أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة التاسعة - صـ 351

جلسة 7 أبريل سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل, ومحمود محمد مجاهد, وأحمد زكي كامل, ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(97)
طعن رقم 54 سنة 28 ق

تزوير. تقليد الأختام. متى تتحقق جناية تقليد ختم أو علامة إحدى المصالح. م 206 ع
تتحقق جناية تقليد ختم أو علامة إحدى المصالح أو إحدى جهات الحكومة المنصوص عليها بالمادة 206 من قانون العقوبات متى كان التقليد من شأنه خدع الجمهور في العلامات ولا يشترط القانون أن يكون التقليد متقناً بحيث ينخدع به الفاحص المدقق بل يكفي أن يكون بين الختمين أو العلامتين المقلدة والصحيحة تشابه فقد يسمح بالتعامل بها ولا يقدح في ذلك كون التقليد ظاهراً ما دام من شأنه أن يخدع الناس.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً - اشترك بطريق الاتفاق والتحريض مع مجهول في تقليد خاتم مذبح بلدية دمنهور بأن اتفق معه وحضره على عمل الخاتم المزور فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق والتحريض وكان القصد من ذلك استعماله في الختم على اللحوم التي تذبح خارج السلخانة. ثانياً - استعمل ذلك الخاتم المزور بأن ختم به اللحوم المضبوطة مع علمه بتقليده. ثالثا - سرق المادة السرية الملونة المخصصة لختم اللحوم المذبوحة بمجزر بلدية دمنهور. رابعاً - ذبح خارج السلخانة اللحوم المبينة بالمحضر وبعضها لأنثى جاموس دون السن القانوني للذبح وطلبت عقابه بالمواد 40/ 1 و2 و206/ 4 و318 من قانون العقوبات والمادة الأولى من لائحة السلخانة والمادة 20 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 والمادة الأولى من القانون رقم 6 لسنة 1912, ومحكمة بندر دمنهور قضت حضورياً عملاً بالمواد 206 مع تطبيق المادتي 17 و32 من قانون العقوبات والمادة الأولى من لائحة السلخانة والمادة 20 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 45 والمادة الأولى من القانون رقم 6 لسنة 1912 بمعاقبة المتهم بعقوبة الحبس لمدة ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة 300 قرش لوقف التنفيذ وذلك عن التهمتين الأولى والثانية, ثانياً - بتغريم المتهم 500 قرش والمصادرة عن التهمة الرابعة. ثالثاً - براءة المتهم من التهمة الثالثة المسندة إليه, فاستأنف المتهم هذا الحكم ومحكمة دمنهور الابتدائية قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة تقليد ختم السلخانة واستعمال الختم المقلد قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور ذلك أن الطاعن دفع بجلسة المحاكمة بانعدام الركن المادي والمعنوي لجريمة تقليد ختم السلخانة لأنه لم يحصل تقليد لعلامة حكومية وإنما وجود رسم يختلف عن علامة المجزر في كل شيء لا وجه للشبه بينهما وقد أثبت التقرير الطبي الشرعي أن البصمة الواردة على اللحم المضبوط تختلف تماماً عن بصمتي الختم الصحيح من حيث المنظر العام والمساحة وشكل البصمة وخلوها منت الألفاظ التي تحويها البصمة الصحيحة ومتى فقدت العلامة المقلدة كل العناصر المميزة للعلامة الصحيحة التي تضفي عليها ذاتيتها الخاصة فلا يكون هناك تقليد لختم صحيح يمكن أن يقع تحت طائلة العقاب خاصة وأن الحكم لم يبين إن كان الشخص العادي ينخدع بمظهر الختم المقلد أولا ينخدع به أما ما قاله الحكم من وجود تشابه بين العلامتين الصحيحة والمزورة من شانه أن يخدع الجمهور ويكفل رواج بيع اللحوم التي تحمل الطابع المزور فإنه ينفيه ما ثبت منت الأوراق ومن التقرير الطبي الشرعي من أن الختم المقلد يختلف عن الختم الصحيح - هذا فضلاً عن قصور الحكم في التدليل على جريمة الاستعمال والاستناد إلى ما يخالف الثابت في الأوراق حيث ذكر في معرض التحدث عن هذه الجريمة وثبوتها في حق الطاعن أنه استعمل الختم المقلد وهو يعلم بتقليده بقصد استعماله استعمالاً ضاراً بالغير ليخدع هؤلاء بأن اللحوم سليمة قابلة للتداول - قال الحكم ذلك في حين أن اللحوم المضبوطة سليمة وصالحة للأكل كما قرر الطبيب البيطري الذي قام بفحصها.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين الواقعة وأورد الأدلة السائغة على ثبوتها في حق الطاعن عرض لما أثاره بشأن تشابه العلامات المقلدة والصحيحة ورد عليه في قوله: "ومن حيث أنه بالنسبة للركن الثاني المكون لهذه الجريمة وهو التقليد فإنه ثابت أيضاً في حق المتهم ذلك أنه اصطنع طابعاً كذاباً يشبه الطابع الصحيح من حيث المظهر الخارجي ومن شان هذا الطابع أن يخدع الجمهور ويكفل رواج بيع اللحوم الموضوع عليه هذا الطابع وإلا لما لجأ إلى وضعه المتهم وقد استعمل المادة السرية التي تستخدم شبيهتها إدارة المجزر وذلك حتى يكون لها ذات المظهر الخارجي واللون الذي يوحي بأنه من عمل الجهة الإدارية المختصة لا يرد على هذا بأن التقليد يشترط فيه أن يكون بالغا حد الاتقان بحيث يصعب تمييزه عن الختم الحقيقي لا يشترط هذا الشرط إذ المقصود من تقليد الأختام على ما قررته محكمة النقض هو إمكان انخداع الجمهور ببصمة الختم المقلد دون اقتضاء أي شرط آخر إذ يكفي أن يكون بين البصمة الصحيحة والبصمة المزورة ما تكون به مقبولة في التعامل وهذا ما تراه المحكمة متوافراً في هذه الدعوى إذ أن البصمة المزورة تشبه البصمة الصحيحة ولا يقدح كون التقليد ظاهراً إذ أنه من شان هذا التقليد أن يخدع الناس ومن حيث أنه بالنسبة للركن الثالث وهو القصد الجنائي فهو متوفر أيضاً في حق المتهم ذلك أنه وضع هذا الختم المقلد وهو يعلم أنه ليس حقيقاً بل من صنعه بقصد إدخال الغش على الجمهور" ولما كان ما قاله الحكم من ذلك سائغاً وصحيحاً في القانون وكان من المقرر أن جناية تقليد ختم أو علامة إحدى المصالح أو إحدى جهات الحكومة المنصوص عليها بالمادة 206 من قانون العقوبات تتحقق متى كان التقليد من شأنه خدع الجمهور في العلامات ولا يشترط القانون أن يكون التقليد متقناً بحيث ينخدع به الفاحص المدقق بل يكفي أن يكون بين الختمين أو العلامتين المقلدة والصحيحة تشابه فقد يسمح بالتعامل بها كما هو الحال في واقعة الدعوى ولا يقدح في ذلك كون التقليد ظاهراً ما دامت المحكمة قد قدرت أن من شأنه أن يخدع الناس - وكان لا مصلحة للطاعن مما يشكو منه بشأن جريمة الاستعمال ما دامت العقوبة المقضي بها مقررة للجريمة الأولى الثابتة في حقه, لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.