أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 14 - صـ 785

جلسة 11 من نوفمبر سنة 1963

برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، وحسين صفوت السركي، وأحمد موافي، وعبد الوهاب خليل.

(141)
الطعن رقم 814 لسنة 33 القضائية

مرافق عامة. "عقود التزام المرافق العامة". "إسقاط الالتزام". "أثره" "أحوال الطعن بالنقض". "مخالفة القانون". دعوى مدنية. "قبولها" دفوع.
عقود التزام المرافق العامة: إدارة الملتزم المرفق لحسابه وعلى نفقته وتحت مسئوليته. تحمله بجميع الالتزامات التي تترتب في ذمته أثناء إدارته. لا شأن لجهة الإدارة مانحة الالتزام بها. إنهاء هذه الجهة الالتزام بالإسقاط. أثره: عدم مسئوليتها عن شئ من هذه الالتزامات. إلا إذا وجد نص في عقد الالتزام يلزمها به. مجانية الحكم هذا النظر. مخالفة للقانون تستوجب نقضه. مثال في شأن إسقاط الالتزام الممنوح لشركة ترام القاهرة بموجب القانون 123 لسنة 1961.
القاعدة في عقود الترام المرافق العامة هي أن الملتزم يدير المرفق لحسابه وعلى نفقته وتحت مسئوليته. وتبعاً لذلك فإن جميع الالتزامات التي تترتب في ذمته أثناء قيامه بإدارة المرفق يقع عبؤها عليه وحده ولا شأن لجهة الإدارة مانحة الالتزام بها، فإذا أنهت هذه الجهة الالتزام بالإسقاط فإنها لا تسأل عن شئ من هذه الأعباء إلا إذا وجد نص في عقد الالتزام يلزمها بها. ولما كان يبين من القانون رقم 123 لسنة 1961 - في شأن إسقاط الالتزام الممنوح لشركة ترام القاهرة - أنه لم يرد به نص على التزام مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة بالالتزامات التي علقت بذمة الشركة المذكورة إلا في حدود ما ورد بالمادة الثالثة في شأن عقود العمل التي كانت قائمة في تاريخ العمل بهذا القانون. وكان ما ورد بالمادتين الخامسة والسادسة خاصاً بتشكيل لجنة لتقييم جميع الالتزامات والحقوق وخصم هذه الالتزامات إنما قصد به النص على المقاصة بين حقوق كل من الجهة الإدارية والشركة الملتزمة التي تقتضيها تصفية الحساب بينهما بعد إسقاط الالتزام وذلك قطعاً لكل نزاع عند التصفية - فإن دعوى التعويض المقامة على مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة عن حادث وقع قبل إسقاط الالتزام الممنوح لشركة ترام القاهرة تكون غير مقبولة لرفعها على غير ذي صفة. ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع المبدى من الطاعنة بعدم قبول الدعوى المدنية قبلها - قد خالف القانون مما يستوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - محمد بدر على و2 - درويش درويش هلال. بأنهما في يوم 27/ 4/ 1959 بدائرة الأزبكية "تسببا من غير قصد ولا تعمد في قتل حسن رياض عثمان وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم احتياطهما بأن أخطأ الأول وفتح الطريق للترام قيادة الثاني وفى تحويله إلى جهة أخرى غير التي كان يقصدها وقاد الثاني قطار الترام الموضح بالمحضر بغير حذر وانتباه وبسرعة فائقة ولم يحتط فاصطدم بترام آخر كان يركبه المجني عليه وأحدث بالأخير الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته". وطلبت عقابهما بالمادة 238 من قانون العقوبات مع توقيع أقصى العقوبة. وأثناء نظر الدعوى ادعى كل من أمينة عفيفي حسن ورياض عثمان يوسف بحق مدني قدره 2000 جنيه على سبيل التعويض قبل المتهمين والحارس العام على شركة ترام القاهرة متضامنين. ومحكمة جنح الأزبكية قضت حضورياً بتاريخ 22/ 4/ 1961 طبقاً لمادة الاتهام بحبس كل من المتهمين الأول شهرين مع الشغل والثاني ستة شهور مع الشغل وكفالة مائتي قرش لكل منهما لإيقاف التنفيذ وألزمتهما متضامنين مع المسئول بالحقوق المدنية الحارس على شركة ترام القاهرة بأن يدفعوا متضامنين إلى المدعيين بالحق المدني بصفتهما ورثة المجني عليه مبلغ ألف وخمسمائة جنيه ومبلغ خمسة جنيهات أتعاب المحاماة والمصاريف المدنية وبلا مصاريف جنائية فاستأنف المتهمان هذا الحكم كما استأنفه أيضاً كل من المدعيين بالحق المدني والمسئول عن الحقوق المدنية. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 19 من ديسمبر سنة 1961 بقبول الاستئناف شكلاً وفى موضوع الدعوى الجنائية: أولاً - بالنسبة للمتهم الأول برفضه وتأييد الحكم المستأنف. ثانياً - بالنسبة للمتهم الثاني بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهرين مع الشغل. ثالثاً - بالنسبة للدعوى المدنية برفض الدفع بعدم قبولها وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من تعويض وألزمت المتهمين والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بالمصاريف المدنية الاستئنافية. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد شابه خطأ في تطبيق القانون حين قضى برفض الدفع المبدي من الطاعنة بعدم قبول الدعوى المدنية الموجهة إليها باعتبارها مسئولة عن الحقوق المدنية تأسيساً على ما قاله من أن مؤسسة النقل العامة (الطاعنة) قد آلت إليها ممتلكات شركة ترام القاهرة وحلت محلها في كافة حقوقها والتزاماتها. ذلك أنه من المقرر أن الملتزم وإن كان يعد نائباً عن الدولة مانحة الالتزام في إدارة المرفق العام وخاضعاً لإشرافها إلا أنه هو الذي يتحمل مخاطر هذه الإدارة لأنه يقوم بها لحسابه ولا تعتبر الدولة خلفاً عاماً أو خاصاً للملتزم عند انتهاء الالتزام بإسقاطه. وإذ كانت الحكومة قد أصدرت القرار بقانون رقم 123 لسنة 1961 في 20 يوليه سنة 1961 بإسقاط الالتزام الممنوح لشركة ترام القاهرة بعد أن تبينت إخلال الشركة بالقيام بالتزاماتها على نحو يهدد المرفق بالتوقف ولم تر بعد أن استردت المرفق أن تعهد به إلى ملتزم آخر وإنما عهدت بإدارته إلى مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة التي انشئت بمقتضى القرار الجمهوري رقم 1360 لسنة 1959 فقد تضمنت المادة الثانية من القانون رقم 123 لسنة 1961 نصاً على أنه تؤول إلى مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة كافة منشآت المرفق المشار إليه وكذا الأموال المرتبطة بها والمملوكة له وتتولى مؤسسة النقل العامة إدارته. "ويتضح من ذلك أن مؤسسة النقل العام لم تتلق الالتزام من شركة ترام القاهرة وإنما تلقته من الدولة صاحبة المرفق وهى التي منحتها حق استغلاله. أما الشركة السابقة فقد فقدت هذا الحق بإسقاط الالتزام الممنوح لها. ومن ثم فإن مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة لا تعتبر خلفاً عاماً أو خاصاً لشركة ترام القاهرة لانعدام سند هذه الخلافة - لما كان ذلك، وكان القانون رقم 123 لسنة 1961 قد خلت نصوصه من إلزام مؤسسة النقل العام بالالتزامات السابقة لشركة ترام القاهرة وكانت الدولة حين منحت الالتزام للشركة لم تكفل ديونها في مواجهة دائنيها فإن الدعوى المدنية المقامة على مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة بتعويض الضرر عن حادث وقع في يوم 27 من أبريل سنة 1959 أي قبل إسقاط الالتزام تكون غير مقبولة لرفعها على غير ذي صفة ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بغير ذلك قد جانب التطبيق السليم للقانون مما يتعين معه نقضه وتصحيحه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه عرض للدفع المبدى من الطاعنة ورد عليه بقوله: "وحيث إنه بالنسبة للدعوى المدنية فإن الحكم المستأنف قد أصاب الحق فيما قضى به من إلزام المتهمين والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بمبلغ التعويض المحكوم به والذي يتناسب مع الضرر الذي أصاب المجني عليهما من جراء الحادث. ولا يغير من هذا النظر ما دفع به الحاضر عن مؤسسة النقل بعدم قبول الدعوى المدنية قبلها بمقولة إنها ليست خلفاً لشركة الترام ذلك لأن هذا الدفع مردود بأنه يبين من الاطلاع على القرار الجمهوري بشأن التزامات شركة الترام في مدينة القاهرة بأن مؤدى نصوصه تفيد أن مؤسسة النقل العام آلت إليها ممتلكات شركة الترام بالقاهرة وحلت محلها في كافة حقوقها والتزاماتها.... ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى المدينة لا مسوغ له من القانون ومتعين الرفض". وما ذهب إليه الحكم فيما تقدم غير سديد. ذلك أنه يبين من مطالعة القرار بقانون رقم 123 لسنة 1961 في شأن إسقاط الالتزام الممنوح لشركة ترام القاهرة والمعمول به اعتباراً من 20 يوليه سنة 1961 أنه نص في مادته الأولى على أنه "يسقط طبقاً لأحكام هذا القانون التزام استقلال مرفق النقل العام للركاب بالترام والتروليبوس بمدينة القاهرة الذي كانت تتولاه شركة ترام القاهرة". ونص في مادته الثانية على أنه "تؤول إلى مؤسسة النقل العام بمدينة القاهرة كافة منشآت المرفق المشار إليه وكذا الأموال المرتبطة والمكملة والمتممة له وتتولى مؤسسة النقل العام إدارته". وجاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أنه "قد أسند إلى شركة ترام القاهرة إدارة مرفق النقل بالتزام طبقاً لعقد الالتزام الذي أبرم بينها وبين الحكومة المصرية في سنة 1894 ثم عدل بعد ذلك بعقود تالية. وتبين من فحص أعمال شركة الترام أنها أهملت إهمالاً جسيماً في أداء الخدمة المنوطة بها فلم تقم بتجديد مهماتها وآلاتها التي تجاوزت مدة الخدمة الافتراضية بل عمدت إلى تحويل أموالها إلى الخارج وتبذير أموال المرفق فيما أبرمته من عقود مع جهات معينة تتضمن مغالاة في الأسعار بالنسبة للأسعار السائدة وقت إبرام هذه العقود وفيما منحته لموظفيها وعملائها الأجانب كما لجأت إلى التصرف في الأموال التي تؤول إلى الحكومة في نهاية الالتزام وإلى الافتراض حتى تستطيع الإنفاق على المرفق بعد أن حرمته من الكثير من أمواله السائلة. وخالفت أحكام قانون الشركات ولم تنفذ أوامر البلدية بشأن تشغيل المرفق. لهذه الأسباب أضحت الشركة غير جديرة باستغلال هذا المرفق الحيوي وكان من حق الدولة أن تستعيده وأن تقرر إسقاط الالتزام وتحقيقاً لهذه الاعتبارات صدر هذا القانون. ونظراً لاختصاص مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة وفقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 1360 لسنة 1959 بإدارة واستغلال كافة مرافق النقل العام للركاب في مدينة القاهرة عدا ما يدخل منها في اختصاص هيئة عامة أخرى أو يكون مداراً بطريق الالتزام نصت المادة الثانية على أيلولة كافة المنشآت والأموال المرتبطة والمكملة والمتممة لمرفق النقل بالترام إلى مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة لتتولى إدارتها واستغلالها وفقاً لقرار إنشائها. "لما كان ذلك، وكانت القاعدة في عقود التزام المرافق العامة هي أن الملتزم يدير المرفق لحسابه وعلى نفقته وتحت مسئوليته. وتبعاً لذلك فإن جميع الالتزامات التي تترتب في ذمته أثناء قيامه بإدارة المرفق يقع عبؤها عليه وحده ولا شأن لجهة الإدارة مانحة الالتزام بها فإذا أنهت هذه الجهة الالتزام بالإسقاط فإنها لا تسأل عن شئ من هذه الأعباء إلا إذا وجد نص في عقد الالتزام يلزمها به. ولما كان يبين من القانون رقم 123 لسنة 1961 أنه لم يرد به نص على التزام مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة بالالتزامات التي علقت بذمة شركة ترام القاهرة إلا في حدود ما ورد بالمادة الثالثة في شأن عقود العمل التي كانت قائمة في تاريخ العمل بهذا القانون. وكان ما ورد بالمادتين الخامسة والسادسة خاصاً بتشكيل لجنة لتقييم جميع الالتزامات والحقوق وخصم هذه الالتزامات إنما قصد به النص على المقاصة بين حقوق كل من الجهة الإدارية والشركة الملتزمة التي تقتضيها تصفية الحساب بينهما بعد إسقاط الالتزام وذلك قطعاً لكل نزاع عند التصفية - لما كان ما تقدم كله، فإن دعوى التعويض المقامة على مؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة عن حادث وقع في 17 من أبريل سنة 1959 أي قبل إسقاط الالتزام الممنوح لشركة ترام القاهرة تكون غير مقبولة لرفعها على غير ذي صفة. ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع المبدى من الطاعنة بعدم قبول الدعوى المدنية قبلها - قد خالف القانون مما يستوجب نقضه فيما قضى به من إلزام الطاعنة بالتعويض المحكوم به وتصحيحه في هذا الخصوص بعدم قبول الدعوى المدنية قبل الطاعنة وإلزام المدعيين بالحق المدني بالمصروفات المدنية شاملة مقابلة أتعاب المحاماة.