحداث لأنها لا يحكم بها على سواهم. أما العقوبات العادية فيشاركهم فيها غيرهم وهي بذلك ليست خاصة بهم, فإذا أشار القانون في احد نصوصه إلى العقوبات الخاصة بالأحداث فلا يمكن أن ينصرف ذلك إلا إلى العقوبات التقويمية وحدها..... وليس أدل على أن عبارة (العقوبات الخاصة بالأحداث) الواردة في الفقرة الثانية من المادة 362 مقصود منها العقوبات التقويمية فقط من أن الشارع قد استعمل نفس ذلك التعبير بهذا المعنى في المادة 361 السابقة لها, وهي المادة التي أجازت للمحكمة التي تصدر الحكم على المتهم الصغير أن تعيد النظر في أي وقت في الحكم الصادر منها متى رؤي أن العقوبات المحكوم بها لا تتلائم حالة المحكوم عليه بشرط أن لا يحكم عليه في هذه الحالة بغير العقوبات التقويمية إذ أن الغرض منها كما هو ظاهر هو منع الحكم على الصغير عند إعادة النظر في شأنه بعقوبة من العقوبات العادية مراعاة لمصلحته, وهذا المعنى ظاهر فيما أوردته المذكرة التفسيرية لقانون الإجراءات الجنائية تعليقا على تلك المادة حيث جاء فيها (أن للمحكمة أن تعيد النظر في أي وقت في الأحكام الصادرة على الأحداث بناء على طلب النائب العام من رؤى أن العقوبة المحكوم بها لا تلائم حالة المحكوم عليه, فإذا حسن سيره من تعديل الحكم بتسليمه إلى والديه, وإذا هرب أو ساء سيره يمكن تعديل الحكم بوضعه في الإصلاحية).... فالتفسير الوحيد لعبارة (العقوبات الخاصة بالأحداث) الواردة في المادة 361 هو العقوبات التقويمية وهو نفس ما فسرتها به المذكرة الإيضاحية كما تقدم. ومتى وضح أن هذا اهو المقصود من ذلك التعبير في المادة 361 فلا يمكن أن يكون له معنى آخر في المادة 362 إذ أنه لا يصح أن يكون لنفس التعبير معنيان مختلفات في نصين متتالين من قانون واحد.... ومن أجل هذا فلا يجوز أن تمتد عبارة العقوبات الخاصة بالأحداث إلى أكثر مما يفيد مضمونها الظاهر وهو العقوبات التقويمية المخصصة للأحداث وحدهم والتي لا يحكم بها على سواهم".
وحيث إنه لما كان هذا الذي أولت به المحكمة عبارة (العقوبات الخاصة بالمتهمين الأحداث) الواردة بالفقرة الثانية من المادة 362 من قانون الإجراءات صحيحاً متفقاً مع مقصود الشارع ومع الحكمة التي توخاها من استحداث هذا النص, وهي معالجة الحالات التي يقضي فيها على المتهم الذي يثبت بورقة رسمية بعد الحكم عليه أن سنة وقت ارتكاب الجريمة تزيد على خمس عشرة سنة بعقوبة من العقوبات التقويمية وهي الإرسال إلى مدرسة إصلاحية أو محل آخر معين من قبل الحكومة والتسليم للوالدين أو لولي النفس أو لشخص مؤتمن أو لمعهد خيري والتوبيخ لأن هذه العقوبات قد خص بها القانون المتهمين الأحداث وحدهم لملاءمتها لصغر سنهم, ومنع توقيعها على من عداهم. أما العقوبات العادية كعقوبة الحبس فيتشرط فيها المتهمون الأحداث الذين جاوزت سنهم اثنتي عشرة سنة مع غيرهم من المتهمين, ولما كان على هذا الفهم ينبغي أن تفسر العبارة المشار إليها حتى يستقيم معناها مع سياق النص وتتحقق به حكمته والغاية منه فإن الحكم المطعون فه إذ قضى بعدم جواز إعادة النظر فيما سبق القضاء به على المحكوم عليها يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعاً.