أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 14 - صـ 879

جلسة 9 من ديسمبر سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.

(159)
الطعن رقم 854 لسنة 33 القضائية

( أ ) غش. مياه غازية.
وجوب أن تكون المياه المستعملة في تحضير المياه الغازية نقية كيماوياً وبكتريولوجياً" ومطابقة لمعايير المياه النقية، وإلا اعتبرت المياه الغازية المنتجة غير صالحة للاستهلاك الآدمي. المادتان 2 و7 من مرسوم المياه الغازية. الجدل في مصدر المياه المستعملة في التحضير. غير مقبول. يستوي في تطبيق حكم المرسوم المذكور أن يكون مرجع البكتريا تفاعل طبيعي أو تلوث المياه. طالما قد ثبت من تحليلها كيماوياً وبكتريولوجياً عدم نقاوتها وعدم مطابقتها معايير المياه النقية.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الديل". إثبات. "خبرة ". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "ما لا يوفره".
لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها. النعي على التفاتها عن مناقشة الخبير. غير مقبول. طالما أنها قد اطمأنت إلى تقريره، ولم يطلب منها مناقشته، ولم تر هي محلاً لإجرائه. وما دامت قد قدرت صلاحية الدعوى للفصل فيها بحالتها.
1 - صراحة نص المادتين الثانية والسابعة من مرسوم المياه الغازية الصادر في 12/ 12/ 1953 - في وجوب أن تكون المياه المستعملة في تحضير المياه الغازة نقية كيماوياً وبكتريولوجياً وأن تكون مطابقة لمعايير المياه النقية الواردة من الموارد العمومية في مناطق الإنتاج وإلا اعتبرت المياه الغازية المنتجة غير صالحة للاستهلاك الآدامى. ولا يقبل الجدل في مصدر المياه المستعملة في التحضير وبأنها تخضع لعوامل طبيعية مختلفة أو القول بأن البكتريا لا ترى بالعين المجردة، إذ يستوي في حكم تطبيق هذا المرسوم أن يكون مرجعها تفاعلاً طبيعياً أو تلوثاً بالمياه طالما قد ثبت من تحليلها كيماوياً وبكتريولوجياً عدم نقاوتها وأنها لا تطابق معايير المياه النقية.
2 - لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، فإذا هي اطمأنت إليه ورأت في منطق سائغ التعويل عليه فإنه لا يقبل أن ينعى عليها التفاتها عن مناقشة الخبير طالما أنه لم يطلب منها مناقشته ولم تر هي من جانبها محلاً لإجرائه اكتفاء منها بما أثبته الخبير في تقريره، وما دامت المحكمة قد قدرت بغير معقب عليها في ذلك صلاحية الدعوى للفصل فيها بحالتها.
الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 23/ 10/ 1960 بدائرة شبرا: عرضاً للبيع مياه غازية غير مطابقة للمواصفات القانونية محتوية على مواد مخمرة وغير نقية (بكترولوجيا) مع علمها بذلك. وطلبت عقابهما بمواد قانون المياه الغازية الصادر في 12/ 12/ 1953 ومواد القانون رقم 48 لسنة 1941. ومحكمة جنح شبرا قضت غيابياً بتاريخ 17/ 4/ 1960 عملاً بمواد الاتهام بتغريم كل من المتهمين عشرة جنيهات والمصادرة بلا مصاريف جنائية. فعارض المحكوم عليهما في هذا الحكم وقضى في معارضتهما بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه بلا مصاريف جنائية. استأنفت النيابة والمحكوم عليهما هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 30/ 1/ 1962: أولاً - بقبول الاستئنافين شكلاً وفى الموضوع وبالنسبة للمتهم الأول برفضه وتأييد الحكم المستأنف - ثانياً - وبالنسبة للمتهم الثاني بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريمه مائة قرش والمصادرة بلا مصاريف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في القانون. ذلك أن الحكم المطعون فيه افترض توافر ركن العلم لدى الطاعن دون أن يستظهر كنهه فإن كان افتراض العلم لمجرد أن المياه الغازية المعبأة تحوى بكتريا فافتراضه غير سديد لأن البكتريا لا ترى بالعين المجردة ولم يحدد الاتهام ما إذا كانت البكتريا نتيجة تفاعل طبيعي أو تلوث بالزجاجات وإن كان العلم بالمياه الأصلية فهو ما لا شأن للطاعن به لورودها من مياه النيل وخضوعها لمؤثرات طبيعية مختلفة ثم إن الطاعن أثار أمام المحكمة بأنه ليس مالكاً للمصنع وبالتالي ليس منتجاً للمياه الغازية ولا مصلحة له في غشها أو فسادها وأن عمله مجرد إدارة شئون حسابات المصنع مما كان يقتضى من المحكمة أن تدخل صاحب المصنع المنتج للمياه الغازية متهما في الدعوى. كما استند الحكم في قضائه إلى ما ورد في تقرير المعامل من أن العينات المضبوطة غير صالحة للاستهلاك الآدمي دون أن يحدد مرجع عدم صلاحيتها وهل يعدو إلى فعل إيجابي من الطاعن كإضافة مواد ضارة أو هو نتيجة نزع مواد من المياه الغازية المضبوطة جعلها غير صالحة ومدى تداخله في إحداث هذا الفساد طالما أن مرجعه وجود بكتريا زائدة عن الحد المقرر أو أن تقوم المحكمة بمناقشة المحلل البكتريولوجى ليقرر مدى علم الطاعن بهذا الفساد وهل كان في مكنته اكتشافه والعمل على منعه، أما وهى لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً مستوجباً نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن مفتش الأغذية بالإسماعيلية أخذ في يوم 13/ 10/ 1960 ثلاث عينات من المياه الغازية المعبأة في زجاجات مغلقة والتي ينتجها مصنع "ريو" الذي يديره الطاعن وأرسل إحدى العينات للتحليل فتبين أنها غير صالحة للاستهلاك الآدمي لاحتوائها على بكتريا بنسبة 250 ثم عرض الحكم إلى دفاع الطاعن بأنه لا يعلم بفساد المياه الغازية ورد عليه بقوله "وحيث إن التهمة المنسوبة إلى المتهم الأول - الطاعن - ثابتة في حقه من كونه المدير المسئول عن إنتاج هذه المياه الغازية التي أرسلت للمتهم الثاني لعرضها للبيع وثبت من تقرير معامل التحليل فساد هذه المياه وهو بوصفه منتجاً لها يكون علمه بفسادها متوافراً في حقه وقد عجز في دفاعه أن ينفى عن كاهله هذا العلم الذي افترضه الشارع بما نص عليه في القانون رقم 522 لسنة 1955 المعدل للقانون رقم 48 لسنة 1941 الأمر الذي يكون معه الحكم المستأنف في محله فيما انتهى إليه من إدانة هذا المتهم وما قضى به من عقوبة عملاً بنص المادتين 2, 5 من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 522 لسنة 1955 والمادة 30 من قانون العقوبات بما يتعين تأييده في هذا الخصوص "لما كان ذلك، وكان الثابت مما أورده الحكم أن الضبط والتحليل قد أنصبا على مياه غازية معبأة في زجاجات مغلقة وكانت المادة الثانية من مرسوم المياه الغازية الصادر في 12/ 12/ 1953 بالتطبيق للمادة الخامسة من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 153 لسنة 1949 تنص على أنه "يجب أن تكون المياه المستعملة في تحضير المياه الغازية والصودا نقية كيماوياً وبكتريولوجياً ومطابقة لمعايير المياه النقية في موارد المياه العمومية في مناطق الإنتاج" وتنص الفقرة الأولى من المادة السابعة منه على أن "تعتبر المياه الغازية غير صالحة للاستهلاك إذا احتوت على مواد متعفنة أو متخمرة أو كانت بها رواسب أو مواد غريبة أو لم تكن نقية بكترويولوجياً أو كيماوياً" ولما كان نص هاتين المادتين صريحاً في وجوب أن تكون المياه المستعملة في تحضير المياه الغازية نقية كيماوياً وبكتريولوجياً وأن تكون مطابقة لمعايير المياه النقية الواردة من الموارد العمومية في مناطق الإنتاج وإلا اعتبرت المياه الغازية المنتجة غير صالحة للاستهلاك الآدمي. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت - أخذاً منه بتقرير التحليل - أن المياه الغازية المضبوطة تحتوى على بكتريا بنسبة 250 مما يجعلها غير صالحة للاستهلاك، ولما كان ما انتهى إليه الحكم فيما تقدم وبناء على ما حصله من عناصر الإثبات الأخرى سائغاً في عمل قضائه بالإدانة، فإنه لا يقبل من الطاعن الجدل في مصدر المياه وبأنها تخضع لعوامل طبيعية مختلفة أو القول بأن البكتريا لا ترى بالعين المجردة إذ يستوي في حكم تطبيق هذا المرسوم أن يكون مرجعها تفاعل طبيعي أو تلوث بالمياه المستعملة في التحضير طالما قد ثبت من تحليلها كيماوياً وبكتريولوجياً عدم نقاوتها وأنها لا تطابق معايير المياه النقية. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفال الرد على دفاعه من أنه لا يمتلك مصنع المياه الغازية ولا مصلحة له في غشها وأنه مجرد مدير لحسابات المصنع مما كان يقتضى من المحكمة إدخال صاحب المصنع متهما في الدعوى، فإنه نعى غير صحيح ذلك أن محاضر الجلسات جاءت خلواً من هذا الدفاع، كما أنه تبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن أن مذكرة الطاعن المقدمة لمحكمة الموضوع لم تتضمن أي إشارة إلى هذا الدفاع ثم إنه يبين من الاطلاع على محضر ضبط الواقعة أن الطاعن أقر عند استجوابه بأنه المدير لهذه الشركة ولما كان الحكم قد استظهر في منطق سائغ - ولما له أصل ثابت في الأوراق - أن الطاعن هو المدير المسئول عن إدارة المصنع فقد صحت إدانته سواء كان مالكاً للمصنع أو مجرد مدير مسئول عنه، ولا يحق له الجدل في هذه الصفة لأول مرة أمام محكمة النقض، ولا يقبل منه التحدث عن إدخال صاحب المصنع متهما آخراً في الدعوى، لأن زيادة عدد المتمين واحداً لن يجديه في التنصل من تبعة مخالفته هو لأحكام القانون. لما كان ذلك، وكانت الجريمة التي دين الطاعن بها يتحقق عنصرها المادي بمجرد إنتاج مياه غازية للبيع وجدت محتوية على مياه غير نقية بالمخالفة لأحكام المادتين 2، 7 من مرسوم المياه الغازية دون أن يقتضى ذلك تداخلاً ايجابياً لإحداث هذا الأثر المؤثم، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى القصور في بيان مدى تداخله في فساد المياه الغازية المضبوطة لا يكون سديداً. ولما كان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، فإذا هي اطمأنت إليه ورأت في منطق سائغ التعويل عليه فإنه لا يقبل من الطاعن أنه ينعى عليها التفاتها عن مناقشة الخبير المحلل الكميائى طالما أنه لم يطلب منها مناقشته ولم تر المحكمة من جانبها محلاً لإجرائه اكتفاء منها بما أثبته الخبير في تقريره المطروح ضمن عناصر الدعوى وما دامت المحكمة قد قررت بغير معقب عليها في ذلك صلاحية الدعوى للفصل فيها بحالتها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه ومصادرة الكفالة.