أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 14 - صـ 890

جلسة 9 من ديسمبر سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد صبري، ومحمد محفوظ، عبد المنعم حمزاوي.

(162)
الطعن رقم 893 لسنة 33 القضائية

عمل. عقوبة. "تعددها". نقض. "أحوال الطعن بالنقض. الخطأ في تطبيق القانون". "سلطة محكمة النقض".
الالتزامات المتعددة التي فرضها القانون 91 لسنة 1959 على صاحب العمل، نوعان: التزامات تتناول حقوق العمال الناشئة عن علاقتهم برب العمل، والتزامات هي في واقعها أحكام تنظيمية لحسن سير العمل واستتباب النظام بالمؤسسة وضمان مراقبة السلطات المختصة تطبيق القانون. تعدد الغرامات المحكوم بها بقدر عدد العمال بالنسبة لمخالفات النوع الأول وعدم تعددها في النوع الثاني.
التزام صاحب العمل بوضع لائحة الجزاءات في مكان ظاهر من مؤسسته يدخل في النوع الثاني. مجانبة الحكم هذا النظر. خطأ في تطبيق القانون يستوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه.
فرض القانون رقم 91 لسنة 1959 - بإصدار قانون العمل - في نصوصه المختلفة التزامات متعددة على صاحب العمل لصالح العمال الذين يستخدمهم في مؤسسته وقد اشتملت على نوعين من الالتزامات: الأولى - وهى تتناول حقوق العمال الناشئة من علاقتهم برب العمل وما يجب عليه أن يؤديه إليهم من أجر وإعانة غلاء وما يكفله لهم من علاج وكذلك تحديد ساعات العمل ومنح الأجازات والمكافآت لهم إلى آخر تلك الالتزامات التي تمس مصالح أفراد العمال وحقوقهم مباشرة وبالذات هذه الحقوق هي التي حرص المشرع على أن يكفلها للعمال بما نص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة 221 من هذا القانون، وهى صريحة في أن الغرامة تتعدد بقدر عدد العمال الذين أجحفت المخالفة بحق من حقوقهم: والثانية - فهي في واقع الأمر أحكام تنظيمية هدف المشرع منها إلى حسن سير العمل واستتباب النظام بالمؤسسة وضمان مراقبة السلطات المختصة تطبيق القانون على الوجه الذي يحقق الغرض من إصداره - ومن قبيل ذلك ما نص عليه في المادة 68 من إلزام صاحب العمل بوضع لائحة الجزاءات في مكان ظاهر من مؤسسته وهو ما لم تتعدد فيه الغرامة بقدر عدد العمال. ولما كان الحكم المطعون فيه قضى بتعدد الغرامة المحكوم بها بقدر عدد العمال في تهمة عدم وضع لائحة الجزاءات، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 8/ 10/ 1959 بدائرة بندر شبرا: 1 - لم يحرر عقد عمل للعمال الذين يشتغلون بمصنعه - 2 - لم ينشئ بمصنعه ملف خدمة لكل عامل - 3 - لم يضع لائحة جزاءات بمصنعه - 4 - لم يعد سجلاً لقيد الأجور وآخراً لإصابات العمل - 5 - شغل أحداثاً أكثر من ست ساعات - 6 - لم يشترك في مؤسسة التأمينات الاجتماعية للعمل. وطلبت عقابه بالمواد 47 و68 و69 و124 و128 و221 و222 و223 من القانون رقم 91 لسنة 1959 والمواد 18 و45/ 1 - 2 و110 و111 من القانون رقم 92 لسنة 1959. ومحكمة جنح بندر شبرا قضت غيابياً بتاريخ 7/ 1/ 1961 عملاً بمواد الاتهام: أولاً - بتغريم المتهم مائتي قرش عن كل تهمة من التهم الثلاث الأول على أن تتعدد العقوبة بالنسبة لكل من التهم الثلاث بقدر عدد العمال. ثانياً - بتغريم المتهم مائة قرش عن التهمة الرابعة. ثالثاً - بتغريم المتهم مائة قرش عن كل من التهمتين الأخيرتين على أن تتعدد بقدر عدد العمال الأحداث الذين وقعت المخالفة بشأنهم بلا مصروفات جنائية. فعارض المحكوم عليه في هذا الحكم وقضى في معارضته بتاريخ 3/ 6/ 1961 بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه بلا مصروفات. أستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 29/ 11/ 1961 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتعدد عقوبة الغرامة بقدر عدد العمال طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة 221 من القانون 91 لسنة 1959 فيما وقع من المطعون ضده من عدم وضع لائحة الجزاءات في مصنعه طبقاً لما يوجبه نص المادة 68 من القانون - قد أخطأ في تطبيق القانون - ذلك أن هذا الالتزام والملقى على عاتق صاحب العمل هو من قبيل الأحكام التنظيمية التي ليس فيها ما يمس بحقوق العمال مباشرة وبذلك فلا يجوز الحكم عند مخالفتها بتعدد عقوبة الغرامة المقضي بها....
وحيث إن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على المطعون ضده بأنه في يوم 8/ 10/ 1959 بدائرة بندر شبرا: 1 - لم يحرر عقد عمل للعمال الذين يشتغلون بمصنعه - 2 - لم ينشئ بمصنعه ملف خدمة لكل عامل - 3 - لم يضع لائحة جزاءات بمصنعه - 4 - لم يعد سجلاً بقيمة الأجور وآخراً لإصابات العمل - 5 - شغل أحداثاً أكثر من ست ساعات - 6 - لم يشترك في مؤسسة التأمينات الاجتماعية - وطلبت عقابه بالمواد 43 و68 و69 و124 و128 و221 و223 من القانون رقم 91 لسنة 1959 و18 و45/ 1 - 2 و110 من القانون رقم 92 لسنة 1959 - فقضت محكمة أول درجة: أولاً - بتغريم المتهم 200 قرش عن كل تهمة من التهم الثلاث الأول على أن تتعدد الغرامة بالنسبة لكل من التهم الثلاث بقدر عدد العمال. ثانياً - وبتغريمه 100 قرش عن التهمة الرابعة. ثالثاً - وبتغريمه 100 قرش عن كل تهمة من التهمتين الأخيرتين على أن تتعدد بقدر عدد العمال الأحداث الذين وقعت المخالفة بشأنهم - فاستأنف المتهم هذا الحكم وقضت المحكمة الاستئنافية بحكمها المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف الذي جاء مؤيداً لما قضت به محكمة أول درجة بشأن مخالفة المطعون ضده (المتهم) للالتزام الذي فرضه عليه القانون في المادة 68 من وجوب وضع لائحة الجزاءات بمصنعه من توقيع عقوبة الغرامة مع تعدد هذه العقوبة بقدر عدد العمال وذلك طبقاً لحكم الفقرة الأخيرة من المادة 221 باعتبار أن هذا النص عام ويشتمل أيضاً على مخالفة الالتزامات المشار إليها في المادة 68 سالفة البيان.
وحيث إن القانون رقم 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل قد فرض في نصوصه المختلفة التزامات متعددة على صاحب العمل لصالح العمال الذين يستخدمهم في مؤسسته وقد اشتملت على نوعين من الالتزامات - الأولى - وهى تتناول حقوق العمال الناشئة عن علاقتهم برب العمل وما يجب عليه أن يؤديه إليهم من أجر وإعانة غلاء وما يكفله لهم من علاج وكذلك تحديد ساعات العمل ومنح الأجازات والمكافآت لهم إلى آخر تلك الالتزامات التي تمس مصالح أفراد العمال وحقوقهم مباشرة وبالذات هذه الحقوق هي التي حرص المشرع على أن يكفلها للعمال بما نص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة 221 من هذا القانون وهى صريحة في أن الغرامة تتعدد بقدر عدد العمال الذين أجحفت المخالفة بحق من حقوقهم. أما النوع الثاني من الأحكام التي فرضها القانون على صاحب العمل فهي في واقع الأمر أحكام تنظيمية هدف المشرع منها إلى حسن سير العمل واستتباب النظام بالمؤسسة وضمان مراقبة السلطات المختصة تطبيق القانون على الوجه الذي يحقق الغرض من إصداره - ومن قبيل ذلك ما نص عليه في المادة 68 من إلزام صاحب العمل بوضع لائحة الجزاءات في مكان ظاهر من مؤسسته وهو ما لا تتعدد فيه الغرامة بقدر عدد العمال ذلك أن الإخلال بهذا الالتزام ليس من شأنه أن يمس مصالح العمال أو عدداً منهم بصفة مباشرة وإنما قصد المشرع به أن يكون العمال على بينة من أمرهم وأن لا تنفذ في حقهم لائحة الجزاءات إلا إذا لم تعترض عليها الإدارة المختصة في ميعاد معين - ذلك - لأن الإخلال بهذا الالتزام لا يمس مباشرة وبالذات مصالح العمال الذين يعملون بمصنع المطعون ضده عند وقوع المخالفة ويجحف بحقوقهم وكان يتعين ألا يقضى بتعدد الغرامة المحكوم بها في التهمة الثالثة بقدر عدد هؤلاء العمال - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه فيما قضى به في التهمة الثالثة و الاكتفاء بتغريم المطعون ضده مائتي قرش.