أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة التاسعة - صـ 363

جلسة 8 من أبريل سنة 1958

برئاسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: مصطفى كامل, وفهيم يسى جندي, والسيد أحمد عفيفي, ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(100)
طعن رقم 1247 سنة 27 ق

إثبات. حكم "تسبيب معيب" عدم إزالة الحكم الخلاف بين الدليل القولي والدليل الفني. قصور.
إذا كان الحكم لم يتعرض للخلاف بين الدليل القولي والدليل الفني بما يزيل التعارض بينهما, فإنه يكون قاصراً قصوراً يعيبه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1- سعد الشافعي عيسى (الطاعن) و2- عنتر الشافعي عيسى بأنهما المتهم الأول شرع في قتل زاخر ميخائيل غبريال عمدا ومع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وأعد لذلك سلاحاً ناريا قاتلاً (مقروطة) حتى إذا ما ظفر به أطلق عليه مقذوفاً نارياًَ قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو تدارك المجني عليه بالعلاج والمتهم الثاني اشتراك مع المتهم الأول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن اتفق معه على ارتكابها وتوجه معه على مكان وقوعها حاملاً سلاحاً لشد أزره فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما على محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 40/ 2 و3 و41 و45 و46 و230 و231 من قانون العقوبات فقررت الغرفة ذلك. وقد ادعى زاخر ميخائيل غبريال (المجني عليه) بحق مدني قبل المتهمين متضامنين بقرش صاغ واحد تعويضاً مؤقتاً. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً عملا بالمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول أولاً - بمعاقبته بالأشغال الشاقة مدة عشر سنين وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني (زاخر ميخائيل غبريال) قرشاً صاغاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة مستبعدة بذلك ظرف سبق الإصرار. وثانيا. ببراءة عنتر الشافعي عيسى مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله, فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض...


المحكمة

... وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في الأسباب ذلك أن الدفاع عنه أثار أمام محكمة الموضوع أن الثابت من المعاينة التي أجريت بإرشاد شهود الإثبات الذين أخذت المحكمة بأقوالهم أن المجني عليه حين أصيب كان يقف في مكان يعلو عن مكان وقوف المتهم (الطاعن) بمقدار نحو متر ويترتب على ذلك حتماً أن تكون الإصابة من أسفل إلى أعلى لا أفقية كما جاء بتقرير الطبيب الشرعي مما يؤكد كذب الشهود ولكن الحكم المطعون فيه استند إلى هذا التقرير الطبي الشرعي باعتباره مؤيداًَ لأقوال شهود الإثبات مع قيام التعارض بينهما ولم يتعرض بالرد على هذا الدفاع الجوهري بما يرفع هذا التعارض مما يعتبر قصوراً يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إنها تتخلص في أنه في غروب يوم 7 نوفمبر سنة 1955 بناحية دير الجنادلة من أعمال مركز صدفا ذهب المجني عليه زاخر ميخائيل غبريال في صحبة شقيقه زخرة وابن شقيقه مكرم عزيز ميخائيل إلى منزل نعيم فهمي وقبل أن يصلوا إليه بقليل وقف زخرة ومكرم وتقدم زاخر وطرق الباب ليسأل عن نسيم وشاهد عندئذ سعد الشافعي وشقيقه عنتر قادمين عند أول الطريق ووقف عنتر وتقدم منه سعد حتى إذا ما اقترب منه بحوالي متر أراد أن يخلي له الطريق وإذا بسعد يخرج من جيبه بندقية مقروطة ويطلقها عليه فخاب العيار ولم ينطلق فاعتقد أنه يمزح معه ولكنه أطلق عليه عيار آخراً أصابه وهرب هو وشقيقه وأسرع إليه زخرة ومكرم وحملاه إلى المنزل...." وقد أورد الحكم الأدلة على ثبوت التهمة في حق الطاعن بقوله إنها ثابتة ثبوتاً لا يتطرق إليه الشك من أقوال الشهود, زاخر ميخائيل وزخرة ميخائيل ونائب العمدة أحمد همام بالتحقيقات وبالجلسة ومن شهادة مكرم عزيز ميخائيل بالتحقيقات والتي تليت بجلسة اليوم وقد تأيدت كل هذه الشهادات بالكشف الطبي والتقرير الطبي الشرعي, وبعد أن سرد ملخص أقوال الشهود قال "وقد ثبت من الكشف الطبي والتقرير الطبي الشرعي أن إصابة زاخر ميخائيل غبريال عبارة عن فتحة دخول العيار الناري بالناحية اليسرى لأسفل الصدر بين الضلعين التاسع والعاشر في محاذاة الخط الأبطي الأوسط الأيسر بيضاوية الشكل مساحتها 1.5 × 1 سم حولها اسوداد ناري بسيط ونفذ العيار للتجويف الصدري والبطني واستقر المقذوف تحت الجلد على يمين العمود الفقري في مستوى الفقرة القطنية الأولى وقد أحدثت الإصابة كسراً مضاعفاً متفتتاً بالضلع العاشر الأيسر وتهتك بالحجاب الحاجز والطحال ووجدت بالملابس إصابات تتفق وموضع إصابات الجسم وانتهى السيد الطبيب الشرعي إلى أن هذه الإصابات حدثت من عيار ناري معمر بمقذوف مفرد أطلق من سلاح مششخن بالمسدس أو ما أشبه وكان الضارب على يسار المجني عليه وبانحراف للأمام وفوهة السلاح مصوبة في اتجاه أفقي وعلى مسافة أكثر من نصف متر وقد أورى فحص الرصاصة المستخرجة من جسم المصاب بأن السلاح المستعمل مسدس من عيار 11 ملليمتر وبذلك فقد أيد التقرير الطبي أقوال المجني عليه وشاهديه تمام التأييد فيما يختص بكيفية حصول الحادث ونوع السلاح المستعمل". لما كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على المفردات التي أمرت هذه المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن المعاينة التي أجرتها النيابة والرسم الكروكي الذي عمل بإرشاد شهود الإثبات الذين أخذت المحكمة بأقوالهم أن المجني عليه كان يقف في مكان يرتفع بحوالي متر عن مكان وقوف الطاعن مما يفهم منه مسار العيار حسب أقوال هؤلاء الشهود يكون من أسفل إلى أعلا وكان الثابت من الاطلاع على محضر الجلسة أن الدفاع أثار هذا التعارض بين ما تدل عليه أقوال شهود الإثبات وبين ما جاء بالتقرير الطبي الشرعي خاصا بخط سير العيار إذ أثبتن هذا التقرير أن فوهة العيار كانت مصوبة في اتجاه أفقي, لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يتعرض لهذا الخلاف بين الدليل القولي والدليل الفني بما يزيل التعارض بينهما يكون قاصراً قصوراً يعيبه ويستوجب نقضه وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.