أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 14 - صـ 818

جلسة 18 من نوفمبر سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، وحسين السركي، وأحمد موافي، ومحمد عبد الوهاب خليل.

(147)
الطعن رقم 797 لسنة 33 القضائية

طرق عامة. نقض. "أحوال الطعن بالنقض". "الخطأ في تطبيق القانون وتأويله".
الأعمال المخالفة التي تقع على جانبي الطرق العامة لا تأخذ - في مقام التجريم - حكم الأعمال المخالفة التي تقع على الطرق العامة ذاتها. المادة 5 مكرر من القانون 53 لسنة 1949 المضافة بالقانون 478 لسنة 1955. عدم خضوعها في العقاب لحكم المادتين 13، 14 من القانون المذكور. اكتفاء المشرع بإعطاء موظفي مصلحة الطرق والكباري حق وقف العمل وإزالة المخالفة إدارياً على نفقة المخالف عند تخلفه عن القيام بما يكلف به في هذا الشأن.
إقامة المتهم مباني على جانب الطريق العام بدون ترخيص من مصلحة الطرق ودون أن يترك المسافة القانونية. قضاء الحكم بتغريمه مائة قرش وإلزامه بمصاريف رد الشئ لأصله. خطأ في تطبيق القانون وتأويله. وجوب نقضه والقضاء ببراءة المتهم.
المادة الخامسة مكرراً من القانون رقم 53 لسنة 1949 الخاص بالطرق العامة والمضافة بالقانون رقم 478 لسنة 1955 - وإن حملت الأملاك الواقعة على جانبي الطرق العامة في الحدود التي قدرتها ببعض القيود، إلا أنها لم تنص على اعتبارها جزءاً منها ولم تلحقها بها بحيث يمكن أن تأخذ - في مقام التجريم - حكم الأعمال المخالفة التي تقع على الطرق العامة ذاتها، وتعاقب المادة 13 من القانون 53 لسنة 1949 كل من يتعدى على الطرق العامة بأحد الأعمال التي تحددها ومنها إقامة منشآت عليها بدون إذن من مصلحة الطرق والكباري، مما مؤداه أن الأعمال المؤثمة المعاقب عليها طبقاً لهذه المادة قد أوردها النص على سبيل الحصر وجعل نطاقها قاصراً على الطرق العامة ذاتها. وإذ كان لا يقاس في العقوبات فإن حكم المادة الخامسة مكرراً يظل في منأى من العقاب الوارد في المادة 13 سالفة الذكر. وبالتالي فإن الفعل المادي الذي أتاه المطعون ضده - وهو إقامة مباني على جانب الطريق العام بغير ترخيص من مصلحة الطرق ودون أن يترك المسافة القانونية - يكون غير مؤثم. ولا محل للقول بخضوعه في العقاب لحكم المادة 14 من القانون المذكور لأن هذه المادة إنما تعاقب كل من يخالف أحكام القرارات الصادرة تنفيذاً لهذا القانون في شأن الطرق العامة ذاتها ولا تسرى على من يخالف أحكام القرار رقم 9 لسنة 1956 الصادر تنفيذاً للقانون رقم 478 لسنة 1955 - ذلك لأن كل ما أورده هذا القرار خاص بتنظيم الأحكام المقررة للأراضي الواقعة على جانبي الطريق، وقد اكتفى المشرع عند مخالفة نص المادة الخامسة مكرراً بأن جعل لموظفي مصلحة الطرق والكباري حق وقف العمل وإزالة المخالفة إدارياً على نفقة المخالف عند تخلفه عن القيام بما يكلف به في هذا الشأن. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ دان المطعون ضده وقضى بتغريمه مائة قرش وإلزامه بمصاريف رد الشئ لأصله يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه نقضه والحكم ببراءة المتهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم أول سبتمبر سنة 1959 بدائرة فاقوس: "بصفته مالك أرض واقعة على جانب الطريق العام أجرى عملاً من شأنه إعاقة توسيع الطريق وتحسينه مستقبلاً بغير ترخيص من مصلحة الطرق والكباري ودون أن يترك المسافة القانونية". وطلبت عقابه بالمواد 1/ 1 و2 و4 و15 من القانون رقم 53 لسنة 1949 المعدل بالقانونين رقمي 532 لسنة 1953، 478 لسنة 1955. ومحكمة فاقوس الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 21 ديسمبر سنة 1960 عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم 100 قرش بلا مصاريف جنائية. فاستأنفت النيابة هذا الحكم ومحكمة الزقازيق الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بتاريخ 18 أبريل سنة 1961 عملاً بمواد الاتهام والمادة 14 من القانون المذكور بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع وبإجماع الآراء باعتبار الواقعة مخالفة وبتعديل الحكم المستأنف بتغريم المتهم مائة قرش وبإلزامه بمصاريف رد الشئ لأصله وبلا مصاريف جنائية. فعارض المحكوم عليه في هذا الحكم وقضى في معارضته بتاريخ 2 يناير سنة 1962 بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله حين قضى بعقوبة لم يرد بها نص. ذلك أنه يبين من مطالعة المادة الخامسة مكرراً من القانون رقم 53 لسنة 1949 الخاص بالطرق العامة والمضافة بالقانون رقم 478 لسنة 1955 أن المشرع لم يضع عقوبة جنائية على مخالفة أحكام هذه المادة. إنما أعطى الحق لمصلحة الطرق والكباري في إزالة الأعمال المخالفة إدارياً على نفقة المخالف إذا لم يقم هو بإزالتها في الموعد المحدد. هذا إلى أن القانون رقم 53 لسنة 1949 لم يرد به نص عام يتضمن عقاب من يخالف أحكامه. ولا يمكن الاحتجاج بالمادة 14 منه التي تعاقب بالحبس أو الغرامة كل من يخالف أحكام القرارات الصادرة تنفيذاً لهذا القانون لأن الجريمة موضوع الدعوى ينطبق عليها نص المادة الخامسة مكرراً المضافة بالقانون رقم 478 لسنة 1955 ولم ترد بقرار صدر تنفيذاً لأحكام القانون.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على المطعون ضده لأنه في 1/ 9/ 1959 بفاقوس بصفته مالكاً لأرض واقعة على جانب الطريق العام أجرى عملاً من شأنه إعاقة توسيع الطريق وتحسينه مستقبلاً بغير ترخيص من مصلحة الطرق والكباري ودون أن يترك المسافة القانونية. وقضت محكمة أول درجة حضورياً بتغريمه مائة قرش فاستأنفت النيابة ومحكمة ثاني درجة قضت غيابياً وبإجماع الآراء باعتبار الواقعة مخالفة وتعديل الحكم المستأنف بتغريم المتهم مائة قرش و إلزامه بمصاريف رد الشئ لأصله فعارض وقضى برفض المعارضة وتأييد الحكم المعارض فيه. لما كان ذلك، وكانت المادة الخامسة مكرر من القانون رقم 53 لسنة 1949 الخاص بالطرق العامة والمضافة بالقانون رقم 478 لسنة 1955 تنص على أنه "تعتبر ملكية الأراضي الواقعة على جانبي الطرق العامة الخاضعة لأحكام هذا القانون لمسافة عشرة أمتار خارج الأورنيك النهائي المحدد بحدائد المساحة طبقاً لخرائط نزع الملكية المعتمدة لكل طريق محملة بالقيود الآتية لخدمة الأغراض العامة لهذا القانون ( أ ) لا يجوز لملاك الأراضي المذكورة بغير ترخيص من مصلحة الطرق والكباري أن يجروا فيها عملاً أو يحدثوا بها حفراً من شأنه تعريض سلامة الطريق للخطر أو إعاقة تحسينه أو توسيعه مستقبلاً..... (ب) ولموظفي مصلحة الطرق والكباري دخول الأراضي المحملة بالقيود سالفة الذكر للتفتيش على ما يجرى بها من أعمال فإذا تبين لهم أن أعمالاً مخالفة للأحكام السابقة أجريت أو شرع في إجرائها كان لهم أن يكلفوا صاحب الأرض بإزالتها في موعد مناسب وإلا جاز لهم وقف العمل وإزالته إدارياً على نفقته". لما كان ذلك، وكانت هذه المادة وإن حملت الأملاك الواقعة على جانبي الطرق العامة في الحدود التي قدرتها ببعض القيود إلا أنها لم تنص على اعتبارها جزءاً منها ولم تلحقها بها بحيث يمكن أن تأخذ - في مقام التجريم - حكم الأعمال المخالفة التي تقع على الطرق العامة ذاتها - لما كان ما تقدم، وكانت المادة 13 من القانون رقم 53 لسنة 1949 تعاقب بالسجن مدة لا تزيد على شهر وبغرامة لا تزيد على عشرة جنيهات أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يتعدى على الطرق العامة بأحد الأعمال التي حددتها ومنها إقامة منشآت عليها بدون إذن من مصلحة الطرق والكباري مما مؤداه أن الأعمال المؤثمة المعاقب عليها طبقاً لهذه المادة قد أوردها النص على سبيل الحصر وجعل نطاقها قاصراً على الطرق العامة ذاتها. وإذ كان لا يقاس في العقوبات فإن حكم المادة الخامسة مكرر يظل في منأى من العقاب الوارد في المادة 13 سالفة الذكر. ومن ثم فإن الفعل المادي الذي أتاه المطعون ضده وهو إقامة مباني على جانب الطريق العام بغير ترخيص من مصلحة الطرق ودون أن يترك المسافة القانونية وإن كان يدخل في عداد الأفعال المحرمة التي تعاقب عليها هذه المادة متى وقع على الطرق العامة فإنه يكون غير مؤثم في مثل واقعة الدعوى لوقوعه خارج حدود الطريق وعلى أحد جانبيه. كما أنه لا محل للقول بأن من يخالف حكم المادة الخامسة مكرر سالفة الذكر يخضع في العقاب لحكم المادة 14 من القانون رقم 53 لسنة 1949 ذلك لأن هذه المادة إنما تعاقب كل من يخالف أحكام القرارات الصادرة تنفيذاً لهذا القانون في شأن الطرق العامة ذاتها ولا تسرى على من يخالف أحكام القرار رقم 9 لسنة 1956 الصادر في 6 من مارس سنة 1956 تنفيذاً للقانون رقم 478 لسنة 1955 ذلك لأن كل ما أورده هذا القرار خاص بتنظيم الأحكام المقررة للأراضي الواقعة على جانبي الطريق على أن المشرع قد اكتفى عند مخالفة نص المادة الخامسة مكرر بأن جعل لموظفي مصلحة الطرق والكباري حق وقف العمل وإزالة المخالفة إدارياً على نفقة المخالف عند تخلفه عن القيام بما يكلف به في هذا الشأن - لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد دان المطعون ضده وقضى بتغريمه مائة قرش وإلزامه بمصاريف رد الشئ لأصله فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه نقضه والحكم ببراءة المتهم.