أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 14 - صـ 839

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.

(151)
الطعن رقم 844 لسنة 33 القضائية

( أ ) محاكمة. "إجراءاتها". تحقيق.
التحقيق الذي تلتزم المحكمة بإجرائه: دوماً يكون متعلقاً بالدعوى ومتصلاً بها ومنتجاً فيها. مثال.
(ب) محاكمة. "إجراءاتها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل من الأسباب".
المحاكمات الجنائية: العبرة فيها باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته. لا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين. من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أية بينة أو قرينة يرتاح إلهيا دليلاً لحكمه. إلا إذا قيده القانون بدليل معين. أخذه بدليل بعينه بالنسبة لمتهم. عدم جواز مطالبته بالأخذ بهذا الدليل بالنسبة إلى متهم آخر. المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. غير مقبولة.
(جـ، د) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". شهود.
(جـ) لمحكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها، وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى لم تقتنع بصحتها. ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصل في الأوراق.
(د) وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليهم من المطاعن أو عدم تعويله عليها. أمر موكول لمحكمة الموضوع. مثال.
(هـ) عقوبة. محكمة الموضوع.
تقدير العقوبة. من إطلاقات محكمة الموضوع. لا معقب عليها فيه. ما دام ذلك متفقاً مع القانون.
1 - من المقرر أن التحقيق الذي تلتزم المحكمة بإجرائه هو ما يكون متعلقاً بالدعوى ومتصلاً بها ومنتجاً فيها. ولما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الأسئلة التي منعت المحكمة توجيهها كانت أسئلة افتراضية لا تتصل مباشرة بالدعوى أو بتحقيق عنصر من عناصرها لاستجلائه حتى يكون منتجاً منها، فإنه لا تثريب على المحكمة إن امتنعت عن توجيهها.
2 - العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته، ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين. وقد جعل من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أية بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين - ومتى اطمأن إلى ثبوت الواقعة في حق متهم من دليل بعينه فهو غير مطالب بأن يأخذ بهذا الدليل بالنسبة إلى متهم آخر، والمجادلة في هذا الأمر أمام محكمة النقض لا تقبل لتعلقه بواقعة الدعوى.
3 - لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصل في الأوراق، وهى ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة، متى كان ما حصله الحكم لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
4 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليهم من المطاعن أو عدم تعويله عليها، كل ذلك متروك لمحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها. ولما كان الطاعن لا ينازع في أن الشاهد صبى مميز ومن ثم يجوز الاستدلال بشهادته، ولا يقبل من الطاعن النعي على المحكمة أخذها بأقوال هذا الشاهد ما دامت قد اقتنعت بها واطمأنت إلى صحتها.
5 - تقدير العقوبة حسب ظروف كل دعوى وملابساتها إنما هو من إطلاقات محكمة الموضوع بلا معقب عليها فيه ما دام ذلك متفقاً مع القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخرى بأنهما في ليلة 2 فبراير سنة 1959 بدائرة مركز رشيد مديرية البحيرة: المتهم الأول: أولاً - قتل عمداً ومع سبق الإصرار درويش عبد الحميد الشهير بريشه البعراوي بأن انتوى قتله وأعد لذلك خرطوش ثم أطلق عليه مقذوفاً نارياً قاصداً قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً - حاز وأحرز سلاحاً نارياً "بندقية خرطوش" دون ترخيص بذلك. ثالثاً - حاز وأحرز طلقات مما تستعمل في الأسلحة دون أن تكون متعلقة بسلاح مرخص له في حيازته وإحرازه: والمتهمة الثانية: اشتركت بطريق الاتفاق والتحريض مع المتهم الأول على قتل المجني عليه بأن اتفقت معه على ارتكاب الجريمة وحرضته عليها فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق. وطلبت إلى محكمة الجنايات محاكمة المتهم الأول طبقاً للمادتين 230 و231 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و6 و26/ 1 - 4، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول ب المرفق. ومحاكمة المتهمة الثانية طبقاً للمواد 40/ 1 - 2, 41, 230, 231 من قانون العقوبات. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت عملاً بالمواد 230، 231، 13 من قانون العقوبات وبالمواد 1, 6, 26/ 2 - 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول ب المرافق من تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات وذلك بالنسبة إلى المتهم الأول وبالمواد 40, 41/ 1 – 2، ,230 231, 235, 17 من قانون العقوبات للمتهمة الثانية: أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالإعدام شنقاً وبمعاقبة المتهمة الثانية بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات. فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض كما طعنت فيه أيضاً المحكوم عليها الثانية وقد قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وإحالة القضية إلى محكمة جنايات الإسكندرية للفصل فيها من جديد. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت بدائرة مجددة حضورياً بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة عن جميع التهم المنسوبة إليه ومصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة. ثانياً - ببراءة المتهمة الثانية مما نسب إليها. فطعن الطاعن في هذا الحكم للمرة الثانية بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو الفساد في الاستدلال. ذلك أن الحكم المطعون فيه عول بصفة أصلية في إدانة الطاعن على قدرة المجني عيه على النطق عقب إصابته وقال إنه تكلم بالفعل وهو متمالك لقواه العقلية وأن ذلك هو ما أجمع عليه الأطباء وعلى رأسهم مدير مصلحة الطب الشرعي، في حين أن الثابت من أقوالهم أمام المحكمة أن المخ يتأثر بالنزيف الداخلي وبالصدمة العصبية وأنه إذا بلغ التأثر الحد الذي يصاب فيه بالأنيميا فإن المصاب يفقد وعيه ويصبح غير قادر على النطق أو التعقل، ولكن المحكمة أخطأت فهم تلك الحقائق وذهب إلى إثبات نقيضها. ونفت وجود أية صلة بين المخ وبين النزيف الداخلي والصدمة العصبية وقطعت بأن الطبيب الشرعي قد قام بتشريح المخ في حين أنه لم يستطع أن يتذكر قيامه بتشريح المخ من عدمه. وطالما أن المخ كان متأثراً بالنزيف الداخلي والصدمة العصبية ولم ينف الطبيب الشرعي احتمال وجود أنيميا به أو حالة مرضية أفضت إلى فقد المجني عليه القدرة على النطق أو التعقل فإن الحكم يكون مشوباً بعيب الفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فيما محصله أن المجني عليه كان في غضون سنة 1951 قد قتل سعد الأطروش قريب المتهم الأول (الطاعن) وحكم عليه بالسجن عشر سنوات ثم أفرج عنه في 26 مايو سنة 1958 الأمر الذي ولد عوامل الحقد في نفس المتهم الأول (الطاعن) وحرك شهوة الانتقام الكامنة بين جوانحه فأعد سلاحه وأخذ يتحين الفرص حتى واتته عندما رأى المجني عليه يعمل في محله المعد لصناعة الأقفاص جالساً على وسادة وأمامه "قرمة" يعاونه صبيه عاشور على السيد فذهب إليه في الثامنة من مساء يوم الحادث مزوداً ببندقية من ذوات الخرطوش معمرة بطلقين - واتخذ لنفسه وضعاً خاصاً بالطريق العام يمكنه من إحكام التصويب وأطلق على المجني عليه وفى مواجهته مقذوفاً نارياً قاصداً قتله وإزهاق روحه فأصابه بالجانب الأيمن من الصدر فنهض المجني عليه من مجلسه مستغيثاً معلناً عن إصابته واسم الجاني ثم خرج الصبي ومحمود جمعه صاحب المحل المجاور على الفور لاستطلاع الأمر فشاهد المتهم الأول (الطاعن) يقف مرتبكاً أسفل عامود الإضاءة القائم في ملتقى الشارعين اللذين يطل عليهما محل المجني عليه حاملاً بندقيته وما أن رآهما حتى ألقى سلاحه على مقربة من مكان وقوفه وأطلق لساقيه العنان في امتداد شارع المساحة جنوباً في حين اتخذ المجني عليه امتداد شارع الحمام غرباً سبيلاً للنجاة وما أن سار ما يقرب من ثماني وخمسين خطورة تقريباً حتى خارت قواه وافترش التراب ولما علم مأمور المركز بالحادث انتقل إليه ومعه معاون المباحث الذي عثر على البندقية في مكانها فالتقطها بمنديله ووجد طلقه في كل من ماسورتيها كانت إحداهما مطلقة حديثاً. ثم علما أن المصاب قد حمل بواسطة بعض المواطنين إلى المستشفى فلحقا به بسيارتهما ومعهما طبيب أول المستشفى الذي تصادف وجوده معهما. وسألاه عما حدث فأفضى إليهما بأن الطاعن هو الذي أطلق عليه المقذوف الذي أصابه ثم صحبه المأمور معه بسيارته إلى المستشفى بينما تخلف المعاون للبحث عن الجاني حتى تمكن من القبض عليه في مخبر مصطفى زغلول الذي يقع في نفس الشارع الذي سلكه أثناء هربه وما أن وصل المجني عليه إلى المستشفى حتى قام طبيبه الأول بإسعافه لإنقاذ حياته وعاد المأمور سؤاله بحضور ذلك الطبيب فأكد اتهامه للطاعن وبعد أن تولت النيابة التحقيق استدعت أحد كلاب الشرطة فتعرف على الطاعن بعد أن شم البندقية ثم توفى المجني عليه متأثراً بجراحه وبالإصابات الثابتة في تقرير الصفة التشريحية. وقد استند الحكم في إثبات صحة تلك الواقعة وإدانة الطاعن إلى أقوال عاشور السيد صبى المجني عليه ومحمود جمعه وجابر نصر شقيق القتيل ومأمور المركز ومعاون المباحث استعراف كلب الشرطة ومعاينتي النيابة والمحكمة وتقرير الصفة التشريحية والتقارير الطبية وما استمعت إليه المحكمة من أقوال من سئلوا من الأطباء على رأسهم مدير مصلحة الطب الشرعي بجلسة المحاكمة. ولما كان الحكم قد استند فيما استند إليه في إدانة الطاعن إلى أن المجني عليه قد تكلم بتعقل بعد إصابته وأفضى باسم قاتله إلى الشهود الذين نقلوا عنه ومن بينهم مأمور المركز ومعاون المباحث وطبيب أول المستشفى. وكان قد عنى بتحقيق ما أثاره الدفاع حول قدرة المجني عليه على الكلام بتعقل عقب إصابته وذلك عن طريق المختص فنياً وهم الأطباء الذين سئلوا في جلسة المحاكمة وانتهى إلى اطراح هذا الدفاع في قوله "إنه تبين من كتاب الدكتور سيزوستريس سعد وشهادته بتحقيقات النيابة والجلسة أنه رافق المصاب بسيارة المركز تلبية لنداء رجال الشرطة حتى المستشفى لإسعافه وتحقق من قدرته على الكلام وأنه تكلم أمامه بالفعل وذكر اسم الجاني للمأمور أكثر من مرة .... وأنه كان من نتيجة الإسعافات ووسائل العلاج التي اتخذها مع المجني عليه تنشيطه وتمكينه من الكلام لمدة طويلة استمرت بعد مغادرة المأمور المستشفى. وخلص الحكم بعد إيراده لأقوال الشهود والأطباء إلى القول "بأنه وقد انتهت المحكمة من إزالة الشوائب التي قد يظن لأول وهلة أنها قد تمس من قريب أو بعيد أدلة الاتهام فإن أخطر ما تعنيه بعد ذلك التدليل على قدرة المجني عليه على التكلم ولا يسعها وهى في هذا السبيل إلا أن تعلن وهى مطمئنة واثقة مما استقرت عليه من أنه كان يقدر على الكلام وأنه تكلم بالفعل وهو متمالك لقواه العقلية أشد التمالك وآية ذلك ما أجمع عليه الأطباء وعلى رأسهم مدير مصلحة الطب الشرعي وأكدوه جميعاً من أنه كان في مقدوره الكلام بتعقل رغم جسامة إصاباته وحدوث الصدمة العصبية والنزيف وأن ذلك قد يحدث منذ اللحظة التي أصيبت فيها وحتى دخوله في حالة نزع تنتهي بالوفاة التي حدثت في الساعة الثانية عشرة والربع من صباح اليوم التالي أو بعد فترة من إصابته إذا ما صاحب هذه الإصابة إغماء وغيبوبة بسبب الصدمة العصبية الأولى التي سرعان ما تزول نتيجته تجلط الدم ووقف النزيف أو اتخاذ الإجراءات العلاجية التي تنشط حتماً ويمتد ذلك النشاط إلى المخ ولفترة قد تصل غلى الأربع ساعات أو أكثر أو أقل والذي تستظهره المحكمة من مجموع التحقيقات ومن أقوال الشهود وثبوت قدرة المصاب على السير وحده حوالي 58 خطوة أنه لم تلم به الغيبوبة عقب إصابته وأنه ظل متمالكاً لقواه العقلية منذ تلك الإصابة وحتى وصوله المستشفى وإسعافه بعد تمام ذلك الإسعاف بفترة لم توصل التحقيقات إلى تحديدها ولكن يمكن القول أنها امتدت حتى الساعة 10 مساء على الأقل استناداً إلى أقوال طبيب المستشفى وإخطاره الذي بعث به إلى الشرطة عن حالته". لما كان ذلك، وكان الحكم فيما تقدم قد أقام اقتناعه على قدرة المجني عليه على التكلم بتعقل عقب إصابته على عناصر سائغة. ولها مأخذ صحيح من الأوراق على ما يبين من أقوال الشهود ورجلي الشرطة والأطباء الذين سئلوا في التحقيقات وبجلسة المحاكمة وكانت المحكمة لها كامل السلطة في تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث. لما كان ذلك، فإنه لا تجوز مصادرتها في اعتقادها أو المجادلة فيه أمام محكمة النقض ويكون هذا الوجه في غير محله.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو التناقض في التسبيب فقد اعتمد الحكم في إدانة الطاعن على أنه كان في استطاعته رؤية المجني عليه من المكان الذي كان يقف فيه وأن هذه الرؤية قد ثبتت من أقوال الشهود والمعاينة وتقرير الصفة التشريحية والمحكمة في ذلك قد استندت إلى أدلة متعارضة وذلك فيما يتعلق بالمسافة التي كانت بين المجني عليه والطاعن ومستواه واتجاهه بالنسبة له. وقد حاولت المحكمة إزالة هذا التعارض ولم تقف عند تحديد مسافة الإطلاق. بل تجاوزت ذلك إلى تحديد مسار المقذوف الناري وقالت إن المجني عليه كان في مستوى مرتفع عن أرض الطريق العام بما يعادل ارتفاع الإفريز وعتبة الباب وضخامة الوسادة التي كان يجلس القتيل عليها وأن ذلك يجعل المستوى أفقياً واستنتجت أن الجاني كان يضع السلاح في منتصف الصدر عند التصويب مع الانحناء بعض الشئ لإحكام الرماية مما من شأنه الانخفاض بمستوى السلاح ويجعل هذا المستوى أفقياً وبالحدود التي رسمها الطبيب المشرح الذي قال إن المستوى كان أفقياً تقريباً بما يبرر الفرق بين قامة المتهم وأعلى صدر المجني عليه في حين أن الثابت من المعاينة أنه ليس فيها شئ عن الإفريز أو عتبة الباب أو ما يفيد قيام المحكمة بقياس ارتفاع قامة الطاعن. كما أن المعاينة وتقرير الصفة التشريحية يقطعان بعدم صحة ما قاله شاهد الإثبات من أن الطاعن كان واقفاً بجوار عامود الإضاءة وقت التصويب بل إن قولهما يدل على أنه كان مختبئاً وراء الزاوية القريبة لمحل السيد الشطلاوى. وقد كان من مؤدى هذا التصوير الأخير أن يرى المجني عليه الطاعن وهو في موقفه قبل إطلاق العيار عليه وأن يستغيث بينما هو لم يستغث قبل إصابته مما يؤكد عدم مشاهدته الطاعن وقت الاعتداء عليه وقد جرح الدفاع عن الطاعن أقوال صبى المجني عليه لأنه حدث كما يبين من المستخرج الرسمي المقدم للمحكمة ولكن الحكم قال عنه إنه غلام يكاد يكون كامل الرجولة وأن هذا المستخرج هو لأخيه السيد الذي توفى من قبل مع أنه لو صح ذلك لكان هذا الصبي أصغر من أخيه المتوفى ولم تكن سنه وقت الحادث تجاوز العاشرة وشهرين على عكس ما ذهب إليه الحكم من أنه أكبر من أخيه المتوفى.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض لهذا التناقض الظاهري بين أقوال الشهود والمعاينة وتقرير الصفة التشريحية وازاله في قوله "إنه لا شك البتة في موضع مجلس المجني عليه بمحله وأنه كان يتجه بوجهه جنوباً مع ميل بسيط إلى الجهة القريبة استناداً إلى موضع الوسادة وآثار الدماء التي وجدت عليها وعلى الأرض وعلى مكان تثبيت القرمة التي كان يعمل عليها والمصباح الذي كان يتخذ منه سراجاً منيراً له. كما لا شك إطلاقاً في تحديد مكان الجاني وقت الإطلاق على مقربة من العامود وإلى الجهة القريبة منه استناداً إلى إرشاد عاشور الدبل ومفهوم الأقوال الأولى لمحمود المغربي والمكان الذي وجد فيه السلاح وما دام أن المكانين قد تحدداً على الصورة السابقة فإنه كان في مقدور المجني عليه كما ثبت من المعاينة - حتماً رؤية الجاني الذي وضع نفسه في موضع الإشعاع الكهربائي وبؤرة تجمع القوى الكهربائية للمصباح بما يسهل له رؤيته والتحقق من شخصيته. وحيث إنه مما يؤكد ما تقدم من تحديد الأوضاع وإمكان الرؤية أن المتهم الأول إنما اختار موقفه كرهاً وبحكم الضرورة ولزوم إحكام التصويب والوصول إلى الهدف وأنه لم يتخذ ذلك الموضع عن اختيار. ذلك أن المجني عليه كان يجلس إلى الداخل ويخفى جسمه كما هو واضح من المعاينة ورسمها التخطيطي، الجزء البحري من الحائط الغربي المثبت في نهايتها من جهة الباب - المصباح - وكان يفصل بين ظهره والحائط البحري فجوة قدرها حوالي نصف متر الأمر الذي يجعل جسمه بحكم الضرورة والاستفادة من المصباح والعمل على القرمة بعيداً عن متناول يد من يقف بعيداً عن العامود لعجزه عن إحكام التصويب والاتجاه بالمقذوف إلى مقتل من الفريسة ومن ثم فلا يقبل من الدفاع القول بأن في مقدور الجاني أن يقف بزاوية محل السيد الشطلاوى حتى لا يراه أحد بصعوبة التصويب وإحكام الرماية وإصابة الهدف المقصود من مقارفة الفعل مهما كانت النتائج. وحيث إن مما يقطع بأن المتهم لم يتخذ من زاوية محل السيد الشطلاوى مكمناً وأنه اتخذ من مكان قريب من العامود وسيلة لدقة التصويب وإحكام الرماية ما ثبت من تقرير الصفة التشريحية من أن الجاني كان في مواجهة المجني عليه تقريباً وما تحقق بصفة مؤكدة من المعاينة من أنه يكون كذلك لو أنه وقف بالمكان الذي حدده الشهود في حين أنه لا يتأتى ما تقدم لو أن الجاني كان في الوضع الذي نادي به الدفاع لأنه فضلاً عن صعوبة التصويب واستحالة الإصابة تقريباً فإن الجاني لا يمكن أن يكون كما هو واضح من الرسم التخطيطي في المواجهة بل إلى اليمين من المجني عليه. وحيث إن المسافة بين الجاني والمجني عليه فقد حددها الطبيب الشرعي بأنها نحو خمسة أمتار من فوهة السلاح الذي يبلغ طوله المتر أو يزيد فضلاً عما يستلزمه إحكام التصويب من انحناء يسير بالجسم وبذلك تكون المسافة على حد تصويره نحو الستة أمتار ونصف وهو تقرير قد يصل إلى نحو الثمانية أمتار كما ثبت بالمعاينة خاصة إذا لاحظنا أن دائرة الانتشار التي حدد الطبيب الشرعي قطرها بحوالي 20 سم قاصرة على جروح أعلى يمين الصدر دون جروح مقدم العضد الأيمن ومقدم وحشية ظاهر الساعد الأيمن وأنه من الجائز أن يكون المتهم قد اقترب بعض الشئ من المجني عليه لحظة إطلاق المقذوف ثم تأخر هذا البعض لاتخاذ الوضع اللازم لإطلاق عياره الثاني ولم يفلح لمبادة المجني عليه بالهرب والشاهدين بالخروج مما أدى إلى ارتباكه وتفضيله إلقاء السلاح والهرب من مسرح الجريمة ولا شك أن تلك المسافة قصيرة ويمكن للأشخاص التمييز بدقة في حدودها... وحيث إنه عن المستوى وكونه كما قرر الطبيب الشرعي أفقياً تقريباً فإن الثابت من المعاينة والرسم التخطيطي الموضح والمكمل لها أن المجني عليه كان في مستوى مرتفع عن أرض الطريق العام بما يعادل ارتفاع الإفريز وعتبة الباب وضخامة الوسادة البالغة حوالي 7 سم أي ما يعادل حوالي 40 سنتيمتراً فضلاً عن جلسته وإصابته بصفة أصلية بأعلى الجانب الأيمن من الصدر وكل ذلك يجعل المستوى أفقياً تقريباً خاصة إذا لاحظنا أن الجاني إنما يضع السلاح عند التصويب في منتصف الصدر مع الانحناء بعض الشئ لإحكام الرماية الأمر الذي من شأنه بالضرورة الانخفاض بمستوى السلاح عن مستوى قامته ويجعل المستوى يكاد يكون أفقياً بالحدود التي رسمها الطبيب المشرح الذي لم يقل إن المستوى كان أفقياً على طول الخط ولكنه كان أفقياً تقريباً بما يبرر الفرق اليسير بين قامة المتهم وأعلى صدر المجني عليه على الوجه السابق وصفه تفصيلاً". دون الحكم كل ما سبق في بيان الواقعة ثم أورد على ثبوتها على هذه الصورة أدلة مستمدة من التحقيقات وما رواه بعض الشهود وما تبين مع معاينة المحكمة والرسم التخطيطي المرفق بها وتقرير الصفة التشريحية والقرائن التي ساقها مما يقطع بصحة تصوير الواقعة على الوجه الذي ارتسم في وجدان المحكمة وكان ما خلصت إليه المحكمة عن موقف الطاعن والمجني عليه وقت التصويب ومستواه تتفق مع المنطق والمعقول وقد استدلت في كيفية وقوع الحادثة بما صح عندها من وجه الاستدلال التي تؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها. وما كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى لم تقتنع بصحتها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصل في الأوراق وهى ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي. لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. ولما كان الطاعن لا ينازع في أن الشاهد عاشور الدبل صبى مميز ومن ثم يجوز الاستدلال بشهادته وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليهم من الطاعن أو عدم تعويله عليها. كل ذلك متروك لمحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها. لما كان ذلك، فإنه لا يقبل من الطاعن النعي على المحكمة أخذها بتلك الأقوال أو التشكيك في حقيقة سن هذا الشاهد وكونه أصغر من أخيه المتوفى ما دامت اقتنعت بأقواله واطمأنت إلى صحتها.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو القصور في التسبيب ذلك أن الحكم قد استند في التدليل على ثبوت التهمة قبل الطاعن على محاضر جمع الاستدلالات وتحقيق النيابة استعراف كلب الشرطة رغم تناقضها وما وجهه الدفاع إليها من مآخذ. ذلك أن محضر الضبط الذي حرره مأمور المركز فتح وقفل في وقت واحد مع أن الإجراءات المثبتة فيه كانت تستغرق ساعة على الأقل وهو لم يتضمن ما قيل بعد ذلك من أن المأمور ومعاون المباحث لحقا بالمجني عليه وهو في طريقه إلى المستشفى على نحو ما ذكره المعاون في محضره ولو كان صحيحاً ما أثبته المأمور في محضره من سؤاله المجني عليه قبيل نقله إلى المستشفى فأخبره باسم الطاعن. لما كان ثمة داع لأن يعيد سؤاله مرة أخرى في المستشفى على النحو الذي شهد به الطبيب الأول. أما محضر تحقيق النيابة فيعيبه مضى مدة طويلة بين وقوع الحادث وانتقال السيد وكيل النيابة المحقق فضلاً عما أثبته أثر عودته من المستشفى في الساعة 11.5 مساء من أن إحدى الممرضات أخبرته أن المجني عليه توفى في حين أن الوفاة لم تحدث إلا في الساعة 12.15 صباح اليوم التالي. هذا إلى أن محاضر الضبط لم يؤخذ بها بالنسبة للمتهمة الثانية التي كان مسنداً إليها اشتراكها مع الطاعن في القتل ومع ذلك فقد أخذ بها كدليل ضد الطاعن. كما استند الحكم إلى استعراف كلب الشرطة على الطاعن بعد شم البندقية التي ضبطت في محل الحادث مع أن معاون المباحث ووكيل النيابة كانا قد تداولا تلك البندقية بأيديهم. كذلك فقد استند الحكم إلى أقوال جابر عبد الحميد نصر مع أنه ما كان يصح الأخذ بها لأنه لم يسأل إلا بعد ثلاثة أيام من الحادث واستدعته النيابة من تلقاء نفسها. كما أن الحكم قد شابه القصور في بيان الباعث على القتل وقالت المحكمة إنه كان بدافع الثأر وهو ما لا أصل له في الأوراق. وقد استخلصت المحكمة أن الطاعن قصد من جريمته أن يخلف شقيقه مرجان السحت فيما كان يزاوله من نشاط إجرامي الأمر الذي كان يتعين مؤاخذته بالشدة في حين أن المحكمة تناقضت مع نفسها وعاملته بالرأفة على مقتضى المادة 17 من قانون العقوبات. لما كانت العبرة في المحاكمات الجنائية هي اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين وقد جعل من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أية بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين - ومتى اطمأن إلى ثبوت الواقعة في حق متهم من دليل بعينه فهو غير مطالب بأن يأخذ بهذا الدليل بالنسبة إلى متهم آخر. والمجادلة في هذا الأمر أمام محكمة النقض - لا تقبل لتعلقه بواقعة الدعوى وإذن فلا تثريب على المحكمة إذا اعتمدت في قضائها بإدانة الطاعن على تلك المحاضر وقرينة استعراف كلب الشرطة وشهادة ذلك الشاهد ما دامت قد اطمأنت إليها واقتنعت بصحتها. ولما كان لا يعيب الحكم أن يكون قد استطرد فأسهب في تناول الظروف التي سبقت الحادث وتصرفات الطاعن وما نسبه إليه أخيه وما قاله عن ترسم خطاه الإجرامية. ذلك لأن هذه الأمور في جملتها تتصل بالباعث على الجريمة والدافع له على ارتكابها وهما ليستا من عناصرها القانونية. كذلك لا يجدي الطاعن ما أورده تفريعاً على ذلك من تناقض الحكم فيما أورده عن الباعث على الجريمة ثم معاملته بالرأفة لأن تقدير العقوبة حسب ظروف كل دعوى وملابساتها إنما هو من إطلاقات محكمة الموضوع بلا معقب عليها فيها ما دام ذلك متفقاً مع القانون.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع هو الخطأ في تطبيق القانون. ذلك أنه كان ظاهراً للمحكمة سواء من الأسئلة الموجهة من الدفاع أو من مرافعته أن إغفال الطبيب الشرعي تشريح بعض أجزاء الجسم وعلى الأخص المخ وجدران القلب يجعل من المستحيل علمياً القطع بسبب الوفاة لاحتمال أن يكون ناتجاً عن سبب معاصر أو مرض كامن في الأجزاء لم تشرح، ومن ثم فإنه من الخطأ اعتبار الطاعن بفرض إدانته مسئولاً عن القتل العمد وينبغي حصر التهمة عند جنحة إحداث الجرح وذلك لانقطاع رابطة السببية بين الجرح والوفاة. وقد أخلت المحكمة بحق الدفاع برفضها توجيه بعض الأسئلة للدكتور صلاح حفني لاستجلاء بعض الحقائق العلمية والجوهرية في هذا الشأن.
وحيث إن الحكم قد عرض إلى ما أثاره الطاعن في هذا الوجه عن تشريح الجثة وسبب الوفاة في قوله: "إنه في خصوص ما أثاره الدفاع عن تشريح الجثة وخاصة المخ فإنه لم يثبت للمحكمة أن تشريح المخ لم يتم بل قد ثبت لديها أن المفروض أنه قد تم فعلاً رغم عدم الإفصاح عن ذلك كما جرت العادة. ما دام أن الجزء المشرح لا يتصل بطريق مباشر أو غير مباشر بالوفاة ومسبباتها والذي لا شك فيه أنه لا صلة للمخ في الدعوى الحالية بوفاة المجني عليه الناشئة عن مقذوف العيار الناري ومن ثم فلا محل للخوض في ذلك وفيما قاله عن الوفاة المفاجئة والحساسية وأسبابها لانقطاع الصلة بين تلك المسميات والوفاة". ثم أورد الحكم ما ثبت من تقرير الصفة التشريحية عن إصابات المجني عليه واعتنقه في قوله: "إن المجني عليه أصيب بجروح نارية متعددة دائرية الشكل ومنسحجة الحوافي قطر كل منها حوالي 3 مليمتر منتشرة في مساحة قطرها حوالي 20 سم من أعلى يمين الصدر حتى مقابل الحد السفلى للأضلاع اليمنى وبجروح نارية مماثلة منتشرة بمقدم العضد الأيمن بمقدم ووحشية ظاهر الساعد الأيمن مما أدى إلى نشوء انسكابات دموية شديدة بأنسجة يمين مقدم جدار الصدر والعضد والساعد الأيمن مقابل تلك الجروح النارية السابق وصفها..... ونفاذ بعض المقذوفات لداخل التجويف الصدري الأمر الذي كان من شأنه حدوث نزيف غزير بالتجويف البللورى الأيمن مع تهتك شديد شامل لنسيج الرئة اليمنى هذا فضلاً عن وجود نزيف داخل القامورى ونفاذ بعض المقذوفات بعضلات الجهة اليمنى للقلب واحتواء التجويف الديتونى بدوره على نزيف غزير مصحوب بتهتك شامل لنسيج الكبد ونفاذ بعض المقذوفات في مقدم جدار المعدة وبأجزاء من الجدار للقولون المستعرض. وأن وفاة المجني عليه ناشئة بسبب مقذوف العيار الذي أصابه وما أحدث من إصابات وتهتكات بالقلب والرئة اليمنى والكبد وما صاحب ذلك من نزيف داخلي وصدمة عصبية وأن الفروة خالية من الإنسكابات وعظام القبوة وجميع مفردات وأنسجة العنق بحالة سليمة طبيعية وكذلك العظم اللامي والغضاريف الحنجرية وعظام الحوض والأطراف". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم عما أثاره الطاعن عن إغفال إثبات تشريح بعض أجزاء الجسم في تقرير الصفة التشريحية وأنه لا يثبت به إلا ما له علاقة بالإصابة والوفاة. له مأخذ صحيح من أقوال الأطباء الذين سئلوا أمام المحكمة وكان الحكم قد عنى باستظهار سبب الوفاة وعلاقة السببية بينها وبين الإصابة فإن ما ينعاه الطاعن من خطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله. أما ما ينعاه الطاعن من إخلال بحق الدفاع فإنه من المقرر أن التحقيق الذي تلتزم المحكمة بإجرائه هو ما يكون متعلقاً بالدعوى ومتصلاً بها ومنتجاً فيها ولما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الأسئلة التي منعت المحكمة توجيهها كانت أسئلة افتراضية لا تتصل مباشرة بالدعوى أو بتحقيق عنصر من عناصرها لاستجلائه حتى يكون منتجاً منها فإنه لا تثريب على المحكمة إن امتنعت عن توجيهها ومن ثم يكون هذا النعي لا محل له.
وحيث إنه مما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.