أحكام النقض - م.ف - جنائي
العدد الثاني - السنة التاسعة - صـ 381

جلسة 8 من أبريل سنة 1958

برئاسة السيد مصطفي فاضل وكيل المحكمة, وبحضور السادة: مصطفى كامل, وفهيم يسى جندي, والسيد أحمد عفيفي, ومحمد عطية إسماعيل المستشارين.

(104)
طعن رقم 41 سنة 28 ق

تحقيق. . محضر جمع الاستدلالات. إثبات. نقض "المصلحة في الطعن". بطلان محضر جمع استدلالات حرر بعد أن تولت النيابة التحقيق. شرط انعدام الجدوى من التمسك به.
متى كانت المحكمة قد اعتمدت في إدانة المتهم على شهادة مفتش المباحث التي أدلى بها أمامها في جلسة المحاكمة مع سائر أدلة الإثبات الأخرى التي أوردتها في حكمها ومن بينها اعتراف المتهمين في تحقيق النيابة واعتراف المتهم الآخر بتلك الجلسة على نفسه وعلى ذلك المتهم فإنه لا جدوى له من التمسك ببطلان محضر جمع استدلالات حرره مفتش المباحث المذكور بعد أن تولت النيابة العامة التحقيق في القضية دون أن يصدر من وكيل النيابة المحقق أمراً بندبه لإجراء تحقيق معين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: في ليلة أول مايو سنة 1957 بدائرة قصر النيل محافظة القاهرة سرقوا أربعين جنيهاً والأشياء الأخرى المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لريمون اسكنازي بطريق الإكراه الواقع عليها وعلى خادمتها نبوية محمد مبارك بأن أشهروا عليها مسدساتهم وهددوها باستعمالها وكمموا فم المجني عليها أوثقوا يديها وقدميها تمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من سرقة الأشياء سالفة الذكر وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمادة 314/ 1 من قانون العقوبات, فقررت بذلك ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشر سنه. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض.. الخ.


المحكمة

التقرير المقدم من الطاعن الأول أبو بكر أحمد زكي هلال.
... حيث أن مبنى الوجه الأول من وجهي الطعن هو أن قضاء الحكم جاء مخالفا لقاعدة النهي عن حكم القاضي بعلمه ذلك أن المحكمة الجنايات منذ نظر القضية كانت تنظر قضية أخرى خطيرة للطاعن شأن فيها فكان يتعين عليها أن تأخذ نفسها بظروف القضية الحالية دون سواها بحيث لا يضع في اعتبارها ولا تتأثر عند الحكم وتقدير العقوبة بالظروف المحيطة لتلك القضية الأخرى غير أنها جانبت هذه القاعدة بدليل أنها ذكرت في حكمها عند التحدث عن الطاعن أنه بعد الحادث بحوالي شهر اشترك مع المتهم الثاني في ارتكاب حادث مماثل في دائرة روض الفرج أدى الإكراه الذي وقع فيه على المجني عليها إلى قتلها. وهذه العبارة كما تصلح وجها لنقض الحكم المطعون فيه تصلح أيضاً للنقض الحكم الصادر في القضية الأخرى لأن المحكمة بإيراد هذه العبارة تكون فد أبدت رأيها في الدعوى قبل أن تسمع مرافعة الدفاع عن الطاعن وقبل أن تتم نظرها وتفصل فيها وقد أثبتت المحكمة هذه العبارة في حكمها الصادر بتاريخ 27 أكتوبر سنة 1957 عند تحرير أسبابه بعد صدور الحكم في تلك الدعوى الأخرى بتاريخ 9 نوفمبر سنة 1957 وقد أودع الحكم في القضية الحالية في 18 نوفمبر سنة 1957 وأودع في القضية الأخرى بتاريخ 21 نوفمبر سنة 1957
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة أوردت العبارة المشار إليها بوجه الطعن في بيان واقعة الدعوى إذ أنها بعد أن روت أمر الطاعنين على ارتكاب الجريمة وكيف قاموا بتنفيذها واقتسموا فيما بينهم ما وصلت إليه أيديهم من مسروقات استطردت تقول، "وبعد ذلك بحوالي شهر اشترك المتهمان الأول والثاني في ارتكاب حادث مماثل بدائرة قسم روض الفرج أدى فيه إكراه المجني عليها إلى قتلها وضبطا مع شريك ثالث لهما ووجدت أوصافهما تنطبق على الأوصاف التي أدلت بها المجني عليها في القضية الحالية وزوجها والخادمة فأخذ رجال المباحث في البحث ورائهم وعند مناقشتهم اعترف المتهم الأول والمتهم الثاني بارتكابهما هذا الحادث مع المتهم الثالث الذي اعترف أيضاً ثم تبين من تقرير خبير تحقيق الشخصية الذي اتصل وعاين مكان الحادث أن أحدى البصمات التي وجدت على طبق في حجرة السفرة وعبث به الجناة تنطبق على بصمة اليد اليمنى للمتهم الأول" ولما كان الواضح من هذه العبارة والسياق الذي وردت فيه أن المحكمة ذكرتها عند بيان كيفية اكتشاف الجناة من تماثل الطريقة التي اتبعت في تنفيذ كلتا الجريمتين وتطابق أوصاف الفاعلين فيهما وظروف اعترافهم بالواقعة وهو بيان اقتضاه المقام بمناسبة سرد واقعة الدعوى وتسلسل الحوادث فيها وتعاقبها مما أدى إلى الكشف عن مرتكبها وقيام الأدلة عليهم وقد استمدته المحكمة مما أثبته البكباشي رشدي لبيب مفتش مباحث جنوب القاهرة في محضره المقدم في تحقيق الدعوى الحالية على ما هو ثابت بمدونات الحكم المطعون فيه فهو بيان يستند إلى أصل في أوراق الدعوى, لما كان ذلك وكان يبين من الاطلاع على أوراق القضية وعلى ملف الطعن رقم 39 سنة 28 قضائية الخاص بالدعوى المشار إليها آنفاً والمطروح على هذه المحكمة بنفس الجلسة مع الطعن الحالي أن الدعويين نظرتا أمام محكمة الجنايات في يوم 27 من أكتوبر سنة 57 فأصدرت حكمها في الدعوي الخاصة بموضوع الطعن الحالي بإدانة المتهمين جميعا كما قررت في الدعوي الأخري احالة الأوراق إلي المفتي لاستطلاع رأيه بالنسبة إلي أبو بكر أحمد زكي (الطاعن أول) ومجدي يسى صدقي (الطاعن الثاني) وأجلت النطق بالحكم لجلسة 9 من نوفمبر سنة 57 وفيها أصدرت الحكم باعدامها , ومفاد ذلك أن الحكمة في يوم 27 من أكتوبر سنة 1957 كانت قد كونت رأيها بإدانة المتهمين في كلتا الدعويين المطروحتين عليها فلا حرج عليها في الإشارة في أسباب حكمها إلى اشتراك الطاعن في ارتكاب جناية القتل المقترن بسرقة أخرى دون أن يعد ذلك قضاء منها بعلمها لما كان ما تقدم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه لا يكون له أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو القصور والإخلال بحق الدفاع إذ طلب محامي الطاعن إلى المحكمة ندب خبير اجتماعي لبحث حالة الطاعن النفسية لأنه سبق أن حاول الانتحار ولكن المحكمة ضربت صفحا عن هذا الطلب ولم ترد عليه مع تعلقه بتقدير مدى مسئولية الطاعن عن أعماله - وهي مسئولية لا تقوم إلا عن الأعمال التي تصدر من الجاني عن إرادة سليمة.
وحيث إنه لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن دفع بأنه كان وقت ارتكاب الجريمة فاقد الشعور أو الاختيار في عمله لجنون أو عاهة في عقله أو تعلق به سبب من أسباب موانع المسئولية وإنما طلب المدافع عنه ندب خبير اجتماعي لبحث حالته النفسية لأنه سبق أن حاول الانتحار ولأن ما سلبه هو وزميلاه انفقوه في مصاريف عديمة القيمة, ولما كان القانون لا يوجب على المحكمة بحث هذه الحالة إلا بالنسبة للأحداث المتهمين بجناية أو جنحة أما من عداهم فإن المحكمة لا تكون ملزمة باتخاذ هذا الإجراء أو الرد على الطلب المتعلق به ما دام أن الفصل فيه ليس لازماً للفصل في موضوع الدعوى لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.
التقرير المقدم من الطاعن الثاني مجدي يسى صدقي
مبنى الطعن هو بمعنى ما جاء بالوجه الثاني من تقرير أسباب الطعن المقدم من الطاعن الأول.
وحيث إن هذا الطعن مردود بما سلف ذكره عند الرد على ما ورد بتقرير الطاعن الأول أبو بكر أحمد زكي.
التقرير المقدم من الطاعن الثالث نبيل أحمد السراج
وحيث إن مبنى الوجه الأول من هذا التقرير هو أن الطاعن قدم إلى المحكمة بجلسة 27 من أكتوبر سنة 1957 شهادة مستخرجة من إدارة مدرسة جنود المظلات بالجيش المصري تفيد أن الطاعن كان في معسكره في الوقت الذي وقعت فيه الجريمة لأن حالة الطوارئ كانت معلنة ولا يسمح لأحد بالخروج من المعسكر وقت قيام هذه الحالة ولا يصرح لأحد بأجازة وهذه الواقعة لو صحت لكان لها أثر في مصير الاتهام ونظراً لأن المحكمة قدرت أهمية الشهادة المذكورة فقد أمرت بسؤال الضابط الذي كان مرافقاً للطاعن لحراسته ولكن الضابط لم يبح شيء في هذا الشأن أنه لم يستصدر من رئاسته تصريحاً بذلك فكان يتعين على المحكمة متابعة تحقق هذه الواقعة باستدعاء أحد المختصين بمدرسة جنود المظلات وسؤاله عن ذلك وعن الشهادة المقدمة من الطاعن سيما وقد أصر الطاعن على طلب إجراء هذا التحقيق ولا يمنع من ذلك تمسك الشاهد بكتمان الشهادة إذ كان في وسع المحكمة أن تستصدر من الجهة المختصة تصريحاً للشاهد بأداء الشهادة استكمالاً لتحقيق.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين مؤدي اعتراف الطاعن الثالث لمفتش المباحث الجنائية باشتراكه مع باقي الطاعنين في ارتكاب الجريمة عرض لما يثيره في الوجه المتقدم فقال أنه لا يفيد المتهم الثالث عدوله عن أنه ذهب مع المتهمين الآخرين إلى منزل المجني عليها إلا أنه لم يبارح معسكره في ليلة الحادث استناداً إلى الورقة التي قدمها الدفاع عنه في الجلسة تفيد بأن حالة الطوارئ كانت معلنة في ليلة الحادث وأنه لم يكن معين خدمة ولم يعط تصريحاً بالخروج في يوم 31 من ديسمبر سنة 1951 إذ أن ما حوته هذه الورقة لا يتعارض مع ما ثبت من اطلاع مفتش المباحث على دفتر أحوال مدرسة جنود المظلات في يوم ضبطه للمتهم من أنه كان في إجازة في تاريخ وقوع الحادث إذ وهو في إجازة لا يعين في أي خدمة ولا يعطي أي تصريح بالخروج لأن وجوده في الإجازة تقتضي حتما وجوده في هاتين الحالتين فلا تفيده هذه الورقة شيئاً بعد اعترافه التفصيلي في التحقيق بأنه غير ملابسه العسكرية في ليلة الحادث وذهب مع المتهمين الآخرين إلى منزل المجني عليها ارتكب الحادث في وجوده. ولما كانت المحكمة قد أخذت باعترافات الطاعنين بعضهم على بعض وباعتراف الطاعن الثالث الذي أدلى به لمفتش المباحث وبباقي أدلة الإثبات التي أوردتها وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية دفاع الطاعن المذكور المشار إلي بالوجه المقدم للأسباب التي ساقتها وهي أسباب سائغة تكفي لتفنيد هذا الدفاع هذا فضلاً عن أنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة بعد أن سألت - بناء على طلب المدافع عن الطاعن الثالث - اليوزباشي حسين عبد العزيز مصطفى المدرس بمدرسة المظلات الذي كان يرافق الطاعن المذكور للحراسة عن معلوماته بشأن ما تضمنته الورقة المشار إليها آنفاً اعتذر عن عدم استطاعته الإفضاء بشيء لم يرخص له من الجهة الرئيسية في الإفضاء به. فاكتفى الدفاع عن الطاعن بهذا القدر ولم يطلب إلى المحكمة إجراء أي تحقيق آخر ومتى كان الأمر كذلك فليس له أن ينعي عليها عدم القيام بتحقيق لم يطلب إجراءه ويتعين لذلك رفض هذا الوجه.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني هو أن الدفاع عن الطاعن المذكور دفع أمام محكمة الموضوع بأنه كان في حالة ضرورة ترفع عنه المسئولية الجنائية لأنه بوغت برؤية زميليه الطاعنين الأول والثاني يحمل كل منهما مسدساً فلم يكن في وسعه مقاومة تنفيا الجريمة أو الهرب خوفاً من اطلاق النار عليه كما دفع بانعدام القصد الجنائي لديه عند ذهابه مع زميليه إلى منزل المجني عليها لأنه كان يعتقد أن الغرض من ذهابهم هو شراء المنقولات المعلن عن بيعها في الصحف اليومية غير أن المحكمة لم تعرض لهذا الدفاع ولم ترد عليه.
وحيث إنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة أثبت على الطاعن الثالث بالأدلة التي أوردتها أنه اتفق مع الطاعنين الأول والثاني على ارتكاب السرقة من مسكن المجني عليها باستعمال وسائل الإكراه والتهديد بشل مقاومتها وفي ليلة الحادث نفذوا ما اتفقوا عليه فالتقوا بالمجني عليها داخل المسكن وهددوها بمسدسات كانوا يحملونها وعمد الطاعن الأول إلى كتم فمها بغطاء مائة السفرة وربط الطاعن الثالث يديها إلى الخلف ثم ألقاها الطاعن الأول ووقف يراقبها شاهراً مطواة لتهديدها بينما انطلق الطاعن الثالث إلى غرفة نومها واستولى على ما وصلت إليه يده وولى الطاعنون بعد ذلك هاربين ثم عرض الحكم لما يثيره الطاعن في الوجه المتقدم ورد عليه بقوله. "وأصر الدفاع عنه (الطاعن الثالث) أمام غرف الاتهام على أن وجوده في منزل المجني عليها ليلة الحادث كان لمجرد الرغبة في شراء بعض محتويات منزلها وأنه لا يمكن أن يسأل عما ارتكبه زميليه ولا يفيده إنكاره شيئاً بعد أن شهدت زوجته بأنه خرج في ليلة الحادث مع المتهم الأول وبالرغم من أنها كانت في حالة وضع تقتضي وجوده ثم عاد إليها ومعه بعض المصاغات التي سلمها لوالدته وضبط بعضها عندها وأقر هو بأنه أعطى للمتهمين الأول والثاني خمسة جنيهات ثم ثلاثة جنيهات ليسكتهما عن مطالبته وقد أيد ذلك العجلاتي في أقواله السابق بيانها" ولما كان ما أورده الحكم من ذلك استخلصه من أدلة الدعوى يكفي لنفي ما يثيره الطاعن في طعنه ويتحقق به القصد الجنائي في جناية السرقة بالإكراه كما هو معرف به القانون وتقدير توافر هذا القصد أو عدم توافره أمر موضوعي بحث موكول السلطة محكمة الموضوع تستنبطه من ظروف الدعوى والأدلة المطروحة عليها - لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلاً في موضوع الدعوى وتقرير الأدلة فيها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو بطلان محضر ضبط الواقعة المحرر بواسطة مفتش المباحث رشدي لبيب في الساعة الحادية عشر والنصف من مساء يوم أول فبراير سنة 1957 ذلك أن الحكم المطعون فيه اتخذ من اعتراف الطاعن الأول على نفسه وعلى الطاعن الثالث ومن أقوال زوجة هذا الأخير ووالدته وضبط المسروقات دليلاً من أدلة الإدانة بالرغم من بطلان هذا المحضر لأنه حرر بواسطة الضابط المذكور بعد أن تولت النيابة العامة التحقيق في القضية في الساعة التاسعة من مساء ذلك اليوم دون أن يصدر من وكيل النيابة المحقق أمر بندبه لإجراء تحقيق معين فالتحقيق على هذه الصورة التي أجراها الضابط يكون باطلاً لحصوله من شخص لا يملكه قانوناً وقد تمسك الدفاع عن الطاعن أمام المحكمة بهذا البطلان ولكن الحكم المطعون فيه أغفل الرد عليه فجاء مشوباً بالقصور.
وحيث إن ما يثيره الطاعن الثالث في هذا الوجه مردود بأنه على فرض صحة ما يدعيه من بطلان محضر جمع الاستدلالات الذي حرره مفتش مباحث البكباشي رشدي لبيب فإنه لا جدوى للطاعن من هذا البطلان ما دامت المحكمة قد اعتمدت في إدانته على شهادة الضابط المذكور التي أدلى بها أمامها في جلسة المحاكمة مع سائر أدلة الإثبات الأخرى التي أوردتها في حكمها ومن بينها اعتراف الطاعنين في تحقيقات النيابة واعتراف الطاعن الثاني مجدي يسى صدقي بتلك الجلسة على نفسه وعلى زميليه.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع هو أن الدفاع عن الطاعن الثالث طلب إلى المحكمة اعتبار الواقعة - أن ثبتت صحتها سرقة منطبقة على الفقرة السادسة من 317 من قانون العقوبات ولم استناداً إلى أن التهديد باستعمال السلاح لا يعتبر إكراهاً بالمعنى المقصود في المادة 314 من القانون وهي المادة التي طبقها الحكم المطعون فيه أما كم فم المجني عليها وربط يديها إلى الخلف فإنه فضلاً عن عدم ثبوته فهو إكراه لم يكن السبب في وقوع الجريمة وإنما كان وسيلة لتسهيل الهرب أو التمهيد للجريمة. وقد ضربت المحكمة صفحاً عن هذا الدفاع ولم تعن بالرد عليه هذا إلى أن الإكراه السالف الذكر لو صح اعتباره ظرفاً مشدداً لجريمة السرقة بالنسبة للطاعنين الأول والثاني فإنه لا يمتد على الطاعن الثالث لأنه لم يكن عالماً بوجود السلاح مع الطاعنين المذكورين ولا عالماً بنيتهما في استعماله أو استعمال أي إكراه مادي.
وحيث إنه لما كانت الواقعة كما بينها الحكم المطعون فيه وأقام عليه الأدلة تتحقق بها جناية السرقة بالإكراه المنصوص عليها في المادة 314 من قانون العقوبات التي دان الطاعنين بها وكان الحكم قد أثبت عليهم - كما مر القول - أنهم بعهد أن حضروا إلى مسكن المجني عليها متفقين على السرقة بالإكراه بالتهديد باستعمال أسلحة, عمد الطاعن الأول إلى كم فمها بغطاء المائدة وأثق الطاعن الثالث يديها إلى الخلف وهددوها باستعمال الأسلحة التي يحملونها وهي مسدسات ومطواة وذلك لشل حركتها وتعطيل مقاومتها فتمكنوا بهذه الوسائل من اتمام السرقة, لما كان استخدام إحدى هاتين الوسيلتين في الجريمة لذلك الغرض (الإكراه المادي) الذي وقع مباشرة على جسم المجني عليها أو تهديديها باستعمال السلاح يكفي لتحقق الإكراه الذي يتطلبه القانون في المادة 314 كما يكفي في صورة الدعوى - لاعتبار كل من الطاعنين مسئولاً عن هذه الجناية بوصفه فاعلاً لها في حكم المادة 39 من قانون العقوبات - ولما كان ما قاله الحكم من بيان واقعة الدعوى ووصف الأفعال التي قام بها كل من الطاعنين وترتيب المسئولية الجنائية عن تلك الأفعال يتضمن بذاته الرد على ما يثيره الطاعن الثالث فيما تقدم, لما كان كل ذلك فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون له سند من القانون.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعاً.