أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 14 - صـ 865

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، وحسين صفوت السركي، وأحمد موافي، ومحمد عبد الوهاب خليل.

(156)
الطعن رقم 873 لسنة 33 القضائية

عقوبة. "وقف تنفيذها". مباني. نقض. "أحوال الطعن بالنقض". "مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه". "سلطة محكمة النقض".
العقوبات الجائز وقف تنفيذها إعمالاً للمادة 55 عقوبات: هي العقوبات الجنائية بالمعنى الحقيقي. دون الجزاءات الأخرى التي لا تعتبر عقوبات بحتة. الإلزام بدفع رسوم البلدية ورسوم الترخيص وتصحيح الأعمال المخالفة. عدم اعتبارها عقوبات جنائية بالمعنى المتقدم. قضاء الحكم المطعون فيه بوقف تنفيذها. مخالف للقانون. وجوب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من وقف تنفيذها.
المادة 55 من قانون العقوبات حين نصت على جواز وقف تنفيذ العقوبة عن الحكم في جناية أو جنحة بالحبس أو الغرامة إنما عنت العقوبات الجنائية بالمعنى الحقيقي دون الجزاءات الأخرى التي لا تعتبر عقوبات بحتة حتى ولو كان فيها معنى العقوبة، ولما كان الإلزام بدفع رسوم البلدية ورسوم الترخيص وتصحيح الأعمال المخالفة - إعمالاً للقانون رقم 178 لسنة 1961 في شأن تنظيم هدم المباني - لا تعتبر عقوبات بالمعنى المتقدم، إذ المقصود منها هو التعويض والرد وإن بدا أنها تتضمن معنى العقوبة. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بوقف تنفيذها دون تمييز بينها وبين عقوبة الغرامة المقضي بها يكون قد أخطأ صحيح القانون مما يستوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من وقف تنفيذها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدها بأنها في يوم 30 نوفمبر سنة 1960 بدائرة قسم أول المنصورة: أولاً - هدمت البناء الموضح بالمحضر قبل الحصول على موافقة لجنة توصية أعمال البناء والهدم. وثانياً - هدمت وأقامت البناء الموضح بالمحضر قبل الحصول على ترخيص السلطة القائمة على أعمال الهدم. ثالثاً - أقامت البناء الموضح بالمحضر ولم ترتد الارتداد المقرر قانوناً. رابعاً - لم تراع الاشتراطات المقررة قانوناً في الأبنية المخصصة لإنارة وتهوية مرافق البناء. وطلبت عقابها بالمواد 1 و2 و3 و6 و16 و21 و29 و30 و33 و34 من القانون رقم 656 لسنة 1954 وقرار وزير الشئون رقم 767 لسنة 1955 والمواد 1 و5 و7 من القانون رقم 344 لسنة 1959. ومحكمة بندر المنصورة قضت غيابياً بتاريخ 16 يناير سنة 1961 عملاً بمواد الاتهام: أولاً - بتغريم المتهمة ثلاثة أمثال قيمة المبنى المهدوم مع حرمانها من البناء على نفس الأرض لمدة خمس سنوات وإلزامها بأداء ما يعادل العوايد والرسوم المربوطة على المبنى عن المدة ذاتها كما لو كان المبنى قائماً عن التهمة الأولى. ثانياً - تغريم المتهمة 100 قرش وإلزامها بأن تدفع لمجلس بلدي المنصورة رسوم الهدم. ثالثاً - بتغريم المتهمة 100 قرش وإلزامها بأن تدفع لمجلس بلدي المنصورة رسوم الترخيص وتصحيح الأعمال المخالفة عن التهمتين الثالثة والرابعة. فعارضت، وقضى في معارضتها بتاريخ 12 يونيه سنة 1961 بقبول المعارضة شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه فاستأنفت المتهمة هذا الحكم، ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 28 يناير سنة 1962 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة ثلاث سنوات. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن حكم محكمة ثاني درجة المطعون فيه قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة الذي أعمل في حق المتهمة (المطعون ضدها) في خصوص التهمة الأولى حكم القانون رقم 344 لسنة 1956 على الرغم من صدور القانون رقم 178 لسنة 1961 الذي جاءت أحكامه أصلح للمتهمة مما كان يتعين تطبيقه وفقاً لنص المادة 5/ 2 من قانون العقوبات كما قضت المحكمة بإيقاف التنفيذ بالنسبة لجميع العقوبات الجنائية المقضي بها مع أن إيقاف التنفيذ لا يكون إلا بالنسبة للعقوبات الجنائية بمعناها الحقيقي أما الجزاءات الأخرى فهي وإن كان فيها معنى العقوبة إلا أنها ليست عقوبات بحتة ومن ثم لا يجوز الحكم بوقف التنفيذ فيها. ولما كانت التهمة الأولى المسندة إلى المتهمة وهى أنها هدمت بناء قبل الحصول على موافقة لجنة توصية البناء قد وقعت في ظل أحكام القانون رقم 344 لسنة 1956 وكان القانون رقم 178 لسنة 1961 في شأن تنظيم هدم المباني قد صدر ونشر في الجريدة الرسمية في 18/ 11/ 1961 وعمل به بعد عشرة أيام من تاريخ نشره قبل أن يصدر الحكم المطعون فيه، وقد نص في مادته العاشرة على إلغاء القانون رقم 344 سنة 1956 واتى في مادته السابعة على عقوبات أخف من تلك التي كان يفرضها القانون الملغى حيث ألغى عقوبة الحرمان من البناء على نفس الأرض لمدة خمس سنوات والإلزام بأداء ما يعادل العوائد والرسوم المربوطة على المبنى خلال المدة ذاتها كما لو كان المبنى قائماً وجعل عقوبة الحبس لا تزيد على سنة بعد أن كانت مقيدة بحد أدنى هو ثلاثة أشهر. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 5 من قانون العقوبات تنص على "أنه إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم نهائياً قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره" وكان القانون 178 لسنة 1961 أصلح للمتهمة فإنه يكون واجب التطبيق ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة الذي أعمل حكم القانون 344 لسنة 1956 الملغى في الجريمة المسندة إليه قد أخطأ في القانون مما يستوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من حرمان المطعون ضدها من البناء على نفس الأرض لمدة خمس سنوات وإلزامها بأداء ما يعادل العوائد والرسوم المربوطة على المبنى خلال المدة ذاتها كما لو كان المبنى قائماً. ولما كانت المادة 55 من قانون العقوبات حين نصت على جواز وقف تنفيذ العقوبة عند الحكم في جناية أو جنحة بالحبس أو الغرامة إنما عنت العقوبات الجنائية بالمعنى الحقيقي دون الجزاءات الأخرى التي لا تعتبر عقوبات بحتة حتى ولو كان فيها معنى العقوبة، ولما كان الإلزام بدفع رسوم البلدية ورسوم الترخيص وتصحيح الأعمال المخالفة المحكوم بها في التهمتين الثالثة والرابعة المسندتين إلى المطعون ضدها لا تعتبر عقوبات بالمعنى المتقدم إذ المقصود منها هو التعويض والرد وإن بدا أنها تتضمن معنى العقوبة، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذا قضى بوقف تنفيذها دون تمييز بينها وبين عقوبة الغرامة المقضي بها يكون قد أخطأ صحيح القانون مما يستوجب نقضه نقضاً جزئياً كذلك وتصحيحه بإلغاء ما قضى به وقف تنفيذها.