أحكام النقض - م.ف - جنائي
العدد الأول - السنة التاسعة - صـ 271

جلسة 10 من مارس سنة 1958

برياسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل, محمود محمد مجاهد, وأحمد زكي كامل, ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(74)
طعن رقم 2034سنة 27 ق

(أ) وصف التهمة. غرفة الاتهام. نيابة عامة. سلطة ممثلها في أن يبدي لغرفة الاتهام ما يراه بشأن الوصف المعطى للتهمة المسندة إلى المتهم.
(ب) غرفة الاتهام. وصف التهمة. سلطة غرفة الاتهام في تكييف الجريمة المطروحة أمامها. م 179 أ. ج.
1- من المقرر أن للنيابة العامة حق إبداء ما يعن لها من طلبات أمام المحكمة وذلك بوصف كونها سلطة اتهام مختصة بمباشرة إجراءات الدعوى العمومية وهي في ذلك لا تتجزأ ومن حق ممثلها أن يبدي لغرفة الاتهام ما يراه بشأن الوصف المعطى للتهمة المسندة إلى المتهم والذي يرى أنه هو ما يصح أن تحال به الدعوى إلى المحكمة.
2- لم يقيد الشارع غرفة الاتهام بالوصف المقيدة به الدعوى بل أجاز لها كما هو مفهوم المادة 179 من قانون الإجراءات الجنائية تكييف الجريمة المطروحة لنظرها وإحالتها بالوصف الذي تراه ولها في سبيل ذلك - حتى بغير طلب من سلطة الاتهام - أن تجري أي تعديل في هذا الوصف.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: الأول - ضرب عمداً محمد محمد عبد الصمد بعصا على رأسه فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي وتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته - والثاني - ضرب محمد محمد محمد علي فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد بعظمة قبوة الرأس سوف لا يمتلئ بنسيج عظمي واق ويعتبر وجوده مصدر خطر مستمر على حياته إذ قد يعرضه مستقبلاً لمؤثرات ما كان ليحس بها وهو سليم فضلاً عما قد يطرأ عليه بسببه من مضاعفات خطيرة كالالتهابات السحائية والمخية والأمراض العصبية والصرع والجنون مما يقلل من كفاءته على العمل بنسبة مئوية ليس من المتيسر تحديد مداها نظراً لجسامة ما قد ينجم عن وجود هذه العاهة من مضاعفات خطيرة قد تودي بحياته - والثالث - أولا - ضرب عمداً علي عبد الجواد محمد غنيمة بعصا على يده اليسرى فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي التئام معيب في كسر سبابة اليد اليسرى وعسر في حركة ثنيه ما يقلل من كفاءته على العمل بما لا يتجاوز واحد إلى 2% وثانياً - ضرب عمداً مصطفى عبد الجواد محمد غنيمة بعصا على إبهام يده اليسرى فأحدث به جروحاً نشا عنها مرض زادت مدته على عشرين يوماً. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 236 و240 و241/ 1 من قانون العقوبات, فقررت بذلك ومحكمة جنايات بني سويف قضت حضورياً عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 32/ 2 و17 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الثالث بمعاقبة الأول بالسجن لمدة خمس سنين وبمعاقبة الثاني بالسجن لمدة ثلاث سنين وبمعاقبة الثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض....... الخ.


المحكمة

... حيث إن طعن الطاعنين الأول والثاني قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن محصل هذا الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه بطلان في إجراءات إحالة الدعوى على محكمة الجنايات كما شابه الفساد في الاستدلال والقصور, ذلك بان النيابة العامة طلبت في الجلسة تعديل وصف التهمة من جناية عاهة مستديمة إلى جناية الضرب المفضي إلى الموت وكان مقدم الطلب هو وكيل النيابة وهو غير مختص بتوجيه الدعوى العمومية في الجنايات لا يقبل منه ما تعلل به من أن رئيس النيابة قد ندبه لطلب هذا التعديل ذلك إلى أن الحكم استند في إدانة الطاعنين إلى أقوال المجني عليهما في محضر ضبط الواقعة وفي التحقيقات النيابة في حين أن المجني عليه الأول لم يسأل إلا في محضر ضبط الواقعة ولم يكن مصاباً إلا من الأذن اليمنى وأجاب بأنه لا يعرف الأداة التي ضرب بها فضلاً عن التناقض في أقواله أمام النيابة, أما المجني عليه الثاني فلم يكن مصاباً إلا بإصابة واحدة في رأسه عندما مثل أمام البوليس ثم ظهرت به إصابات أحرى ولم تبين المحكمة في حكمها على أي أقواله اعتمدت رغم تعارض هذه الأقوال في مراحل التحقيق, وأخيراً فإن الدفاع طلب سماع المحكمين قالت المحكمة ما يستفاد منه أن الشهود كاذبون وما كان لها أن تحكم على شهادتهم قبل سماعها, كما أنها لم تناقش دفاع الطاعنين المتعلق بشهود النفي.
وحيث إن ما يقوله الطاعن في الوجه الأول مردود بأن من المقرر أن للنيابة العامة حق إبداء ما يعن لها من طلبات أمام المحكمة وذلك بوصف كونها سلطة اتهام مختصة بمباشرة إجراءات الدعوى العمومية وهي في ذلك لا تتجزأ ومن حق ممثلها أن يبدي لغرفة الاتهام ما يراه بشأن الوصف المعطي للتهمة المسندة إلى المتهم والذي يرى أنه هو ما يصح أن تحال به الدعوى إلى المحكمة كما أن الشارع لم يقيد غرفة الاتهام بالوصف المقيدة به الدعوى بل أجازها كما هو مفهوم المادة 179 من قانون الإجراءات الجنائية تكييف الجريمة المطروحة لنظرها وإحالتها بالوصف الذي تراه ولها في سبيل ذلك - حتى بغير طلب من سلطة الاتهام - أن تجري أي تعديل في هذا الوصف - ولما كانت الغرفة المذكورة قد أحالت الطاعنين الأول والثاني بوصف أولهما مرتكبها لجناية الضرب المفضي إلى الموت وثانيهما مرتكبا لجناية العاهة المستديمة, وكان ذلك بعد اطلاعها على الأوراق التي ثبت منها - كما يتضح من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه - أن وفاة المجني عليه الأول محمد محمد عبد الصمد من إصابة نشأت عن التهاب سحائي صديدي جاء مضاعفاً لتلك الحالة الإصابية. ولما كان الدفاع من الطاعن الأول لم يبد أمام محكمة الموضوع اعتراضاً ما على الوصف الذي أحيل به المتهم الأول (الطاعن الأول) إلى محكمة الجنايات. لما كان ذلك, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون مقبولاً, ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المجني عليه الأول محمد محمد عبد الصمد قد قرر في محضر البوليس أن الطاعن الأول هو الذي ضربه على رأسه بعصا وأنه أعاد هذا القول أمام وكيل النيابة المحقق وكان الطاعن المذكور لم يذكر في أسباب طعنه أن محضر جمع الاستدلالات قد خلا من اتهامه على لسان المجني عليه. لما كانت ذلك, وكان الحكم قد استخلص إدانة الطاعنين من أقوال المجني عليه التي أوردها استخلاصاً سائغاً لا أثر للتناقض فيه وكان لا يقدح في سلامة الحكم أن تكون المحكمة قد أطرحت من أقوال الشاهد رواية لم تطمئن إليها آخذة بالراوية الأخرى التي اطمأنت إلى صدقها, وهي غير ملزمة في ذلك بأن تذكر في أسباب حكمها أو أن تشير إلى العلة التي دعتها إلى الأخذ بما أخذت به أو إطراح ما أطرحته لأن ذلك يدخل في سلطة التقدير التي خولها لها القانون. لما كان ذلك وكان الحكم قد تعرض لدفاع المتهمين ورد عليه رداً سائغاً بما يفنده وكان مما قاله في ذلك: "إن المحكمة لا تطمئن إلي ما احتواه محضر الصلح الذي باشره المحكمون واستندت في ذلك إلى الأسباب والاعتبارات السائغة التي أوردتها في حكمها والتي تبرر ما رأته. لما كان جميع ما تقدم فإن ما يثيره الطاعن في طعنه لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن المقدم من الطاعنين الأول والثاني على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.