أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 14 - صـ 759

جلسة 4 من نوفمبر سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، وحسين صفوت السركي، وأحمد موافي، ومحمد عبد الوهاب خليل.

(136)
الطعن رقم 800 لسنة 33 القضائية

( أ ) بلاغ كاذب.
لا يشترط للعقاب على البلاغ الكاذب أن يكون المبلغ عنه قد أسند إلى المبلغ ضده على سبيل التأكيد. معاقبة المبلغ ولو أسند الأمر إلى المبلغ ضده على سبيل الإشاعة أو على وجه التشكيك أو الظن أو الاحتمال.
(ب) طعن. نقض. "أحوال الطعن بالنقض". "مخالفة القانون". "سلطة محكمة النقض". عقوبة. "حبس بسيط". "حبس مع الشغل". استئناف.
لا يجوز أن يضار الطاعن بطعنه.
الحبس مع الشغل أشد من الحبس البسيط حتى مع تخفيض مدة الحبس المقضي بها. استبدال الحكم المطعون فيه عقوبة الحبس مع الشغل بعقوبة الحبس البسيط رغم ما أثبته من أن الطاعن هو المستأنف وحده. خطأ في القانون. وجوب نقض الحكم جزئياً وتصحيح ذلك الخطأ.
1 - من المقرر أنه لا يشترط للعقاب على البلاغ الكاذب أن يكون الأمر المبلغ عنه قد أسند إلى المبلغ ضده على سبيل التأكيد، بل يعاقب المبلغ ولو أسند الأمر إلى المبلغ ضده على سبيل الإشاعة أو على وجه التشكيك أو الظن أو الاحتمال.
2 - من المقرر أنه لا يجوز أن يضار الطاعن بطعنه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استبدل عقوبة الحبس مع الشغل بعقوبة الحبس البسيط المقض بها من محكمة أول درجة رغم ما أثبته من أن الطاعن هو المستأنف وحده، وكان من المقرر أن الحبس مع الشغل يعتبر أشد من الحبس البسيط حتى مع تخفيض مدة الحبس المقضي بها. فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون مما يتعين معه نقضه جزئياً وتصحيح ذلك الخطأ.


الوقائع

أقام المدعون بالحقوق المدنية (المطعون ضدهم) هذه الدعوى مباشرة أمام محكمة الزيتون الجزئية ضد الطاعن بعريضة أعلنت إليه في 4 فبراير سنة 1961 يقولون فيها - إنه بتاريخ 20/ 10/ 1963 تقدم المتهم إلى شرطة قسم الزيتون مبلغاً بأن المدعيين الأولين قد حرضا باقي المدعين على خطف ابنه لوجود خلاف بينه وبينهم وقام رجال الشرطة بالتحقيق حيث سئل جميع المدعين بعد ما قبض عليهم وأحيلوا إلى النيابة التي استكملت التحقيق وانتهت إلى أن البلاغ غير حقيقي. وتحرر عن ذلك المحضر رقم 4877 إداري الزيتون - واستطرد المدعون في قولهم بأنهم قد نالهم من جراء بلاغ المتهم ضرر كبير إذ حجزوا بالقسم يومين كاملين مما أدى إلى تعطيلهم عن أعمالهم فضلاً عن إلفاق جريمة بهم. وطلبوا عقابه بالمادة 305 من قانون العقوبات كما طلبوا القضاء لهم بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 20 أبريل سنة 1961 عملاً بمادة الاتهام: أولاً - في الدعوى الجنائية بحبس المتهم ثلاثة أشهر وتغريمه مائة جنيه وكفالة 10 جنيهات لوقف التنفيذ بالنسبة لعقوبة الحبس. ثانياً: - في الدعوى المدنية بإلزامه بأن يدفع إلى المدعين بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية. فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 6 ديسمبر سنة 1961 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من عقوبة والاكتفاء بحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك. وألزمت المتهم المصروفات المدنية الاستئنافية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن في جريمة بلاغ كاذب مع سوء القصد قد انطوى على خطأ في القانون وشابه البطلان، ذلك أن الطاعن دفع التهمه بانتفاء القصد الجنائي الذي يقوم على ثبوت العلم بكذب البلاغ مع سوء القصد. مستنداً إلى أنه حين أبلغ بغياب ابنه لم يتهم أحداً، وحين سئل في تحقيق النيابة اشتبه في المدعين بالحق المدني بخطفه لما بينه وبينهم من شقاق ورغم ذلك أدانه الحكم المطعون فيه بتهمة البلاغ الكاذب. تأسيساً على أنه لا يشترط إسناد الأمر المبلغ عنه إلى المدعين على سبيل التأكيد وهو ما لا يتفق وحكم القانون كما أن الحكم قد استبدل عقوبة الحبس مع الشغل بعقوبة الحبس البسيط المقضي بها عليه من محكمة أول درجة فشدد العقوبة عليه مع أنه هو وحده دون النيابة الذي قرر بالاستئناف وكذلك خلا الحكم من بيان تاريخ صدوره ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لتفسير المادة 305 من قانون العقوبات بياناً لوجه انطباقها على واقعة الدعوى بما مؤداه أن القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب يقوم على عنصرين هما علم المبلغ بكذب البلاغ. واتجاه مقصده إلى الإضرار بمن أبلغ ضدهم، ثم دلل على أن الطاعن كان يعلم وقت تبليغه بأن الوقائع التي أبلغ عنها غير صحيحة مستنداً في ذلك إلى أدلة سائغة تؤدى عقلاً إلى النتيجة التي انتهى إليها، كما تحدث عن قصد الإضرار واستدل عليه بالضغينة التي بين الطاعن وبين المدعين بالحق المدني مبيناً أنه بقيام هذين العنصرين تتوافر أركان الجريمة التي دان الطاعن بها وأنه لا يشترط للعقاب عليها أن يكون الأمر المبلغ به قد أسند للمدعين بالحق المدني على سبيل التأكيد. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد استخلصت مما ساقه علم الطاعن بكذب بلاغه ضده المدعين بالحق المدني كما استظهرت منه ومما ثبت لديها من وجود شقاق بينه وبينهم اتجاه مقصده إلى الإضرار بهم بمنطق سائغ وتدليل سليم. يستقيم به إثبات توافر القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب، وكان من المقرر أنه لا يشترط للعقاب على البلاغ الكاذب أن يكون الأمر المبلغ عنه قد أسند إلى المبلغ ضده على سبيل التأكيد بل يعاقب المبلغ ولو أسند الأمر إلى المبلغ ضده على سبيل الإشاعة أو على وجه التشكيك أو الظن أو الاحتمال لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بالخطأ في القانون لعدم توافر ركن القصد الجنائي في الجريمة التي دين بها يكون على غير أساس - ولما كان يبين من مطالعة الحكم أنه صادر بتاريخ 6/ 12/ 1961 فإن ما يثيره الطاعن حول بطلان الحكم بدعوى أنه خلا من بيان تاريخ صدوره لا يكون له محل. ولما كان من المقرر أنه لا يجوز أن يضار الطاعن بطعنه وكان الحكم المطعون فيه قد استبدل عقوبة الحبس مع الشغل بعقوبة الحبس البسيط المقضي بها من محكمة أول درجة رغم ما أثبته من أن الطاعن هو المستأنف وحده وكان من المقرر أن الحبس مع الشغل يعتبر أشد من الحبس البسيط حتى مع تخفيض مدة الحبس المقضي بها. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في القانون حين استبدل عقوبة الحبس مع الشغل بعقوبة الحبس البسيط مما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً، وتصحيح ذلك الخطأ ورفض الطعن فيما عدا ذلك.