أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة التاسعة - صـ 367

جلسة 8 أبريل سنة 1958

برئاسة السيد مصطفي فاضل وكيل المحكمة, وبحضور السادة: مصطفى كامل وفهيم يسى جندي, والسيد أحمد عفيفي, ومحمد عطية إسماعيل المستشارين.

(101)
طعن رقم 2039 سنة 27 ق

(أ) استئناف. تصد. سلطة المحكمة الاستئنافية. متى يجب على المحكمة الاستئنافية إعادة القضية إلى محكمة أول درجة. م 419 أ. ج.
(ب) إعلان. وصف التهمة. إجراءات. دفاع. موازين. إعلان المتهم بورقة التكليف بالحضور بتهمة حيازة "سنج" غير مضبوطة. إدانته أمام محكمة أول درجة بتهمة حيازة ميزان غير مضبوط استناداً إلى ما ورد بمحضر ضبط الواقعة وتقرير المعايرة وإقرار المتهم. لا إخلال بحق الدفاع.
1- أوجب الشارع على المحكمة الاستئنافية في المادة 419 من قانون الإجراءات الجنائية أن تصحيح كل بطلان مادي في الإجراءات أو في الحكم المستأنف وتحكم في الدعوى ولم يجز لها أن تعيد القضية لمحكمة أول درجة إلا إذا قضت هذه المحكمة الأخيرة بعدم الاختصاص أو بقبول دفع فرعي يترتب عليه منع السير في الدعوى وحكمت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم وباختصاص المحكمة أو برفض الدفع الفرعي وبنظر الدعوى.
2- متى كان الحكم الابتدائي قد استند في إدانة المتهم إلى ما ورد بمحضر ضبط الواقعة وتقرير المعايرة وإقرار المتهم بضبط الميزان لديه الأمر الذي يفيد إدانته عن حيازة الميزان وليس "السنج" كما ورد خطأ بورقة التكليف بالحضور وعارض المتهم في هذا الحكم ثم استأنفه, فإنه يكون على علم بحقيقة التهمة المسندة إليه ويكون استئنافه في الواقع منصباً عليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز بقصد الاستعمال "سنجاً" غير صحيحة وغير مدموغة على الصورة الموضحة بالمحضر مع علمه بذلك وطلبت عقابه بالمواد 1 و4 و11 و14 من القانون رقم 229 لسنة 1951. نظرت محكمة الرمل الجزئية هذه الدعوى وقضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم خمسة جنيهات والمصادرة فعارض. وقضى في معارضته باعتبار المعارضة كأن لم تكن. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية صححت المحكمة وصف التهمة على أساس أن الجريمة منصبة على ميزان غير مضبوط وغير مدموغ فدفع الحاضر مع المتهم بعدم جواز التعديل وبأن الواقعة المعلن بها المتهم لا سند لها من الأوراق. فقضت المحكمة المذكورة حضورياً - أولاً - بقبول الاستئناف شكلاً وثانياً - برفض الدفع بعدم جواز تعديل الوصف الوارد في ورقة التكليف بالحضور وإصلاح ما بها من خطأ مادي في كلمه "سنج" إلى كلمة "ميزان". ثم قضت المحكمة حضورياً في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن يتحصل في وجهين "الأول" أن الحكم المطعون فيه بنى على إجراءات باطلة أثرت فيه وأخلت بحق الطاعن في الدفاع ذلك بأن مفتش الموازين لم يحرر محضراً بضبط الواقعة ولم يقم بتحريز الميزان المضبوط وفقاً لما تنص عليه المادتان 55 و56 من قانون الإجراءات الجنائية. كما أن ورقة التكليف بالحضور أمام المحكمة الجزئية شابها البطلان لخلوها من وصف التهمة ومواد القانون التي تنص على العقوبة وقد دان الحكم المطعون فيه الطاعن بتهمة "حيازة ميزان غير مضبوط وغير مدموغ" وهي تهمة تختلف عن تلك التي أسندت للطاعن بورقة التكليف بالحضور أمام محكمة الدرجة الأولى وهي "حيازة سنج غير مضبوطة" كما أن المحكمة الاستئنافية أباحت لنفسها صحيح البطلان الذي شاب ورقة التكليف بالحضور مخالفة بذلك المادة 307 من قانون الإجراءات بمقولة أنه من قبيل إصلاح الخطأ المادي الذي نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 308 إجراءات مع أنه ليس كذلك - مما ترتب عليه حرمان الطاعن من درجة من درجات التقاضي هذا فضلاً عن نقص بيانات التهمة في طلب الحضور على الرغم من التصحيح الذي أجرته هذه المحكمة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه رد على ما أثاره الطاعن بشأن بطلان الإجراءات بقوله "وحيث إنه يبين من مطالعة ورقة التكليف بالحضور التي أعلن بها المتهم وهي المقيدة بحافظته أن هذه الورقة قد حددت التهمة المنسوبة إليه تحديداً واضحاً لا يدع مجالاً للشك في طبيعة الجريمة المنسوبة إليه مما يمكنه من تحضير دفاعه على هذه التهمة المبنية وهي حسبما وردت في هذه الورقة "سنج غير مضبوطة", وحيث أنه عن احتجاجه بعدم ذكر المادة القانونية التي توجب العقاب طبقاً للمادة 233 إجراءات فإنه من المقرر قضاء أن إغفال ذكر المادة لا يترتب عليه أي بطلان إذ هو لا يخل بحق الدفاع الذي يكون مكفلاً ببيان الوقائع المكونة للتهمة. أما تعيين المواد المنطبقة عليها من القانون فإنه من وظيفة المحكمة التي يفترض فيها دائماً معرفة القانون بلا توقف على سماع رأي الخصوم فيه" كما رد الحكم على الدفع الخاص بعدم تحرير محضر عن الواقعة وعدم تحريز الميزان المضبوط بأن هذه المخالفة لا تؤدي إلى البطلان طالما أن المحكمة قد اطمأنت إلى عدم حصول تغيير أو عبث بالميزان.
وحيث إن هذا الذي قرره الحكم المطعون فيه صحيح في القانون ذلك بأن الشارع أوجب على المحكمة الاستئنافية بالمادة 419 من قانون الإجراءات الجنائية أن تصحح كل بطلان مادي في الإجراءات أو في الحكم المستأنف وتحكم في الدعوى ولم يجز لها أن تعيد القضية لمحكمة أول درجة إلا إذا قضت هذه المحكمة الأخيرة بعدم الاختصاص أو بقبول دفع فرعي يترتب عليه منع السير في الدعوى وحكمت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم باختصاص المحكمة أو برفض الدفع الفرعي وبنظر الدعوى - لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي قد استند في إدانة الطاعن إلى ما ورد بمحضر ضبط الواقعة وتقرير المعايرة وإقرار الطاعن بضبط الميزان لديه الأمر الذي يفيد إدانته عن حيازة الميزان وليس "السنج" كما ورد خطأ بورقة التكليف بالحضور فإن الطاعن إذ عارض في هذا الحكم ثم استأنفه كان على علم بحقيقة التهمة المسندة إليه في الواقع منصباً عليها. فضلاً عن ذلك فإن الطاعن مثل أمام المحكمة الاستئنافية فوجهت إليه التهمة بعد تصحيحها وأجلت نظر الدعوى لجلسة تالية ثم فصلت فيها بعد أن استمعت لدفاعه. لما كان ذلك وكان قانون الإجراءات الجنائية لم يرتب البطلان على عدم مراعاة ما نصت عليه المادة 55 وما بعدها في خصوص تحريز المضبوطات المتعلقة بالجريمة مما يجعل الأمر فيها مرجعه إلى تقدير محكمة الموضوع التي اطمأنت إلى سلامة الإجراءات التي اتخذها مأمور الضبط القضائي ومن ثم فلا محل بعد ذلك لما يثيره الطاعن بشأن بطلان الإجراءات أو الإخلال بحق الدفاع.
وحيث أن باقي أوجه الطعن تتحصل في أن الطاعن يعيب على الحكم المطعون فيه خطأ الإسناد وقصور البيان ذلك بأن مفتش الموازين في شهادته أمام المحكمة حاول أول الأمر إنكار أن الأرقام التي على الميزان وضعت بمعرفة مصلحة الموازين ثم عاد فأقر بأنها وضعت بمعرفتها ورغم ذلك فقد نسب الحكم المطعون فيه للشاهد قوله أن البائع هو الذي يضع الأرقام كما طلب الدفاع عن الطاعن من المحكمة أن تحقق الرقم الموجود على الميزان وتبحث عن تاريخ قيده بدفاتر مكتب الموازين وكذلك إعادة مناقشة مفتش الموازين وسماع شهود نفي وعمل تجربة على الميزان أمام المحكمة ولكنها لم تجبه إلى طلبه ولم ترد عليه بما يبرر رفضه.
وحيث إن المحكمة الاستئنافية قد باشرت تحقيق الدعوى وسمعت شاهد الإثبات فيها وكذلك شاهد النفي الذي طلب الطاعن سماعه دون أن يطلب منها إعادة سماع شاهد الإثبات أو تجربة الميزان أو سماع شهود نفي آخرين ولما كانت المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب إعادة القضية للمرافعة لإجراء تحقيق فيها أو الرد على هذا الطلب ما دامت المرافعة قد انتهت وحجزت القضية للحكم وكان الحكم المطعون فيه قد رد على ما أثاره الطاعن من قوله بأن الميزان كان مدموغاً لوجود أرقام على كفتيه بما قرره مفتش الموازين من أن ترقيم الميزان ليس دليلاً على دمغه وأن البائع هو الذي يضع الرقم على الميزان وهو قول له أصله الثابت في الأوراق, ولا محل للقول بأن هذا الشاهد قرر بأن المصلحة هي التي وضعت الرقم ذلك أنه وإن كان قد أجاب بذلك إلا أنه عاد وقرر أنه لا يعرف ما إذا كان الميزان المضبوط قد رقم بالمصلحة أم لا. لما كان ذلك وكان لا جدوى للطاعن مما يثيره بشأن تهمة حيازته لميزان غير مدموغ إذ أن الفعل الذي وقع منه يكون جريمتي "حيازة ميزان غير صحيح وغير مدموغ" اللتين دين بهما وكانت العقوبة المقررة لجريمة حيازة ميزان عير صحيح هي الأشد وكان القانون رقم 229 لسنة 1951 المطبق في واقعة هذه الدعوى قد نص في المادة 11 منه على افتراض علم الحائز لميزان غير صحيح معد للاستعمال إذا كان من المشتغلين بالتجارة ما لم يثبت العكس وكان الطاعن وهو تاجر لم ينكر هذه الصفة فإن الطعن يكون لا محل له.
وحيث إنه لما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا مع تغريم الطاعن مبلغ عشرة جنيهات وفقاً لنص المادة 427/ 3 من قانون الإجراءات الجنائية.