أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 14 - صـ 791

جلسة 11 من نوفمبر سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محفوظ، وعبد المنعم حمزاوي.

(142)
الطعن رقم 815 لسنة 33 القضائية

محاكمة. "إجراءاتها". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "ما لا يوفره". شهود.
سماع الشهود ومناقشتهم في الجلسة: لم يرسم القانون للمحكمة طريقاً معيناً للسير فيه. إغفالها توجيه سؤال مما يقتضيه فن التحقيق. عدم جواز اتخاذه وجهاً للطعن في حكمها. علة ذلك: إجازة القانون للدفاع أن يوجه من جانبه ما يعن له من أسئلة. مثال.
لم يرسم القانون لمحكمة الموضوع طريقاً معيناً تسير فيه عند سماع الشهود ومناقشتهم في الجلسة، فإذا فاتها سؤال مما يقتضيه فن التحقيق، فإن ذلك لا يصح اتخاذه وجهاً للطعن في حكمها - خصوصاً وأن القانون يجيز للدفاع أن يوجه من جانبه ما يعن له من أسئلة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد عول على أقوال المجني عليه في التحقيقات الأولية وما شهد به أمام محكمة أول درجة فلا إلزام على محكمة ثاني درجة بإعادة مناقشته، ولا تثريب عليها إن اكتفت بسؤال المتهم عن واقعة معينة دون وقائع أخرى، طالما أن المتهم لم يطلب منها توجيه أي سؤال في هذا الخصوص. ومن ثم لا يكون هناك محل للنعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 20/ 6/ 1959 بدائرة قسم السيدة: "بدد المبلغ المبين الوصف والقيمة بالمحضر والمملوك لعبد الغنى أحمد شفيق والذي سلم إليه على سبيل الوكالة لاستعماله في أمر معين لمنفعة المالك هو توصيله إلى مرجريت توفيق غالى فاختلسه لنفسه إضراراً بالمجني عليها". وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح السيدة زينب قضت حضورياً اعتبارياً بتاريخ 26/ 12/ 1960 عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة 300 قرش لإيقاف التنفيذ بلا مصروفات جنائية. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 24/ 1/ 1962 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة تبديد قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وشابه خطأ في الإسناد وقصور في التسبيب - ذلك بأن محكمة ثاني درجة لم تناقش المجني عليه "الشاهد" فيما أثاره الطاعن من أنه لم يتسلم المبلغ إلا على سبيل القرض مكتفية بسؤاله عن التخالص. هذا وأن الحكم قد أخطأ في إسناد هذه الواقعة إلى المجني عليه مع أن التخالص كان بين الطاعن وشقيقته - ولم يرد على دفاع الطاعن الشفوي أو الذي ضمنه مذكرته المقدمة - ولم يذكر سبباً لعدوله عن سماع أقوال المجني عليه ومناقشته فيما استدعته إليه - الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "تخلص واقعة الدعوى فيما قررته مرجريت توفيق غالى من أن عبد الغنى أحمد شفيق (المجني عليه) حرر لها شيكاً بمبلغ 150 جنيهاً على بنك مصر وحين تقدمت به للبنك لصرف قيمته رفض البنك دفعه لعدم وجود رصيد له. وقرر المجني عليه عند سؤاله أنه تعرف على الشاكية بواسطة شقيقها المتهم (الطاعن) وقد اقترض منها مبلغ 300 جنيه حرر به شيكين وقد أرسل قيمة أحد الشيكين مع المتهم وهو مبلغ 150 جنيهاً كي يوصله لشقيقته وذلك بموجب إيصال توقع عليه منه". ولما كان ما استخلصه الحكم تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التبديد التي دان الطاعن بها وقد أورد الحكم على ثبوت الواقعة في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه ومن الإيصال المقدم الصادر من الطاعن - وهى أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن من أنه تسلم المبلغ على سبيل القرض وفنده قوله: "إن المحكمة لا تلقى بالاً لهذا الدفاع خاصة وأن المتهم قد اعترف في الإيصال المقدم من المجني عليه أنه تسلم هذا المبلغ لتوصيله إلى شقيقته مرجريت وفاء لقيمة الشيك المستحق الوفاء في 5/ 1/ 1960 مما يقطع بصحة أقوال المجني عليه لأن الثابت من هذا الإيصال أن المتهم تعهد بإحضار الشيك وخصم المبلغ الذي تسلمه من السند المحرر على المجني عليه لصالح شقيقته بمبلغ 300 جنيه ومن ثم يكون المتهم قد استلم المبلغ موضوع التهمة بمقتضى عقد من عقود الأمانة التي أوردتها المادة 341 من قانون العقوبات على سبيل الحصر" وما أورده الحكم من ذلك سائغ وصحيح في القانون. وإذ كان الثابت من محاضر الجلسات بدرجتي التقاضي أن محكمة أول درجة سمعت أقوال المجني عليه تفصيلاً وقد حضر أمام محكمة الدرجة الثانية بناء على طلبها وقرر الطاعن بتخالصه من المبلغ المنسوب إليه تبديده فسالت المحكمة المجني عليه فيما قاله الطاعن أمامها فشهد بتخالص الطاعن معه ولم يطلب الطاعن من المحكمة توجيه أي سؤال للمجني عليه. ولما كان القانون لم يرسم لمحكمة الموضوع طريقاً معيناً تسير فيه عند سماع الشهود ومناقشتهم في الجلسة فإذا كان قد فاتها توجيه سؤال مما يقتضيه فن التحقيق فإن ذلك لا يصح اتخاذه وجهاً للطعن في حكمها خصوصاً وأن القانون يجيز للدفاع أن يوجه من جانبه ما يعن له من أسئلة - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول على أقوال المجني عليه في التحقيقات وما شهد به أمام محكمة أول درجة فلا إلزام على محكمة ثاني درجة بإعادة مناقشة المجني عليه ولا تثريب عليها إن اكتفت بسؤال الطاعن عن واقعة معينة دون وقائع أخرى طالما أن الطاعن لم يطلب منها توجيه أي سؤال في خصوص ذلك ومن ثم لا يكون هناك محل للنعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع. ولما كان أخذ الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه اقتنع بأن الطاعن تخالص مع المجني عليه في حين أن التخالص مع شقيقته. فإنه لا مصلحة الطاعن في التمسك بهذا الوجه ذلك أن المحكمة وقد أنزلت هذه المخالصة في حكمها موضع الاعتبار فإنه يستوي معها أن تكون المخالصة مع المجني عليه أو مع شقيقة الطاعن ما دام أن النتيجة واحدة وهى حصول التخالص من هذا المبلغ إذ ليس في ذلك ما يغير وجه النظر فيما ارتآه الحكم من إدانة الطاعن بجريمة التبديد المسندة إليه. ولما كان ذلك، وكانت محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة خلواً مما يدل على أن الطاعن قدم مذكرة بدفاعه ولم ترخص له المحكمة بتقديم مذكرة ما، ذلك إلى أن الطاعن لم يورد بأسباب طعنه أوجه الدفاع التي ينعى على المحكمة قصورها في الرد عليها مما يكون معه طعنه بشأنها مجهلاً. لما كان ما تقدم جميعه فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه.